المجلس الثالث"إنه الملك"
1- معنى الملك
الملك يمكن أن يكون من أسماء الذات ومعناه القدرة على التصرف،ويمكن أن يكون من أسماء الأفعال ومعناه المتصرف، قال الله "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" قال بعض العارفين"الملك هو الذي ملك قلوب العابدين فأقلقها وملك قلوب العارفين فأحرقها الملك الذي إذا شاء ملَّك وإذا شاء أهلك، إذا أعطى أدهش وإذا حاسب فتَّش،لا ينازعه معارض ولا يمانعه ناقد فهو في تقديره منفرد وفي تدبيره متوحد ليس لأمره مردٌّ ولا لحكمه ردٌّ"
2- بين ملك الحق وملك الخلق
إذا نظرنا إلى البشر نجد أن أقسام الناس من حيث الملك
1- قسم يملك الشيء ولا ينتفع به وليس من حقه أن يتصرف فيه" كالسفيه والقاصر"
2- قسم ينتفع بالشيء ولكن لا يملكه "كالإبن في بيت أبيه"
3- قسم يملك الشيء وينتفع به ويتصرف فيه وليس المصير إليه"كبيت صدر قرار من الدولة بإزالته لوقوعه في تخطيط طريق دولي مثلاً"
وأعلى هؤلاء ملكاً هو من يملك الشيء ويتصرف فيه ومصيره إليه وليس ذلك إلا للملوك لكنهم لا يضمنون استمرار ملكهم ذلك خوفاً من أن يفارقهم أو يفارقونه لذا:
**يبين الملك سبحانه أن ملكه أعلى من كل ملك فيقول" فيما رواه أبو الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن الله يقول أنا الله لا إله إلا أنا مالك الملوك وملك الملوك قلوب الملوك في يدي وإن العباد إذا أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة وإن العباد إذا عصوني حولت قلوبهم عليهم بالسخطة والنقمة فساموهم سوء العذاب فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على الملوك ولكن اشتغلوا بالذكر والتضرع إلي أكفكم ملوككم"الطبراني في الأوسط ، ولهذا قال" مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ"يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله"اذا قال الحق تبارك وتعالى : { مالك يَوْمِ الدين } أي الذي يملك هذا اليوم وحده يتصرف فيه كما يشاء واذا قيل : { ملك يَوْمِ الدين } فتصرفه أعلى من المالك لأن المالك لا يتصرف إلاّ في ملكه ولكن الملك يتصرف في ملكه وملك غيره فيستطيع أن يصدر قوانين بمصادرة أو تأميم ما يملكه غيره فالذين قالوا : { مالك يَوْمِ الدين } اثبتوا لله سبحانه وتعالى انه مالك هذا اليوم يتصرف فيه كما يشاء دون تدخل من احد ولو ظاهرا : والذين يقرأون ملك يقولون ان الله سبحانه وتعالى في ذلك اليوم يقضي في امر خلقه حتى الذين مَلَّكَهُم في الدنيا ظاهرا ونحن نقول عندما يأتي
يوم القيامة لا مالك ولا ملك الا الله"
لأجل ذلك فطن أعرابي يملك قطيعاً من الغنم فسئل لمن هذه الغنم فقال لله في يدي،فالعاقل يفطن أن كل ما في يده إنما هو ملك مجازي وأن المالك الحقيقي هو الله قال الله" سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6) آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ"
**وليس أمر ملك الله قاصراً على ما تملك من الدنيا بل أنت نفسك بكل أعضائك داخل في ملك الله فلو أراد ألا ينطق لسانك ما نطق لو أراد ألا تنظر عينك ما نظرت ...كل ذلك وتظن أنك تملك هذه الأشياء بل وتستخدمها في معصية الله ما أحلم الملك علينا الملك ملكه وبه نعصيه!!!عن الشعبي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو تبسم فقال: ألا تسألوني من أي شيء ضحكت ؟ فقال : عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة يقول يا رب أليس وعدتني أن لا تظلمني ؟ قال : بلى قال : فإني لا أقبل علي شهادة شاهد إلا من نفسي فيقول : أو ليس كفى بي شهيدا و بالملائكة الكرام الكاتبين قال : فيردد هذا الكلام مرات فيختم مرات فيختم على فيه و تكلم أركانه بما كان يعمل فيقول بعدا لكم و سحقا عنكم كنت أجادل" أخرجه الحاكم وقال هذا حديث
صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وقال الذهبي قي التلخيص : على شرط ومسلم
قال الله" وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ"
**الطبيعيون الملحدون يعتبرون أن الأشياء تتحرك بقوانين الطبيعة التي لا تتغير ولا تتبدل حتى في الزلازل والبراكين تسمع عبارات " غضب الطبيعة وانتقام الطبيعة...الخ المسلم الحق يعلم أن الله مالك الملك هو الذي يسير كل شيء في الكون لأنه تحت ملكه لأجل ذلك خرق هذه القوانين لإبراهيم عليه السلام في النار ولموسى عليه السلام في البحر ولم ينجهما إلا بخرق قوانين الطبيعة الإحراق في النار والسيولة في الماء ليعلم الكون كله أنه لا مالك له إلا الله "فأبى الظالمون الا كفورا"
**وصف الملكية لغير الله على سبيل المجاز لأن الملك الحقيقي هو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود والواحد منا لا يستغني لحظة عن الهواء ولا يستغني عن الطعام والشراب والنوم بل إن الله أراد أن يبين له زيف ملكه فجعله لا يستغني حتى عمن يراهم أقل منه من البشر فملوك الدنيا يحتاجون الى الباكين والبنائين والحلاقين وغيرهم" أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ" وبع ذلك يتعامل الواحد منا مع الملك على أنه ملك !!! ما أعظم تبجحنا مع الله ، اعرف حجمك الحقيقي فرحم الله عبدا عرف حده فوقف عنده" قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"فإذا أعزك الله سخر لك أعداءك وإذا أراد أن يذل عبدا أذلَّه أقرب الناس إليه "ومن يهن الله فما له من مكرم"
** يقول ابن القيم "(وإن من شيء إلا عندنا خزائنه) متضمن لكنز من الكنوز وهو أن يطلب كل شيء لا يطلب إلا ممن عنده خزائنه ومفاتيح تلك الخزائن بيديه وأن طلبه من غيره طلب ممن ليس عنده ولا يقدر عليه وقوله (وأن إلى ربك المنتهى) متضمن لكنز عظيم وهو أن كل مراد إن لم يرد لأجله ويتصل به وإلا فهو مضمحل منقطع فإنه ليس إليه المنتهى وليس المنتهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها فانتهت إلى خلقه ومشيئته وحكمته وعلمه فهو غاية كل مطلوب وكل محبوب لا يحب لأجله فمحبته عناء وعذاب وكل عمل لا يراد لأجله فهو ضائع وباطل وكل قلب لا يصل إليه فهو شقي محجوب عن سعادته وفلاحه فاجتمع ما يراد منه كله في قوله وإن من شيء إلا عندنا خزائنه واجتمع ما يراد له كله في قوله وان إلى ربك المنتهى فليس وراءه سبحانه غاية تطلب وليس دونه غاية إليها المنتهى وتحت هذا سر عظيم من أسرار التوحيد وهو أن القلب لا يستقر ولا يطمئن ويسكن إلا بالوصول إليه وكل ما سواه مما يحب ويراد فمراد لغيره وليس المراد المحبوب لذاته إلا واحد إليه المنتهى ويستحيل أن يكون المنتهى إلى اثنين كما يستحيل أن يكون ابتداء المخلوقات من اثنين فمن كان انتهاء محبته ورغبته وإرادته وطاعته إلى غيره بطل عليه ذلك وزال عنه وفارقه أحوج ما كان إليه ومن كان انتهاء محبته ورغبته ورهبته وطلبه هو سبحانه ظفر بنعمه ولذته وبهجته وسعادته أبد الآباد
3-"من أخلص خدمة سيده منحه من صلاحياته ما يجعله سيداً"
**الملك الحقيقي هو الذي يملك هواه وقد أعتق من أسر نفسه وجرد العبودية لمولاه ، لذا جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ إِنْ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَإِنْ شَفَعَ لَمْ
يُشَفَّعْ" البخاري
**فالملك الحقيقي الذي يمن الله به عليك هو أن تملك نفسك وهذه منة الله على من أحبه وتولاَّه لأن "من أخلص خدمة سيده منحه من صلاحياته ما يجعله سيداً"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ" البخاري
**وما أجمل عطاء الله ذلك حين منَّ به على يوسف عليه السلام" رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" قال بعض المفسرين الملك الذي أعطاه الله ليوسف عليه السلام هو أنه ملَّكه نفسه حين دعته امرأة العزيز فقال معاذ الله ولع الذي يؤيد ذلك هو ترتيب الأحداث حيث عصمه من كيدها ثم بعد ذلك أوَّل الأحاديث وذلك بعد سجنه وهذا هو الملك الحقيق بأن يفخر به عليه السلام
** جارية رأت يوسف عليه السلام عبداً في قصر العزيز ثم رأته بعدها سيدا على خزائن مصر فقالت سبحان الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته وجعل الملوك عبيداً بمعصيته
**قال أحد الأمراء لبعض الصالحين سلني حاجتك قال كيف أسألك حاجتي ولي عبدان هما سيداك قال ومن هما قال الحرص والأمل هما عبدان عندي وسيدان عندك لأني قد غلبتهما وغلباك وملكتهما وملكاك
** لذا كان أحد زعماء أوربا بعد انتصاراته في الحرب العالمية الثانية يقول ملكنا العالم ولم نملك أنفسنا، وهذا واقع فالواحد منهم يمكن أن تغويه امرأة أو تدمر مكانته جرعة مخدرات أو يضيع سمعته بعض المال وليس أدل على ذلك من فضيحة كلينتون ومونيكا،وغير ذلك من فضائح الكبار، فما أجمل أن يتجلى الله عليك بفيوضات ملكه
4- أحمق من يعرف أن الله مالك الملك ثم يتوجه لغيره في حاجته
**من عرف أن الله هو الملك أنف من أن يتذلل لمخلوق
** كيف يجمل بالحر أن يتذلل للعبيد وهو يجد من مولاه ما يريد
**قال شقيق البلخي كان ابتداء توبتي أني رأيت غلاماً في سنة قحط يمزح والناس تعلوهم كآبة فقلت له ما هذا المرح ألا تستحيي أما ترى ما فيه الناس من المحن؟ فقال كيف أحزن ولسيدي قرية مملوكة أدخر فيها ما أحتاج فقلت في نفسي إن هذا العبد المخلوق لا يستوحش لأن سيده قرية مملوكة فكيف يصح أن أستوحش أنا وسيدي مالك الملك فانبهت وتبت
5- كيف تعيش مع إحساسك بأنه الملك؟
من أحس بأن الله هو الملك لا يستعظمه مطلوب ولا يغره موهوب ولا يحزنه فوات محبوب ولا يقعد عن طاعة ولا يتلبس بمعصية لعلمه بأن مالك الملك قد أحاط علما بالطاعات والذنوب فيخاف ما كان عطاءاً أن يحول إلى مسلوب "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا"