النظارة السوداء
إن الناظر في الأحداث حوله يرى أن أحوالنا تزداد سوءاً يوماً بعد يوم وننتقل من مصيبة إلى أخرى بين الحين والحين الآخر فبدءاً بالاعتصامات الفئوية ثم البلطجة والاغتصابات والاستغلال والغلاء مرورا بقطع السكك الحديدية والتدهور في الأوضاع الاقتصادية وأحداث الفتن الطائفية ثم ما يغطي كل ذلك ويزيد عليه ما يبدو في الهجمة الشرسة على الإسلام وأهله مرة يحاربونه في ثوب الإخوان وأخرى في لباس السلفيين وثالثة في وصف الإسلاميين وتحاول أن ترى نوراً يسطع في الأفق فتراها ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرجت يدك لم تكد تراها وهذا ما يحاول الدعاة والعلماء والمصلحون في بلادنا لفتَ النظر إليه وإيجادَ الحلول الناجعة لتخطيه، غير أني أود في هذا الحديث مع حضراتكم أن أؤكد لكم أن الواقع ليس بالظلمة التي نرى ولكنه واقع مشرق مضيء مليء بالبشريات والخيرات وأن ما نراه من ظلمات إنما نتج عن تشربنا لليأس الذي حاول أعداؤنا على اختلاف مناحيهم بثَه في نفوسنا حتى نندم على سير هذه الأحداث ونلعن الثورة ومن قام بها وما أحدثته في واقعنا ، لذا علينا أن نقنع بأننا نلبس نظارة سوداء لا نرى من خلالها أنوار الواقع وخيراته
هذا الحديث دعوة للأمل ، دعوة للتفاؤل دعوة لتغيير النظرة نحو هذا الواقع ورؤية الخير الذي يشتمل عليه هذه الرؤية التي نبنيها على الحقيقة لا على الخيال وعلى الواقع لا على الأوهام وعلى كلام الله ورسوله لا على رؤى المعوقين ووجهات نظر المثبطين، إنه حديث اليوم الذي عنونت له ب" النظارة السوداء" وجعلته مكوناً من ثلاث نقاط
1- مقارناتٌ ومقاييسُ خاطئة 2- ولكنكم تستعجلون
3- وهذه هي البشريات
أما عن الأول :
فإننا سمعنا ولا زلنا نسمع الكثيرين من إخواننا يتحدثون عن مآسي الواقع ويلعنونه ويسبون ما أوصلنا إليه مقارنين بين ما قبل الثورة وما بعدها وتسمع العبارات "يا ريت الثورة ما كانت حصلت" "يعني عاجبك اللي إحنا فيه من الغلا والخوف ده" " والله الوضع قبل الثورة كان أحسن"، نسمع ذلك في مسامراتنا ومواصلاتنا وأعمالنا وسائر مواقف حياتنا ونختلف كثيراً مع الآخرين حول صحة هذه النظرة أو خطئها والحقيقة أن هذه المقارنة مقارنةٌ خاطئةٌ لأن المقارنة الصحيحة لا تكون إلا بين متشابهين أو متقابلين هذا ما علمنا إياه ربنا جل وعلا ورسولنا صلى الله عليه وسلم وقبل ذلك وبعده العقل السليم، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى [ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ][النحل : 75-76]
واسمع إلى هذا الحديث اللطيف الطريف للسيدة عائشة حيث تذكر فضلها للنبي صلى الله عليه وسلم على من سواها من زوجاته في مقارنة منطقيةٍ ماتعةٍ ، والحديث أخرجه البخاري وابن حبان وغيرهما "عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا ، وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا ، فِى أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ قَالَ « فِى الَّذِى لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا » تَعْنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا" وعند البيهقي أنها قالت فأنا هي رواه البخاري وابن حبان
إذن هذه هي المقارنة الصحيحة المقبولة ، مقارنة بين متشابهين أو متقابلين أما أن نقارن بين أحداث هذه المرحلة ومرحلة الحكم السابق فهذه مقارنة خاطئة ساذجة ولعل أعظم الأدلة على ذلك أننا متفقون على تسمية هذه المرحلة بالانتقالية نقول مرحلة انتقالية وحكومة انتقالية وفترة انتقالية ...الخ
ما معنى ذلك؟ معناه أنك لو ذهبت إلى البلد الحرام مثلاً لأداء حج أو عمرة ثم عدت سالما عن أي شيء تُسأل؟ تسأل عن الحرمين وأحوال البلاد وجوها والعبادة وشعورها ...وهكذا هنا المقارنة بين بلد وبلد بين شعور وشعور، أما وسيلة الانتقال وطريقته فالمعروف أنك تعبت فيها أيا ما كانت لأن السفر قطعة من العذاب ،فهل تقارن بين وسيلة السفر وبين بقائك في بلدك مستريحاً أو تندم على خروجك من بلدك للحج والعمرة لأن وسيلة الانتقال كانت متعبة بعض الشيء!!!
لكنها سذاجة المقارنة التي تذكرني تماماً بطرفة مقارنة عقدها عز في العهد الغابر حين سئل عن سر غلاء الحديد حتى وصل سعر الطن إلى ثمانية آلاف جنيه فكان رده" طن الحديد أرخص من طن العدس طن العدس ب14ألف جنيه"أهو استخفاف بعقول البشر أم أنه سفه عقلي منه ما وجه الشبه بين الحديد والعدس وهل العدس مادة بناء؟!!!!!
هذا شيء ،الشيء الآخر أننا حين نتحدث عن جرائم البلطجة والاغتصاب والاعتصامات وغيرها فإننا ننظر إلى جزئيات هذه الجرائم ومفرداتها وهذا أمر معتبر في الشريعة الإسلامية [مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ..][ المائدة : 32] أما إذا أردنا المقارنة بين العصر البائد وما عليه حالنا الآن- رغم خطأ المقارنة فيما أرى- فإنَّا نقارن بين مجموع هذه الأحداث والتي تخرج بعض نتائجها كالتالي:
- أعلى تقدير لضحايا الثورة من لجنة لتقصي الحقائق كان (846) شخص والمصابون(6467)
شخص في كافة محافظات الجمهورية
- إذا حاولت افتراض عدد لضحايا البلطجة والجرائم الأخرى إلى الآن فلن تعدو (1000) شخص
أعداد هائلة بالنظر إلى حرمة النفوس ، أما للمقارنة بعهد اللصوص فترى البون الشاسع بين جرائم الماضي وجرائم الحاضر ومن أمثلة ذلك :
- قرأت من حوالي سنة بحثاً عن حوادث الطرق في مصر وفجعت بأن (6000) آلاف شخص يموتون سنوياً بسبب حوادث الطرق الناتجة عن الإهمال - في عصر مبارك- بواقع 18 نفس يومياً
- (3000) شخص ضحايا العبارة السلام 98
- نفس العدد السابق (3000 نفس) في حادثة حرق قطار سكة حديدي متجه إلى الصعيد في عيد أضحى (تقريبا قبل حادث العبارة بسنتين)
- كل ذلك إضافة إلى ضحايا صخرة الدويقة وضحايا 240 ألف طن لحم فاسد
هذا بخلاف ضحايا الإهمال المؤسسي والبيئي والصحي والتعليمي والإداري وغيرها لكنا ننسى الماضي ونستعجل النتائج لذا كان العنصر الثاني ولكنكم تستعجلون
إن طبيعة النفس البشرية العجلة وعدم التأني وصدق الله "وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا" رغم أن ما يحدث على أرض الواقع سنة الله التي لا تتغير ولا تتبدل فلطالما أذن لدولة الباطل أن تهون فهذه بشرى بأن دولة الحق سوف تكون قال الله [بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ][ الأنبياء : 18] وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مليئة بمواقف البشريات التي يذكرها الصادق المصدوق لأصحابه في خضم البليات ولعل موقفاً واحداً منها يكفينا، إنه موقف غزوة الخندق والمسلمون في أصعب اللحظات وقد رماهم المشركون عن قوس واحدة وما أروع القرآن حين يصور وبدقة حال المؤمنين في هذه الغزوة وأرجو من حضراتكم التدبر فيما يتلى عليكم [إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا][ الأحزاب : 10- 11] أين رسول الله في هذه المحنة تدبر هذه الصورة عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، قَالَ: وَعَرَضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِى مَكَانٍ مِنَ الخَنْدَقِ لاَ تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، قَالَ: فَشَكَوْنا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْسِبُهُ، قَالَ: وَضَعَ ثَوْبَهُ ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ وَاللَّهِ إِنِّى لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِى هَذَا ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ وَاللَّهِ إِنِّى لأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِى هَذَا ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ وَاللَّهِ إِنِّى لأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِى هَذَا" أخرجه الإمام أحمد في مسنده إسناده ضعيف لضعف ميمون أبي عبد الله
الله أكبر أفي تلك الظروف يا رسول الله ؟ لكن رسول الله يوقن بموعود الله ويطمئن المؤمنون بهذه البشرى لكن يبقى المنافقون على شكهم في الله وظنهم السيئ به وأحذر كل مسلم من أن يقاد إلى مثل هذا الطبع في الأحداث الجارية فيلحق بالمنافقين ترى ماذا كان موقفهم[وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا][الأحزاب : 12-15] لقد وصل الأمر بالمنافقين إلى تكذيب رسول الله حتى قال مُعَتّب بن قشير -أخو بني عمرو بن عوف -: كان محمد يَعِدُنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يقدر على أن يذهب إلى الغائط – اللهم برئنا من كل ما يخالف دينك- والله الذي لا اله غيره إني على يقين من أنه سينجلى الليل ويأتي النهار وتورق الأشجار برغم الضحايا وعنف الرزايا برغم الخراب وليل العذاب يا بلادي مصر صبراً إن بعد العسر يسراً إن بعد الليل فجراً يقهر الأعداء قهراً
لكن كيف ذلك والواقع حولنا كما ترى ولا توجد أي مبشرات أقول هذه هي البشريات
البشريات التي تعد الدليل على الخير القادم والرخاء المنتظر والمستقبل الأفضل
أولاً : الصلاحية الذاتية لمصر
فمصر تمتلك صلاحية ذاتية بمعنى أنها بقعة من البقاع المباركة – كمكة والمدينة والشام واليمن- التي
تنفي خبثها وهي في ذلك كالأرض عالية الخصوبة جداً والصالحة للزراعة والتي تحتاج إلى أقل مجهود لتنتج أطايب الثمرات - وركز في هذا جيدا حيث إنه من الحمق أن تمتلك أرضاً خصبة
مباركة ثم لا تزرعها أو أن تزرعها خبيثاً- ولقد تواترت الأدلة على ذلك ومنها
1-أنها ذكرت في كتاب الله ثمانية وعشرين مرة تصريحا وتعريضا ومن ذلك
- قول الله "وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا"
- "وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ"
- "فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ"
- "وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي"
- وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ" قال ابن عباس وابن المسيب وغيرهما هي مصر
- "وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ " قال المفسرون هي مصر
2- ومن السنة
- عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَمَّا رُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فِى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ نَبْقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ وَوَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ يَخْرُجُ مِنْ سَاقِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا قَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِى الْجَنَّةِ وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ » رواه البخاري والدارقطني
3- ومن الآثار
- قال بعض أهل العلم " مكتوب في التوراة مصر خزانة الله فمن أرادها بسوء قصمه الله"
- عمرو بن العاص يصفها لعمر بن الخطاب ومن وصفه " طولها شهر وعرضها عشر يخط وسطها نهر ميمون الغدوات مبارك الروحات فبينما هي عنبرة سوداء إذا هي درة بيضاء إذا هي زبرجدة خضراء فتبارك الله رب العالمين الفعال لما يشاء" وقال " مصر ولايتها جامعة تعدل الخلافة"
- كعب الأحبار قال " لولا رغبتي في الشام لسكنت مصر قيل ولم يا أبا إسحاق قال إني أحب مصر وأهلها لأنها بلدة معافاة من الفتن وأهلها أهل عافية ومن أرادها بسوء كبه الله على وجهه
ثانياً : انتشار الوعي الديني
فبالرغم من الحرب على الإسلام نرى كثيراً من المسلمين اهتم بقضية الإسلام وانتشرت الدروس
والندوات والمؤتمرات وتقاربت التيارات الإسلامية المختلفة الإخوان والسلفية والتبليغ وغيرها ونادى جميع المسلمين بالإسلام كل ذلك رغم الحرب التي لا هوادة فيها على الإسلام وأهله وهذا يعلمنا أن الباطل جند من جنود الحق حيث أوقد نور الحمية في قلوب أهله - وكم أعجبني موقف الكثير من إخواننا تجاه المدعو نجيب ساويرس والذي نشر في صفحته على الفيس بوك صورة لقرد بلحية وكلبة بنقاب فما كان من هؤلاء الشباب إلا أن قاطعوا التعامل مع موبينيل ومن لم يكن منهم ممن يستخدمها تبرع بمبلغ من المال تشترى به خطوط شبكات أخرى وتعطى مجانا لمن معه خط موبينيل على أن يستغني عنه ، حتى من لا يستطيع الاستغناء عنه يحول رقمه على شركة أخرى ويظل نفس الرقم- الشاهد في الأمر الصحوة المباركة التي انتابت كثيراً من المسلمين والتي تبشر بغدٍ مشرق
ثالثا : سقوط النظام السابق
وهذا من أوضح البشريات وأجملها لأنها صادرة مباشرة من الله جل وعلا أين ذلك؟
إنه في كتاب الله وقت أن تحدث عن فرعون وانظر إلى بديع النسق القرآني قال الله[ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ][ القصص : 4] وتدبر هذه المقارنة وهي مقارنة الحال بالحال لا حكم على المآل- مآل مبارك- فلا يعلم خواتيم العباد إلا الله
علا في الأرض/ تكبر وتجبر وطغى (وهذا وصف لمثل ما كان عليه النظام السابق)
وجعل أهلها شيعا / أصنافا قد صرف كل صنف فيما يريد من أمور دولته (فأمن الدولة لتقضي على كل من يخالفه وقانون الطوارئ ليعين على ذلك ورجال القانون لضبط المسائل القانونية والدستورية ورجال الاقتصاد لضبط الميزانيات والمصروفات ...وهكذا)
يستضعف طائفة منهم / بنو إسرائيل وكانوا في ذلك الوقت خيار أهل زمانهم وقد كان يستعملهم في أخس الأعمال مع الإهانة والاستذلال ( ولعل حال كثيرِ من المتدينين والعلماء والدعاة لم يكن يخفى على أحد في المرحلة السابقة من الإذلال والاعتقال وغيره)
يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم/ وقد كان النظام السابق يقتلهم جميعا بقتل العائل لهم أو اعتقاله إضافة إلى نبذهم في المجتمع كله فلا صداقات ولا زواج ولا غير ذلك
إنه كان من المفسدين/ فساد مؤسسي وإداري وسياسي واقتصادي وثقافي واجتماعي
ماذا بعد كل ذلك؟ "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ" ولعل البشرى هنا خاصة بالمستضعفين مما يبشر أن الدولة غداً للإسلام وأهله هذه هي أهم البشريات
وفي النهاية أقول : إن الله جل وعلا مكَّن صالحي بني إسرائيل ومستضعفيهم وإنَّا نوقن أنَّا أكرم على الله تعالى منهم ومن هنا فإني أرى أن مصر تهيؤ الآن لينجز الله لنا وعده بالتمكين وما بقي إلا أن نهيئ أنفسنا لنحقق مقومات بقاء هذا التمكين والمتمثلة في قوله تعالى "الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"
أعانني الله وإياكم على أن نكون أهلا لخدمة الإسلام وأن يسعد بنا خير الأنام
إضافات
قال جدي خريم بن أوس: هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقدمت عليه مُنْصَرَفَةُ من تبوك، فأسلمت فسمعته يقول: [هذه الحيرة البيضاء قد رفعت لي، وهذه الشيماء بنت نفيلة الأزدية على بغله شهباء معتجرة بخمار أسود] فقلت: يا رسول الله إن نحن دخلنا الحيرة فوجدناها كما تصف فهي لي؟ قال: [هي لك!!] قلت: ثم كانت الردة، فما ارتد أحد من طيء، فأقبلنا مع خالد بن الوليد نريد الحيرة، فلما دخلناها كان أول من تلقانا الشيماء بنت نفيلة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فتعلقت بها فقلت: هذه وصفها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني خالد بالبينة فأتيت بها، فكانت البينة محمد بن مسلمة ومحمد بن بشير الأنصاريان، فسلمها إليّ خالد، ونزل إليها أخوها عبدالمسيح بن نفيلة يريد الصلح، فقال: بعينها، فقلت: لا أنقصها والله من عشر مائة!! فأعطاني ألف درهم وسلمتها إليه، فقالوا لي: لو قلت مائة ألف لسلمها إليك، فقلت: ما كنت أحسب أن عدداً أكثر من عشر مائة!!
قلت: وهذا صحابي لا يعلم بعد الألف عدداً!! وهذا الحديث من أعلام نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه حدث عن أمر من الغيب لا يمكن تصوره بالظن ولا التخييل ولا التوقع فإن تصور انتصار العرب المسلمين على الفرس كان أبعد من الخيال!! ولقد حدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم بصفته حقيقة واقعة!! ووقع الأمر كما حدث به تماماً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ ، فَشَكَا قَطْعَ السَّبِيلِ . فَقَالَ « يَا عَدِىُّ هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ » . قُلْتُ لَمْ أَرَهَا وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا . قَالَ « فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ ، حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ ، لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ » - قُلْتُ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَ نَفْسِى فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلاَدَ « وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى » . قُلْتُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ قَالَ « كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ ، فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ ، وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ . فَيَقُولَنَّ أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولاً فَيُبَلِّغَكَ فَيَقُولُ بَلَى . فَيَقُولُ أَلَمْ أُعْطِكَ مَالاً وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ فَيَقُولُ بَلَى . فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ » . قَالَ عَدِىٌّ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ » . قَالَ عَدِىٌّ فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ ، لاَ تَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ ، وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِىُّ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - « يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ »البخاري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ - قَالَ - وَعُرِضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِى مَكَانٍ مِنَ الْخَنْدَقِ لاَ تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ - قَالَ - فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ عَوْفٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَضَعَ ثَوْبَهُ ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ « بِسْمِ اللَّهِ ». فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ وَقَالَ « اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ وَاللَّهِ إِنِّى لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِى هَذَا ». ثُمَّ قَالَ « بِسْمِ اللَّهِ ». وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ فَقَالَ « اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ وَاللَّهِ إِنِّى لأُبْصِرُ الْمَدائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِى هَذَا ». ثُمَّ قَالَ « بِسْمِ اللَّهِ ». وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ « اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ وَاللَّهِ إِنِّى لأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِى هَذَا » أحمد والنسائي في السنن الكبرى وأبو يعلى وابن أبي شيبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ
شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ" البخاري وأحمد وابن حبان