tamer.page.tl
  أزمة غلاء الأسعار وغضب الجبار
 

عباد الله فإنه لا يجلس أحدٌ من المسلمين في مجلس إلا ويدار حوار ولا يجتمع نفر من الناس إلا على حديث واحد في هذه الأزمان هذا الحديث هو الحديث عن ارتفاع سلع الأسعار الغذائية والإستهلاكية ، لا تجد أحدًا في أي وسيلة مواصلات أو مسجد أو ورشة أو مكتب أو عمل أومصنع  إلا ويتحدث عن هذا الأمر ، وتحدث المتحدثون والإقتصاديون والمحللون السياسيون عن هذه الأزمة الذي أصابت وطننا مصرالحبيب خاصة وأصابت العالم كله عامة  ، وكلٌ أدلى بدلوه فمنهم من قال إن السبب هو انخفاض أسعار العملة ، ومن الناس من قال إن السبب هو ارتفاع أسعار النفط العالمية ومنهم ومنهم ومنهم ..........  لذا كان لابدأن نتعرض إلى هذه الظواهر والأزمات  ماذا قال الله فيها وبماذا أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لذا كان موضوعنا اليوم مع حضراتكم بعنوان

أزمة غلاء الأسعار وغضب الجبار

أيها الأخوة الفضلاء لابد أن ننظر في الأمور نظرة متفحصة  صحيحة هذه النظرة لا تكون نظرة سطحية  تنظر إلى الظواهر وتترك الأسباب الرئيسية ،لابد أن ننظر إلى الجانب الرباني في هذه الأزمة ، لابد أن نعلم أن لهذا الكون إله يتحكم فيه كيفما شاء ، لابد أن نعلم أنه لايحدث شيئٌ في الكون إلا بإرادة وتحت علمه والله عز وجل أعطى بيانا واضحا صريحا في كتابه أنه ما من أزمة او مصيبة تحل بالكون إلا بما كسبت أيديهم قال الله عز وجل [وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ] [الشورى : 30] وقال اللع عز وجل [ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ لماذا يارب  بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ] [الروم : 41] فما من أزمة ولاحادثة إلا بما كسبت أيد العباد ، ولقد فهم السلف الصالح هذه الحقيقة فإذا ما ألمت بأحدهم ضائقة أووقعت عليه مصيبة أو نكبة ، علمأنه أوتي من قبل نفسه فراجه نفسه وعاد وأناب وتاب إلى الله عز وجل ، أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وأرضاها إذا أصابها صداع لجأت إلى الله عز وجل وقالت اللهم إني هذا بذنبي وماتعفو عني فيه أكثر وتقرأ قوله تعالى      [وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ] ، ابن سيرين  الإمام الورع الفقه الكبير الذي حبس في آخرعمره ومات داخل السجن  ، سألوه يوما مع زهدك وورعك فلماذا إذا اصابك هذا البلاء ؟ قال والله أني أعلم لماذا أوتيت ؟ قالوا لماذا قال مررت يومًا على رجلٍ فعيرته وقلت له اذهب يا مجرم قال فعاقبني على كلمتي هذه بعد 40 سنة  فلما سمع أبو سليمان الدارني رحمه الله تعالى هذه الكلمة قال لتلميذه أحمد الحواري : لقد قلت ذنوبهم فعرفوا من أين أوتوا وكثرت ذنوبنا وخطايانا فلم نعرف من أين أوتينا ، بل إن الضحاك رحمه الله تعالى قالفي تقسي قول الله تعالى : [ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ][الروم : 41] قال بل إن الطيور في أوكارها لتموت بسبب ذنوب بني آدم ، دخلوا يوما على عمران بن حصين صاحب رسول الله فرأوه وقد أصيب في جميع أطرافه بشلل تام  فقالوا يا عمران إنا لنستاء مما نرى من حالك فقال عمران رضي الله عنه وأرضاه والله إني أعلم أن هذا بذنب  وما يعفو الله عنى كثير ثم قرأ قوله تعالى [وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ] [الشورى : 30]

فأول أسباب هذه الأزمة هو الذنوب المنتشرة في كل مكان فالشباب يحملون المحاميل وانتم تعلمون ما في هذه المحاميل مقاطع إباحية ، لايتكلمون فيها إلا مع البنات ، إذا دخلت إلى أي مؤسسة قلما وجدت عاملا أو موظفا لا يأكل الحرام ، إذا دخلت البيوت تجد الأولاد صباح مساء على التلفاز يشاهدون الأفلام والمسلسلات ، إذا دخلت التجارة وجدت تجارا لا يعرفون شيئا عما أمر الله به في البيع والشراء  يتعاملون بالربا ويأكلون الحرام ، بل أصبح في بلادنا هناك من ينادون إلى اللواط والسحاق في بلادنا وليس للزنا بلا لكارثة أنهم من المسلمين

السبب الثاني جشع وطمع التجار النبي عليه الصلاة والسلام  مر يوما على التجار وهم يبيعون في السوق فقال يا معشر التجار فَاسْتَجَابُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَفَعُوا أَعْنَاقَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ إِلَيْهِ فَقَالَ « إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّاراً إِلاَّ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ » . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . رواه الترمذي وقال حسن صحيح ، بل إن هناك من يغشون في الدواء الذي يقدم للمرضى ، في لعب الأطفال ، في الطعام الذي يأكله البشر  ، من أجل حفنة من المال أدخلوا إلينا أطعمة مسرطنه فأصبحت الأطعمة التي يأكلها البشر تصيب بسرطانات ، في بعض الإحصائيات أن المصابون بفيوس الكبد نسبتهم كثيرة في مصر من أين جائت هذه الأمراض التي ما كنا نسمع عنها ، من أجل أناس يريدون أن يربحوا أموالا طائلة ، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر هؤلاء الطماعين فقال « مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلاَ فِى غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ » . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ رواه الترمذي ، فأن تبيع كل شيء حتى عرضك من أجل المال هذه مصيبة ، وقال في حديث آخر  عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ » . رواه مسلم فمهم كان معه من الأموال فهو يريد أكثر بأي وسيلة كانت مشروعة أو غير مشروعة 

السبب الثالث هو الإسراف الزائد في المجتمع  الله عز وجل أمرنا أن نتمع بزينة الحياة الدنيا فقال:[ يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ][الأعراف : 31] وقال سبحانه في سورة الإسراء [وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) ثم قال بعدها  وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)] أصبح الناس في المجتمع  فقد كانوا قديما لا يأكل الناس إلا طعاما واحدا أما الأن أصبح 7 أو 8 أصناف وأطفالنا لا يرضون وكان في الماضي يجلسون جميعا على طاولة واحدة ينتظر بعضهم بعض ، أما الأن أصبح لكل واحد يقدم له طعام لوحده ، وإذا لم يعجبه أحضرنا له طعاما غيره ، فتربي أولادنا على الإسراف ،   روي أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلاَ نَشْبَعُ . قَالَ « فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ » . قَالُوا نَعَمْ . قَالَ « فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَاذْكُروا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ » . قَالَ أَبُو دَاوُدَ انظرواحتى في أعظم نعمة من نعم الله ألا وهي نعمة المياه تمر على الشوارع ، فتجد هناك من يفتحون الحنفيات ، لماذا لأنه يريد أن يغسل سيارته وتجد آخر يرش الشارع  لكي يرطب على نفسه  ، الناس في دول إفريقيا لايجدون قطرة الماء ونحن نسرف في الماء ونقول عندنا أزمة في المياه ، ثم قس على هذا في جميع مجالات حياتنا ، ستجد إسرافا لا داعي له ، انظر إلى  كيس القمامة الذي تجده في يدك تجد فيه أطعمة وهناك أناس لا يجدون هناك لقمة واحدة يسدون بها جوعتهم  ، والنبي صلىالله عليه وسلم قال لنا « كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِى غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ » رواه النسائي يعني كل جيدًا والبس جيد ًا ولكن لا تشغل حياتك بالأكل والشرب والنبي أوصى معاذ لَمَّا بَعَثَ بِهِ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ « إِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ فَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّمِينَ » . رواه أحمد إسناده ضعيف  ننفق على أولادنا بالعشرة جنيهات لماذا من أجل الكراتيه والشيبسي ومن أجل البسكوت ، فنشا عندنا أولاد مرفهين يقضيوقتهمن أجل أن يأخذ حواجبه أصبح شباب مايع لماذا لأننا عودناهم على الترف ، عودناهم على الإسراف ، طفل صغير اشترى له أبوه محمول أو محمولين  ماذا سيصنع به وحق بنا قول الله عز وجل [وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ماذافعلوا  فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ][الإسراء : 16]

السبب الرابع اهتمام الناس وراء الشهوات  أصبح الناس لا يعيشون ولايفكرون ولاينامون إلا من أجل لقمة العيش ، كانوا قليلا يقولون إننا نأكل لنعيش وأصبحنا نقول إننا نعيش لنأكل  فأصبح الناس لا يفكرون إلا في غلاء الطماطم وماذا سيفعل الناس في غلاء الطماطم ، أليس عندنا أعظم من هذا ؟ ، جابر بن عبد الله يحمل اللحم اشتهى يوما لحما  فاشتراه فمر على عمربن الخطاب فقال له عمر ما هذا الذي تحمله معك؟ ، قال اشتهيت اللحم فاشتريته ، فقال له عمر أفكلما اشتهيت اشتريت  الناس الأن لايبحثون إلا عن تحقيق رغبات أولادهم فهو يريد أن يجعل في فم ولده ملعقة من ذهب كلما أراد شيئا أحضرناه له وهذا خطأ تربوي   أفكلما اشتهيت اشتريت  أتريد أن تكون ممن قال الله فيهم  [أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا  ][الأحقاف : 20] من أهم أسباب ارتفاع الأسعار لماذا لأن الناس إذا وصل ثمن اللحم إلى70 جنيها أو 100 جنيها اشتروه  والبائع يعلم أن الناس سيشترونه هم يعلمون أن الطماطم إذا وصلت إلى 15 جنيها هناك من سيشتريها لأن الناس أصبحوا عبيدا للطماطم  وهكذا...........

السبب  الخامس  منع كثيرمن الناس لزكاة أموالهم  فكثير من المسلمين الأن أصحاب مليارات ولايعرفون شيئا يسمى زكاة مال وبعضهم الآخر غرتهم الأموال فجحدوا نعمة الله عز وجل  وقال أحدهم سأعطي للفقراء عرقي وتعبي  والله عز وجل قال :[وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ  (34) متى هذا ؟ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)  ][التوبة : 34-35] قال الحبيب البشير صلى الله عليه وسلم  « مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً ، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعاً أَقْرَعَ ، لَهُ زَبِيبَتَانِ ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِى شِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ ، أَنَا كَنْزُكَ » ثُمَّ تَلاَ ( لاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ  ) الآيَةَ  أحدهم يقسم بالله كان يعرف شخصا  كان يملك من المال ما لا يقع تحت عد وكان لا يضع أمواله بالبيت إنماصنع تحت مصنعه  بدروما يضع فيه الأموال  حتى إذا احتاج أخذ فأخرج فبيما كنت مع صديقي هذا فقلت يا فلان إن أموالك هذه في هذا المكان لاتستطيع أن تخرج زكاة مالك إنماانأوضعتهافي البنك تستطيع أن تخرج زكاة مالك فقال له ماذا ؟ فقال زكاة مالك فقال هذا حق الله وحق الفقراء فيما تملك من مال قال ماذا أعطي هؤلاء الجرابيع - بنفس النص - من مالي ومن قوتي وتعبي  لا يكون هذا أبدا فيقسم بالله أنه بعد سنتين كاملتين مر على هذا الرجل فوجده في إحدى الطرقات يمد يده بالصدقة لماذا ؟ لأن مال الزكاة هو ذئب المال ولكن الناس لا يستشعرون إلا إذا وقع البلاء ووقع المصاب

 ولكن هذه الأزمة هل حصلت قبل ذلك ؟ نعم حصلت ولكن كيف ووجهت كيف واجهها الولاة المسلمون وكيف واجها الطغاة الظالمون ؟ فالعاقل  من يتعلم ممن سبققوه ومن ابتلي به فقد حصلت مجاعة في عهد الصديق ، وحصلت مجاعة في عهد الفاروق ، وحصلت مجاعة في عهد القرن الخامس في عهد المستنصر بالله الفاطمي فماذا صنع كل واحد منهم  ؟ ، أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه دعا التجار إلى أن يرحموا الناس  ثم بعث إلى أصحاب الأرصدة من التجار للتسامح مع الفقراء ولكي يرحموهم  في البيع والشراء ودعاهم إلى مواساة من لا يملكون قوت يومهم وكان الناس أناذاك على ثقة بالله ، جاءت يوما لذي النورين عثمان بن عفان تجارة من الشام وكان عثمان رضي الله عنه من الأثرياء الأغنياء فلما وصلت إليه هذه القافلة اجتمع عليه تجار المدينة فقالوا له يا عثمان نريد أن نشتري منك هذه القافلة فقال عثمان ادخلوا فلما دخلوا  فقال أروني ماذا ستربحونني ؟ قالوا على العشر إحدي عشر قال إن هناك من زادني قالوا  العشرة اثني عشر، قال: قد زادوني، قالوا: العشرة أربعة عشر، قال: قد زادوني. قالوا: العشرة خمسة عشر، قال: قد زادوني، قالوا: من زادك ونحن تجار المدينة؟ قال: زادني بكل درهم عشرة، عندكم زيادة؟ قالوا: لا!! قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المدينة ، لو أن أصحاب الأموال أخذ مليونا واحدا للفقراء لما وجدت مساكين لايملكون قوت اليوم والليل  ، أما الخليفة الراشد عمر لقد حدث عام فيه مجاعة شديده  سمي بعام الرماده إنه عام جدب وقحط، نتجت منه مجاعة ضربت أرض الحجاز ،  بدأت هذه المجاعة من أواخر عام 17هـ إلى أول سنة 18هـ، واستمرت لمدة تسعة أشهر.

ولكن ماذا صنع عمر ؟ أرسل عمر إلى عماله في أرجاء المعمورة  إلى المدد لكي يفرج على الناس كربتهم  فأرسل في مصر إلى عمرو بن العاص وأرسل إلى سعد بن أبي الوقاص ، وأرسل إلى معاوية بن أبي سفيان في بلاد الشام ، أرسل إلى عمرو بن العاص أتعيش في رفاهية  ونعمة وتتركني ومن قبلي نهلك  الغوث الغوث الغوث الغوث فلما وصلت إليه الرسالة أرسل إليه ألف بعير وعشرين سفينة فوزعها على الناس جميعا  فكتب إليه أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، كتبت إلي: " الغوث الغوث " وقد أتتك العير أولها عندك وآخرها بالشام. فأول شيء تعاون المسلمون وعلى رأسهم القائد عمر ، ولكن المسلمون لا يحبون إلا إثارة النزعات ، الأمرالثاني أن عمر بن الخطاب لجأ  إلى الله ودعا الناس إلى رفع أكف الضراعة إلى الله  فإن الذي منع قادر على أن يعطي وإن الذي أزل قادرعلى أن يعز  ألم تقرأ قوله تعالى :[ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ][المؤمنون : 76] ألم تقرأ قوله تعالى:[ وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ][المؤمنون : 75] يقول عبد الله بن عمر لقد أحدث عمر في عام الرمادة حدثا لم يحدثه أحد قبله كانإذا صلى العشاء ثم يخرج حتى يدخل بيته، فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب، فيطوف عليها، وإني لأسمعه ليلة في السحر وهو يقول: اللهم لا تجعل هلاك أمة محمد على يدي أو بسببي  اللهم ارحم هذه الأعين الدامعة والجباه الساجده والقلوب الخاشعة قال نافع : فقلنا إن عمر مهلكٌ نفسه إن لم يرفع الله هذه المحنه ومع ملكه هذا فكان يشعر بالفقراء خرج يوما مع مولى له يقول أبو هريرة رأيت عمر بن الخطاب ومولىله يعتقبان ويحمل عمر على كتفيه الزيت والدقيق  يحمله فترة ثم يعطي مولاه فيحمله فترة قال حتى وصل إلى البادية إلى الأعراب فقام إلى عشرين من بيوت المسلمين وقالوا يا أمير المؤمنين منذ كذا وكذا ما ذقنا طعاما قال فخلع عمر ردائه ونزل وظل يطبخ لهم ويطبخ لهم ثم سالهم عن أهليهم وزويهم فقالوا إنهم منذ كذا وكذا لم يذقوا طعاما وأروه عظما مفتتا أي أنهم كانوا ياكلون العظم يفتتونه ويسفونه ، فكان عمر بن الخطاب يذهب إليهم كل فترة بالطعام والماء حتى أزاح الله عز وجل هذه المحنه ، بل من أعجب ما قرأت أنه خرج يوما مولاه  فوجدوا قوما في الصحراء خرجوا إلى المدينة فرأى نارا من بعيد فقال قم معي قال مولاه فقمت معه فإذا بامراة تطبخ مع أطفال لها يبكون فقال ما الذي تطهينه يا أمة الله لهم قالت إنما أغلي لهم الماء حتى إذا غلبهم النومناموا وليس عندنا طعام فما كان من عمر إلا أن أخذ غلامه وأسرع إلى بيت المال وجاء بحمل دقيق وببعض اللحم ووضعه على كتفيه وأسرع إلى هذه المراة وأولادها الجوعى فقال له غلامه : دع عني أحمل عنك فقال له إليك عني أوتحمل عني أوزاري يوم القيامة ثم حمل الزاد وذهب إلى المراة وجلس بجوار التنور أي النار يطبخ ويطهو الدقيق قال ورأيت النارتخرج من بين لحيته الكبيرة فظل يطعم الأطفال ويلاعبهم حتى ناموا فعمر بن الخطاب أحس بحوائج الناس  ، كذلك قانم بنفسه بتوزيع هذا الطعام على الفقراء والمحتاجين ، كان ياخذ الطعام ويحمله إلى أهل البيت وأرسل إلى الناس إلى جميع البرايا أن أقدموا عليّ يقول مولاه فمن قدم منهم أطعمه ، فمن لم يأتي منهم  أرسل إليه الدقيق بل إنه بلغ به الحال أنه عامل نفسه كبقية الناس جاء إليه رجل فجعل يتحسس السمن فقال له عمر كأنك لا تعرف السمن فقال ياأميرالمؤمنين منذ كذا وكذا لم أذق فيه طعم السمن  فآلى عمر ألا يذوق سمناً، ولا لبناً، ولا لحماً ،  حتى يحيى الناس من أول الحيا،  فكان يأكل الزيت وفي يوم من الأيام إذا ببطنه تقرقر فوضع يده على بطنه وقال لها قرقري أو لا تقرقري ليس لك إلا الزيت حتى يحيى جميع المسلمين  ، هذا شأن الولاة والخلفاء إذا أردوا الله والدار الآخرة .

ولكن ماذا فعل المستنصر ؟

في عهد المستنصر بالله الخليفة العبيدي الشيعي سنة  457 هـ حدث في بلاد مصر جفاف وقحط عام  يذكر ذلك المقرظي في المواعظ والإعتبار  وهو يحكي عن أحوال أهل مصر في فترة هذا الملك الشيعي الظالم الغاشم يقول بلغ المجاعة والقحط بالناس لدرجة أن الناس كانوا أصبحوا يأكلون القطط والفئران وزادت المجاعة حتى أصبح بعضهم يأكل بعضا ، ولقد كان هناك أناس الفسقة وكان معهم خطاطيف يلقونها على الشخص ثم يضربونه على رأسه ثم يأكله حدثة المقرظي  بعض نسائنا الصالحات قالت: كانت لنا من الجارات امرأة ترينا أفخاذها، وفيها كالحفر، فكنا نسألها، فتقول: أنا ممن خطفني أكلة الناس في الشدة، فأخذني إنسان، وكنت ذات جسم وسمن، فأدخلني إلى بيت فيه سكاكين وآثار الدماء، وزفرة القتلى، فأضجعني على وجهي، وربط في يدي ورجلي سلباً إلى أوتاد حديد عريانة، ثم شرح من أفخاذي شرائح وأنا أستغيث، ولا أحد يجيبني، ثم أضرم الفحم وشوي من لحمي، وأكل أكلاً كثيراً، ثم سكر حتى وقع على جنبه لايعرف أين هو، فأخذت في الحركة إلى أن انحل أحد الأوتاط، وأعان الله على الخلاص، وتخلصت وحللت الرباط، وأخذت خرقاً من داره، ولففت بها أفخاذي، وزحفت إلى باب الدار، وخرجت أزحف إلى أن وقعت إلى المأمن، وجئت إلى بيتي، وعرفتهم بموضعه، فمضوا إلى الوالي، فكبس عليه وضرب عنقه، الشاهد أن الحاجة قد تجعل الناس أن يأكل الرجل الرجل  ، هل تريدون أن يصل بنا الحال إلى هذا ؟ إن لم نصلح من أنفسنا سيكون هذا حالنا ولكن !!!!!

كيف نخرج من هذه الأزمة ؟

أولا بصدق ودعك من الكلام الفضفاض كل مسلم يحتاج إلى أن يعلن التوبة الصادقة مع الله ، فعلا تحتاج الأمة إلى أن تتوب من ذنوبها ومعاصيها هذه الذنوب التي أطت منها الأرض والسماء والله عز وجل ينادي على العباد ويقول للناس [قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ][الزمر : 53] قال على بن ابي طالب : ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة والله عز وجل قال[وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً][الجن : 16] والله عز وجل يقول [فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)][نوح : 10-12] فما أحوج الأمة إلى أن تتوب بصدق وإخلاص

ثانيا نحتاج إلى رفع أكف الضراعة إلى الله  توسلنا شرقا وغربا ولم يفلح فما أحوجنا في حوائجنا إلى أن نرفع أكف الضراعة لاجئنا غلىمن بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه  إلى الله  وهو الذي قال[وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ][غافر : 60] وقال [ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ][الأعراف : 55] وقال [وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ] [البقرة : 186]

ثالثا نحتاج إلى القناعة  لماذا نحتاج إلى هذا الهم الزائد في الحصول على الكماليات من أعطاهالله بيتا يحتاج إلى عمارة ومن أعطاه الله عمارة يحتاج سيارة ومن أعطاه وظيفة يحتاج إلى وظيفة أكبر ومن أعطاه سيارةصغيرة نظر إلى صاحب سيارة كبيرة ل وهكذا لانرضى أبدا بما قسمه الله لنا ، ماذا كل هذه النظرة إلى الدنيا ؟ فعليك أن تقنع بما أتاك الله وبما أنت فيه قال رسول الله وهو يتحدث عن الإسلام  « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافاً وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ » رواه مسلم والترمذي وأحمد فإذا أعطك الله قدر ما تريد فهذه أعظم نعمة فلماذا تنظر إلى الكماليات ، لماذا تبحث عن المرفهات ؟

خذ القناعة فحفظها تكن ملكا *** لو لم يكن لك الا راحة البدن  
وانظر لمن حوى الدنيا بأجمعها  *** هل راح منها بغير الحنط والكفن

قال الغزالي رحمه الله لقد كان محمد بن واسع  كان يأكل الخبز بالزيت ويقول من رضي بمثل هذا لم يستزله أحد أبدا وقال سفيان الثوري من رضي بالخبز والملح عاش ملكا أبدا

رابعا الإقتصاد وترشيد الإستهلاك في كل شيء في المال لا تدخل بيتا إلا وتجد الصنبور مفتوحا على آخره ، لاتدخل مؤسسة إلا وتجد صنابر المياة مفتوحه لماذا مياه ، كذلك في الأطعمة فإذا لم تجد لحما أوغلا ثمن اللحم فتأكل غيره كل ما احتاج أن أقوله في ظل هذه الأزمة نحتاج إلى البدائل  ، فإذا غلا ثمن شيء فمن الواجب على المجتمع أن يقاطعوه هذهالسلعة ورحم الله القانون الرائع الذي قاله عمر حينما جاءوه يوما وقالوا له غلا ثمن اللحم فقال أرخصوه فقالوا يا أمير المؤمنين كيف نرخصهه والسعر في أيديهم فقال عمر أتركوه لهم  تخيلوا لو امتنع المجتمع كله عن أكل اللحم شهرا كاملا أين يذهب أصحاب اللحوم بهذه اللحوم فسينزلون الأسعار رغما عن أنوفهم  إيجاد البديل  فإذا أوجد الله البديل الأرخص فمن الواجب عليك أن تشتري هذا البديل حتى يرخص صاحب الغلاء سلعته ، علي بن ابي طالب أرسلوا إليه يوما أهل مكة رسالة قالوا يا أمير المؤمنين لقد غلا الزبيب وكان يطعمون الزبيب أناذاك فأرسل إليهم علي بن أبي طالب إذا غلا الزبيب فعليكم بالتمر إذا غلا اللحم فكل السمك  إلا أن يرفع الله عنا هذه الغمة

أريد أن أقول إنما أصابنا من قبل أنفسنا حين تركنا أمر الله عز وجل أوامره ونواهيه فمن الواجب علينا أن نصطلح مع الله عز وجل واللهعز وجل كريم يستحي إذا رفع العباد  أكف الضراعة إليه أن يرد أيديهم صفرًا خائبة

فاللهم أرفع الغمة عن الأمة  ، اللهم أرفع مقتك وغضبك عنا ، ولا تأخذنا بما فعل السفاء منا

 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free