tamer.page.tl
  رهبان الليل
 

دأب الصالحين

لقد مضت الأيام وانقضى رمضان وهذه خطبة بعد رمضان ، نسأل الله أن يتقبل منا الصلاة وصيامنا والقيام وسائر أعمالنا إنه لا قادر على ذلك إلا الله ، ودائما نقول لو كل واحد منا بعد رمضان إلتزم  بسلوك واحد بعد رمضان منتلك السلوكيات التي تقربه من رب الأرض والسموات  وترك سلوكا واحدا بعد رمضان من تلك السلوكيات التى تبعده عن تبعده عن رب الأرض والسموات لأصبح عبد ربانيا ممن يحبه الله جل وعلا ومن هذا المنطلق فكرت في الموضوع الذي سأتحدث فيه فوجدت أنه من أفضل ما كان في رمضان هو اجتماع المسلمين من كل صوب نحو نداء ربهم عز وجل حي على الصلاة ليقيموا سنة نبيهم  صلى الله وسلم في قيام الليل لأن ذلك هو ما يميز رمضان لهذا كان حديثنا موصولا في هذه العناصر

1- الذين يدعون محبة الله جل وعلا               2- في بقاع الحبيب        3- كيف الوصول إلى الله جل وعلا

إلى الذين يدعون محبة الله عز وجل فهذه المحبة التي يدعيها كلنا  لم يجعلها ربنا هكذا عشواءًا ولم يجعل الأمر فيها ، وإنما جعل البينة فيها على من ادعى ، فهذا هو المنهج الذي وضعه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال « الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى .............. » .  رواه الدارقطني ولم يدع الله عز وجل أحد حتى الأنبياء إلا طلب منهم الدليل على صدق ادعاءه لذا فقد وضع الله لنا الإبتلاء وراء الإبتلاء والإختبار بعد الإختبار ليتبين صدق المحبة وليظهر المشركين والمنافقين والكاذبين من المؤمنين ، ليتبين الذين يحبون ربهم صدقا ويتبين المدعين [حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ][التوبة : 43] وجعل قيام الليل ومن أعظم الأدلة على صدق محبته ، إذ قال ربنا جلا وعلا في الأثر الإلهي الذي ذكره صاحب كتاب دقائق المعاني وكذلك أبو حامد في الإحياء وغيرهم كثير عن الفضيل بن عياض أنه قال أوحى الله تعالى الى داود عليه السلام كذب من ادعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني، أليس كل حبيب يجب الخلوة بحبيبه، ها أنا مطلع على أحبابي إذا جنهم الليل جعلت أبصارهم في قلوبهم، ومثلت نفسي بين أعينهم، فخاطبوني على المشاهدة، وكلموني على حضوري الشاهد أن الله في هذا الحديث الإلهي يقول بدأه كذب من ادعى محبتي ثم فإذا جنه الليل نام عني لذلك جعل الله ذلك دليل على صدق محبته ، فهولاء عباده الذين قضوا ليلهم بين يديه  وقد قال في حقهم [وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ثم قال بعدها وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً][الفرقان :  63 - 64] فعلامة من علامات ربوبية لله سبحانه وتعالى  ثم يتبعهم برسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقول[إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ] ثم يجعلهم ربنا من المتقين [إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) ما صفاتهم يا رب  كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)][الذاريات ] لأنهم عرفوا أن وقت الليل هذا هو الوقت الذي يخلو فيه الحبيب بحبيبه ، كثيرٌ منهم يتمنى أنا لا يطلع عليه النهار  تأتي بعد هذه المنح منح آخرى يوم القيامة ، منح عظمى لعباد الليل هؤلاء  أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: وقد دخلت عليه وهو يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ فقال لي: يا أحمد ولم لا أبكي، وإذا جن الليل ونامت العيون، وخلا كل حبيب بحبيبه، وافترش أهل المحبة أقدامهم، وجرت دموعهم على خدودهم، وقطرت في محاريبهم، أشرف الجليل سبحانه، فنادى جبريل عليه السلام بعيني من تلذذ بكلامي، فلم لا ينادي فيهم ما هذا البكاء? هل رأيتم حبيبا يعذب أحبابه? أم كيف يجمل بي أن أعذب قوما إذا جنهم الليل تملقوني، فبي حلفت إذا وردوا علي القيام لأكشفن لهم عن وجهي الكريم حتى ينظروا إلي وأنظر إليهم لذلك أخرج الإمام الطبراني والحاكم والإمام البيهقي وغيرهم وصححه الألباني16.18  وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال  ثلاثة يحبهم الله ثم ماذا يارسول الله  ويضحك إليهم ثم ماذا يارسول الله  ويستبشر بهم ثم ذكر أولهم   الذي إذا انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل فإما أن يقتل وإما أن ينصره الله عز وجل ويكفيه فيقول انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه ؟

الثاني يقول فيه رسول الله  والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن فيقوم من الليل فيقول يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد  والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا فقام من السحر في ضراء وسراء  رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ » رواه مسلم وأحمد  فإذاجاء يوم القيامة وصلت هذه المنح إلى أصحابها    أورد الطبراني في الكبير حديثا عن آخر من يدخل الجنة.......  فقال عمر : ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا فكيف أعلاهم ؟ فقال كعب : يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت إن الله عزوجل جهل دارا فجعل فيها ما شاء من الازواج والثمرات والاشربة ثم أطبقها ثم لم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة ثم قرأ كعب [ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ] ولوقرأت الآيه التي قبلها [ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ][السجدة : 16] وما أجمل هذا التعبير تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ  وكأن المضاجع وجنوبهم بينهم جفاء  فكأنهم قد ملوا النوم وأبغضوا النوم [تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ]  [السجدة : 16- 17]

2- في بقاع الحبيب       

هذه هي الأنوار الربانية التي ذكرها الله في كتابه والقبسات النبوية التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع كيف يأنسون بحبيبهم وكان من علمهم ذلك هو رسول الله الذي كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه فتقول له عائشة أليس الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر  فيقول يا عائشة ولكن القضية ليست قضية ذنوب إنما هي قضية المحبة التي تفطرت بها القلوب فتقول عائشة أليس الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر  فيقول يا عائشة أفلا أكون عبداً شكوراً؟

روت عائشةرضي الله عنها في البخاري  لما كان ليلة من الليالي قال رسول الله لعائشة : ( يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي ) قلت : والله إني لأحب قربك وأحب ما سرك قالت : فقام فتطهر ثم قام يصلي قالت : فلم يزل يبكي حتى بل حجره قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة  أي لم يفق من لقاء حبيبه إلا عند صلاة الفجر أي ظل يبكي الليل كله حتى صلاة الفجر  فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر ؟ قال : ( أفلا أكون عبدا شكورا لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها [ إن في خلق السموات والأرض ]) الآية كلها

قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم ويكفي أن الله أمر نبيه في ثالث سورة نزلت عليه [ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)  لما يارب إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)  وماذا أفعل يارب  إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) ][المزمل 1-8 ] ويقول له في موضع آخر [ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)][الإسراء 79] وقد اقتضى الصحابه والصالحون برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك مع شدة التعب الذي كانوا فيه  ، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن تولى خلافة المسلمين لم ينم الليل ولا النهار فقالوا له ألا تنام يا أمير المؤمنين فيقول : لو نمت بالليل أضعت حق ربي ولو نمت بالنهار لأضعت حق الرعية  فكان لا ينام إلا إغفاء  وهذاهو عبد الله بن عمر أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه قال عن نفسه عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَكُنْتُ غُلاَماً شَابًّا عَزَباً وَكُنْتُ أَنَامُ فِى الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُ فِى النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِى فَذَهَبَا بِى إِلَى النَّارِ فَإِذَا هِىَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَىِ الْبِئْرِ وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ - قَالَ - فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لِى لَمْ تُرَعْ . فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ أي إن عبد الله لاينقصه شيء إلا أن يقوم الليل » . قَالَ سَالِمٌ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلاً  وهذا عبد الله بن عمرو بن العاص تزوج والقصة مشهورة معروفة  قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : أنكحني أبي امرأة ذات حسب من قريش لما  قال ولما كان يوم البناء وأراد الدخول بها وكان عبد الله بن عمرو يعشق القرآن وقيام الليل  ، قال لها ذريني أصلي ركعتين لربي ويفعل الله مايشاء فذهب فتوضأ فلما دخلت في الصلاة قال فأخذتني حلاوة القرآن وذكر الله الليلة التي ينتظرها كل شاب وتنتظرها كل فتاه  يشغله عنها حلاوة القرآن وذكر الله  ،  سبحان الله أي رجال هؤلاء الفرق بيننا و بينهم أنهم كانوا يشعرون ونحن لا نشعر فلم أشعر إلا عند صلاة الفجر فلما جاء عمرو بن العاص رضي الله عنه يتعهد حال ولده مع زوجته  ، فتقول زوجته  : نعم الرجل لم يطأ لنا فراشا  ، ولم يَفْتش لنا كَنَفاً مذ أتيناه ‍ فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم  ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: " أَتَصُومُ النَّهَارَ ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: " وَتَقُومُ اللَّيْلَ ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: " لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَمَسُّ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي  وهذا عبد الله بن مسعود  يذكرون عنه أنه إذا هدئت العيون تسمع لصلاتة أزيز كأزيز النحل وليس عبد الله بن مسعود وحسب إنما كل أصحاب رسول الله قال الفضيل بن عياض لقد أدركت أقواما يستحيون من الله الليل سواد
هذا الليل من طول الهجعة !! إنما هو على الجنب ، فإذا تحرك ( أي أفاق من نومه ) قال :
ليس هذا لك !! قومي خذي حظك من الآخرة وبعضنا يصلي وكأن الصلاة جبل على قلبه أبو حنيفة العابد الورع كان رحمه الله كثير العباده  سمع رجل يقول لآخر في أثناء انصرافه ذات يوم هذا أبو حنيفة يقوم الليل فقال ابو حنيفة نصفه ثم رجع الى البيت فبكى فقالت زوجته ما يبكيك قال يقولون اني اقوم الليل كله وانا والله لا اقوم الا نصفه فقال : إني استحي أن أوصف بما ليس في وعاهد نفسه على ان يقومه كله . حتى قالوا ظل يصلي الصبح بوضوء العشاء أربعين سنة.ولقد لقب بالوتد لكثرة قيامة ، الإمام الشافعي يحكي عنه الربيع  أحد أصحابه بت عند الشافعي ليال كثيرة فكان لاينام من الليل إلا يسيرا ، الربيع بن الخثيم يقوم الليل فيشتد بكائه فتقول له أمه : يابني لعلك قتلت قتيلاً ؟ فقال : نعم يا والدة . فقالت : ومن هو القتيل فنحمل على أهله فيعفونك ، والله لو علموا ما تلقى من البكاء والسهر لقد رحموك فيقول : يا والدتي هي نفسي ولكني قتلت نفسي بالذنوب قال صحبت عامر بن عبد الله في قافلة تجارية فلما جن عليه الليل دخل غيضة وهي مكان يحتوي على أشجار كثيرة فجمع متاعه وطول لفرسه وطرح له ، قال: ثم دخل الغيضة فقلت: لأنظرن ما يصنع الليلة ، قال: فانتهى إلى رابية فجعل يصلي فوالله ما رأيت أجمل ولا أحسن ولاأفضل ولا أخشع من صلاته وظل يدعو فيه  ، فكان فيما يدعو: إلهي لقد خلقتني في هذه الدنيا من أجلك قال الرجل فغلبني النوم وأنا أنام واستيقظ وهوما يزال في مناجاته ربه وظل على ذلك ساعات وساعات حتى إذا كان في طلع الفجر كبر ليصلي الفجر ثم رفع يديه إلى السماء  لم يكن هذا في تهجد أو في تراويح إنما كان هذا بعيدا عن أعين البشر أقبل في الدعاء اللهم سألتك ثلاثا فأعطيتني اثنتين ومنعتني واحدة ، اللهم فأعطنيها حتى أعبدك كما أحب وكما أريد، وانفجر الصبح، قال: فرآني فقال: ألا أراك كنت تراعيني منذ الليلة لهممت بك، ورفع صوته علي، ولهممت وفعلت ، قلت: دع هذا عنك والله لتحدثني بهذه الثلاث التي سألتها ربك أو لأخبرن بما تكره مما كنت فيه الليلة ، قال: ويلك لا تفعل! قال: قلت هو ما أقول لك، فلما رآني أني غير منته قال: فلا تحدث به ما دمت حياً، قال قلت: لك الله علي بذلك، قال: إني سألت ربي أن يذهب عني حب النساء، ولم يكن شيء أخوف علي في ديني منهن، فوالله ما أبالي امرأة رأيت أم جداراً، وسألت ربي أن لا أخاف أحداً غيره فوالله ما أخاف أحداً غيره، وسألت ربي أن يذهب عني النوم حتى أعبده بالليل والنهار كما أريد فمنعني . ((سبحان الله أي رجال هؤلاء لقد تمتعوا بحب ربهم ولا يمكن أن يكون هذا إدعاء إلا إذا وجد دليل ، فتجدنا في رمضان مابين ذكر وقرآن وتراويح وتهجد والكل يعبد الله عز وجل وغيرها فإذا انقضي رمضان حتى شغلنا عن ربنا ، فإذا أردنا الوصول إلى الله جل وعلا فإن بابه سبحانه ليل نهار فإذا أردت الخلوة بحبيبك وأن تنتهج نهج الحبيبصلى الله عليه وسلم ونهج الصحابة والتابعين من بعده فعليك نسال الله العظيم ان يحبب إلينا الإيمان وأن يزينه في قلوبنا وأنيكره إليناالكفروالفسوق والعصيان  

كيف الوصول إلى الله جل وعلا  

عن طريق خطوات هذه الخطوات نخطو بها إلى الله جل وعلا حتى نحصل على مناجاته

أول هذه الخطوات :

1- النية الصادقة

إذ بين رسولنا صلى الله عليه وسلم أن لا نعمل إلا بنية  فقال   « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، ......... » نية صالحة لأن كثير منا يتمنى أن يصلي بالليل أن يقوم الليل أن يصلي بالسحر ولكن العمل والتعب ................ فإن نويت قيام الليل ولم تقدر كتب هذه النيات وقد صدق القائل  خفت على فقدان الطاعة مع عدم القيام بها من علامات الاغترار ، لذلك أول شيء للدخول على ربك أن تجد نية صادقة ، فمن بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر هو وقت قيام الليل  فإن أردت أن تستيقظ من النوم وقت السحرلتقوم الليل فلابد من النية الصادقة ، فإن صدقت الله صدقك الله ( أصدق الله يصدقك ) ومااجمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يخرجه البخاري وابن ماجه   إذا آتي الرجل فراشه وهو ينوي أن يقوم أن يصلي من الليل  فغلبته عيناه فأصبح كتب الله له أجرصلاته            عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَا مِنِ امْرِئٍ يَكُونُ لَهُ صَلاَةٌ مِنَ اللَّيْلِ يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلاَّ كَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَكُتِبَ لَهُ أَجْرُ صَلاَتِهِ » رواه أحمد وفي رواية لإبن حبان ما من عبد يحدث نفسه بقيام ساعة من الليل فينام عنها إلا كان نومه صدقة تصدق الله بها عليه وكتب له أجر ما نوى ) قال شعيب الأرنؤوط : إسناده جيد

2- إحذر المعاصي والذنوب

فلطالماحجبتك عن ربك عز وجل وقد صدق ربنا حيث قال [كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)][المطففين : 14- 15] وكان السلف الصالح الواحد منهم إذا وفق لقيام الليل علم أن ذنوبه ضعيفة وإذا  نام عن قيام الليل علم أن ذنوبه قد زادت لذا ذهب رجل إلى الحسن البصري رحمه الله فقال له يا إمام  إني لأنام عن قيام الليل فقال له قيدتك خطايك ولو أرادت ربك جلا وعلا لما وضعت حاجزا بالذنوب  فكيف تريد أن تصل إلى علام الغيوب بهذه الذنوب وقد قال رسول الله في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد وغيرهم  « إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ ............... » . وما أعظم الذنوب هو ما يتعلق بعلاقتك بربك سبحانه وتعالى لذلك لابد أن تداوم على صلاة ركعتين بالليل والنهار بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العشاء بنية التوبة إلى الله جل وعلا لأن رسول الله قال  « مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْباً فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلاَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ » . ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ . رواه أبو داود الترمذي وأحمد

3-مجاهدة النفس

فلا تظن أن قيام الليل سيأتي من أول مرة أو بعد يوم أو شهر أو سنة أو عشرة لابد من أن تجاهد نفسك لذلك قال الإمام ابن ماجه جاهدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة واستمعت به عشرين سنة ، هؤلاء هم الذين قال الله عنهم [وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ][العنكبوت : 69] فجاهد نفسك بعد رمضان سنة سنتين ثلاث أربع ثم تذوق حلاوته ابدأ بركعتين فقط وهذا مع أي عبادة ومع أي طاعة وقد أخذت فيه التدرج وقد بين ذلك ربنا ورسولنا صلى الله عليه وسلم حيث قال في الطبراني مرفوعًا وغيره    عن إياس بن معاوية المزني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( لا بد من صلاة بليل ولو حلب ناقة ولو حلب شاة وما كان بعد صلاة العشاء الآخرة فهو من الليل ) ابدأ ثم تدرج فيها أربع ثمانية ثم عشرة ثم إحدى عشرة وهكذا  

4- أن تشرك أهلك في هذا الفضل

فإذا كنت متزوجا فلابد من أن تيقظ بعض أهلك وخصوصا زوجتك لتنال الشرف من أن تكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات   عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ قَالاَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعاً كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ » . رواه أبو داود وابن ماجه فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ فقط لايستغرق الأمر أكثرمن 5 دقائق كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ وأنتم تعلمون فضل الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ [وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ] [الأحزاب : 35] ، وقال أيضا عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ « رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ لم يوقظها للعشاء أو لأي أمر آخر فَصَلَّتْ فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِى وَجْهِهَا الْمَاءَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا الأمر ليس خاص بالرجال  فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِى وَجْهِهِ الْمَاءَ » .رواه أبوداود والنسائي روي عن أمرأة من المتعبدات أنها كانت توقظ زوجها في الليل فتنضح في وجهه الماء وتقول له يا حبيبي لقد ذهب أكثر الليل وخلا المحبون بحبيبهم .........وهكذا حتى توقظه

5- أن تستشعر أجر قيام الليل

فتذكر الجنة ونعيمها والنار وأن تذكر هذه الغرف التي لم يطلع عليها أحد إلا الله ، أن تذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم  الذي قال فيه  " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَغُرَفًا يُرَى بُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا، وَظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا " فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَنْ هِيَ ؟ قَالَ: " لِمَنْ أَطَابَ الْكَلامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ " (2) رواه أحمد والطبراني والحاكم وغيره وصححه الألباني.  حسن لغيره أن تتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل دائما فإذا أردت أن مرافقته فافعل فعله فإذا أردت زوجا في الجنة أو مرافقة الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة أو النظر إلى ربنا جلا وعلا في الجنة ففعل أمرا هاما تنال به ذلك ألا وهو قيام الليل  قال الحافظ ابن رجب في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى : ومما يجزى به المتهجدون في الليل كثرة الأزواج من الحور العين في الجنة , فإن المتهجد قد ترك لذة النوم بالليل ولذة التمتع بأزواجه طلبا لما عند الله عز وجل , فعوضه الله تعالى خيرا مما تركه وهو الحور العين في الجنة . ومن هنا قال بعضهم : طول التهجد مهور الحور العين في الجنة . كان بعض السلف يحيي الليل في صلاة ففتر عن ذلك فأتاه آت في منامه فقال له : قد كنت يا فلان تدأب في الخطبة فما الذي قصر بك عن ذلك ؟ قال : وما ذاك ؟ قال كنت تقوم من الليل أو ما علمت أن المتهجد إذا قام إلى التهجد قالت الملائكة قد قام الخاطب إلى خطبته .
ورأى بعضهم في منامه امرأة لا تشبه نساء الدنيا , فقال لها : من أنت ؟ قالت حوراء أمة الله , فقال لها : زوجيني نفسك , قالت : اخطبني إلى سيدي وأمهرني , قال وما مهرك ؟ قالت : طول التهجد .نام بعض المتهجدين ذات ليلة فرأى في منامه حوراء تنشد :

أتخطب مثلي وعني تنام *** ونوم المحبين عنا حرام
لأنا خلقنا لكل امرئ  *** كثير الصلاة براه الصيام
وقد صدق علي بن أبي طالب  حين قال :

لا تــركـنن الـى الــدنيـا و مـــا فيــها ..... فالـمــوت لاشــــك يفـنيـنا و يفـنيـــها
و اعمــل لـــــدار غد
رضــــوان خازنها ..... و الجار أحمــد و الرحمن
ناشيــها
قصــورها ذهــب و المسك
طيــنتـها ..... و الزعفــران ربيـــــــع نابــت
فيـــــها
أنــــهارها لبــن مصفى و
من عـســـل ..... و الخمر يجري رحيقــا في
مجاريها
و الـــطيـر تجــري
على
الأغصان عاكـــفة ..... تسبــح الله جهراً في مغـــانيهـــا
مـن
يشـتري الدار في الفــردوس يعمرها ..... بــركعة
في ظــلام الليــل يحييهــــا
وفي الختام نذكركم بقول الله تعالى [وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ][التوبة : 46]

نسأل الله العظيم الا يجعلنا من المحرومين من قيام الليل

اللهم اجعلنا من أهل قيام الليل

 اللهم اذقناحلاوة الإيمان بك

وحلاوة قيام الليل

 ولذة مناجاتك

 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free