اللقاء الرابع والعشرون : أهل الحرمان من نظر الرحمن
هذا هو اللقاء الرابع والعشرون في هذه السلسلة الميمونة المباركة سلسلة الدار الآخرة ، وكنا قد انتهينا في اللقاء الماضي من صور ومشاهد أهل الإيمان يوم القيامة وقد بدأنا بصور أهل الإيمان من باب الترغيب والتبشير ، واليوم مع الصنف الآخر من صنوف الناس يوم القيامة ، مع مشاهد أهل العصيان يوم القيامة وحديث اليوم عن هذه المشاهد يأتي كجزئية من جزئيات هذه المشاهد والتي نتناول فيها الحديث عن المحرومين من نظر الله،عن الأشقياء،عن الذين لا يرحمهم الله ولا يبالي بهم ، عن "أهل الحرمان من نظر الرحمن "هذا الحديث الذي يندرج تحته ثلاث نقاط
1- ترك المحظور أولاً
2- ما أصعب الحرمان
3- من أي هؤلاء أنت؟
أما عن الأول : فإنها قاعدة شرعية أود لفت النظر إليها ، إنها ترك المحظور أولاً، إنها معرفة المعاصي واجتنابها ، أقول لحضراتكم : إن ديننا قائم على ترتيب الأولويات ومراعاتها في العمل ، وأقرر هذه الحقيقة من منطلق ما علمنا ربنا جل وعلا ، لكن ما علاقة هذا الأمر بحديث اليوم؟ العلاقة أنني أحصيت فيما يتعلق بأهل العصيان ما يزيد على أربعين مشهدا بالرغم من أن مشاهد أهل الإيمان في الخطبة السابقة لم تتجاوز العشرين مشهدا وهذا يدل على اهتمام الشارع ببيان المعاصي والتحذير منها أكثر من فعل الطاعات والترغيب فيها وذلك لا يقلل من قيمة الطاعات ولكنه يلفت النظر إلى أن المسلم ينبغي عليه أن يفكر في ترك المعصية أولاً
- ولو نظرنا إلى واقعنا لوجدنا حاجتنا إلى تطبيق مثل هذه القاعدة فكم منا ممن يصلون ويصومون ويتصدقون ويفعلون كثيراً من الطاعات ولكنهم يضيعون ذلك باقترافهم كثيراً من المعاصي وهذا من الحمق في التعامل مع الله ، ولعل ما يدل على أولوية ترك المعاصي ما جاء عَنْ أُمِّ أَنَسٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي. قَالَ:اهْجُرِي الْمَعَاصِيَ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ الْهِجْرَةِ، وَحَافِظِي عَلَى الْفَرَائِضِ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ الْجِهَادِ، وَأَكْثِرِي مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّكِ لا تَأْتِي اللَّهَ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَثْرَة ذِكْرِهِ"() وقد ورد عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْبِقَ الدَّائِبَ الْمُجْتَهِدَ فَلْيَكُفَّ عَنِ الذُّنُوبِ()
وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : هَلْ تَرَكَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ دِينَهُمْ أَيْ حَتَّى عُذِّبُوا بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ
الْأَلِيمِ كَمَسْخِهِمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ وَأَمْرِهِمْ بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ ؟ قَالَ : لَا ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إذَا أُمِرُوا بِشَيْءٍ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا نُهُوا عَنْ شَيْءٍ رَكِبُوهُ حَتَّى انْسَلَخُوا مِنْ دِينِهِمْ كَمَا يَنْسَلِخُ الرَّجُلُ مِنْ قَمِيصِهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ:مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الْمَعَاصِي وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ r فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ{إذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ} فَأَتَى بِالِاسْتِطَاعَةِ فِي جَانِبِ الْمَأْمُورَاتِ وَلَمْ يَأْتِ بِهَا فِي جَانِب الْمَنْهِيَّاتِ إشَارَةً إلَى عَظِيمِ خَطَرِهَا وَقَبِيحِ وَقْعِهَا،وَأَنَّهُ يَجِبُ بَذْلُ الْجَهْدِ وَالْوُسْعِ فِي الْمُبَاعَدَةِ عَنْهَا سَوَاءٌ اسْتَطَاعَ ذَلِكَ أَمْ لَا،بِخِلَافِ الْمَأْمُورَاتِ فَإِنَّ الْعَجْزَ لَهُ مَدْخَلٌ فِيهَا تَرْكًا وَغَيْرَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ()
- وذلك الذي بدأت به ليعيننا على التركيز في مشاهد أهل العصيان لندرك خطرها ونتصور بشاعتها فلا نقرب الذنوب الموصلة إليها أبدا
وأول هؤلاء من يحرمون نظر الرحمن الرحيم تبارك وتعالى
- تخيل أنك – كمسلم – تحب لقاء الله وترجو النظر إليه فتأتي القيامة لا لترى نفسك من المحجوبين عن النظر إليه ولكن لتراه سبحانه لا ينظر إليك، هذا النظر الذي عمل له العاملون
- قال بعض السادات رأيت غلاماً في البرية وهو قائم يتعبد وليس معه أحد قد انقطع عن العمارة والناس فسلمت عليه وقلت له يا فتى أنت بلا معين ولا رفيق، فقال بلى وعزته معي المعين والرفيق، فقلت فأين المعين والرفيق؟ فقال هو فوقي بقدرته ومعي بعلمه وحكمته وبين يدي بهدايته وعن يميني بنعمته وعن شمالي بعصمته، قال فلما سمعت منه هذا الكلام قلت له هل لك في المرافقة فقال هيهات مرافقتك تشغلني عن خدمته وما أحب أن يكون هذا لي ولي ملك الدنيا من شرقها إلى غربها فقلت له أما تستوحش في هذا المكان فقال لي يا هذا من كان المولى حبيبه وأنيسه كيف يستوحش، فقلت من أين تأكل؟ فقال يا هذا الذي غذائي برفقه في ظلمة الأحشاء صغيراً تكفل بي كبيراً ولي عنده رزق معلوم وله وقت محتوم فسألته الدعاء فقال لي حجب اللّه طرفك عن معصيته وملأ قلبك بخشيته ولا جعلك ممن يشتغل بغيره عن خدمته ثم ذهب ليقول فتعلقت به وقلت له يا أخي متى ألقاك فتبسم وقال أما بعد يومك هذا فلا تحدث به نفسك في الدنيا ويوم القيامة يوم يجتمع فيه الناس فإن كنت ممن تلقاني فاطلبني في جملة الناظرين إلى اللّه فقلت له: ومن أين عرفت ذلك؟ فقال به وعدني ربي، ذلك أني غضضت طرفي عن النظر إلى المحرمات ومنعت نفسي من
تناول الشهوات وخلوت بخدمته في الليالي المظلمات، ثم غاب عني فما رأيته"()
يا حبيب القلوب مالي سواكا ... ارحم اليوم مذنبا قد أتاكا
ليس لي في الجنان مولاي رأي ... غير أني أريدها لأراكا
- هذا النظر الذي أذاب قلوب المحبين فتمنوه في الدنيا والآخرة
حكي أن حاتما الأصم كان رجلا كثير العيال وكان له أولاد ذكور وإناث ولم يكن يملك حبة واحدة وكان قدمه التوكل فجلس ذات ليلة مع أصحابه يتحدث معهم فتعرضوا لذكر الحج فداخل الشوق قلبه ثم دخل على أولاده فجلس معهم يحدثهم ثم قال لهم لو أذنتم لأبيكم أن يذهب إلى بيت ربه في هذا العام حاجا ويدعو لكم ماذا عليكم لو فعلتم فقالت زوجته وأولاده أنت على هذه الحالة لا تملك شيئا ونحن على ما ترى من الفاقة فكيف تريد ذلك ونحن بهذه الحالة وكان له ابنة صغيرة فقالت ماذا عليكم لو أذنتم له ولا يهمكم ذلك دعوه يذهب حيث شاء فإنه مناول للرزق وليس برزاق فذكرتهم ذلك فقالوا صدقت والله هذه الصغيرة يا أبانا انطلق حيث أحببت فقام من وقته وساعته وأحرم بالحج وخرج مسافرا وأصبح أهل بيته يدخل عليهم جيرانهم يوبخونهم كيف أذنوا له بالحج وتأسف على فراقه أصحابه وجيرانه فجعل أولاده يلومون تلك الصغيرة ويقولون لو سكت ما تكلمنا فرفعت الصغيرة طرفها إلى السماء وقالت إلهي وسيدي ومولاي عودت القوم بفضلك وأنك لا تضيعهم فلا تخيبهم ولا تخجلني معهم فبينما هم على هذه الحالة إذ خرج أمير البلدة متصيدا فانقطع عن عسكره وأصحابه فحصل له عطش شديد فاجتاز ببيت الرجل الصالح حاتم الأصم فاستسقى منهم ماء وقرع الباب فقالوا من أنت قال الأمير ببابكم يستسقيكم فرفعت زوجة حاتم رأسها إلى السماء وقالت إلهي وسيدي سبحانك البارحة بتنا جياعا واليوم يقف الأمير على بابنا يستسقينا ثم أنها أخذت كوزا جديدا وملأته ماء وقالت للمتناول منها اعذرونا فأخذ الأمير الكوز وشرب منه فاستطاب الشرب من ذلك الماء فقال هذه الدار لأمير فقالوا لا والله بل لعبد من عباد الله الصالحين يعرف بحاتم الأصم فقال الأمير لقد سمعت به فقال الوزير يا سيدي لقد سمعت أنه البارحة أحرم بالحج وسافر ولم يخلف لعياله شيئا وأخبرت أنهم البارحة باتوا جياعا فقال الأمير ونحن أيضا قد ثقلنا عليهم اليوم وليس من المروءة أن يثقل مثلنا على مثلهم ثم حل الأمير منطقته من وسطه ورمى بها في الدار ثم قال لأصحابه من أحبني فليلق منطقته فحل جميع أصحابه مناطقهم ورموا بها إليهم ثم انصرفوا فقال الوزير السلام عليكم أهل البيت لآتينكم الساعة بثمن هذه المناطق فلما أنزل الأمير رجع إليهم الوزير ودفع إليهم ثمن المناطق مالا جزيلا واستردها منهم فلما رأت الصبية الصغيرة ذلك بكت بكاء شديدا فقالوا لها ما هذا البكاء إنما يجب أن تفرحي فإن الله قد وسع علينا فقالت يا أم والله إنما بكائي كيف بتنا البارحة جياعا فنظر إلينا مخلوق نظرة واحدة فأغنانا بعد فقرنا فالكريم الخالق إذا نظر إلينا لا يكلنا إلى أحد طرفة عين اللهم انظر إلى أبينا ودبره بأحسن التدبير ،وأما ما كان من أمر حاتم أبيهم فإنه لما خرج محرما ولحق بالقوم توجع أمير الركب فطلبوا له طبيبا فلم يجدوا فقال هل من عبد صالح فدل على حاتم فلما دخل عليه وكلمه دعا له فعوفي الأمير من وقته فأمر له بما يركب وما يأكل وما يشرب فنام تلك الليلة مفكرا في أمر عياله فقيل له في منامه يا حاتم من أصلح معاملته معنا أصلحنا معاملتنا معه ثم أخبر بما كان من أمر عياله فأكثر الثناء على الله تعالى فلما قضى حجه ورجع تلقته أولاده فعانق الصبية الصغيرة وبكى ثم قال صغار قوم كبار قوم آخرين إن الله لا ينظر إلى أكبركم ولكن ينظر إلى أعرفكم به فعليكم بمعرفته والاتكال عليه فإنه من توكل على الله فهو حسبه"()
- هذا النظر الذي لا يشقى صاحبه بعده أبداً
عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ كَنْزِ الْعَرْشِ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْهَا نَظَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ وَمَنْ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فَقَدْ أَصَابَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ"()
- هذا النظر الذي يشتاق إليه المحبون لأنه أعظم عندهم من كل نعيم حتى لو كان الجنة وما فيها
عَنْ صُهَيْبٍ عَنِ النَّبِىِّr قَالَ « إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ - قَالَ - يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ - قَالَ - فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ »()
والآن وبعد أن رأيت كيف تذوب قلوب المحبين شوقا إلى نظر رب العالمين هل ترجو أن تكون ممن لا يحرمون النظر إليه وأن ينظر إليهم ، أعتقد أننا لا نحب هذا الحرمان فإذا كان الجواب كذلك فإليك أصناف أهل الحرمان من نظر الرحمن يوم الفرقان حتى تحذرها
أولاً : المستخِفُّون بالله
هؤلاء الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ، هؤلاء الذين يحلفون كذبا ولا يعرفون بمن يقسمون ،
هؤلاء الذين يعطيهم الله من فضله فيظنون أنهم أوتوا ذلك من عند أنفسهم فتراهم يبخلون بفضل ما أعطاهم الله من فضله وما أوتوه من عند أنفسهم إنهم
1- الكاذبون في بيعهم وشرائهم ويحلفون بالله على كذبهم
2- والذين يشهدون زورا ليصلوا إلى عرض الدنيا
3- والذين يمنعون فضل ما أعطاهم الله
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهْوَ كَاذِبٌ وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ()
وقد جاء في رواية أخرى إضافة صنف رابع كثيرا ما نلاحظه في واقعنا خاصة فيما تلا الثورة إنه
4- من بايع إماما للوصول إلى دنيا أو متاع زائل إن أعطاه منها رضي وإلا سخط
ولله فما أعجبه من وصف وما أغلظها من عقوبة !!!ليسمع ذلك الذين يريدون أن ينتخبوا فلانا أو علانا للدنيا وحسب،لمصالحهم الشخصية وكفى،تقول لهم غير ذلك أتقى يقولون لك"احنا لينا اللي ينفعنا"تقول لهم"هذا سيقيم شرع الله يقولون لك "المصلحة فوق كل شيء"ليسمع هؤلاء وغيرهم هذا الحديث الرادع لكل من تسول له نفسه التفكير بهذه الطريقة وإن جاء ذلك على حساب دينهم
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال سمعت رَسُولُ اللهِ r يقول:ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً}() وليس هؤلاء هم فقط المستخفون بربهم المستحقون لإعراضه عنهم وإنما جاء في الأحاديث غيرهم ومنهم
5- المنان
الذي يمن على الناس بما أعطاه الله من فضله وهذا في الحقيقة مستخفُّ بالله لأنه المنعم في الحقيقة
فكيف يمن على البشر بما من الله به عليه قال الله " يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ
إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ"()
6- المسبل إزاره
وهو الذي يطيل إزاره-أي جلبابه- للكبر على خلق الله والعجب بنفسه،وليس الأمر يقتصر على الإسبال ولكن كل زينة مقصودها العجب داخلة في ذلك حتى ولو كانت تقصير الثوب الذي هو السنة في الصورة ، أما عما يدل على هؤلاء فعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهُr« ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ». قَالَ قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهُ فَمَنْ هَؤُلاَءِ فَقَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا فَقَالَ«الْمَنَّانُ وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ»()
- أما ما يدل على أن الإسبال المنهي عنه ما كان للكبر والخيلاء فعن ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي إِلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلاَء"()
ثانياً :المتجرءون على المعاصي بغير داعٍ
إن من الناس ناساً يعصون الله بغير داعٍ، ويظنون أنهم بذلك من المفلحين ، كرجل لا حاجة له إلى السؤال ويسأل الناس،وآخر لا يستطيع أن يترك التدخين ومع ذلك يدخن ويمكن أن يقول لك:أنا باشربها كده،وثالث يستمع إلى الغناء والأفلام والمسلسلات ويقول لك:أنا مش في دماغي ولا بتأثر بهذه الأشياء ...وهكذا،إن مثل هذا الفهم السقيم والفكر العقيم لمن أكثر ما يبعد عن رحمة الغفور الرحيم،كيف لا وهو يفعل الذنب بغير داعٍ!!لو أن رجلاً زنى لأجل غلبة الشهوة أو سرق لأجل شدة الحاجة لعله يقول:أنا معذور،لأن شهوتي غلبت أو جوعي زاد عن الحد ومع ذلك لا عذر له فكيف بمن يعصي الله وقد انقطعت شهواته وضعفت عن الحرام لذاته!!!!أسألك بالله أن تتأمل هذا المعنى وأنت تستمع إلى هذا الحديث لتدرك العلة من حرمان هؤلاء من نظر الله إليهم، والحديث عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِr« ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ - قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ - وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ شَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ»()
- أرأيت إلى هؤلاء المتجرئين على معاصي الله
[امرأة أو رجل تجاوز الستين من عمره - وما أكثرهم - ويقعان في فاحشة الزنا،وملك لا حاجة له
إلى الكذب ومع ذلك تراه يكذب لا لشيء إلا ليصل إلى دنيا أو منصب زائل،وفقير لا غنى له ومع ذلك تراه يستكبر على خلق الله]فلو كان الزنا من شاب تهيج عنده لواعج الشهوة ، أو كان الكذب من حقير يريد به دنيا ، أو كان الكبر من صاحب مال وجاه لقلنا عندهم الدواعي لمعاصيهم ولكن ما الذي يدعو هؤلاء لهذه المعاصي؟لا شيء غير الجرأة على الله ولذا استحقوا عدم نظر الله إليهم
ثالثاً : بعض المعاصي المستهان بها
هناك مجموعة من المعاصي لا نلقي لها بالا وترانا نتجرأ عليها بالرغم من أنها من عظائم الذنوب والذي دل على ذلك حرمان أهلها من نظر الله اليهم يوم القيامة وتدبر معي هذه الذنوب لترى هل فيك شيء منها أم أنك بعيد عنها وأسأل الله لي ولكم السلامة
1- المتصدق على غير أقاربه وله أقارب أولى بهذه الصدقة أياً ما كان المانع
قال رسول اللهr يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ،وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لا يَقْبَلُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَدَقَةً مِنْ رَجُلٍ وَلَهُ قَرَابَةٌ مُحْتَاجُونَ إِلَى صَدَقَتِهِ،وَيَصْرُفُهَا إِلَى غَيْرِهِمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"()
2- المقصِّرة في زينتها لزوجها
- عَنْ لَمِيسَ أَنَّهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ قَالَتْ:قُلْتُ لَهَا:الْمَرْأَةُ تَصْنَعُ الدُّهْنَ تَحَبَّبُ إِلَى زَوْجِهَا؟ فَقَالَتْ: أَمِيطِي عَنْكِ تِلْكَ الَّتِي لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهَا"()
3- التي لا تذكر زوجها بالخير وهي لا تستغني عنه
فإذا ذكر لها زوجها ذكرته بالشر، وإذا سئلت عن حاله معها اشتكت ، وإذا غاضبها قالت ما رأيت منك خيرا قط ...وهكذا ، وهو على غير ما قالت فلتحذر النساء ذلك وإن كان مزاحاً ف عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى امْرَأَةٍ لاَ تَشْكَرُ لِزَوْجِهَا وَهِيَ لاَ تَسْتَغْنِي عَنْهُ"()
4- من أتى امرأة في دبرها
وما كنت أظن أن مثل هذا الأمر منتشر بين أوساطنا حتى جاءت كثير من الشكاوى لبعض النساء اللاتي يطلب منهن أزواجهن ذلك والأفظع أن يكون الزوج ظاهر التدين ولا حول ولا قوة إلا بالله، إن هذا الفعل جريمة كبرى وكبيرة من الكبائر وكفى بسخط الله وغضبه عقوبة لفاعلها فعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا"()
5- العاق لوالديه
فتراه يغلظ لهم القول ويعبس في وجههم وربما شتمهم أو ضربهم وكم رأينا مآسٍ في مجتمعنا من هؤلاء الظالمين المتجبرين المحاربين لرب العالمين
6- المرأة المتشبهة بالرجال في لبسها ومشيتها وأفعالها
وما أكثرهن في مجتمع قلَّ رجاله وكثر نساؤه فترى المرأة فيه هي التي ترسم وهي التي تحكم وهي التي تتكلم وهي التي تأمر وتنهى والرجل لا همَّ له إلا الأكل والنوم حتى لربما كلمته في أمرٍ فتصدم بأنه يقول لك : كلِّم أم فلان!!!ووقتها فلا حرج عليك في أن تتمنى الموت فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهr« إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ فَظَهْرُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلاَءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ فَبَطْنُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا »()
7- الديوث
- الذي لا يغار على أهله،فامرأته تكلم فلان،وابنته على علاقة مع علان،وهو لا يتحرك ولا يبالي
- تتبرج ابنته وتخرج بالملابس الخليعة أمامه فيخاف عليها الحسد من جمالها"ما شاء الله كِبْرِت!!
- وتقضي امرأته حوائجه وهذا يغازلها وذاك يداعبها وهو واقف يضحك فإذا عاتبته قال : أنا معي امرأة بمائة رجل!!! ألا قاتل الله كل ديوث، أما عما يدل على حرمان هؤلاء من نظر الرحمن يوم القيامة فعن عبد الله بن عمر قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِr ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ،وَالدَّيُّوثُ()
- وأخيرا أصحاب هذه الأفعال
[اللواط –الاستمناء- نكاح البهيمة- جماع المرأة في دبرها-الزنا بالجارة- المؤذي لجيرانه]ودليلها ما جاء عن النبيrأنه قال: «سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ويقول: ادخلوا النار مع الداخلين، الفاعل والمفعول به، والناكح يده، والناكح البهيمة، وناكح المرأة في دبرها، والجامع بين المرأة وابنتها، والزاني بحليلة جاره، والمؤذي جاره حتى يلعنه الناس»()
أهل الحرمان من نظر الرحمن يوم القيامة
|
م
|
صاحب الذنب
|
1
|
الكاذبون في بيعهم وشرائهم ويحلفون بالله على كذبهم
|
2
|
والذين يشهدون زورا ليصلوا إلى عرض الدنيا
|
3
|
والذين يمنعون فضل ما أعطاهم الله
|
4
|
من بايع – اختار – حاكما للوصول إلى الدنيا
|
5
|
المنان بعطائه
|
6
|
المسبل – المطيل – إزاره خيلاء
|
7
|
الشَيْخٌ – الرجل الكبير السن - الزَانٍ
|
8
|
المَلِك – الحاكم – الكَذَّاب للوصول إلى الدنيا
|
9
|
العَائِل – الفقير - المُسْتَكْبِر
|
10
|
المتصدق على غير أقاربه وله أقارب أولى بهذه الصدقة
|
11
|
المقصِّرة في زينتها لزوجها
|
12
|
التي لا تذكر زوجها بالخير وهي لا تستغني عنه
|
13
|
من أتى امرأة في دبرها
|
14
|
العاق لوالديه
|
15
|
المرأة المتشبهة بالرجال في لبسها ومشيتها وأفعالها
|
16
|
الديوث " الذي لا يغار على أهله"
|
17
|
اللواط سواء كان فاعلا أو مفعولا به
|
18
|
الناكح يده " العادة السرية"
|
19
|
الناكح للبهيمة
|
20
|
الجامع بين المرأة وابنتها
|
21
|
الزاني بامرأة جاره
|
22
|
المؤذي جاره
|
- أَخْرَجَهُ البزار في مسنده والنسائي في السنن الكبرى والحاكم وصححه ووافقه الذهبي