الأسس العلاجية لفاحشة الزنا
وهو اللقاء المتمِّم للحديث عن أم الفواحش والذي يندرج تحت عنصرين
1. ولعذاب الآخرة أشد وأبقى
2. الأسس العلاجية لهذه الفاحشة
أما عن العنصر الأول ولعذاب الآخرة أشد وأبقى فإنه العنصر الذي يبين أن عقوبة الدنيا ليست هي الوحيدة أو النهائية ولكنها بداية وما بعدها أفظع منها والإيمان بهذا الغيب هو الذي يرد العاصي عن عصيانه ويعين الطائع على إيمانه إن كان من أصحاب الفطرة السوية لذا قال الله تعالى بعد ذكره للموت وما بعده في سورة ق[ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ][ ق(37)]
وعقوبات الآخرة على مرحلتين
المرحلة الأولى : القبر
وهي المرحلة التي تلي موت الإنسان " ثم أماته فأقبره" وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم عذاب الزناة في قبورهم في ثلاثة أحاديث متفرقة وكل صورة من صور عذابهم أفظع من أختها
الصورة الأولى:أكل الزناة في قبورهم من لحم نتن الرائحة قذر المنظر خبيث الطعم
وقد جاء ذلك في حديث المعراج عن أبي هريرة وفيه"...ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدر، ولحم آخر نيئ قذر خبيث ، فجعلوا يأكلون من النيئ الخبيث ويدعون النضيج الطيب ، فقال : « ما هؤلاء يا جبريل ؟ » ، قال : هذا الرجل من أمتك تكون عنده المرأة الحلال الطيب ، فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح ، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا ، فتأتي رجلا خبيثا فتبيت معه حتى تصبح"تهذيب الآثار
للطبري, وما أبشعها من صورة وما أفظعه من عذاب!!!
والصورة الثانية : عري الزناة في تنور ضيق وهم يصرخون من شدة ناره وحرها
وبين رسول الله ذلك في حديث الرؤيا العجيبة – ورؤى الأنبياء حق- الذي رواه سمرة بن جندب وفيه".....فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ: فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضوْا قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هؤُلاَء؟......قالا وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ، الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي" متفق عليه
يقول ابن حجر- رحمه الله في الفتح - معلقاً على الحكمة من هذه العقوبة"مناسبة العري لهم لاستحقاقهم أن يفضحوا لأن عادتهم أن يستتروا في الخلوة فعوقبوا بالهتك والحكمة في إتيان العذاب من تحتهم كون جنايتهم من أعضائهم السفلى"
والصورة الثالثة : الانتفاخ ونتن الريح
وكأنه في الصورة الأولى لما بين طعامهم الخبيث وفساد أذواقهم ثم في الثانية عذابهم في النار وفضحهم فيها جاءت الصورة الثالثة لتتمم غاية قبحهم بنتن ريحهم فلم يقتصر على ألمهم فقط ولكنه أضاف إليه بهذه الصورة تنفير أي أحد منهم والحديث عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلا وعرا فقالا لي: اصعد حتى إذا كنت في سواء الجبل فإذا أنا بصوت شديد فقلت: ما هذه الأصوات؟ قال: هذا عواء أهل النار.......ثم انطلق بي فإذا بقوم أشد شيء انتفاخا وأنتنه ريحا وأسوئه منظرا كأن ريحهم المراحيض, فقلت: من هؤلاء؟ قيل: الزانون والزواني000" ابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وقال الهيثمي في المجمع رجاله رجال الصحيح
المرحلة الثانية : يوم القيامة
وما أفظعها من مرحلة وما أشده من موقف على الزناة والزواني , يوم يخرجون من قبورهم للقاء الملك الديان [ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ][غافر]
وهنا يمثل الزناة أمام الله جل وعلا هذا الإله الذي نسيه الزاني ونسيته الزانية يوم ارتكبا ما حرم , يأتي يوم المحاسبة النهائية, ويبدو فيه هؤلاء في صورة غاية في الفظاعة والشدة ذكرها ابن حجر في الزواجر فقال"وَرَدَ في الأثر{ إنَّهُ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ بِشَهْوَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولَةً يَدُهُ إلَى عُنُقِهِ فَإِنْ قَبَّلَهَا قُرِضَتْ شَفَتَاهُ فِي النَّارِ ، فَإِنْ زَنَى بِهَا نَطَقَتْ فَخِذُهُ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَالَتْ أَنَا لِلْحَرَامِ رَكِبْت ، فَيَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِ بِعَيْنِ الْغَضَبِ فَيَقَعُ لَحْمُ وَجْهِهِ فَيُكَابِرُ وَيَقُولُ مَا فَعَلْت فَيَشْهَدُ عَلَيْهِ لِسَانُهُ وَيَقُولُ أَنَا بِمَا لَا يَحِلُّ لِي نَطَقْت وَتَقُولُ يَدَاهُ أَنَا لِلْحَرَامِ تَنَاوَلْت ، وَتَقُولُ عَيْنُهُ أَنَا لِلْحَرَامِ نَظَرْت ، وَتَقُولُ رِجْلُهُ أَنَا لِمَا لَا يَحِلُّ لِي مَشَيْت ، وَيَقُولُ فَرْجُهُ أَنَا فَعَلْت ، وَيَقُولُ الْحَافِظُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَأَنَا سَمِعْت ، وَيَقُولُ الْمَلَكُ الْآخَرُ وَأَنَا كَتَبْت ، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَا اطَّلَعْت وَسَتَرْت ، ثُمَّ يَقُولُ يَا مَلَائِكَتِي خُذُوهُ وَمِنْ عَذَابِي أَذِيقُوهُ فَقَدْ اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَى مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ مِنِّي}وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :[ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ]لله ما أعظمه من موقف!!! اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك,وليس النار هي النهاية ولكن انظر إلى ما يلاقي الزناة فيها, قال الله" وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا"
وعَنْ عَطَاءٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى عَنْ جَهَنَّمَ : { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ } أَشَدُّ تِلْكَ الْأَبْوَابِ غَمًّا وَكَرْبًا وَحَرًّا وَأَنْتَنُهَا رِيحًا لِلزُّنَاةِ,وَعَنْ مَكْحُولٍ الدمشقي قَالَ : يَجِدُ أَهْلُ النَّارِ رَائِحَةً مُنْتِنَةً ، فَيَقُولُونَ مَا وَجَدْنَا أَنْتَنَ مِنْ هَذِهِ الرَّائِحَةِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ هَذِهِ رِيحُ فُرُوجِ الزُّنَاةِ,وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ أَحَدُ أَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ : إنَّهُ لَيُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِ الزُّنَاةِ
اللهم نجنا من النار وحرم أجسادنا عليها
وإني الآن أسأل كل زانٍ وزانية بالله عليكم بعد كل ما سمعتم هل بقي عندكم شهوة للحرام أو عزم على الزنا مرةً أخري؟ يقول البعض أنا أريد أن أكف عن ذلك ولا أزني لكن ما العمل وقد تعلَّقت بذلك؟ فأقول لك احفظ هذه الخطوات جيداً حتى تعينك على الخروج من هذه الفاحشة بعد الدخول فيها وتجنبها قبل ذلك وهي:
أولاً :التوبة العاجلة الصادقة
وهذه أول خطوة على طريق النجاة وكلما كان الصدق مع الله عندك أعلى كان الأمر هيناً لأنه سبحانه وحده الذي بيده القلوب وهو القادر على أن يقلب حبك لهذا الأمر بغضاً ولكن اصدق الله في التوبة وحققها بشروطها كاملة وهي" الإخلاص والندم والعزيمة على عدم العودة والإقلاع" وركز في الشرط الأخير الإقلاع بمعنى أن تَقْلَعَ هذه الفاحشة من حياتك حتى يقلعها الله من قلبك فإن كانت وسيلة الاتصال بينك وبين الزانية شريحة تليفون فلأضحي عليها,وإن كان مكاناً فلأتركه,وإن كانت حتى صلة أرحام فلأبتعد عنها حتى يطهر قلبي من هذه الفاحشة, فقد قال رسول الله " كَرَاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ" وأذكرك بقصة قاتل المائة فقد أمره العالم الذي دله على التوبة بالإقلاع عن مكان المعصية والحديث بتمامه" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ قَالَ قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ" أخرجه مسلم
تقول لكن الأمر صعب هذا شيء صار في دمي!!! فأذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكفل, فعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلاَّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَلَكِنِّى سَمِعْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « كَانَ الْكِفْلُ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ لاَ يَتَوَرَّعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ أُرْعِدَتْ وَبَكَتْ فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ أَأَكْرَهْتُكِ قَالَتْ لاَ وَلَكِنَّهُ عَمَلٌ مَا عَمِلْتُهُ قَطُّ وَمَا حملني عَلَيْهِ إِلاَّ الْحَاجَةُ فَقَالَ تَفْعَلِينَ أَنْتِ هَذَا وَمَا فَعَلْتِهِ اذهبي فهي لَكِ وَقَالَ لاَ وَاللَّهِ لاَ أَعْصِى اللَّهَ بَعْدَهَا أَبَدًا. فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَأَصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِلْكِفْلِ ». الترمذي وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ,وقبل كل ذلك قول الله تعالى بعد أن ذكر الشرك والقتل والزنا والعقوبة الشديدة على ذلك[ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا][ الفرقان]
تقول: لكن بعد كل هذا العمر!!!فأقول لك: تذكرني بقصة رجل أطاع الله عشرين سنة وعصاه عشرين سنة فنظر يوماً في المرآة فرأى الشيب في شعره فراعه ذلك وقال إلهي أطعتك عشرين سنة وعصيتك عشرين سنة فإن رجعت إليك أتقبلني؟ فسمع نداءً في جنبات بيته " أطعتنا فأحببناك وعصيتنا فأمهلناك وإن رجعت إلينا قبلناك"الإحياء
ثانياً : أترضاه لأهلك؟
عَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لي بِالزِّنَا. فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا مَهْ مَهْ. فَقَالَ « ادْنُهْ ». فَدَنَا مِنْهُ قَرِيباً. قَالَ فَجَلَسَ. قَالَ « أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ »قَالَ لاَ وَاللَّهِ جعلني اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ « وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ » قَالَ « أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ » قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ « وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ » قَالَ « أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ » قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ « وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ » قَالَ « أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ « وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ » قَالَ « أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ » قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ « وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالاَتِهِمْ » قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ « اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ». قَالَ فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَىْءٍ" رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح
فتخيل نفسك هذا الرجل الذي جاء لرسول الله يسأله عن ذلك فماذا ستكون الإجابة؟ أنا أظنها كما أجاب هذا الرجل فلا أحد يرضى بذلك لأهله إلا ديوث خنزير قد ماتت عنده الغيرة, وما دمت لا ترضاه لأهلك فلماذا رضيته لغيرك,تقول: لكن هذا برضاها!! فأقول لك لست عن رضاها أحدثك ولكن عن هتكك لحرمة مسلم فهذا من أقبح الذنب ولتعلم أنه كما تدين تدان ولست تدري من أين تؤتى, وقد حكي أن رَجُلا سَقَّاء بمدينة بخارَى كان يحمل الماء إلى دار صائغ مدة ثلاثين سنة، وكان لذلك الصائغ زوجة صالحة في نهاية الحسن والبهاء، فجاء السقاء يوما على عادته وأخذ بيدها وعرّها - أي مسها بشهوة - فلما جاء زوجها من السوق قال: ما فعلت اليوم خلاف رضا الله تعالى؟ فقال: ما صنعت شيئا، فأَلَحَّت عليه، فقال: جاءت امرأة إلى دكاني وكان عندي سوار فوضعته في ساعدها فأعجبني بياضها فعصرتها، فقالت: الله أكبر هذه حكمة خيانة السقَّاء اليوم، فقال الصائغ: أيتها المرأة إني تبت فاجعليني في حل فلما كان الغد جاء السقاء وقال: يا صاحبة المنزل اجعليني في حل فإن الشيطان قد أضلَّني، فقالت: امْضِ فإن الخطأ لم يكن إلا من الشيخ الذي في الدكان، فإنه لما غيَّر حاله مع الله بمس الأجنبية غيَّر الله حاله معه بمس الأجنبي زوجته"تفسير روح البيان.
وهذه قصة واقعية لطالبة جامعية في عمر الزهور في العشرين من العمر جميلة وعاطفية ومن عائلة متواضعة ذات أخلاق كريمة تربت على الفضائل وحلمت كغيرها من البنات اجتاحتها عواطف الرومانسية وغرتها ملذات الحياة وذات يوم تعرض لها أحد الشباب الذين لا يرقبون في مؤمن إلاَّ ولا ذمة تعرف عليها وتعرفت عليه وأخذتهما قصة حب هادئة النغمات عذبة الإيقاع زينها لهما شيطانهما فأصبح يحكى لها أجمل ما قاله شعراء الكون وأخذ يداعبها بكلامه المعسول المحفوف بالسموم ويتغزل فيها من أطرافها حتى أخمص قدميها حتى أخذت تذوب بين ساعديه و ترتمي في أحضانه وتتعطر بالمسك لملاقاته وتعد الثواني لمجاراته إلى أن ختم الوضع بينهما بالنتيجة الطبيعية لكل ذلك وفقدت مفتاح شرفها وعفتها المصونة ,فقدت عذريتها!!! اللهم احفظ نساء المسلمين - والأهل في خبر كان ولم يعلموا بما كان, ومرت الأيام وانقطع هذا الوحش الجاثم عن ملاقاة كبشه فلقد نال ما يشبعه وراح يتصيد فرائس أخرى, وأصبحت البنت مثل الخرقة البالية لا طعام ولا شراب أهملت حياتها ومستقبلها وما عاد يهمها سوى كيفية استرجاع ما سلب منها أو على الأقل أن يتقدم هذا الشاب لطلب يدها ,مرت أشهر على الحادثة فبدأت تظهر عوارض الحمل لديها خافت وانقلبت بها الأرض رأسا على عقب فالأهل سوف يلاحظون ذلك مؤكد خلال الشهر الرابع أو الخامس فأخذت تلاحق هذا الخائن لكي تخبره بأنها تحمل "فضيحتهما" في بطنها !!
أخذ هذا الشاب يتهرب منها ويقول لها يمكن أن لا يكون هذا الطفل طفلي,قد يكون طفل رجل آخر,انظروا لأي درجة وقاحة قد وطيء هذا النذل,وأخذت هي المسكينة تحن وتزنُّ عليه ولا تتركه لا ليل ولا نهار تريد منه أن يتزوجها قبل أن يفضح أمره,ومن كثرة ما حنت وزنَّت هذه المسكينة على رأسه حتى جلبت له الصداع, فأخذ يفكر بمنحى آخر وهو كيف يتخلص من زناتها المتواصلة على رأسه خطرت على باله فكرة جهنمية تجعله ينقلب بمجرد التفكير بها رأسا على عقب, أرسل في طلب أصدقاء له من نفس عجينته التي ولد عليها- ذئاب- وأخبرهم بأنه يريد منهم التواجد في شاليهه الساعة الرابعة غدا وبأنه ستحضر بنت في هذا الشاليه فيريدهم أن يعتدوا عليها ولا يدعوا منها شيء, فقالوا له سمعا وطاعة وإنه لطلب لسهل تنفيذه ومتعة التحضير له, اتصل على البنت وقال لها أريد تواجدك في الشاليه الساعة الرابعة فأمي تريد التعرف عليك قبل التقدم لخطبتك ففرحت أشد الفرح وقالت الحمد لله أخيرا هداه الله عليها وسيستر عرضها وجاء اليوم الموعود وفي تمام الساعة الرابعة شعر أخو هذه البنت بالمرض وبألم في بطنه واستلزم أخذه للمستشفى وإلا سوف تسوء حالته فوقعت هي بين نارين بين الموعد مع أم الحبيب وبين أخيها الذي أخذ يتلوى من شدة آلامه فخطر في بالها أخت هذا الشاب فاتصلت عليها – وهي صديقتها- وقالت لها "أخوك وأمك ينتظران مجيئي إلى الشاليه فيا ريت تروحي وتعتذري بالنيابة عني وأخذت تلح عليها في ذلك" فاستجابت هذه الصديقة وهي لا تعلم شيئاً فذهبت هذه الأخت تحسب أن أمها وأخاها في الشاليه وما إن دخلت الشاليه حتى انقض عليها أصدقاءه وأخذوا يقطعون أشلاءها ويهشمون براءتها وعفتها ويرمون بها الأرض وهم يظنون أنها البنت التي أراد صاحبهم, وبعد ساعات جاء هذا الشاب بعد أن انتظر ما سيفعله أصحابه فدخل لهم وقال : عملتوا ايه؟ فقالوا له:عملنا اللي أنت عاوزه وزيادة,فقال لهم : الله ينور عليكم وضحكات صوتهم أخذت تهزُّ جدران الشاليه وأخذ هو يتقدم بخطواته إلى الغرفة التي نفذوا فيها الجريمة البشعة ظنًّا منه بأنه سيلاقي البنت التي أهدر شرفها ليخبرها بأنه مادام اعتدى عليها أكثر من شاب غيره فهو إذن لن يستطيع بعد الآن التقدم لطلب يدها وابتسامته تعلو وجه مسك مقبض الباب,فتحه, فإذا هي أخته ملقاة في حال يرثى لها!! بعد أن رآها لم يتكلم ولم يعد ينطق من هول الصدمة سكت وعمَّ الهدوء الشاليه فتقدم بخطوات نحو سيارته وسحب منها سلاحاً كان معه ورمى نفسه قتلا بالرصاص حتى أصبح أشلاء ليكون عبرة لمن يعتبر!!! وصدق الإمام الشافعي حين قال
عفوا تعف نساؤكم في المحرم*** وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
إن الزنــا دين فإن أقرضتـــــه*** كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
يا هاتكا حرم الرجال وقاطعـا*** سبل المودة عشت غير مكرم
لو كنت حرا من سلالة ماجـد*** ما كنت هتاكا لحرمة مسلم
من يزن في بيت بألفي درهم *** في بيته يزنى ولو بالدرهم
من يَزْنِ يُزْنَ به ولو بجداره *** إن كنت يا هذا لبيبا فافهم
ثالثاً :احذر الفضيحة في الدنيا والآخرة
فالزاني إذا لم يدرك نفسه بالتوبة وظل على هذا الذنب فلا بد وأن يفضحه الله تعالى ولن يدري من أين تأتيه الفضيحة, وصدق رسول الله حين قال"...وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ" ابن ماجه بسند صحيح
تذكر هذه الفضيحة وكيف وأنها لن تدمرك وحدك ولكنها ستدمر أسرة بكاملها فلو أن لك أولاد فلن يقبلهم أحد ولو أن لك بنات فقد حجبتهم عن الزواج بفعلك هذا وإلا فمن هذا الذي سيتزوج امرأة والدها زانٍ أو أمها زانية!!! ناهيك عن سمعة الأسرة بكاملها فأي ذنب لكل هؤلاء ولماذا كل هذه الفضائح , من أجل شهوة لا تبقى!!!
وفي الواقع من المآسي ما فيه من قصص وعبر لفضح الذين أصروا على هذه الفاحشة واسمع لهذه القصة لعلها تحرك فيك ساكناً " إنها قصة شاب من المترفين كان يعمل مع والده وكان كثيراٌ ما يسافر معه إلى الخارج حيث كان أبوه تاجراً كبيراً وفي هذه البلاد وقع هذا الشاب في الزنا وتكرر الأمر مرات ومرات حتى علم والده بذلك فجن جنونه, هو ما فعل ذلك قط كما أنه على قدر من التدين فكيف يقع ابنه في هذه الفاحشة وبع أن هدأ بعض الشيء ظل يفكر كيف يمنع ولده من هذه الفاحشة فقرر أن يزوجه وبالفعل تم الزواج وعاش الابن لذة الحلال وتمتع بها وعاود السفر إلى الخارج لعمل والده فتذكر الأيام الخوالي وأبىَ إلا الحرام رغم أن الحلال ينتظره في بيته – شأنه شأن كثير من رجال ونساء مجتمعنا ولا حول ولا قوة إلا بالله- وتكرر هذا الفعل بلا رادع رغم أن هذا الشاب صار أباً لولدين أو ثلاثة وذات يوم يأتي القرار من الله بفضحه, إن الله يمهل لكنه لا يهمل , ظهرت آثار بقع حمراء على جسده وبدأت تنتشر حتى راعه منظرها فسافر إلى فرنسا لإجراء الكشف الطبي على نفسه فأكد له الطبيب أن هذه البقع نتيجة مرض اسمه الهربس يتولد عن الزنا وسوف تتحول هذه البقع إلى بقع سوداء وتزيد في الانتشار ولن تختفي من جسده, لم يصدق ذلك فعاود الكشف عند طبيب وطبيب حتى عشرة أطباء وكلهم يؤكد كلام الأول عاد إلى بلده خائب الرجاء يَظهَرُ ما ستره من فضيحته على جلده, سألته زوجته ماذا فعلت؟ فأخبرها أن هذا مرض جلدي نتيجة الخلط في بعض الأكلات المعينة وبهذا أقنع والده وأسرته وصار يخفي يديه ومقدمة رأسه وكل مكان ظهرت فيه هذه البقع نظراً لمظهرها المقزز, حتى كان اليوم الموعود!!!
كانت هناك صديقة لزوجته تزورها في بيتهما فرجع هذا الرجل من عمله فوجدها فرحَّب بها وألقى عليها السلام ودخل غرفته ,لاحظت هذه البقع فسألت زوجته عنها فأخبرتها بما قال لها زوجها عنها وهنا كانت الصاعقة!!! أخبرتها هذه الصديقة بحقيقة هذا المرض وسببه وذلك لأنها كانت طبيبة أمراض جلدية!!! صدق رسول الله" حتى يفضحه بها في بيته" المرأة ذهلت من هول الصدمة فدخلت تستعلم منه الحقيقة وبعدما عرفتها قررت طلاقها منه وأخذت أولادها إلى بيت أبيها وعلم والده فطرده من العمل ودمرت حياته كلها إضافة إلى الفضيحة التي ظلت تلازمه طيلة حياته ودليلها على جلده وشهد عليه جلده في الدنيا قبل الآخرة" وقالا لجلودهم لم شهدتم علينا..."
رابعاً : تذكر الخاتمة
وهي عنصر رئيس في الإقبال على كل طاعة والكف عن كل معصية حيث أن كل عبد يبعث على ما مات عليه كما أخبر الصادق المصدوق بذلك, فأي زانٍ يحب أن يلقى الله على حاله في الزنا؟!!كيف تطيق أن تلقى الله على ذلك ثم كل الخلائق من لدن آدم إلى قيام الساعة, كيف تطيق أن تلقى رسول الله بهذه المعصية, وأن تدخل النار بسببها وأن تحرم من الجنة بسببها أين إحساسك أين دينك أين عقلك؟!!! قال الأصمعي خلا رجل من الأعراب بامرأة فهم بالريبة فلما تمكن منها تنحى سليما وجعل يقول إن امرءا باع جنة عرضها السماوات والأرض بفتر ما بين رجليك لقليل البصر بالمساحة ثم تركها وخرج" روضة المحبين
وهذه قصة من واقعنا يحكيها رجل بمحافظة دمياط فيقول: إن سيارة نقل كبيرة وهي تمشي بسرعتها لقيتها سيارة أخرى فأرادت أن تفتدي منها فدخلت في سيارتين على الجانب الآخر سيارة مكشوفة وسليمة والأخرى مغطاة حتى ألقتهما في الترعة انشغل الناس بإخراج السيارة المكشوفة حتى أخرجوها وبعد ذلك حاولوا إخراج السيارة الأخرى ففوجئوا بدم ينزل منها فتحوها ليجدوا رجلاً وامرأة عرايا بداخلها وقد كانا يزنيان ماتا على ذلك ليلقيا الله على ذلك!!!!
خامساً :الدعاء
فليحرص كل منا على الدعاء بأن يحفظه الله من هذه الفاحشة ومن فتنة النساء عموماً فباب الدعاء من أعظم الأبواب للوقاية من هذه الفاحشة قبل وقوعها والخروج منها بعد ملابستها خاصةً إذا قارنه الصدق واليقين , ولعلِّي أعتبر أن الدعاء الذي دعا به رسول الله لمن جاء يستأذنه في الزنا من أنفع الأدعية لمواجهة هذه الفاحشة خاصة وأنه بعد دعاء النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة لم يكن هذا الفتى يلتفت إلى شيء كما سبق في الحديث, أسأل الله أن يغفر ذنوبنا ويطهر قلوبنا ويحصن فروجنا بمنِّه وكرمه ورحمته.