الخط الأحمر
1- خط داهم 2- لماذا كل هذا الوعيد 3- من أي هؤلاء أنت (كبر مزيف ) 4- تواضع لربك 5-احذر هذه الثلاثة 6- اعرف نفسك 7- وها هي القيامة
الحمد لله الخالق البارئ المصور العزيز الجبار المتكبر ، العلي الذي لا يضعه عن مجده واضع الجبار ، الذي كل جبار له ذليل خاضع ، وكل متكبر في جناب عزه مسكين متواضع ، فهو القهار الذي لا يدفعه عن مراده دافع الغنى الذي لا شريك ولا منازع ، القادر الذي بهر أبصار الخلائق جلاله وبهاءه، وقهر العرش المجيد استواءه واستعلاءه، وحصر ألسن الأنبياء وصفه وثناءه، وارتفع عن حد قدرتهم إحصاءه واستقصاءه، فاعترف بالعجز عن وصف كنه ملائكته وأنبياءه، وكسر ظهور الأكاسرة عزه وعلاءه، وقهر أيدي القياصرة عظمته وكبرياءه، فالعظمة إزاره، والكبرياء رداءه، ومن نازعه فيهما قصمه بداء الموت، فأعجز دواءه. جل وجلاله وتقدست أسمائه
للعبد تجاوز وتقصير فيما بينه وبين الله والذنوب تتنوع ما بين موبيقات وصغائر ولهم غير ذلك ، يمكن لهذه الذنوب أن تمحى جميعا بالصدق مع الله في الرجوع غليه ، إلا ان هناك خطًا أحمر ودائرة مغلقة لا يمكن لحد من البشر أن يتخطاها ولئن فكر في ذلك أو حاول قصمه الله ولا يبالي ، ويا للاسف حين تجد أن هذا الخط الأحمر قد تجاوزه كثيرا منا وهذا نذير بالهلاك لأن الذي توعد بذلك هو الله
هذا الخط الأحمر هو الذي قال عنه رسول الله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعِزَّةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا، أُلْقِهِ (1) فِي النَّارِ رواه أحمد وفي رواية للحاكم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه عز وجل قال : الكبرياء ردائي فمن نازعني ردائي قصمته وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم
ذلك لأن الوصف لا يكون إلا لله قال تعالى :[ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ][الحشر : 23]
وقت أن يظهر ذلك على أحد يبيده الله ولا يبالي كما أخبر ، وهذا ما حدث لإبليس لعنة الله عليه " لقد عصى إبليس وعصى آدم " إذ العصيان مخالفة الأمر ولكن لما أقر آدم ورجع تاب الله عليه وقد أخطأ إذ أنه اقتحم الخط الأحمر وتجاوز حده وعلل " أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ "
قال أبو حامد الغزالي في الاحياء اعلم أن الكبر من المهلكات ولا يخلو أحد من الخلق عن شيء منه وإزالته فرض عين ولا يزول بمجرد التمني بل بالمعالجة واستعمال الأدوية القامعة له
لذا كان الأمر خطر داهم وهو الاسترواح والركون إلى رؤية النفس فوق المتكبر عليه
ورد في القرآن حوالي 61 مره وخطره ما يلي :
· لا يحبهم الله قال الله تعالى [إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (23) ][النحل : 22-23]
· يطبع على قلوبهم قال الله تعالى :[ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ] [غافر : 35]
· يصرف عن فهم آيات الله قال تعالى :[ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ ][الأعراف : 146]
· وها هم عند خروج الروح قال تعالى :[ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ] [الأعراف : 40]
· وها هي سكرات الموت قال تعالى :[ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ][الأنعام : 93]
· ثم حسرات القيامة قال تعالى :[ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (59) وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) ][الزمر : 56-60]
· ثم نداء تبكيت من الجبار لهؤلاء قال رسول الله يطوى الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوى الأرضين ثم يأخذهن بشماله ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون (مسلم ، وأبو داود عن ابن عمر)
· هذه صفتهم في الحشر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ « يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِى صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِى جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةِ الْخَبَالِ » رواه الترمذي وأحمد وحسنه الألباني
· وهذه جهنم قال رسول الله إذا جمع اللهُ الناسَ فى صعيدٍ واحدٍ يومَ القيامة أقبلتِ النارُ يركبُ بعضُها بعضا وخزنتُها يكفُّونها وهى تقولُ وعزةِ ربى لَتُخَلُّن بينى وبين أزواجى أو لأغشين الناسَ عُنُقا واحدا فيقولون من أزواجُك فتقولُ كلُّ متكبرٍ جبارٍ رواه أبو يعلى والهيثمي بسند حسن
لماذا كل هذا الوعيد
لعل من يقرأ القرآن والسنة يجد من الوعيد العظيم فتجد
ولمن أعظم ما فيه ما روي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ » . قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَناً وَنَعْلُهُ حَسَنَةً . قَالَ « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ » رواه مسلم
وقد حج عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم ذات مرة فتوقفا على الصفا يتحدثان , وقام ابن عمر يبكي فقال له رجل: ما يبكيك يا أبا عبد الرحمن ؟ فقال: هذا يعني: عبد الله بن عمرو زعم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر أكبه الله في النار على وجهه رواه أحمد والبيهقي بسند صحيح
* هل يمكن أن يخلو من قلب من ذلك إلا من رحم الله في ملبسنا نحاول أن نلبس ما لم يلبسه أحد حتى وغن كان حجابا شرعيا مع أن رسول الله قال « بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ يَمْشِى فِى بُرْدَيْهِ قَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ فَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ » متفق عليه من طريق أبي هريرة
* لذا علمنا رسول الله عند النظر في المرأة أن نقول اللهم كما حسنت خلقي ، فحسن خلقي رواه ابن حبان صححه الألباني
* في المشية قال تعالى :[ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ][لقمان : 18]
قال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ تَعَظَّمَ فِي نَفْسِهِ، أَوِ اخْتَالَ فِي مِشْيَتِهِ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ " (أحمد ، والبخارى فى الأدب ، والطبرانى عن ابن عمر)
وهكذا في كل مظهر وإن دق أي كان صغيرا ولكن لماذا كل هذا ؟
لأن الكبر يحول بين العبد وأخلاق المؤمنين كلها وتلك اخلاق هي ابواب الجنة والكبر وعزة النفس تغلق كل هذه الآبواب لأنه :
* لا يقدر أن يحب للمؤمنين ما يحبه لنفسه وفيه شيء من الكبر
* لا يقدر على التواضع الذي هو رأس أخلاق المتقين وفيه شيء من الكبر
* لا يقدر على ترك الحقد وفيه شيء من الكبر
* لا يقدر على ترك الحسد والغضب وفيه شيء من الكبر
* لا يقدر على دوام الصدق ، وظم الغيظ ، وقبول النصح وفيه شيء من الكبر
* لا يسلم من ازدراء الناس واغتيابهم وفيه شيء من الكبر
والجملة فما من خُلق زميم إلا صاحب البر ومحتاج إليه ليحفظ كيره وما من لق محمود إلا وهو عاجز عنه خوفا من أن يفوته عزهُ فمن ها هنا كان النكال والخزي بصاحبه في الدنيا والآخرة وهذا هو الواقع
· عن عمرو بن شيبة قال كنت بمكة بين الصفا والمروة فرأيت رجلا راكبا بغلة وبين يديه غلمان وإذا هم يعنفون الناس قال ثم عدت بعد حين فدخلت بغداد فكنت على الجسر فإذا أنا برجل حاف حاسر طويل الشعر قال فجعلت أنظر إليه وأتأمله فقال لي مالك تنظر إلي فقلت له شبهتك برجل رأيته بمكة ووصفت له الصفة فقال له أنا ذلك الرجل فقلت ما فعل الله بك فقال إني ترفعت في موضع يتواضع فيه الناس فوضعني الله حيث يترفع الناس إحياء علوم الدين
· كان جبلة بن الأيهم..
آخر ملوك الغساسنة.. دخل إلى قلبه الإيمان..فكتب إلى الخليفة عمر -رضي الله عنه-.. يستأذنه في القدوم عليه فسرّ عمرُ والمسلمون لذلك سروراً عظيماً..
فأقبل جبلة في خمسمائة فارس من قومه.. فلما دنا من المدينة لبس ثياباً منسوجة بالذهب.. ووضع على رأسه تاجاً مرصعاً بالجوهر.. وألبس جنوده ثياباً فاخرة..
فلما دخل موسم الحج حج عمر.. وخرج معه جبلة.. فبينما هو يطوف بالبيت إذ وطئ على إزاره رجل فقير من بني فزارة.. فالتفت إليه جبلة مغضباً.. فلطمه فهشم أنفه.. فغضب الفزاري.. واشتكاه إلى عمر بن الخطاب.. فبعث إليه فقال: "ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك في الطواف.. فهشمت أنفه"! فقال: "إنه وطئ إزاري؟ ولولا حرمة البيت لضربت عنقه".. فقال له عمر: "أما الآن فقد أقررت.. فإما أن ترضيه.. وإلا أقتص منك.. وألطمك على وجهك".قال: "يقتص مني وأنا ملك وهو سوقة"!قال عمر: "يا جبلة.. إن الإسلام قد ساوى بينك وبينه.. فما تفضله بشيء إلا بالتقوى"..قال جبلة: "إذن أتنصر"..قال عمر: "من بدل دينه فاقتلوه.. فإن تنصرت ضربت عنقك"..فقال: "أخّرني إلى غدٍ يا أمير المؤمنين"..
قال: "لك ذلك".. فلما كان الليل خرج جبلةُ وأصحابُه من مكة.. وسار إلى القسطنطينية فتنصّر.. وأقام عنده
وصدق الله [ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ][الأعراف : 101]
ولكن من أي هؤلاء أنت ؟
* المتكبرون بالعلم
وهذا من أخطر أنواع الكبر إذ أنه قد أوتي العلم الذي يصده عن كبره ومع ذلك يتكبر به فهو كالحمار يحمل أسفارا ولا يدل ذلك على فرط جهله وقلة علمه ، ولكن كما قال أبو الدرداء : من ازداد علما ازداد وجعا وقالوا العلم ثلاثة أشبار من أدرك الأول تكبر ومن أدرك الثاني تواضع ومن أدرك الثالث أيقن أنه لا يعلم شيئا
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يظهر الإسلام حتى يختلف التجار في البحر و حتى تخوض الخيل في سبيل الله ثم يظهر قوم يقرؤون القرآن يقولون من أقرأ منا من أفقه منا من أعلم منا ثم قال لأصحابه هل في أولئك من خير قالوا الله ورسوله أعلم قال أولئك منكم من هذه الأمة فأولئك هم وقود النار رواه الهيثمي والطبراني والبزار
قال وهب العلم كالغيث ينزل من السماء حلوا صافيا فتشربه الأشجار بعروقها فتحوله على قدر طعومها فيزداد المر مرارة والحلو حلاوة فكذلك العلم تحفظه الرجال فتحوله على قدر هممها وأهوائها فيزيد المتكبر كبرا والمتواضع تواضعا
* المتكبرون بالعبادة والطاعة
وما أكثرهم الواحد يقول الحمد لله الواحد مداوم على صوم الإثنين والخميس ، بأصلي قيام الليل من الساعة 2 ص ، ما بفوتش صلاة في المسجد ..... المصيبة بعد كل هذا يظن أن الناس هلكى وهو ناج وهذا من أخطر الأشياء وأدعاها إلى ولوج النار مصيبة أن يقتدي الناس بفعله ويحبونه عليه وهو يزدريهم
قال أبو حامد فالخلق يدركون النجاة بتعظيمهم إياه لله فهم يتقربون إلى الله تعالى بالدنو منه وهو يتمقت إلى الله بالتنزه والتباعد منهم كأنه مترفع عن مجالستهم فما أجدرهم إذ أحبوه لصلاحه أن ينقلهم الله إلى درجته في العمل وما أجدره إذ ازدراهم بعينه أن ينقله الله إلى حد الإهمال
روي أن رجلا ذكر بخير للنبي صلى الله عليه و سلم فأقبل ذات يوم فقالوا يا رسول الله هذا الذي ذكرناه لك فقال إني أرى في وجهه سفعة من الشيطان فسلم ووقف على النبي صلى الله عليه و سلم فقال له النبي صلى الله عليه و سلم أسألك بالله حدثتك نفسك أن ليس في القوم أفضل منك قال اللهم نعم رواه
لذلك عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : خَرَجَ فِي سَفَرٍ فَتَقَدَّمَ فَأَمَّهُمْ ثُمَّ قَالَ : " لَتَلْتَمِسُنَّ إِمَامًا غَيْرِي أَوْ لَتُصَلُّنَّ وُحْدَانًا " . فإني رأيت في نفسي أن ليس في القوم أفضل مني فإذا كان هذا لا يسلم فكيف بنا نحن ؟!!!
فالعابد الحق والعالم الحق هو الذي فهم أن الله تعالى قال له إن لك عندنا قدرا ما لم ترى لنفسك قدرا فإن رأيت لها قدرا فلا قدر لك عندنا
وقال موسى بن القاسم كانت عندنا زلزلة وريح حمراء فذهبت إلى محمد بن مقاتل فقلت يا أبا عبد الله أنت إمامنا فادع الله عز و جل لنا فبكى ثم قال ليتني لم أكن سبب هلاككم قال فرأيت النبي صلى الله عليه و سلم في النوم فقال إن الله عز و جل رفع عنكم بدعاء محمد ين مقاتل
وقال على بن أبي حرارة : (كانت أمي مقعدة نحو عشرين سنة فقالت لي يومًا: اذهب إلى أحمد بن حنبل فاسأله أن يدعو الله لي. فسرت إليه فدققت عليه الباب وهو في دهليزه، فلم يفتح لي وقال: من هذا؟ فقلت: أنا رجل من أهل ذاك الجانب، سألتني أمي وهي زمنة مقعدة أن أسألك أن تدعو الله لها. فسمعت كلامه كلام رجل مغضب فقال: نحن أحوج إلى أن تدعو الله لنا. فوليت منصرفًا، فخرجت امرأة عجوز من داره فقالت: أنت الذي كلمت أبا عبد الله؟ قلت: نعم. قالت: قد تركته يدعو الله لها. قال: فجئت من فوري إلى البيت فدققت الباب، فخرجت أمي على رجليها تمشي حتى فتحت الباب. فقالت: قد وهب الله لي العافية)(14).
· الحسب والنسب
قال الله [إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ][الحجرات : 13]
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ؟ قَالَ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ابْنُ الْإِسْلَامِ ". قَالَ: "فَأَوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّ هَذَيْنِ الْمُنْتَسِبَيْنِ، أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمُنْتَمِي أَوِ الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ رواه أحمد رجاله ثقات رجال الشيخين والنسائى ، والبيهقى
لئن فخرت بآباء ذوي شرف ... لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا
هذه قصة الأصمعي وزين العابدين
قال الأصمعي سمعت شابا يقول
ألا أيها المقصود في كل وجهة ... شكوت اليك الضر فارحم شكايتي
ألا يارجائي أنت تكشف كربتي ... فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي
أتيت بأعمال قباح رديئة ... وما في الورى عبد جنى كجنايتي
أتحرقني بالنار يا غاية المنى ... فأين رجائي ثم أين مخافتي
ثم سقط على الأرض مغشياً عليه، فدنوت منه، فإذا هو زين العابدين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، فرفعت رأسه في حجري وبكيت، فقطرت دمعة من دموعي على خده ففتح عينيه وقال: من هذا الذي يهجم علينا؟
قلت: عبيدك الأصمعي، سيدي ما هذا البكاء والجزع، وأنت من أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة؟ أليس الله تعالى يقول [ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ][الأحزاب : 33]
فقال: هيهات هيهات يا أصمعي إن الله خلق الجنة لمن أطاعه، ولو كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه ولو كان حراً قرشياً، أليس الله تعالى يقول: [فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ] [سورة المؤمنون]
رضي الله عنه وأرضاه
· الجمال والمال
وهذان ظل زائل وعوارٍ مستردّة والذي يمحو الكبر بالجمال ويقصه من أصله – خصوصا عند النساء الاتي لا هم لهم إلا التبرج والسفور والخلاعة وتظل بالساعات ذوات العدد أمام المرآة كل ذلك فتنة بجمالها فتلقمها أفواه المغنين والمغنيات ألفاظ اللهو والمجون بل والكبرياء نفسه فنجدها إذا حدثتها قالت إن كبريائي يفعل كذا .. كبريائي يطلب مني ... كبريائي يمنعني وما سمعت أو خطر في بالها قول الله : [وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ] [الجاثية : 37]
أقول الذي يقضيه ان تنظر إلى باطنها نظر العقلاء وعندها ستجد أو سيجد من يفتتن بها أن الأقذار قد وكلت بها في جميع أجزائها أو كذلك أجزائه للتبكير بجماله
فالرجيع في أمعائه والبوب في المثانة والمخاط في أنفه والمزاق في فيه والوسخ في أذنيه والدم في عروقه الصديد تحت البشرة والصنان تحت إبطه
يغسل الغائط كل يوم بيده مرة او مرتين هذا حال توسطه
أما أوله خلق من النطفه ودم الحيض وأخرج من مجرى الأقذار مجرى البول عند الرجل والرحم عند المرآة
وآخره قذر وجيفه ونتن يزهد فيه بعد ثلاث بل ويهرب منه
مع إمكانية زواله – الجمال بالمرض أو قرحه فكم من وجوه جميلة ذهب بجمالها بعض حمى او بعض الأمراض فيا لها من ظل زائل حقير لا قيمة له
لذا قالوا إذا أعجبتك من امراة مفاتنها فتذكر مناتنها
أما المال
خارج عنك ومن أعظم الكبر أن يتكبر الإنسان بما هو خارج عنه يمكن أن يذهب في لحظة فيعود ذليلا ولو تأمل لوجد اليهود أكثر منه مالاً فكيف الفخر بشرف بسبقك فيه اليهودي أو يأخذه منك سارق فتصبح ذليلا
· القوة والأتباع
وأيضا شيء لا يتكبر به إذأنه ليس أضعف من الإنسان [وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً ][النساء : 28] فمع قوته وشموخه لو سلط الله عليه الزكام أو الحمى لصار أعجز من كل عاجز وأذل من ذليل ولو دخلت نملة في أنفه أو أذنه لقتلته ثم إنها مهما قوي فلا يكون أقوى من حمار أو فيل أو جمل فأي افتخار في صفة يسبقك فيها البهائم !!!
أما الأتباع
فهو ايضا كبر في غير موضعه ومثل هذا النوع حقير ذليل من تكبر بمعرفة أو وزراء أو أنصار – إن ذهب أتباعه ذهب كبره وهذا ليس حتى من أخلاق الأحرار فضلا عن المسلمين الصادقين ويأتي يوم القيامة فيتحاجون ولكن هيهات [وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّارِ][غافر : 47]
الدواء الشافي للكبر
4- تواضع لربك
التواضع هو خفض الجناح ولين الجانب أو أن تقبل الحق من كل من جاء به ولو كان أقل الناس أو ألا ترى لنفسك قيمةفمن رأى لنفسه قيمة فليس له من التواضع نصيب
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ » . رواه مسلم والترمذي ومالك وأحمد والدارمي
وبهذا يرفع المتواضعين شاءوا أم أبوا وينزل المتكبرين شاءوا أم أبوا إن هذه هي سنة الله في خلقه كلهم
* قال المسيح عليه السلام إن الزرع ينبت في السهل ولا ينبت على الصفا كذلك الحكمة تعمل في قلب المتواضع ولا تعمل في قلب المتكبر ألا ترون أن من شمخ برأسه إلى السقف شجه ومن طأطأ أظله وأكنه إحياء علوم الدين
* وَقَالَ مجاهد : لما أغرق اللَّه تَعَالَى قوم نوح شمخت الجبال وتواضع الجودي فجعله اللَّه تَعَالَى قرارا لسفينة نوح عَلَيْهِ السَّلام غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب سبحان الله كان الله يعلم الناس كلهم إن المتواضع مرفوع حتى ولو كان في عالم الجمادات هكذا قدر الله وبهذا حكم ولك أن تنظر إلى هذه اللفتة العظيمةة من أحد العلماء العاملين الفطنين المتدبرين يقول إن التراب لما ذل
لأخمص القدم صار طهورا للوجه وكذا لفتة موضع السجود وأنه أقرب ما يكون العبد فيه
سيد المتواضعين قال
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما من آدمي إلا وفي رأسه حكمة – ما يجعل في رأس الدابة لتفاديه - بيد ملك فإذا تواضع قيل للملك ارفع حكمته وإذا تكبر قيل للملك ضع حكمته. رواه الطبراني والهيثمي رواه البزار وإسناده حسن
عن بن عمر رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال" يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : مَنْ تَوَاضَعَ لِي هَكَذَا - وَجَعَلَ يَزِيدُ بَاطِنَ كَفِّهِ إِلَى الْأَرْضِ ، وَأَدْنَاهَا إِلَى الْأَرْضِ - رَفَعْتُهُ هَكَذَا - وَجَعَلَ بَاطِنَ كَفِّهِ إِلَى السَّمَاءِ ، وَرَفَعَهَا نَحْوَ السَّمَاءِ - " رواه أحمد والبزار ورجالهما رجال الصحيح والطبراني وصححه الألباني
وقد قال عنه ربه [مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ][الفتح : 29]
لذا كان رسول الله سيد المتواضعين بل غنه الذي علم الدنيا التواضع لأنه تواضع لرب العالمين
· وليسمع كل من يتكبر ويختال بماله وجماله وبحسبه وبسلطانه و...........
· وليسمع كيف كان رسول الله لقد أكثر الناس تواضعا
1- رفيقا لينا 2- إذ مر بصبيان سلم عليهم 3- تاخذ به الأمة فتنطلق به حيث شاءت 4- إذا أكل لعق أصابعة الثلاث 5- يكون في خدمة أهله 6- يخيط ثوبه 7- يخصف نعله 8-يحلب الشاة لأهله 9- يعلف البعير 10- يأكل مع الخادم 11- يجالس المساكين 12- يبدأ من يلقيه بالسلام 13- يجيب من دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء 14- هين المؤنة 15- كريم الطبع 16- جميل المعاشرة 17- طلق الوجه بساما 18-يعود المريض 19-يشهد الجنازات 20- يركب الحمار 21-دعوة العبد هذا هو رسول الله
واسمع إلى هذا الحديث العجيب العظيم في حق رسول الله صلى اللهعليه وسلم سيد الأولين والآخرين
أنه كان في بيت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها وبين يديه طبق فيه قديد وهو جاث على ركبتيه يأكل فأتت امرأة بذية ما تبالي لقيت رجلا أو امرأة، فنظرت إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقالت انظروا إليه يجلس كما يجلس العبد، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: أنا عبد أجلس كما يجلس العبد وأكل كما يأكل العبد، وقال لها: كلي فقالت لا، إلاّ أن تطعمني بيدك فأطعمها، فقالت لا حتى تطعمني من فيك، وكان في فم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قديدة فيها عصب قد مضغها فأخرجها فأعطاها إياها قال فأخذتها ومضغتها فما هي أن وقعت في بطنها، فغشيها من الحياء حتى ما كانت تستطيع النظر إلى أحد قال، فما سمع منها بعد يومها ذلك بباطل حتى لحقت بالله تعالى".
عن عمر المخزومي قال : نادى عمر : الصلاة جامعة.. فلما اجتمع الناس وكثروا صعد المنبر ثم قال... أيها الناس لقد رأيتني أرعى على خالات لي من بني مخزوم ، فيقبضن لي القبضة من التمر والزبيب فأظل يومي وأيّ يوم . ثم نزل. فقال عبدالرحمن بن عوف : يا أمير المؤمنين مازلت أن عِبتَ نفسك . فقال : ويحك يابن عوف إني خلوت فحدثتني نفسي فقالت : أنت أمير المؤمنين ، فمن ذا أفضل منك .. فأردت أن أعرفها نفسها.
يروون قصَّة أن سيدنا عمر لما جاءته الحلل ـ الأقمشة ـ وزعها بين أصحابه، فبعث إلى معاذ بن جبل حلَّةً مثمَّنة، فباعها واشترى بثمنها ستة أعبدٍ واعتقهم، فبلغ ذلك عمر، كان عمر يتمنى على سيدنا معاذ أن يلبسها، هو باعها واشترى بثمنها أعبداً وأعتقهم لوجه الله، في المرة الثانية بعث له حلَّة ثمنها أقل، يبدو أن معاذ كان عصبي المزاج ـ سيدنا معاذ ـ فعاتبه معاذ، فقال عمر: لأنك بعت الأولى بعثت لك بهذه. سيدنا معاذ يبدو أنه ثارت ثائرته وقال: وما عليك ادفع لي نصيبي، وقد حلفت بالله لألقينها على وجهك، فقال عمر: هذا رأسي بين يديك ولكن ارفق بي ـ لا تقوي الضربة ـ ولكن ارفق بي. طبعاً الصحابة أجلاء، أي حلف يمين، وهذا الحديث وارد بموضوع الأيمان، أي إذا واحد حلف يمين يجب أن ينفذه، فخشيةً من سيدنا عمر أن يحنث بيمينه قال له: هذا رأسي بين يديك ولكن ارفق بهذا الشيخ، لا تقوي الضربة
احذر هذه الثلاثة
إن هناك كلمات يمكن أن تنئ عن كبر صاحبها وغطرسته ولقد حذر منها الإسلام من أي مظهر يظهر كبر صاحبه حتى ولو كانت كلمة لا قيمة لها ولربما تعود عليها الإنسان فأوبقت دنياه وآخرته
* أنا قالها إبليس قال تعالى :[ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ][الأعراف : 12] فقال الله له [قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ][الأعراف : 18]
قالها فرعون قال تعالى :[ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ][النازعات : 24] فقال الله [فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ][النازعات : 25]
* لي قالها فرعون قال تعالى :[ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ][الزخرف : 51] فقال الله [فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ][الزخرف : 55]
* عندي قالها قارون قال تعالى :[ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ][القصص : 78] فقال الله [فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ][القصص : 81]
6- اعرف نفسك
* قال تعالى : [وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ][المؤمنون : 12-14] عن عمر قال: وافقت ربي في أربع، نزلت: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ الآية، فقلت أنا: «فتبارك اللّه أحسن الخالقين» فنزلت: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ.
* قال الله تعالى :[ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ][الذاريات : 21]
* قال تعالى :[ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)][الطارق : 5]
* قال تعالى : [قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)][عبس : 17]
هذه الآيات يبين الله أولك ووسطك وآخرك
فأما أوله فإنه [ َلَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً ][الإنسان : 1] وقد كان في حيز العدم دهورا وأي شيء أخس من المحو والعدم ثم خلقه من أرذل الأشياء ثم من أقذرها إذ قد خلقه من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم جعله عظماً ثم كسا العظم لحماً فقد كان هذا بداية وجوده حيث كانت شيئاً مذكوراً فما صار شيئاً مذكوراً إلا وهو على أخس الأوصاف والنعوت! إذ لم يخلق في ابتدائه كاملاً بل خلقه جماداً ميتاً لا يسمع ولا يبصر ولا يحس ولا يتحرك ولا ينطق ولا يبطش ولا يدرك ولا يعلم فبدأ بموته قبل حياته وبضعفه قبل قوته وبجهله قبل علمه وبعماه قبل بصره وبصممه قبل سمعه وببكمه قبل نطقه وبضلالته قبل هداه وبفقره قبل غناه وبعجزه قبل قدرته. فمن أين له الكبر والكبرياء
ثم السبيل يسره الوسط
يذكر منته عليه وما يسر له من السبل حتى خرج هكذا فأسمعه بعد صمم وأبصره بعد عمى فانظر إلى نعمة الله كيف نقله من تلك الذِّلة والقِلَّة، والخِسَّة والقذارة، إلى هذه الرِّفعة والكرامة،ثم صار بالله شيئًا، وإنما خَلَقَه منَ التُّراب الذليل الذي يوطأ بالأقدام، والنُّطفة القذرة بعد العدم المحض أيضًا؛ ليعرفه خِسَّة ذاته فيعرف به نفسه، وإنما أكمل النعمة عليه؛ ليعرف بها ربَّه، ويعلم بها عظمته وجلاله، وأنه لا يليق الكبرياء إلا به - جل وعلا - ولذلك امْتَنَّ عليه، فقال: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ [البلد : 8 - 10]. ولكنه سبحانه عالم بما خلق وأن هذا المخلوق سيتكبر على مولاه لذا سلَّط عليه في دوام وجوده الأمراض الهائلة، والأسقام العظيمة، والآفات المختلفة، والطباع المتضادة؛ من البلغم، والريح، والدم، يهدم البعض من أجزائه البعض، شاء أم أبى، رضي أم سخط، فيجوع كرهًا، ويعطش كرهًا، ويمرض كرهًا، ويموت كرهًا، لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، ولا خيرًا ولا شرًّا، يريد أن يعلم الشيء فيجهله، ويريد أن يذكر الشيء فينساه، ويريد أن ينسى الشيء ويغفل عنه، فلا يغفل عنه، فالذلة والأضطرار لا ينفك عنه لحظة فكيف يمكن أن يتكبر
ثم يأتي في آخره يسلب روحه، وسمعه وبصره، وعلمه وقدرته، وحسه وإدراكه، وحركته، فيعود جمادًا كما كان أول مرة، لا يبقى إلا شكل أعضائه وصورته لا حس فيه ولا حركة، ثم يوضع في التراب فيصير جِيفةً مُنْتنة قذرة، كما كان في الأول نطفة مذرة، ثم تَبْلى أعضاؤه، وتتفتت أجزاؤه، وتنخر عظامه، ويصير رميمًا رُفاتًا، ويأكل الدودُ أجزاءه، فيصير رَوَثًا في أجواف الديدان، ويكون جِيفة يهرب منه الحيوان، ويستقذره كلُّ إنسان، ويهرب منه لشدة الإنتان، وأحسن أحواله أن يعود إلى ما كان، ، ويعمل منه البنيان، فيصير مفقودًا بعد أن كان موجودًا، وآثرا بعد أن كان غنيا أيحق لمن هذا مصيره أن ينتفخ
هذا هو أنا وانت ولتسمع هذه الحقيقة العلمية العجيبة التي تشرح تكوين الإنسان الحقيقي قام بها أحد علماء الطبيعية فرد جسم الإنسان إلى العناصر الآتية : أن الانسان مكون من عناصر الارض المعروفة وهى : الدهن ، الكربون ، الفوسفور ، ملح ، الماغنسيوم ، الحديد ، جير ، كبريت ، ماء التي خلق منها
فقال إذا جئنا بإنسان وزنه 140 رطل ودققنا النظر في تكوينه لوجدنا أنه يحتوي على العناصر التالية :
ـ فيه قدر من الدهون يكفى لصنع 7 قطع من الصابون
ـ فيه قدر من الكربون يكفى لصنع 7 أقلام رصاص
ـ فيه قدر من الفوسفور يكفى لصنع رؤوس عود كبريت عدد 150 عود كبريت
ـ فيه قدر من الماغنسيوم يصلح لجرعة واحده لاحد المسهلات (جرعة أملاح) 0
ـ فيه قدر من الحديد يكفى لصنع مسمار واحد متوسط الجحم 0
ـ فيه قدر من الجير يكفى لتبيض عشة دجاج صغيرة 0
ـ فيه قدر من الكبريت يكفى لتطهير جلد كلب واحد من البراغيث التى تسكن شعره 0
ـ فيه قدر من الماء يملأ برميل سعته 10 جالونات ، بالأضافة الى مواد أخرى ( زرنيخ ، بوتاسيوم ، سكر ، ومواد أخرى )0
واذا قمنا بحساب كل هذه المواد فانها لا تساوى كلها على بعض 7 جنيهات 00
تلك هى قيمة الانسان المادية عندما يموت ويصير الى هذه العناصر 0
ولقد ضرب رسول الله مثلا لبدء هذا الخلق المهين
عن بشر بن جحاش رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق في كفه ذات يوم ثم قال بإصبعه هكذا يقول الله عز وجل يا بن آدم أتعجزني وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا عدلتك وسويتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق وأني أوان الصدقة رواه الحاكم وحسنه الألباني في السلسة الصحيحة
- وها هي القيامة
قال الله [وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) ][الزمر : 72]
قال النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِى صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِى جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةِ الْخَبَالِ » رواه الترمذي وأحمد والحميدي
قال ابن القيم سمعت شيخ الإسلام يقول
التكبر شر من الشرك فإن المتكبر يتكبر عن عبادة الله تعالى ، والمشرك يعبد الله وغيره
فليسمع كل المتكبرون الظالمون المتغطرسون الجبابرة ....... نداء الجبار يوم القيامة
قال تعالى :[ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) ][ غافر : 16 ]
أين الظالمون وأين التابعــون لهم *** فى الغى بل أين فرعون وهامان؟
أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم *** وذكرهم فى الورى ظلم وطغيــان؟
أين الجبابرة الطاغون ويحهموا *** أين من غــــرهم لهو وسلطان ؟
هل أبقى الموت ذا عزٍّ لعزتـه *** أو هل نجا منه بالأموال إنســـان ؟
لا والذى خلق الأكوان مـــن عدم *** الكل يفنى فلا إنـــس ولا جان