tamer.page.tl
  مملكة الإحساس
 

المجلس الثاني : مملكة الإحساس

أولاً : لمحات من الإحساس في السنة النبوية

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا عطس أحدكم فليضع كفيه على وجهه و ليخفض صوته"هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه،تعليق الذهبي قي التلخيص : صحيح

2- عَنْ الْمِقْدَادِ قَالَ أَقْبَلْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي وَقَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنْ الْجَهْدِ فَجَعَلْنَا نَعْرِضُ أَنْفُسَنَا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَقْبَلُنَا فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى أَهْلِهِ فَإِذَا ثَلَاثَةُ أَعْنُزٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَلِبُوا هَذَا اللَّبَنَ بَيْنَنَا قَالَ فَكُنَّا نَحْتَلِبُ فَيَشْرَبُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا نَصِيبَهُ وَنَرْفَعُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصِيبَهُ قَالَ فَيَجِيءُ مِنْ اللَّيْلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لَا يُوقِظُ نَائِمًا وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ قَالَ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَأْتِي شَرَابَهُ فَيَشْرَبُ فَأَتَانِي الشَّيْطَانُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ شَرِبْتُ نَصِيبِي فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْتِي الْأَنْصَارَ فَيُتْحِفُونَهُ وَيُصِيبُ عِنْدَهُمْ مَا بِهِ حَاجَةٌ إِلَى هَذِهِ الْجُرْعَةِ فَأَتَيْتُهَا فَشَرِبْتُهَا فَلَمَّا أَنْ وَغَلَتْ فِي بَطْنِي وَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيلٌ قَالَ نَدَّمَنِي الشَّيْطَانُ فَقَالَ وَيْحَكَ مَا صَنَعْتَ أَشَرِبْتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ فَيَجِيءُ فَلَا يَجِدُهُ فَيَدْعُو عَلَيْكَ فَتَهْلِكُ فَتَذْهَبُ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ إِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى قَدَمَيَّ خَرَجَ رَأْسِي وَإِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى رَأْسِي خَرَجَ قَدَمَايَ وَجَعَلَ لَا يَجِيئُنِي النَّوْمُ وَأَمَّا صَاحِبَايَ فَنَامَا وَلَمْ يَصْنَعَا مَا صَنَعْتُ قَالَ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ثُمَّ أَتَى شَرَابَهُ فَكَشَفَ عَنْهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ شَيْئًا فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقُلْتُ الْآنَ يَدْعُو عَلَيَّ فَأَهْلِكُ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي وَأَسْقِ مَنْ أَسْقَانِي قَالَ فَعَمَدْتُ إِلَى الشَّمْلَةِ فَشَدَدْتُهَا عَلَيَّ وَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى الْأَعْنُزِ أَيُّهَا أَسْمَنُ فَأَذْبَحُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هِيَ حَافِلَةٌ وَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ فَعَمَدْتُ إِلَى إِنَاءٍ لِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانُوا يَطْمَعُونَ أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ قَالَ فَحَلَبْتُ فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ رَغْوَةٌ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَشَرِبْتُمْ شَرَابَكُمْ اللَّيْلَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْرَبْ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْرَبْ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي فَلَمَّا عَرَفْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَوِيَ وَأَصَبْتُ دَعْوَتَهُ ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الْأَرْضِ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ مِنْ أَمْرِي كَذَا وَكَذَا وَفَعَلْتُ كَذَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذِهِ إِلَّا رَحْمَةٌ مِنْ اللَّهِ أَفَلَا كُنْتَ آذَنْتَنِي فَنُوقِظَ صَاحِبَيْنَا فَيُصِيبَانِ مِنْهَا قَالَ فَقُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُبَالِي إِذَا أَصَبْتَهَا وَأَصَبْتُهَا مَعَكَ مَنْ أَصَابَهَا مِنْ النَّاسِ"مسلم

3- عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ

4- عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَليُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ عِلَاجَهُ" البخاري

5- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الْآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ" متفق عليه

6- عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" مسلم

7- وما أجمل هذا الموقف لأحد التابعين إنه حاتم الأصم الذي سمي بهذا الاسم لقصة متعلقة بالإحساس مفادها أن امرأة جاءته تسأل عن حكم شرعي وبينما هي كذلك إذا بالحدث يغلبها فضرطت فاستحت وكفت عن السؤال فقال لها ارفعي صوتك لأني لا أسمع سؤالك وأعاد هذا

مرارا فاطمأنت وظنت أن سمعه ضعيف فسألت سؤالها وانطلقت ومن يومها لقب بهذا اللقب

- وهذه الأحاديث تتعلق بالخلق لتلفت النظر الى الإحساس بالحق قياساً بالأولى وذلك هو الهدف من هذه السلسلة بل إنها غاية ديننا كله كما أسلفت،وما أجمل أن نذكر قصة غلام أحس بالله فكان ذلك هو المهيمن عليه حتى بكى كبار التابعين لفقدهم ما يملك،هذه القصة التي يذكرها ابن الجوزي في بحر الدموع ويرويها ابن المبارك فيقول: قدمت مكة، فإذا الناس قد قحطوا من المطر، وهم يستسقون في المسجد الحرام، وكنت في الناس من باب بني شيبة، إذ أقبل غلام أسود عليه قطعتا خيش، قد ائتزر بإحداهما، وألقى الأخرى على عاتقيه، فصار في موضع خفي إلى جانبي، فسمعته يقول: الهي، أخلقت الوجوه كثرة الذنوب ومساوئ العيوب، وقد منعتنا غيث السماوات لتؤدب الخليقة بذلك، فأسألك يا حليم، يا من لا يعرف عباده منه إلا الجميل، اسقهم الساعة الساعة,قال ابن المبارك: فلم يزل يقول: اسقهم الساعة الساعة، حتى انسدّ الجو بالغمام، وأقبلت قطرات الركام تهطل كأفواه القرب، وجلس مكانه يسبّح الله تعالى، فأخذت في البكاء، حتى قام فاتبعته حتى عرفت موضعه,فجئت إلى الفضيل بن عياض، فقال لي: ما لي أراك كئيبا؟ فقلت له: سبقنا إليه غيرنا، فولاه دوننا قال: وما ذلك؟ فقصصت عليه القصة فسقط في الأرض، وقال: ويحك يا ابن المبارك، خذني إليه، فقلت: قد ضاق الوقت، سأبحث عن شأنه,فلما كان من الغد، صليت الغداة، وخرجت  أريد الموضع، فإذا بشيخ على باب، وقد بسط له وهو جالس، فلما رآني عرفني، وقال: مرحبا بك يا أبا عبد الرحمن، ما حاجتك؟ فقلت: احتجت إلى غلام، فقال: نعم عندي عدّة، اختر أيهم شئت، فصاح يا غلام، فقال: هذا محمود العاقبة، أرضاه لك، فقلت: ليس هذا حاجتي، فما زال يخرج واحدا بعد واحد، حتى أخرج إلى الغلام، فلما أبصرته بدرت عيناي بالدموع، فقال: هذا؟ فقلت: نعم، فقال: ليس لي إلى بيعه سبيل. فقلت: ولم؟! قال: قد تبرّكت بموضعه في هذه الدار، فقلت له: ومن أين طعامه؟ فقال: يكسب من فتل الشريط نصف دانق أو أقل أو أكثر، فهو قوته إن باعه في يومه، وإلا طوى ذلك اليوم,وأخبرني الغلمان عنه أنه لا ينام في الليل الطويل ولا يختلط بأحد منهم، مهتم بنفسه، وقد أحبه قلبي,فقلت له: أنصرف إلى الفضيل بن عياض وسفيان الثوري بغير قضاء حاجة، ثم رجعت إليه، وسألت فيه بإلحاح، فقال: إن ممشاك عندي كبير، خذه بما شئت,قال: فاشتريته، وسرت معه نحو دار الفضيل، فمشيت ساعة فقال لي: يا مولاي ,فقلت له: لبيك فقال: لا تقل لبيك، فإن العبد أولى بأن يلبي من المولى قلت: وما حاجتك يا حبيبي قال: أنا ضعيف البدن، لا أطيق الخدمة، وقد كان لك في غيري سعة، قد أخرج لك من هو أجلد مني وأثبت فقلت له: لا يراني الله تعالى أستخدمك، ولا كان اشترائي لك إلا لأنزلك منزلة الأولاد، ولأزوّجك، وأخدمك أنا بنفسي قال: فبكى، فقلت له: وما يبكيك؟قال لي: أنت لم تفعل هذا، إلا وقد رأيت شيئا مني وإلا، فلم أخذتني من أولئك الغلمان؟فقلت له: ليس بك حاجة إلا هذا فقال لي: سألت بالله إلا أخبرتني فقلت له: بإجابة دعوتك فقال لي: إني أحسبك إن شاء الله رجلا صالحا، إن لله عز وجل خيرة من خلقه، لا يكشف شأنهم إلا لمن أحب من عباده، ولا يظهر عليهم إلا من ارتضى ثم قال لي: ترى أن تقف عليّ قليلا، فانه قد بقي عليّ ركعات من البارحة قلت: هذا منزل الفضيل قال: لا هاهنا أحبّ إلي. إن أمر الله تعالى لا يؤخر، فدخل المسجد، فما زال يصلي حتى أتى على ما أراد، فالتفت إلي وقال: يا أبا عبد الرحمن، هل لك من حاجة؟قلت: ولم ؟قال: لأني أريد الانصراف قلت: إلى أين قال: إلى الآخرة قلت: لا تفعل دعني أنتفع بك فقال لي: إنما كانت تطيب الحياة حيث كانت المعاملة بيني وبين الله تعالى، فأما إذا اطلعت عليها أنت، سيطّلع عليها غيرك، فلا حاجة لي في ذلك، ثم خرّ على وجهه، وجعل يقول: الهي اقبضني الساعة الساعة، فدنوت منه، فإذا هو قد مات فوالله ما ذكرته قط إلا طال حزني، وصغرت الدنيا في عيني، وحقرت عملي.

ثانياً : قنوات الإحساس بالله

1-   كلام الله المسطور

2-   كلام الله النظور " التفكر في الأنفس والآفاق"

فالوحي المعصوم، وصفحات الكون المنظوم، مقنعة لمن يريد أن يقتنع، هادية لمن يريد أن يهتدي، مذكية لمن يريد أن يرتقي، إنهما كتاب ميسور، وآخر منظور، من تدبرهما وجد فيهما إجابات جليلة، ترفع يقينه، وتشفي عليله، وتحيي فؤاده، وتروي غليله، وتجرد توحيده، وتوقظ ضميره، وتدحض شبهته، وتطفئ شهوته، وترد الشيطان إلى كيد الوسوسة

 تأمل خطوب الكائنات فإنها *** من الملك الأعلى إليك رسائل

                     وقد خط فيها لو تأملت خطها*** ألا كل شيء ما خلا الله باطل

تشير بإثبات الصفات لربها*** فصامتها يهدي ومن هو قائل

والناظر إلى صفحات الخلق والكون يرى أربع أنواع من الآيات وكل آية منها لها غاية معينة نحو الإحساس بها وهي

1-   آيات الله القرآنية وغاية الإحساس فيها التدبر

2-   آيات الله الكونية وغاية الإحساس فيها التفكر

3-   آيات الله التكوينية- السراء والضراء- وغاية الإحساس فيها التسليم

4-   آيات الله الطوعية – الطاعة والمعصية- وغاية الإحساس فيها اتباع الأمر واجتناب النهي

وحتى يستطيع المسلم الاستفادة من هذه الآيات لا بد من حضور قلبه عند سماعها فذلك شرط الاستفادة، وما أجمل كلمات ابن القيم عن ذلك في الفوائد حيث قال" قال تعالي إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفا على مؤثر مقتض ومحل قابل وشرط لحصول الأثر وانتفاء المانع الذي يمنع منه تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد فقوله إن في ذلك لذكري أشار إلى ما تقدم من أول السورة إلى ههنا وهذا هو المؤثر وقوله لمن كان له قلب فهذا هو المحل القابل والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله كما قال تعالى إن هو إلا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا أي حي القلب وقوله أو ألقى السمع أي وجه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له وهذا شرط التأثر بالكلام وقوله وهو شهيد أي شاهد القلب حاضر غير غائب قال ابن قتيبة استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم ليس بغافل ولا ساه وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له والنظر فيه وتأمله فإذا حصل المؤثر وهو القرآن والمحل القابل وهو القلب الحي ووجد الشرط وهو الإصغاء وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلي

شيء آخر حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر

ثالثا : الإحساس وحده لا يكفي

فالغاية من الإحساس هي الوصول الى الله تعالى، إن علماء النفس يقولون إن درجات الفعل أربعة"إحساس ، إدراك ، انفعال ، سلوك" فمثلاً لو أن رجلاً شعر بعقرب على كتفه ماذا يفعل؟ يفعل هذه الاربعة مرتبة، هب أنه لم يترك ولم يرعوى هل نقول إنه حقق الغاية من الإحساس كلا لأنه صار إحساسا عقيما لم ينجه من شرها ، هكذا الحال مع الله

- يعني إذا نظرت في أصحاب الإحساس العقيم تجدهم كثر

* الذين يغنون باسم الله ولا يتغيرون"عبد الحليم – بحس بوجودك/ عمر دياب – يا نور على نور/ وائل جسار – قلبك حنين يا نبي/ الجسمي – ربنا ربنا.."

* علماء ملحدون

- نظر أحد علماء الفلك الكفار إلى السماء من خلال منظار بَنَاه بنفسه، فرأى ما أذهله في هذا الكون، فقال: إن الإنسانية لن تنتهي من سَبْر أغوار الكون، ولن تعرف من الكون إلا مقدار ما نعرفه من نقطة ماء في محيط عظيم فهل آمن مع ذلك وصدَّق؟لا.

- وقال آخر أيضاً: إن وضع الأجرام السماوية ليس مجرد مصادفة وعشوائية، بل هي موضوعة في الفضاء بدقة وإتقان؛ إذ أن القمر لو اقترب من الأرض بمقدار ربع المسافة التي تفصلنا عنه لأغرق مدّ البحر الأرض كلها، وما علاقة القمر بالبحر؟! الله يعلمها الذي قال وصدق: { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ

- وقال مكتشف الجاذبية معبراً عن اكتشافه وضآلة ما اكتشفه بجانب ذلك الخلق العظيم، يقول: لست أدري كيف أبدو في نظر العالم، ولكني في نظر نفسي وأنا أبحث في هذا الكون أبدو كما لو كنت غلاماً يلعب على شاطئ البحر، ويلهو بين حين وآخر بالعثور على حَجَر أملس، أو مَحَارة بالغة الجمال، في الوقت الذي يمتد فيه محيط الحقيقة أمامي دون أن يسبر أحد غوره

- يقول أحد كبار علماء الفلك - وهو يهودي-: أريد أن أعرف كيف خلق الله الكون، أريد أن أعرف أفكاره، الله بارع حاذق ليس بشرِّير، الله لا يلعب بالنرد مع الكون.تعالى الله! وجلَّ الله: { وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللهِ تُنكِرُونَ }{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ

الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ

**وهذا مثال لمن يحقق الغاية من الإحساس

وروي أن رجلا جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال له يا أبا إسحاق إني مسرف على نفسي فاعرض علي ما يكون لها زاجرا ومستنقذا لقلبي قال إن قبلت خمس خصال وقدرت عليها لم تضرك معصية ولم توبقك لذة قال هات يا أبا إسحاق قال أما الأولى فإذا أردت أن تعصي الله عز و جل فلا تأكل رزقه قال فمن أين آكل وكل ما في الأرض من رزقه قال له يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتعصيه قال لا هات الثانية قال وإذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئا من بلاده قال الرجل هذه أعظم من الأولى يا هذا إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين أسكن قال يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه قال لا هات الثالثة قال إذا أردت أن تعصيه وأنت تحت رزقه وفي بلاده فانظر موضعا لا يراك فيه مبارزا له فاعصه فيه قال يا إبراهيم كيف هذا وهو مطلع على ما في السرائر قال يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه وهو يراك ويرى ما تجاهره به قال لا هات الرابعة قال إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فقل له أخرني حتى أتوب توبة نصوحا وأعمل لله عملا صاحلا قال لا يقبل مني قال يا هذا فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير فكيف ترجو وجه الخلاص قال هات الخامسة قال إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذونك إلى النار فلا تذهب معهم قال لا يدعونني ولا يقبلون مني قال فكيف ترجو النجاة إذا قال له يا إبراهيم حسبي حسبي أنا أستغفر الله وأتوب إليه ولزمه في

العبادة حتى فرق الموت بينهما

 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free