tamer.page.tl
  شرار الناس يوم القيامة
 

شر الناس يوم القيامة

هذا هو اللقاء السادس والعشرون في هذه السلسلة الميمونة المباركة سلسلة الدار الآخرة ، وكنا قد انتهينا في اللقاء الماضي من الحديث عن بعض أهل الذنوب من أمة محمدr هؤلاء الذين يفضحهم الله يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، وكان ذلك الحديث ثاني الأحاديث عن مشاهد أهل العصيان يوم القيامة،واليوم تأتي الحلقة الثالثة من حلقات هذه المشاهد الفظيعة المروعة، والحديث فيها عن " شر الناس يوم القيامة "ولك أن تتخيل مدى الفظاعة والرعب الذي تبعثه كلمة شر الناس ، والله الذي لا اله غيره لو أن المتدبر تدبر كلمة "شر" فقط لكفاه رعبا كيف والنبيr يخبر أن هؤلاء شر الناس نسأل الله ألا يجعلنا منهم"وكالعادة نجعل الحديث في عنوان تحته عدة عناصر،وقد عنونت لهذا الحديث بـ"تذكرة الأحباب بشرِّ الناس يوم المآب " وهذا الحديث يندرج تحته ثلاث نقاط

1-   صيغة مرعبة

2-   هؤلاء شر الناس يوم القيامة فهل أنت منهم؟

أما عن الأول : فإنه الحديث عن حدود هذا الشر ، تخيل وأنت تسمع شر الناس ، وتسأل نفسك ما حدود هذا الشر؟ فتجد الإجابة عند النحويين تزيدك رعبا وخوفا إن كان بالقلب حياة ، والله لو أننا شعرنا بخطورة المصلح وحده لطوينا الدقائق والساعات لنتعرف على هؤلاء التعساء ونحاول ألا نكون منهم، لكن ما علاقة النحويين بذلك؟ أقول لك إن كلمة شر نكرة ، والكلمة عندنا إما نكرة وإما معرفة ، والنكرة كما يعرفها علماء اللغة هي "اسم يدل على شيء واحد، ولكنه غير معين بسبب شيوعه بين أفراد كثيرة من نوعه تشابهه في حقيقته، ويصدق على كل منها اسمه"([1])وهذا التعريف يصدق على كلمة شر،ولو أنزلناه على هذه الكلمة لبان لك عظم الخطر،فالتعريف يقول"ويصدق على كل منها اسمه"أي أن شر يخطر ببالك يندرج تحت كلمة شر الناس، يعني

ç    شر الناس عذابا فلا تجد من يعذب عذابهم

ç    وشر الناس منزلة فهم في أخس منزلة وأحط رتبة

ç    وشر الناس خزيا فليس أخزى ولا أبعد منهم

ç    وشر الناس إهانة وهوانا فليس أحد أشد إهانة منهم وليس أهون على الله منهم

ç    وشر الناس عطشا وحرا وجحيما وفضيحة ....الخ

ç    ومن هنا فكل ما خطر ببالك عن الشر سيلحق بهؤلاء يوم القيامة لأنه ليس أحد أشر منهم ،حيث

بلغوا الغاية في الخبث والسوء والمقت وسائر صفات الشر،وبعد ما علمت من معنى الشر وأنه لا حدود لهذا الشر فيما يلحق بأصحابه تتعرف الآن على أصناف هؤلاء ، وما أكثرها فيما بيننا

أولاً :ذو الوجهين

ç  وذو الوجهين هو المتلون الذي لا يثبت على حال واحدة وموقف واحد ، فيأتي هؤلاء بوجه ، وهؤلاء بوجه ،وهذا أبرز ما تراه في المنافقين الذين ينظرون إلى الكفة الراجحة في ميزان القوى فإن طاشت كفة أوليائه تنكر لهم، وأعطاهم دبره وحالف ضدهم وساعد عليهم كأن لم تكن بينه وبينهم مودة ، وإن رجحت ملأ الدنيا صياحا بأنه كان معهم وعلى رأسهم

ç  ثم إنه إلى ذلك يرضي أصحابه ويرضي أعداءه فتراه عند هؤلاء بوجه وعند هؤلاء بوجه وما أكثر المنافقين اليوم الذين يسعون في الأرض فسادا ويريدون هدم الدين والدولة باسم الوطنية والمحبة والمصلحة العامة ، ولو تراهم وهم مع بعضهم البعض لرأيت أمرا تتقزز منه كل الفطر السليمة ولذلك أبى الله إلا أن يفضحهم قال الله"وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ(14)اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ(15)أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ"

ç  إن الإسلام لا يحب التلون ولا يرضى بسياسة تعدد الوجوه لأن الحق واحد لا يتعدد وإن اختلفت وجهات النظر في فهمه أما أن يتلون المسلم كالحرباء على حساب مصلحة دينه وأمته فهذا الذي ليس له عند الله عذر ولهذا كان هؤلاء شر الناس يوم القيامة

ç  أما عن الدليل على أن هؤلاء من شر الناس يوم القيامة فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَt قَالَ قَالَ النَّبِىُّr«تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ »([2])

ç  قال القرطبي إنما كان ذو الوجهين شر الناس لأن حاله حال المنافق إذ هو متملق بالباطل وبالكذب مدخل للفساد بين الناس وقال النووي هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع وتحيل على الاطلاع على أسرار الطائفتين وهي مداهنة محرمة"([3])

ç  وفي حديث آخر يبين عقوبة أخرى لأمثال هؤلاء ، وما تعدد العقوبات الا نتيجة لفظاعة الجرم ، ويكفيه فظاعة أنه استهزاءٌ برب الأرباب الذي يعلم السر وأخفى واستخفاف بشمول سمعه وبصره وإحاطة علمه، والحديث عَنْ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِr« مَنْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ فِى الدُّنْيَا كَانَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ »([4])

ثانيا : مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ

ç  وهؤلاء هم الذين يعاملون الناس بالغلظة والتجبر وسوء الأدب ، فترى كثيرا من الناس يتركون التعامل معه ويتحاشونه اتقاءاً لشره وفحشه ، وممن تلحق بهم هذه الصفة

1-  أصحاب المناصب الذين يتكبرون بمناصبهم فتراك لا تستطيع أن تصل إلى حق مع أحدهم لأنه سيعاملك بكل ظلم وبكل قسوة ولهذا تتركه أو تتذلل له اتقاء شره وكم عانينا في السابق من هذا النوع عند بعض أفراد الشرطة أو غيرهم من الفئة المتسلطة حين كنت لا تستطيع أن ترفع عينك في أحدهم وقد أزال الله الغمة ونسأل الله أن يتم النعمة

2-  ظهر الآن بعض الناس الذين يقفون عند أماكن ركن السيارات أو مواقف الميكروباص وغيرها ممن يطالبون أصحاب السيارات أو السائقين ببعض المال مما نسميه نحن "إتاوة " وقد رأيت كثيرا من إخواننا يتعرض لمثل هذه المواقف خاصة في حالة الانفلات الأمني التي عايشناها من بعد الثورة والمصيبة أنك تعطيه اتقاءاً لشره وخوفا من بطشه وظلمه في ظل ضمير ميت وتفلت أمني واضح وسلبية شعبية مقيتة...الخ، ألا فليعلم هؤلاء إن ظنوها فهلوة أو شطارة أو سبيلا من سبل الرزق أنهم من شر الناس عند الله يوم القيامة

3-  كثير من الشباب الآن لا تستطيع أن تأمرهم بمعروف أو تنهاهم عن منكر لما تجد من رد الفعل الفاحش فلا احترام لرجل دين ولا تقدير لكبير ولا توقير لعالم ، ولهذا ترك كثير من الناس هذا الواجب لما يترتب عليه من أذى وسوء أدب ، وأكثر هؤلاء نراهم من أصحاب سيارات الأجرة التي نركبها يوميا أو من الشباب الذين نلقاهم في مواصلاتنا وأعمالنا ، وأذكر أنني كنت راكبا ذات مرة إلى جوار سائق في سيارة محمد نجيب وقد شغَّل الأغاني بأعلى صوت فأردت أن آمره باللين فقلت له : أنت يا أسطى سامع الكاسيت ؟ فلم يردَّ علي فكررتها ثانية فردَّ علي – حتى بدون نظر إلي – أيوه يا شيخ أنت عاوز إيه ؟ فقلت له لا شيء احتراماً لنفسي، وأنا أقول : بالله عليكم أهذا أسلوب تعامل؟!!! مع العلم بأن كثيرا من الشباب يعتبرون ذلك من الذكاء في التعامل مع الآخرين بأنك توريه الوش الخشب علشان يتلم وهذا من الحمق ولا حول ولا قوة الا بالله ألا فليعلم هؤلاء أنهم من شر الناس عند الله يوم القيامة

4-  المعارك الدائرة الآن في بلادنا حيث ترى فيها كثيرا من التجاوزات وسوء الأدب في التعامل مع المخالف حتى أنه يمكن أن يتقاتل المصريون فيما بينهم لتبني ذاك فكرة وتبني الآخر نقيضها ، وتظهر هذه الفظاظة أكثر عند المعارضين للإسلاميين ووالله الذي لا اله غيره لا أقولها تعصبا وهوى ولكن واقعا ومشاهدة فأنا أحكم على ما رأيت بل وحدث معي شخصيا بالرغم من أنني أعذر المخالف أيا ما كان رأيه ، لكن البعض يأخذها بعلوِّ الصوت وسوء الأدب فلا ترى أحدا يعارضه فيظن انتصاره وهذا من الغبن في الدنيا في الآخرة لأنه ما تركه الناس الا اتقاءاً لفحشه وهذا من شر الناس يوم القيامة

5-  ولا يتوقف الوعيد على هذه المظاهر العامة بل وحتى في تعامل الرجل مع أهل بيته ، فأحيانا كثيرة يتغاضى الرجل عن تأديب زوجته اتقاءاً لشرها أو تتحاشى هي الكلام معه خوفا من فحشه وسوء أدبه وهذا من سوء العشرة التي أمرنا الله باجتنابها،كما أن أمثال هؤلاء من شر الناس في الدنيا والآخرة فعن أبي أمامة قال قال رسول اللهr شر الناس الضيق على أهله قالوا يا رسول الله وكيف يكون ضيقا على أهله قال الرجل إذا دخل بيته خشعت امرأته وهرب ولده وفر عبده فإذا خرج ضحكت امرأته واستأنس أهل بيته"([5])

ç  أما عما يدل على أن أصحاب هذه الصفة شر الناس يوم القيامة فما جاء عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّr فَلَمَّا رَآهُ قَالَ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّr فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِr يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ"([6])وفي رواية "اتقاء فُحْشِهِ"

ç  قال عبد المحسن في شرح سنن أبي داوود:أي: تركه الناس اتقاء فحشه، أو اتقاء شره، وذلك كإنسان يكون عند بذاءة في اللسان وعنده تطاول على الناس، فالناس يحرصون على أن يتخلصوا منه، ولا يدخلون معه في مصادمات؛ لأنه يؤذيهم، وقد بذل نفسه للإيذاء فما يكون من الناس إلا أن يلينوا له القول لاتقاء شره، فبدلاً من أن يحصل منهم أمر يدفعه إلى أن يتطاول عليهم ويؤذيهم ويسبهم ويفحش في القول فيهم، يلينوا له القول من أجل أن يتقوا شره؛ لأن سلامة الناس من شره أمر مقصود.

ç  فائدة "َقَالَ الْقُرْطُبِيُّ : فِيهِ جَوَازُ غِيبَةِ الْمُعْلِنِ بِالْفِسْقِ أَوْ الْفُحْشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مَعَ جَوَازِ مُدَارَاتِهِمْ اِتِّقَاءَ شَرِّهِمْ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى الْمُدَاهَنَةِ ،وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُدَارَاةِ وَالْمُدَاهَنَةِ أَنَّ الْمُدَارَاةَ بَذْلُ الدُّنْيَا لِصَلَاحِ الدُّنْيَا أَوْ الدِّينِ أَوْ هُمَا مَعًا وَهِيَ مُبَاحَةٌ وَرُبَّمَا اُسْتُحْسِنَتْ،وَالْمُدَاهَنَةُ بَذْلُ الدِّينِ لِصَلَاحِ الدُّنْيَا، وَهَذِهِ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ يَنْبَغِي حِفْظُهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ عَنْهَا غَافِلُونَ وَبِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا جَاهِلُون"([7])وَلِذَا قِيلَ"وَدَارِهِمْ مَا دُمْتَ فِي دَارِهِمْ وَأَرْضِهِمْ مَا دُمْتَ فِي أَرْضِهِمْ"

ç  ولعل هذا يبدو فيمن يبيعون دينهم بدنياهم وهذا من أكبر الجرم فمصيبة الدين أم المصائب، ومن أمثلة هؤلاء من يَضِّلون في الفتوى ادعاءاً للخوف من الظالمين واتقاءاً لشرهم أو من يقف مع أهل الباطل ويواليهم على حساب دينه لأجل مصلحة دنيوية وهذا خطر خفي الوجهة فتنبه!!

ثالثاً : من باع آخرته بدنيا غيره

ç  من أعظم الحمق أن يبيع المسلم دنياه بآخرته وذلك لبعد الفرق ما بين الدارين،فالدنيا زائلة والآخرة باقية،ومتاع الدنيا تخالطه الغصص والكدر ومتاع الآخرة لا كدر فيه ولا غصة

ç  وقد أراد رجل أن يزني بامرأة فلما جلس منها مجلس الرجل من امرأته تذكر الجنة وحسنها ومتاعها وحورها فقال لها : إن من يبيع جنة عرضها السماوات والأرض بفتر – المسافة بين السبابة والإبهام – لرجل غير بصير بالمساحة ثم تركها وخرج

ç  إن العصاة لله عز وجل في غاية الحمق لأنهم يبيعون الفاني بالباقي وقد قال الله"بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(16)وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى"فهي خير لأن أدنى أهل الجنة منزلة- كما في الصحيح- له من النعيم مثل الدنيا وعشرة أمثالها والى جانب ذلك فهو باق لا ينفد أبدا فهل يستويان؟!!

ç  وإذا كان ذلك مع من باع دنياه بآخرته فالحمق منه من باع آخرته بدنيا غيره "يعني لا نال الدنيا ولا الآخرة"ولذلك كان من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ،أَنَّ رَسُولَ اللهِr قَالَ"مِنْ شَرِّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبْدٌ أَذْهَبَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ"([8])

ç    يقول المناوي في فيض القدير " إن هذا البائع يسمونه أخس الأخساء وجاء فيه

أكلف نفسي كل يوم وليلة *** هموم هوى من لا أفوز بخيره

كما سود القصار بالشمس وجهه *** حريصا على تبييض أثواب غيره

ç    أما أصناف هذا النوع من الناس فهم كثيرون نغفل عنهم،وأريدك أن تتدبرهم لتحذرهم فمنهم

1-   الذين يشهدون كذبا وزورا لأجل اقتطاع حق الغير للغير سواء على مستوى الدولة أو على مستوى الأشخاص

2-  الذين يجورون في الوصية فيورثون هذا ويمنعون ذاك أو يكتبوا ميراثهم قبل موتهم زاعمين محافظتهم على أواصر أبنائهم بعدهم أو يورثوا الذكور ويحرموا الأبناء أو ينجبوا البنات فيكتبون ميراثهم لبناتهم حتى لا يرث معهم أعمامهم...الخ وهذا من أعظم الحمق لأن الموصي لن يصل إليه شيء وسيعاقب على ذلك أعظم العقوبة فعن أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِr« إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ وَالْمَرْأَةَ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ فَيُضَارَّانِ فِى الْوَصِيَّةِ فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ »([9])

3-  الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، ويستكثرون نعمة الله على خلقه وهم لا يملكونها ضمن من باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم وما نالهم الا الهم والغم وحرق الدم وهم بذلك يعادون الله سبحانه قالr"إن لنعم الله أعداء قيل ومن أولئك قال الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله"([10])

4-  الذين يناصرون أهل الباطل ويقفون خلفهم ويعينونهم على باطلهم ، وتنظر إلى استفادتهم من ذلك فلا تراها تذكر إلى جانب ما يحققونه لمناصريهم وهذا من أعظم الحمق لأنه بيع لآخرتهم بدنيا غيرهم

5-  الذين يتوسطون أو يشهدون على عقود الربا والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل ممن يبيعون آخرتهم بدنيا غيرهم ، وقد جاءني أحد الإخوة يقول لي إن أخا زوجته يريد منه أن يضمنه ليقترض مبلغا من أحد البنوك ، فقلت له : هذا من أعظم الحرام لأنه إذا كان الله حرمه عليك أنت فكيف تضمن غيرك ليستفيد به!!! والمصيبة أن الشيطان يزين لنا أن ذلك من باب تفريج الكرب أو إعانة الملهوف وأحيانا نخشى من بغض أصحابنا وأقاربنا لنا إذا لم نضمنهم بالرغم من أنهم لو وجدونا في النار لفروا عنا ولما أغنوا عنا شيئا قال الله "إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ(166)وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ"

6-   الموظف الذي يفرط في الأمانة لأجل غيره ، كموظف الأمن أو المخازن أو غيرها إذا سمح

لغيره بالأخذ مما أؤتمن عليه لأجل صلته أو قرابته أو محبته وهذا بيع للآخرة بدنيا الغير

7-  الموظف أو العامل أو الصانع أو التاجر أو أي أحد يعمل في أي قطاع فيخالف ضميره ويستحل ما حرم الله من أخذ المال بغير حق والربا والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل والغش والتطفيف في الكيل والميزان وأكل الحرام وغيره، لأجل أولاده وزوجته والمحافظة على مستواهم الاجتماعي وحياتهم الرغدة ممن يبيعون آخرتهم بدنيا غيرهم وهذا مما يهلكهم وأولادهم فعن ابن مسعود قال قال رسول اللهr" يأتي على الناس زمان ...يكون هلاك الرجل على يدي أبويه إن كان له أبوان فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده فإن لم تكن له زوجة ولا ولد فعلى يد الأقارب والجيران يعيرونه بضيق المعيشة ويكلفونه مالا يطيق حتى يورد نفسه الموارد التي يهلك فيها(([11]

ç  إن أعظم ما تدخره لأولادك تقوى الله والقول السديد والعمل الصالح قال الله " وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا" وما أجمل قصة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز في ذلك فإنه لما حضرته الوفاة دخل عليه مسلمة بن عبد الملك فقال يا أمير المؤمنين إنك قد فغرت أفواه ولدك من هذا المال فلو أوصيت بهم إلي وإلى نظرائي من قومك فكفوك مؤنتهم فلما سمع مقالته أجلسوني فأجلسوه فقال قد سمعت مقالتك يا مسلمة أما قولك إني قد أفرغت أفواه ولدي من هذا المال فوالله ما ظلمتهم حقا هو لهم ولم أكن لأعطيهم شيئا لغيرهم وأما ما قلت في الوصية فإن وصيي فيهم { الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين } وإنما ولد عمر بين أحد رجلين إما رجل صالح فسيغنيه الله وإما غير ذلك فلن أكون أول من أعانه بالمال على معصية الله ادع لي بني فأتوه فلما رآهم ترقرقت عيناه وقال بنفسي فتية تركتهم عالة لا شيء لهم وبكى يا بني إني قد تركت لكم خيرا كثيرا لا تمرون بأحد من المسلمين وأهل ذمتهم إلا رأوا لكم حقا يا بني إني قد مثلت بين الأمرين إما أن تستغنوا وأدخل النار أو تفتقروا إلى آخر يوم الأبد وأدخل الجنة فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي

قوموا عصمكم الله قوموا رزقكم الله([12])

ç  وكل ما مر نماذج لهذا الصنف العريض من الناس وخلاصته أن : من باع آخرته بدنيا غيره هو كل من عصى الله لأجل نفع يصل إلى غيره سواء أصابه بعضه أم لم يصبه شيء

رابعاً : الرجل الذي ينشر سر امرأته في أمر الجماع وهي كذلك

ç  وهذا مما تساهل فيه المسلمون اليوم خاصة النساء فرأينا الرجل ينتشي برجولته وقوته في جماعه لامرأته وما يحدث منها أثناء هذه العملية وكثير من النساء تعشق الخوض في هذه الأحاديث عن الجماع وما فيه وما يكون من زوجها أثناءه سواء كان هذا عن جهل أو حمق

ç  إن الفطرة السليمة والحياء الغريزي يفرض على الشخص ألا يجعل من الحديث عن هذه الأشياء تسلية للمجالس أو قضاءاً لوقت الفراغ أو حتى مزاحا نسري به عن أنفسنا ، وذلك لما لها من الخطر على نفسية المستمع لها إضافة إلى ما فيها من خيانة الأمانة التي ائتمننا الله عليها حين قال " هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" ولا ينبغي فضح هذا اللباس وكشفه للناس لغير داعٍ سواء كان ما بداخله خيراً أو شرا ولهذا عدَّ الله كاشف هذا الستر من شر الناس يوم القيامة وقرنه بأخس الناس من المنافقين المستكبرين والحمقة المغفلين ممن سبق الحديث عنهم

ç  فعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِr« إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا »([13])

ç  وانظر الى هذا التصوير الفظيع لترى خطورة هذا الأمر فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ ،أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِr وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ فَقَالَ لَعَلَّ رَجُلاً يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقُلْتُ:إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ قَالَ : فَلاَ تَفْعَلُوا فَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ"([14])

ç    يقول المناوي "الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه) بالمباشرة والجماع (ثم ينشر سرها) أي

يبث ما حقه أن يكتم من الجماع ومقدماته ولواحقه فيحرم إفشاء ما يجري بين الزوجين من الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك بقول أو فعل ويكره مجرد ذكر الجماع بلا فائدة لأنه خلاف المروءة ولهذا قال الأحنف جنبوا مجالسكم ذكر النساء والطعام فكفى بالرجل ذما أن يكون واصفا لفرجه وبطنه والظاهر أن المرأة كالرجل فيحرم عليها إفشاء سره كأن تقول هو سريع الإنزال أو

كبير الآلة أو غير ذلك مما يتعلق بالمجامعة ولم أر من تعرض له"([15])

ç  وهذا النهي إذا كان لغير حاجة أما إذا كان لحاجة كفتوى أو غيرها فلا بأس به ودليل ذلك ما جاء عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّr قَالَتْ إِنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِr عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ أَهْلَهُ ثُمَّ يُكْسِلُ

هَلْ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ وَعَائِشَةُ جَالِسَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِr«إِنِّى لأَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا وَهَذِهِ ثُمَّ نَغْتَسِلُ»([16])

خامسا : أهل البدع ممن يقدسون الصالحين ويبنون عليهم الأضرحة ويطوفون حولها متوسلين بأصحابها من دون الله

ç  وهؤلاء ممن غالوا في تقديس الصالحين فقادتهم المغالاة إلى المروق من الدين لأن الإسلام قائم على الوسطية فلا إفراط ولا تفريط

ç  إن من منهج إبليس في تعامله مع المسلمين اليوم استغلال العواطف ليقود الناس إلى الخروج من دينهم أو ضعفه عندهم فلا تحكيم لشرع ولا إنصات لعقل ولا براءة من هوى، ويوظف في سبيل ذلك عواطف الناس ، خاصة عندما تضعف القلوب،وتتأثر بالرزايا والخطوب، فيستغلها الشيطان المريد أسوأ استغلال،ليصرف الناس عن توحيد ذي الجلال،ويقودهم إلى الزيغ والضلال ، ليضمن مصاحبتهم له في دار البوار والسلاسل والأغلال

ç  ولهذا كان متبعوه من شر الناس يوم القيامة فعن عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ - فِيهَا تَصَاوِيرُ - لِرَسُولِ اللَّهِr فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِr « إِنَّ أُولَئِكِ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ »([17])

ç  قال القرطبيt وإنما صوروا تلك الصور ليتأسوا بهم ويعملوا أعمالهم الصالحة فيجتهدوا كاجتهادهم ويعبدون الله عند قبورهم، ثم خلفهم قوم جهلوا مرادهم ووسوس لهم الشيطان أن أسلافهم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها فحذر النبيrعن مثل ذلك سدا للذريعة

سادساً : قارئ القرآن الفاجر الذي لا يعمل بشيء منه

ç  وكيف لا يكون شر الناس وقد ضيع أفضل الكلام – كلام الرحمن – واتخذه وراءه ظهريا واستخف بحلاله فاجتنبه وبحرامه فتجرأ عليه، إن القرآن لم ينزل للتبرك فقط ولا لتُحفَظَ حروفه وتُضَيَّعَ حدوده ولا ليوضع على طابلون  السيارات والغناء يملؤها أو في البيوت والمحرمات تنتشر في جنباتها ، ولكنه نزل ليكون منهج حياة ودستور أمة وهادي الدنيا بأسرها وسائق البشرية إلى رحاب رب البرية ولقد تربى صحابة رسول الله في مدرسة القرآن على هذا الأساس فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : كُنَّا إِذَا تَعَلَّمْنَا مِنَ النَّبِىِّr عَشْرَ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ نَتَعَلَّمْ

مِنَ الْعَشْرِ الَّتِى نَزَلَتْ بَعْدَهَا حَتَّى نَعْلَمَ مَا فِيهِ قِيلَ لِشَرِيكٍ مِنَ الْعَمَلِ قَالَ نَعَمْ"(([18]

ç  أما عن كونه شر الناس فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِr عَامَ تَبُوكَ يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَقَالَ:أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ وَشَرِّ النَّاسِ ؟ إِنَّ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ رَجُلاً عَمِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ،أَوْ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ أَوْ عَلَى قَدَمِهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ، وَإِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ رَجُلاً فَاجِرًا يَقْرَأُ كِتَابَ اللهِ لاَ يَرْعَوِي – يلتفت - إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ(([19]

سابعا :الخوارج ومن شابههم في هذا العصر

ç  والخوارج هم من خرجوا على سيدنا علي في خلافه مع معاوية حتى رماه بعضهم – حاشاه – بالكفر وبعضهم موجود الآن في بعض البلاد العربية كسلطنة عمان وغيرها ويعرفون بالإباضية غير أن أكثرهم ليس في حدة أجدادهم الفجرة

ç  والمصيبة ليست في هؤلاء فليسوا في أرضنا ولكن المصيبة في أشباههم ونظرائهم في بلادنا ممن يُفتنون بالشبهات،ويرفقون بأهل الشرك أكثر من رفقتهم بإخوانهم من أهل الإسلام، إذا رأيتهم في القول رأيت علماءا وإذا نظرت إلى الفعل رأيت فجرة، لا هم لهم إلا الخوض في الأعراض والتخطئة للعلماء والعباد والسير في الأرض بالفساد، وهذا مصيرهم يوم التناد

ç  عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِr قَالَ : « سَيَكُونُ فِى أُمَّتِى اخْتِلاَفٌ وَفُرْقَةٌ قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ لاَ يَرْجِعُونَ حَتَّى يَرْتَدَّ عَلَى فُوقِهِ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسُوا مِنْهُ فِى شَىْءٍ مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ» قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا سِيمَاهُمْ قَالَ : « التَّحْلِيقُ »(([20]

ç  فائدة قال ابن حجر في الفتح"قال الكرماني فيه إشكال وهو أنه يلزم من وجود العلامة وجود ذي العلامة فيستلزم أن كل من كان محلوق الرأس فهو من الخوارج والأمر بخلاف ذلك اتفاقا ثم أجاب بان السلف كانوا لا يحلقون رؤوسهم إلا للنسك أو في الحاجة والخوارج اتخذوه ديدنا فصار شعارا لهم وعرفوا به قال ويحتمل أن يراد به حلق الرأس واللحية وجميع شعورهم أوأن يراد به الإفراط في القتل والمبالغة في المخالفة في أمر الديانة قلت (ابن حجر) الأول باطل لأنه لم يقع من الخوارج والثاني محتمل والثالث كالثاني والله أعلم.

ثامناً : المشاءون بالنميمة والوقيعة بين الأحباب والمتهمون للشرفاء بالباطل

ç  وهذه الآفة من أكثر ما انتشر في هذه الأيام ، فترى أعراض الناس وسيرتهم صارت ألعوبة في ألسنتنا وترى نقل الكلام بين الناس أمرا معتادا عندنا بل وشهوة في أكثر الأحيان خاصة عند نساء هذا الزمان وترى حب التشفي خاصة في الشرفاء البرءاء أصبح لذة عند الكثيرين منا

ç  وهؤلاء من شر الناس في الدنيا والآخرة ودليل ذلك ما جاء عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِr قَالَ : أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ:الَّذِينَ إِذَا رُؤُوا ذُكِرَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ ؟ الْمَاشُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ الْبَاغُونَ للبُرَاءَ الْعَنَتَ(([21]

تاسعا وعاشراً : الثرثارون والمتشدقون

ç  وهاتان الآفتان كسابقتهما فيما يتعلق بآفات اللسان ، وذلك لما له من الخطر ،وَالثَّرْثَرَةُ كَثْرَةُ الْكَلَامِ وَتَرْدِيدُهُ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ:هُمْ الْمُتَوَسِّعُونَ فِي الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ اِحْتِيَاطٍ وَاحْتِرَازٍ وَقِيلَ أَرَادَ بِالْمُتَشَدِّقِ الْمُسْتَهْزِئِ بِالنَّاسِ يَلْوِي شَدْقَهُ بِهِمْ وَعَلَيْهِمْ وَالشَّدْقُ جَانِبُ الْفَمِ

ç  أما ما يدل على عظيم خطرهم بجعلهم من شر الناس ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِr أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟ فَقَالَ:هُمُ الثَّرْثَارُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ،أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقًا(([22]

ç  ولعل حديثا من أحاديث النبي يكشف لنا عن مظهر من مظاهر هذا الخطر يكفينا رعبا ويغنينا عن ذكر غيره ، إنه شر الفراق بينك وبين رسول الله ، إنه المباعدة بينك وبينه في المجلس في الوقت الذي ترجو لقاءه وتتمنى قربه ، ولكن لسانك أبى الا أن يجعلك من المبعدين الأشرار ، وتدبر معي حديث النبي المختار فعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِr قَالَ « إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَىَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ »قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ قَالَ « الْمُتَكَبِّرُونَ »(([23]

 

 

 

 

شر الناس منزلة يوم القيامة

 

م

صاحب الذنب

1

المنافق ذو الوجهين

2

مَنْ يتجنبهم النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهم وفحشهم وسوء أدبهم

3

من باع آخرته بدنيا غيره

4

الرجل الذي ينشر سر امرأته أو عيبها في أمر الجماع وهي كذلك

5

أهل البدع ممن يقدسون الصالحين ويبنون عليهم الأضرحة ويطوفون حولها متوسلين بأصحابها من دون الله

6

قارئ القرآن الفاجر الذي لا يعمل بشيء منه

7

الخوارج ومن شابههم في هذا العصر من المحاربين للعلماء وأهل الصلاح المهملين لأهل الفسق والفجور أو الرفقاء بهم

8

المشاءون بالنميمة والوقيعة بين الأحباب والمتهمون للشرفاء بالباطل

9

الثرثارون : وهم الذين يكثرون الكلام من غير فائدة(على الفاضي والمليان)

10

المتشدقون : الذين يسخرون من العلماء فيقلدونهم بتحريك أشداقهم أو العلماء المتكلفون في كلامهم

 



[1]- النحو الوفي ، عباس حسن

[2]- صحيح البخاري

[3]- فتح الباري

[4]- أخرجه أبو داوود بسند صحيح

[5]- أخرجه البخاري في صحيحه وأبو داوود وغيرهما

[6]- أخرجه الطبراني في الأوسط

[7]- تحفة الأحوذي

[8]- أخرجه ابن ماجة والبيهقي والطبراني بسند حسن

[9]- أخرجه أبو داوود والترمذي وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ

[10]- الطبراني في الأوسط والإمام الرازي في تفسيره

[11] - أبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في الزهد

[12]- عمر بن عبد العزيز للصلابي

[13]- أخرجه مسلم في صحيحه

[14]- أخرجه البزار وأحمد واللفظ له وحسنه الألباني

[15]- فيض القدير

[16]- أخرجه مسلم

[17]- متفق عليه

[18] - السنن الكبرى للبيهقي والحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

[19] - أخرجه أحمد والنسائي والحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي قي التلخيص

[20] - أخرجه مسلم وأبو داوود واللفظ له

[21] - الأدب المفرد وحسنه الالباني

[22] - احمد بسند حسن

[23] - أخرجه الترمذي وحسنه وصححه الألباني

 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free