حال السلف الصالح في رمضان
لقد عرف السلف الصالح قيمة رمضان فشمروا فيه عن ساعد الجد ، وعملوا فيه من العمل الصالح طمعا في مرضاة الله عز وجل ورجاءا في تحصيل ثوابه فقد ثبت أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم
وقد قال عبد العزيز بن أبي داود :
أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا.
تعالوا بنا نستعرض أحوال السلف في رمضان وكيف كانت همتهم وعزيمتهم
1- حال السلف مع قراءة القرآن
2- حال السلف في قيام الليل
3- حال السلف في الجود والكرم إذا أقبل شهر رمضان
4- حال السلف مع الوقت
أولا أحوال سلفنا الصالح مع قراءة القرآن
· وفي حديث فاطمة عليها السلام عن أبيها صلى الله عليه وسلم: أنه أخبرها أن جبريل عليه كان يعارضه القرآن كل عام مرة وأنه عارضه في عام وفاته مرتين وفي حديث ابن عباس أن المدارسة بينه وبين جبريل كان ليلا يدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلا فإن الليل تنقطع فيه الشواغل ويجتمع فيه الهم ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} [المزمل:6] وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] لطائف المعارف لإبن رجب
· لهذا حرص سلفنا الصالح على قراءة القرآن في رمضان في سير أعلام النبلاء على النحو الأتي
§ كَانَ الأَسْوَدُ بن يزيد يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ وَكَانَ يَنَامُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ وَكَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ سِتِّ لَيَالٍ.
§ وكان مالك رحمه الله تعالى إذا جاء رمضان يفر من الحديث ومن مجالسة دروس العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف وترك مدارسة الحديث ويقول رمضان هذا شهر القرآن لا شهر مدارسة الحديث
§ كان محمد بن شهاب الزهري إمام أهل الحديث وأميرهم في الحديث كان إذا دخل شهر رمضان ترك قراءة الحديث وتفرغ لقراءة القرآن
§ وكان محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى ناصر السنة كما ذكر عنه الربيع بن سليمان كان يختم القرآن في رمضان 30 ختمة وفي بعض روايات الربيع أنه كان يختم القرآن في نهار رمضان ختمة وفي ليلة ختمة فبذلك يختم في رمضان 60 ختمة
§ وكان بعض السلف رضوان الله عليهم كما روي عن مجاهد أمام التفسير كان يختم كل ليلة ختمة بين صلاة المغرب والعشاء وكان يؤخرون العشاء إلى منتصف الليل أو آخره
§ وكان البخاري رحمه الله تعالى يختم القرآن كل ليلة في رمضان ويختمُ فِي رَمَضَانَ فِي النَّهَارِ كُلَّ يَوْمٍ خَتْمَةً، وَيقومُ بَعْدَ التّروَايحِ كُلَّ ثَلاَثِ لَيَالٍ بخَتْمَةٍ.
§ قال القاسم بن علي يصف أباه ابن عساكر صاحب كتاب تاريخ بغداد كان مواظبا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن ويختم كل جمعة وفي رمضان كل يوم
§ وكان سفيان الثوري رحمه الله إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن
§ وكان سعيد بن الزبير كان يختم القرآن كل ليلتين
§ وكان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصحف وجمع إليه أصحابه وبدأوا يقرأون لله عز وجل
§ وكان الوليد بن عبد الملك كان يختم كل ثلاثة أيام وختم في رمضان سبعة عشر ختمة
§ قال سَلاَمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ: كَانَ قَتَادَةُ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي سَبْعٍ، وَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، خَتمَ فِي كُلِّ ثَلاَثٍ، فَإِذَا جَاءَ العَشرُ، خَتَمَ كُلَّ لَيْلَةٍ.
§ كان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمة وثلث
§ كان عثمان بن عفان يصلي الوتر بالقرآن الكريم
§ وكان بعض السلف إذا كان في غير رمضان يختم كل 6 أيام فإذا جاء رمضان ختم كل ليلة ختمة
قد يسأل سائل يا أخي لا يجوز أن يختم القرآن في أقل من ثلاث
قال ابن رجب الحنبلي وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة وعليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره. لطائف المعارف (ص: 183)
ثانيا أحوال سلفنا الصالح مع قيام الليل
قيام الليل هو دأب الصالحين وتجارة المؤمنين وعمل الفائزين ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم ويتوجهون إلى خالقهم فيشكون إليه حالهم ويسألونه من فضله ،فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها ، عاكفة على مناجاة ربانيها ، تتنسم من تلك النفحات وتقتبس من أنوار تلك القربات وترغيب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات إنه من؟ ملك الملوك لا إله إلا الله محمد رسول الله
· قال الحسن البصري لم أجد شيء من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل
· قال أبو عثمان النهدي تضيفت أبا هريرة رضي الله عنه سبعا فكان هو وامرأته وخادمه يتعقبون الليل أثلاثا سبعة أيام مختصر قيام الليل (ص: 114، بترقيم الشاملة آليا)
· وكان شداد بن أوس إذا دخل فراشه كان في فراشه بمنزلة القمحة في المقلاة على النار وكان يقول : اللهم إن النار منعت مني النوم ، فيقوم إلى الصلاة فيصلي حتى يصبح
· وكان طاوس بن كيسان يفرش فراشه ، ثم يضطجع يتقلى كما تتقلى الحبة في المقلاة . ثم يثب فيدرجه ويستقبل القبلة حتى الصباح ، ويقول : « طير ذكر جهنم نوم العابدين »
· وَعَنْ السَّائِبِ بن يَزِيدَ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ أُبَيّ بن كَعْبٍ، وَتَمِيمًا الدَّارِي - رَضِي اللهُ عَنْهُم - أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ فِي رَمَضَانَ بِإحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةٍ، فَكَانَ القَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى العُصيِّ مِنْ طُولِ القِيَامِ، فَمَا كُنَّا نَنْصِرِفُ إِلا فِي فُرُوعِ الفَجْرِ. موارد الظمآن لدروس الزمان (1 / 411):
· وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بِنْ بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ مِنْ القِيَامِ فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ بالطَّعَامِ مَخَافَةَ فَوْتِ السُّحُورِ، وَفِي أُخْرَى: (مَخَافَةَ الفَجْرِ) . فيستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر موارد الظمآن لدروس الزمان (1 / 411):
ومالك في الموطأ
· عن أبى عثمان النهدى قال : دعا عمر بن الخطاب بثلاثة قراء فاستقرأهم فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ للناس فى رمضان ثلاثين آية وأمر أوسطهم أن يقرأ خمسا وعشرين ، وأمر أبطأهم أن يقرأ عشرين آية أخرجه البيهقى (2/497 ، رقم 4400) .
· عن داود بن الحصين عن عبد الرحمن بن هرمز قال كان القراء يقومون بسورة البقرة في ثمان ركعات فإذا قام بها القراء في أثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف عنهم مصنف عبد الرازق
· عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه كان يقوم في بيته في شهر رمضان فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ أداوة من ماء ثم يخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم لا يخرج منه حتى يصلي فيه الصبح رواه البيهقي
· عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ : كُنْتُ أَقُومُ بِالنَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ : {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ} وَنَحْوَهَا وَمَا يَبْلُغُنِي ، أَنَّ أَحَدًا يَسْتَقِلُّ ذَلِكَ.رواه ابن أبي شيبة
· وعن عبد الصمد قال حدثنا أبو الأشهب قال: كان أبو رجاء يختم بنا في قيام رمضان لكل عشرة أيام
· وعن يزيد بن خصفة عن السائب بن يزيد قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في شهر رمضان بعشرين ركعة قال: وكانوا يقرؤون بالمائتين وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان من شدة القيام . أخرجه البيهقي
· كان أبو مسلم الخولاني كان رحمه الله يصلي حتى تتورم قدماه وكان يعلق السوط ويقول لنفسه لأزحفن بك إلى الله زحفا حتى يكون الكلل منك لا مني ثم يقول لنفسه يا نفس أيظن أصحاب محمد أنهم يظفرون برسول الله وحدهم على الحوض يوم القيامة والله لنزاحمنهم على الحوض حتى يعلموا أنهم قد أخلفوا خلفهم رجال
· وقال علي بن ابي طالب (رضي الله عنه): يوما بعد أن صلى الصبح في المسجد لأصحابه والله لقد رأيت اصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) فما أرى اليوم شيئاً يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، قد باتوا لله سجداً وقياماً يتلون كتاب الله، يراوحون بين جباههم واقدامهم، فإذا اصبحوا فذكروا الله عز وجل مادوا (مالوا) كما يميد الشجر في يوم الريح، وهملت اعينهم حتى تبل ثيابهم، والله لكأن القوم باتوا اليوم غافلين.
طبقات السلف في قيام الليل
قال ابن الجوزي في كتاب التبصرة (2 / 277): واعلم أن السلف كانوا في قيام الليل على سبع طبقات::
الطبقة الأولى: كانوا يحيون كل الليل، وفيهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء.
الطبقة الثانية: كانوا يقومون شطر الليل. أي نصفه
الطبقة الثالثة: كانوا يقومون ثلث الليل، قال النبي : { أحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سُدسه } [متفق عليه].
الطبقة الرابعة: كانوا يقومون سدس الليل أو خمسه.
الطبقة الخامسة: كانوا لا يراعون التقدير، وإنما كان أحدهم يقوم إلى أن يغلبه النوم فينام، فإذا انتبه قام.
الطبقة السادسة: قوم كانوا يصلون من الليل أربع ركعات أو ركعتين.
الطبقة السابعة: قوم يُحيون ما بين العشاءين، ويُعسِّـلون في السحر، فيجمعون بين الطرفين. وفي صحيح مسلم أن النبي قال: { إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا آتاه، وذلك كل ليلة }.
وكان أبو الدرداء يقول : صوموا يوما شديدا حره لحر يوم النشور وصلوا ركعتين في ظلمة
الليل لظلمة القبور
وركعتين في ظلمة هم لك زاد *** أترضى أن تكون رفيق قوم لهم زاد وأنت بغير زاد ؟
أنه يوم القيامة قال تعالى :[يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) ] [عبس: 34 - 38]
قدم لنفسك خيرا *** وأنت مالك مالك
من قبل تصبح فردا *** ولون حالك حالك
ولست والله تدري*** أي
المسالك سالك
إما لجنة عدن أو*** في المهالك هالك
الأسباب الميسِّرة لقيام الليل
ذكر أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل:
فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور:
الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.
وأما الأسباب الباطنة فأربعة أمور:
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.
الرابع: وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
أنا لا أضام وفى رحابك عصمتى *** أنا لا أخاف وفى حماك أمان
أنا إن بكيت فلن ألام على
البكاء *** فلا طالما إستغرقت فى العصيان
يا أيها الأحباب إنى راحل *** مهما يطول عمرى فإنى فاني
نوح الحمام على الغصون شجانى*** ورأى العزول صبابتى فبكاني
إن الحمام ينوح من ألم النوى*** وأنا أخاف مخافة الديانٍ
يا واحدا فى ملكه ما له ثاني *** يا من إذا قلت يا مولاى لباني
أعصاك تسترني انساك تذكرني *** فكيف أنساك يا من لست تنساني
ثالثا حال السلف في الجود والكرم إذا أقبل شهر رمضان
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في شهر رمضان إنّ جبريل عليه السلام كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ فيعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة » متفق عليه
قال المهلب: وفيه بركة أعمال الخير وأن بعضها يفتح بعضا ويعين على بعض ألا ترى أن بركة الصيام ولقاء جبريل وعرضه القرآن عليه زاد في جود النبي صلى الله عليه وسلم وصدقته حتى كان أجود من الريح المرسلة شرح صحيح البخارى لابن بطال (4 / 23):
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ أَيْ فَيَعُمُّ خَيْرُهُ وَبِرُّهُ مَنْ هُوَ بِصِفَةِ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ وَمَنْ هُوَ بِصِفَةِ الْغِنَى وَالْكِفَايَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَعُمُّ الْغَيْثُ النَّاشِئَةُ عَنِ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتح الباري لابن حجر (4 / 116):
وقال ابن رجب: قال الشافعي رضي الله عنه: أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم بالصّوم والصلاة عن مكاسبهم .
· وكان ابن عمر رضي لله عنهما يصوم ولا يفطر إلاّ مع المساكين.فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة فيصبح صائما ولم يأكل شيئا. لطائف المعارف لابن رجب (1 / 168)
· يقول يونس بن يزيد : كان ابن شهاب إذا دخل رمضان فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام.
· كان حماد بن أبي سليمان يفطِّر في شهر رمضان خمسمائة إنسان ، وإنه كان يعطيهم بعد العيد لكل واحد مائة درهم.
التقليل من الطعام
· قال إبراهيم بن أبي أيوب: كان محمد بن عمرو الغزي يأكل في شهر رمضان أكلتين
· وقال أبو العباس هاشم بن القاسم: كنت عند المهتدي عشيَّةً في رمضان فقمت لأنصرف فقال: اجلس، فجلست، فصلى بنا، ودعا بالطعام فأحضر طبقَ خِلافٍ عليه أرغفةٌ وآنية فيها ملحٌ وزيتٌ وخلٌّ فدعاني إلى الأكل فأكلت أكل من ينتظر الطبيخ فقال: ألم تكن صائماًً؟ قلت: بلى، قال: فكل واستوفِ فليس هنا غير ما ترى!
خامساً: حفظ اللسان وقلة الكلام وتوقي الكذب
· عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه » أخرجه البخاري
قال المهلب: وفيه دليل أن حُكم الصيام الإمساك عن الرفث وقول الزور كما يمسك عن الطعام والشراب وإن لم يمسك عن ذلك فقد تنقَّص صيامه وتعرض لسخط ربه وترك قبوله منه
· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا أصبح أحدكم يوماً صائماً فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤٌ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائمٌ إني صائمٌ » أخرجه مسلم
قال المازري في قوله: « إني صائمٌ » يحتمل أن يكون المراد بذلك أن يخاطب نفسه على جهة الزجر لها عن السباب والمشاتمة
· قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ليس الصيام من الطعام والشراب وحده ولكنه من الكذب والباطل واللغو والحلف. أخرجه ابن أبي شيبة
· وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إنّ الصيام ليس من الطعام والشراب ولكن من الكذب والباطل واللغو .أخرجه ابن أبي شيبة.
· وعن طلق بن قيس قال: قال أبو ذر رضي الله عنه: إذا صمت فتحفظ ما استطعت .
وكان طلق إذا كان يوم صومه دخل فلم يخرج إلاّ لصلاة . أخرجه ابن أبي شيبة
· وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم ودع أذى الخادم وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء. أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الصيام، باب ما يؤمر به الصائم من قلة الكلام وتوقي الكذب 2/422
· وعن عطاء قال: سمعت أبا هريرة يقول: إذا كنت صائماً فلا تجهل ولا تساب وإن جُهِل عليك فقل: إني صائم . أخرجه عبد الرزاق في المصنف
· وعن مجاهد قال: خصلتان من حفظهما سلم له صومه: الغيبة والكذب . أخرجه ابن أبي شيبة.
· وعن أبي العالية قال: الصائم في عبادة ما لم يغتب. أخرجه ابن أبي شيبة.
رابعا : أحوال السلف مع الوقت
· قال الحسن البصري : يا ابن آدم! إنما أنت أيام إذا ذهب يوم ذهب بعضك
وقال : يا ابن آدم! نهارك ضيفك فأحسِن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك
وقال : الدنيا ثلاثة أيام : أما الأمس فقد ذهب بما فيه وأما غداً فلعلّك لا تدركه وأما اليوم فلك فاعمل فيه
· وقال ابن مسعود : ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي
· وقال ابن القيم : إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها
· وقال السري بن المفلس : إن اغتممت بما ينقص من مالك فابكِ على ما ينقص من عمرك