الغاية المنشودة
عناصر الخطبة
1-الغاية المنشودة 2-كيف الوصول إليها 3-هنيئا لكم
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
مضى رمضان منذ أيام قليل مضى والرابحون فيه قليل والخاسرون فيه كثير ولكن السؤال ؟
هل استطاع رمضان أن يغير من سلوكيتنا ، هل استطاع أن يقضي على عاداتنا السيئة ، من كان يشهد الزور وبهتان هل تاب ورجع ، من كان يأكل حراما ويظلم عماله هل أقلع وندم ...............
إن الملف في الإنتباه في آية الصيام أن الله ختمها بقوله :[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ][البقرة : 183] لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ حقيقة كلنا سمعنا وقرأنا وأنا معكم عن التقوى لكني كثير ًا ما استطعت أن أصل إلى معنى محسوس في الواقع للتقوى ، فقلت لن يروي ظمأي في هذا إلا كتاب رب العالمين ، فهو دستورنا نحن المسلمين ، ففهمني الله بعض المعاني أسأل الله أن يوفقني لأوصلها لكم
إن التقوى ليست تمسكا بمظاهر مع عدم الإهتمام بالجوهر
قال تعالى :[يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ][البقرة : 189] لما سألوا رسول الله عن الأهلة ولم جعلت وتغيُّر أحوالها, مواقيت لصوم المسلمين وإفطارهم .ولمناسكهم وحجهم وليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها حا لإحرامكم ولكن البر من اتقى الله مخافة ، واجتنب معاصيه ، وأدي فرائضه
اتق الله وأنت تجامع زوجتك فلا تأتيها في مكان حرمه الله
قال تعالى : [نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ][البقرة : 223]
اتق الله وأنت تطلق زوجتك ، فلا تؤذها ولا تكشف سترها ، ولا تمسكها وهي لك كارهه............... قال تعالى :[ َإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ][البقرة : 231]
حتى في المشاكل الزوجية في حال الإرضاع ، والأم ترضع ولدها ، ولها رزقها وكسوتها ، لكن كل ذلك بالمعروف ، فلا يكون هناك ضرر على الزوجة ولا على الزوج
قال تعالى :[ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ][البقرة : 233]
وإلى الذين امتلئت بطونهم بأكل الربا
قال تعالى :[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ] [البقرة : 278] قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ][آل عمران : 130]
حتى إذا مالت نفسك لموالاة أعداء الله ، لشهوة نفس أو لمطمع دنيوي أو لشهوة أو منصب فاتق الله قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ][المائدة : 57]
وإذا وقعت أمامك قضية ، وأدعيت للشهادة حتى ولو على أحد أقاربك ، فاشهد شهادة الحق واتق الله قال تعالى :[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ] [المائدة : 8]
وإذا تكلمت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو سمعت حديثا من رسول الله فتكلم عنه بأدب ، ولا تقدم عقلك على سنته قال تعالى :[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ][الحجرات : 1]
وإذا حكمت بين أخوين متخاصمين ، فلا تحكم على أحد من اجل أحد ، ولا تجرفي الحكم واتق الله قال تعالى : [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ][الحجرات : 10]
إذن التقوى ليست مسألة ذهنية نظرية ، لا تمس الواقع ............كلا إنها واقع عملي يحتاج إلى تطبيق
ولذا أمر الله في كثير من آيات القرآن الكريم ، وهي كل ما شرع للأمة
انظر معي لما شرع القصاص قال تعالى : [وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ] [البقرة : 179]
لما شرعت الوصية قال تعالى : [كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ][البقرة : 180]
لما أباح الزوجات قي نهار رمضان قال تعالى : [أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ][البقرة : 187]
لما شرع الله القتال للكفار قال تعالى :[ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ (190) ............................. الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)][البقرة : 190-194]
ولما شرع الحج والعمرة قال تعالى : [ َوَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ][البقرة : 196]
وما من نبي إلا أوصى قومه بالتقوى
انظر قوم نوح قال تعالى : [كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108)][الشعراء 105-108]
انظر قوم عاد قال تعالى : [كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126)] [الشعراء 123-126]
انظر قوم ثمود قال تعالى : [كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (144) ] [الشعراء 140-144]
انظر قوم لوط قال تعالى : [كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163)] [الشعراء 160-163]
انظر قوم شعيب قال تعالى : [كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179)] [الشعراء 176-179]
انظر إلى النصارى قال تعالى : [إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ] [المائدة : 112]
انظر إلينا نحن المسلمين قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ][آل عمران : 102]
وبعد هذه المقدمة الطويلة أرجو أن نكون قد أحسسنا بالتقوى وشعرنا بها في واقعنا العملي وحتى نفهم أقوال سلفنا الصالح في التقوى
قال ابن مسعود رضي الله عنه يوما لابن أخيه : يا ابن أخي ترى الناس ما اكثرهم ، قلت بلى ، قال لا خير فيهم إلا عالم أو تقي
سئل عمر بن الخطاب أبي بن كعب عن التقوى فقال هل أخذت طريقا ذا شوك ، قال نعم قال فما عملت فيه قال : تشمرت وحذرت قال ذاك التقوى
وقال طلق بن حبيب : التقوي هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله على نور من الله ، تخاف عقاب الله
قال الحسن : التقوى ألا تختار على الله سوى الله وتعلم أن الأمور كلها بيد الله
قال عليّ بن أبي طالب: التقوى هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل ، والإستعداد ليوم الرحيل
قال أحد العلماء : التقوى أن يراك الله حيث أمرك وألا يجد حيث نهاك
قال ابن المعتز رحمه الله :
خل الذنوب صغيـــرها--- وكبيــرها ذاك التقـى
واصنع كمـــاش فوق أرض--- الشوك يحذر ما يرى
لا تحقـــرن صغيــرة --- إن الجبـال من الحصى
هذا طرح جميبل و كلام طيب ، ولكن هل من سبيل للوصول إلى ذلك :
ومع كيف الوصول إليها :
كيف الوصول إليها :
1-مراقبة الله عز وجل :
أن يتيقن قلبك ، وتتوطن جوارحك على أنك لا تغيب عن نظر الله لحظة واحدة قال تعالى :[ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ] [يونس : 61] قال تعالى :[ َاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ] [البقرة : 235]
عن انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه من الخيلاء وثلاث منجيات العدل في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفاقة ومخافة الله في السر والعلانية رواه البزار والعقيلي وأبو النعيم وهو حسن بمجموع أطرافه كما رواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاث مهلكات وثلاث منجيات وثلاث كفارات وثلاث درجات فأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه وأما المنجيات فالعدل في الغضب والرضى والقصد في الفقر والغنى وخشية الله في السر والعلانية وأما الكفارات فانتظار الصلاة بعد الصلاة وإسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات وأما الدرجات فإطعام الطعام وإفشاء السلام وصلاة بالليل والناس نيام
عمر بن الخطاب والراعي
خرج عمر بن الخطاب[رضي الله عنه] إلى مكة فنزل في بعض الطريق فانحدر عليه راع من الجبل فقال له:يا راعى بعني شاة من هذه الغنم؟ فقال:إنني مملوك.
فقال:قل لسيدك أكلها الذئب.. قال الراعي : فأين الله؟! فبكى عمر ثم غدا إلى المملوك فاشتراه من مولاه وأعتقه.. وقال:أعتقتك في الدنيا هذه الكلمة وأرجو أن تعتقك في الآخرة
2-إعرف عدوك
قال تعالى : [إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ][فاطر : 6] قال تعالى : [يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ][البقرة : 168] قال تعالى :[ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ][الأعراف : 27]
3-إحذر الذنوب
* فما الذي أخرج الأبوين الكريمين من الجنة ، ودار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب
* وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السموات بطرده ولعنة ومسخ ظاهرة وباطنة وبُدل القرب بالبعد ، وبالرحمة طردًا ، وبالجمال قبحًا، وبالجنة نارًا تلظى ، وبالإيمان كفرًا
* وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق الجبال قال تعالى : [ َكذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ(9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14) ] [القمر : 9-14]
* وما الذي سلط الريح على قوم عاد حتى ألقتهم على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية قال تعالى : [كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ (19) تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ (20) ] [القمر : 18-20]
* وما الذي سلط على قوم عاد الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم قال تعالى : [كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26) إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ (28) فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (30) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31)] [القمر : 23-31]
* وما الذي رفع القري اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم ثم قلبها عليهم ، فجعل عاليها سافلها فأهلكهم جميعا ، ثم أتبعهم بحجارة من السماء مطر ها عليها قال تعالى : [كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ (34) ] [القمر : 33-34 ] ، قال تعالى : [فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ ] [هود : 82]
* وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم ، فالأجساد للغرق والأرواح للحرق قال تعالى : [النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ] [غافر : 46]
* وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله ، قال تعالى : [ َفخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ] [القصص : 81]
* وما الذي أهلك القرون بعد نوح بأنواع العقوبات ودمرها تدميرًا ، قال تعالى : [وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً ] [الإسراء : 17] قال تعالى :[ فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ] [العنكبوت : 40]
أيها الإخوة إن ضرر المعاصي على القلوب كضرر السموم على الأبدان
قال الشاعر
تفنى الذنوب ممن نال لذتها --- من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء من مغبتها --- لا خير في لذة من بعدها النار
4-غالب هواك وأطع مولاك :
قال مصطفى السباعي رحمه الله :إذا همت نفسك بمعصية فذكرها بالله ، فإن لم ترجع فذكرها بأخلاق الرجال ، وإن لم ترجع فذكرها بالفضيحة إذا علم الناس فإن لم ترجع فاعلم أنه في تلك الساعة انقلبت إلى حيوان ( علمتني الحياة )
قال تعالى :[ فَأَمَّا مَن طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)][النازعات :37-41] قال تعالى :[ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ][ص : 26] قال تعالى :[ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ][القصص : 50]
انت في دار شتات ---فتأهب لشتاتك
واجعل الدنيا كيوم --- صمته عن شهواتك
وليكن فطرك عند الله --- في يوم وفاتك
5-محبة الله عز وجل والشوق للقائه:
وتكون بالإكثار من النوافل ، ودوام ذكر الله ، وتذكر نعمته عليك والتفكر في مضوعاته ، ومجالسة المحبين الصادقين ( فإذا تمكنت المحبة إنشغل القلب بطاعة الله وابتعد عن معصية الله) لأن المحب لا بعصي حبيبه
تعصى الإله وأنت تُظهر حبه--- هذا لعمري في الفعال بديعُ
لو كان حبك صادقاً لأطعته--- إنَّ المحب لمن يحب مطيعُ
من توافرت فيه هذه الشروط ، حصل على الدرجة العظمى ألا وهي التـــــــــقــــــــوى فأعطاه الله في الدنيا كل ما يريد ، وفي الآخرة فوق ما يريد يوم المزيد
ومع هنيئا لكم
3-هنيئــــــــــا لكم :
1- معية الله الخاصة :
قال تعالى :[ إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ][النحل : 128]
قال أبو زرعة رحمه الله : رأيت امرأة في الطريق فقالت لي : هل لك في ثواب وخير تفعله فقلت لها ليس أحب إلى من ذلك فقالت هلم يا سيدي لتعود مريضا أشرف على الموت ، وليس عنده من الناس من يكتب وصيته ، فتبعتها إلى منزلها حتى دخلت الدار ، فلما دخلت معها أغلقت أبوابها فنظرت حولي فلم أجد أحد ولم اجد مريضا ولا محتضرا ، فعلمت في نفسي ما جاءت إلى هنا إلا لأفجر بها ، فرفعت وجهي إلى السماء وقلت اللهم إن كنت تعلم إني أخافك وأتقيك فأنقذني من شرها وسود وجهها ، فلم أفرغ من دعائي حتى أسود وجهها ، ووقع الرعب والخوف في قلبها ، فشغلت بنفسها عني فتركتني وشاني ، فلما كنت خارج الدار قلت اللهم رد عليها وجهها كما كانت ، فعاد وجهها كما كانت إلى حالته الأولى فذهبت وأنا أقول إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ
قال قتادة : ومن كان الله معه ، فمعه الفئة التي لا تغلب والحارس الذي لا ينام والهادي الذي لا يضل
2-تيسير الأمور
قال تعالى :[ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ][الطلاق : 4]
فها هو سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه ، وكان قد نزل به ضيف في يوم من الأيام ، ولم يكن عنده ما يطعم به الضيف ، فخرج إلى الصحراء ، فتصيد غزالاً ، ثم عاد إلى ضيفه فأكرمه وقضى واجبه ، فتعجب الضيف وقال له لقد عدت سريعا كأنما اختطفت صيدك من الهواء فكيف ذلك ؟ فقال له : لا تعجب يا أخي هل رأيت أحد اتقى الله استعصى عليه شيء
3-سبب الخروج من المضيق
قال تعالى :[ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ][الطلاق : 2]
تأمل ماحدث للإما م الأعظم ابي حنيفة رحمه الله في يوم خرج لصلاة الفجر ونصب له حساده فخا ليحطوا من كرامته وبينما هو ذاهب إلى المسجد اوقفوا في طريقه أمرأة وقد وعدوها إن خدعته وادخلته بيتها أن يجزلوا لها العطاء فقالت له : إن زوجي مريض ويريد أن يكتب وصيته وليس عنده من يعينه على ذلك وإني اراك رجلا صالحا تحب الخير .
فأجابها الإمام إلى طلبها طمعا في الثواب من الله عز وجل فغلقت الأبواب وأخذت تصرخ بأعلى صوتها فأقبل الناس من كل مكان واحضروا الشرطة فقبضوا على الإمام وحبسوه حتى تطلع الشمس فيعرضوا أمره على الأمير وكان لايزال متوضئا فقام إلى صلاته فقرأ " ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لايحتسب"سورة الطلاق 2 _3 " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا * ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفرعنه سيئاته ويعظم له أجرا " سورة الطلاق 4 _5 فلما سمعت المرأة القرآن رق قلبها وندمت على فعلها
وأخبرت الإمام أنها مكيدة من خصومه وأنها تابت إلى الله عزوجل من هذا الذنب وطلبت منه أن يعفو عن جرمها ويصفح عنها .
فقال لها الإمام إن كنت صادقة فقولي للسجان إن لى حاجة في البيت وسأعود إليك سريعا قبل أن يحضر الأمير . ثم اذهبي إلى زوجتي وقولي لها القصة ، وأمريها أن تحضر هنا سريعا بدلا منك وتتزيي بزيك لكي يسمح لها السجان بالدخول .
ففعلت المرأة ذلك ، وما هى إلا لحظات وكانت زوجته بداخل السجن ، فلما رأته أخذت في البكاء خوفا من أن يصاب بضرر أو أذى ، فهدأ من روعها وقال لها : يا أم حماد : إن الله وعد عباده الاتقياء بالسلامة والنجاة من كل ضيق ومحظور أليس هو القائل [: " وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لايمسهم السوء ولاهم يحزنون ] سورة الزمر 61 ؟ وقد فعلنا ما أمرنا الله به من التقوى ، وسينجز ما وعدنا به فلما حضر الأمير تقدما إليه .
فقال له الأمير : أيحل لك ايها الشيخ أن تخلو بأجنبية دون أن يكون معكما ثالث إلا الشيطان ؟ فقال الإمام : قبل أن أجيبك أريد أن تحضر لى فلان ، فقال له الأمير: وما شأنه ؟ .
فقال الإمام : أنا في حاجة اليه . وكان هذا الرجل والد زوجته ، فأحضره الأمير ، وأمرالإمام أن تكشف زوجته عن وجهها ، فلما رآها ابوها قال : أيها الأمير هذه ابنتي وهذا زوجها وله منها أولاد ، وليسأل الأمير من شاء من أهل الكوفة ، وخرج الإمام سالما بفضل صلاحه وتقواه وهو يردد قول الحق تبارك وتعال [:من يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون] سورة النور 52
4- التقوى سبب لقبول الأعمال
عن هشام بن يحيى الغساني عن ابيه قال جاء سائل إلى ابن عمر فقال لأبنه أعطه دينارا فلما انصرف قال له ابنه : تقبل الله منك يا أبتاه ، فقال لو علمت أن الله يقبل مني سجدة واحده وصدقة درهم لم يكن غائب أحب إلى من الموت ، أتدري ممن يتقبل الله ؟ إنما يتقبل الله من المتقين
5-التقوى سبب لصلاح الذرية :
قال تعالى :[وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً][النساء : 9]
لما حضرت عمرَ الوفاةُ.. دخل عليه مسلمة بن عبد الملك.. وقال: إنك يا أمير المؤمنين قد فطمت أفواه أولادك عن هذا المال.. فحبذا لو أوصيت بهم إليك.. أو إلى من تفضله من أهل بيتك.. فلما انتهى من كلامه قال عمر: أجلسوني.. فأجلسوه.. فقال : قد سمعتُ مقالتك يا مسلمة.. أمَا إنّ قولك: قد فطمت أفواه أولادي عن هذا المال.. فإني واللهِ ما منعتهم حقاً هو لهم.. ولم أكن لأعطيهم شيئاً ليس لهم.. أما قولك: لو أوصيت بهم إلي.. أو إلى من تفضله من أهل بيتك.. فإنما وصيي وولي فيهم الله الذي نزل الكتاب بالحق.. وهو يتولى الصالحين.. واعلمْ يا مسلمة أن أبنائي أحدُ رجلين.. إما رجل صالح متقن فسيغنيه الله من فضله ويجعل له من أمره مخرجا.. وإما رجل طالح مكبٌّ على المعاصي فلن أكون أول من يعينه بالمال على معصية الله تعالى.. ثم قال ادعوا لي بنيّ.. موقف مؤثر جداً.. أولاد سيدنا عمر.. ما أعطاهم شيئاً.. فدعوهم وهم بعضة عشر ولداً.. فلما رآهم ترقرقت عيناه.. وقلتُ - القائل مسلمة - في نفسي: فتية تركهم عالة لا شيء لهم.. وهو خليفة.. وبكى بكاءً صامتاً.. ثم التفت إليهم.. وقال أي بنيّ إني لقد تركت لكم خيراً كثيراً.. فإنكم لا تمرون بأحد من المسلمين.. أو أهل ذمتهم.. إلا رأوا أن لكم عليهم حقاً.. هذه السمعة الطيبة.. كيفما مشى ابن الرجل الصالح يقال له: رحمة الله على والدك.. هذه ثروة كبيرة جداً.. قال: إنكم لا تمرون بأحد من المسلمين أو أهل ذمتهم.. إلا رأوا أن لكم عليهم حقاً.. يا بنيّ إن أمامكم خياراً بين أمرين.. فإما أن تستغنوا.. أي أن تصبحوا أغنياء.. ويدخل أبوكم النار.. وإمّا أن تفتقروا ويدخل الجنة.. ولا أحسب إلا أنكم تؤثرون إنقاذ أبيكم من النار على الغنى .. كذلك ربّاهم تربية عالية.. ربّاهم على محبته.. ومحبة الحق.. ثم نظر إليهم في رفق وقال: قوموا عصمكم الله.. قوموا رزقكم الله.. فالتفت إليه مسلمة وقال: عندي يا أمير المؤمنين ما هو خير من ذلك.. فقال: وما هو؟ قال لدي ثلاثمائة ألف دينار - من ماله الشخصي - لدي ثلاثمائة ألف دينار.. وإني أهبها لك ففرِّقها عليهم.. أو تصدّق بها إذا شئت.. فقال له عمر: أَوَ خير من ذلك يا مسلمة؟! قال: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال تردُّها لمن أخذتها منه.. أنى لك بهذا المبلغ الضخم؟ تردّها إلى من أخذتها منه.. فإنها ليست لك بحق.. فترقرقت عينا مسلمة وقال: رحمك الله يا أمير المؤمنين حياً وميتاً.. فقد ألَنْتَ منا قلوباً قاسية.. وذكّرتها.. وقد كانت ناسية.. وأبقيت لنا في الصالحين ذكرا.. ثم تتبع الناسُ أخبارَ أبناء عمر من بعده.. فرأوا أنه ما احتاج أحد منهم ولا افتقر..
6-سبب لفتح البركات
قال تعالى :[ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ][المائدة : 65]
ذكر هذه القصة ابن الجوزي رحمه الله في صفة الصفوة ( 2 / 188 )
قال نافع : خرجت مع ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له فوضعوا سفرة فمر بهم راع فقال له عبد الله : هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة.
فقال : إني صائم فقال له عبد الله : في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت في هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وبين الجبال ترعى هذه الغنم وأنت صائم
فقال الراعي : أبادر أيامي الخالية فعجب ابن عمر
وقال : هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك نجتزرها ونطعمك من لحمها ما تفطر عليه وتعطيك ثمنها قال : إنها ليست لي إنها لمولاي
قال : فما عسيت أن يقول لك مولاك إن قلت أكلها الذئب ...؟ !
فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول فأين الله ؟؟؟
قال : فلم يزل ابن عمر يقول : قال : الراعي فأين الله
فما عدا أن قدم المدينة فبعث إلى سيده فاشترى منه الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم رحمه الله
صفة الصفوة ( 2 / 188)
7- سبب لصلاح الأعمال ومغفرة الذنوب
قال تعالى :[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً] [الأحزاب : 70]
8-سبب التوفيق في العلم
قال تعالى :[ َاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ] [البقرة : 282]
أما في الآخرة :
1-الجنة تقرب لهم
قال تعالى : [وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ][الشعراء : 90]
2- سبب للنجاة من شدائد الآخرة
قال تعالى :[ وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً (72)][مريم : 71-72]
قال تعالى :[ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ][الزمر : 61]
3- يكفر السيئات ويرفع الدرجات
قال تعالى :[ َمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً ][الطلاق : 5]
4- سبب في مضاعفة الأجر
قال تعالى :[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ][الحديد : 28]
5-سبب لأن يرثوا الجنة
قال تعالى :[ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ][مريم : 63]