الصاحب ساحب
إلى كل طالب في مدرسته وكليته ..من تصاحب؟
إلى كل عامل في مصنعهخ وعمله .. إلى كل رجل وامرأة ...من تصاحب؟
إلى كل شاب وفتاة ...من تصاحبون؟
والجواب عليكم بمصاحبة الأخيار والبعد عن الأشرار فالطبع سراق والصاحب ساحب .
فكم من جارة سلطت جارتها على زوجها فأفسدت بينهما ، وكم من صاحب كان السبب في أن يوقع صاحبه في الحرام بل في شرب الدخان ومن بعدها المخدرات والمسكرات ، وكم من فتاة دخلت الجامعة وهي مثال لطهر والعفاف وخرجت من الجامعة وكانت على علاقات محرمة بذئب أو ذئبين ... كم من فتاة ذهبت غلى الجامعة بحجابها فلما صاحبت المتبرجات ألقت عنها حجابها وزخلعت جلبابها وصارت من المتبرجات المنحلات.
كم من شاب كان مثال الإلتزام ، رباه والده على القرآن وعلى سنة النبي العدنان فلما بلغ واشتد ساعده صاحب فلانا وفلان فكانت نهايته علاقات محرمات وإدمان
* ها هو عمران بن حطان :
كان من التابعين وكان على خير وصلاح وتزوج ابنة عم له على مذهب الخوارج وكانت حسناء وطمع في هدايها فهدته هي طريق الخوارج المذموم الثقيل فطفق يطعن في أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وأثنى على قاتله فقال ابم ملقم كما قال الذهبي سير أعلام النبلاء
يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا * إِلاَّ لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ رِضْوَانَا
إِنِّي لأَذْكُرُهُ حِيْناً فَأَحْسِبُهُ * أَوْفَى البَرِيَّةِ عِنْدَ اللهِ مِيْزَانَا
أَكْرِمْ بِقَوْمٍ بُطُوْنُ الطِّيْرِ قَبْرُهُمُ * لَمْ يَخْلِطُوا دِيْنَهُم بَغْياً وَعُدْوَانَا
أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحاً خَبِيثَةً »
قال النووي رحمة الله في هذا الحديث فَضِيلَة مُجَالَسَة الصَّالِحِينَ وَأَهْل الْخَيْر وَالْمُرُوءَة وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَالْوَرَع وَالْعِلْم وَالْأَدَب ، وَالنَّهْي عَنْ مُجَالَسَة أَهْل الشَّرّ وَأَهْل الْبِدَع ، وَمَنْ يَغْتَاب النَّاس ، أَوْ يَكْثُر فُجْرُهُ وَبَطَالَته
أولا قطف الثمرات
1-مصاحبة الصالحين دليل على صلاحك
أخرج مسلم من حديث مسلم من حديث أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ » . رواه البخاري ومسلم وأبي داود وأحمد
قال مالك :الناس أشكال كأشكال الطير الحمام مع الحمام والغراب مع الغراب والبط مع البط وكل إنسان مع شكله
قال الأوزاعي رحمه الله الصاحب للصاحب كالرقعة من الثوب إذا لم تكن مثله شانته
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِطُ » . وَقَالَ مُؤَمَّلٌ « مَنْ يُخَالِلُ » . رواه أحمد والترمذي وأبو داود والبيهقي في " شعب الإيمان " وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب . وقال النووي : إسناده صحيح
قال سفيان بن عيينه : انظروا إلى فرعون معه هامان ،
انظروا إلى الحجاج معه يزيد بن أبي مسلم شر منه ،
انظروا إلى سليمان بن عبد الملك صحبه رجاء بن حيوة فقومه وسدده
قال ابن مسعود رضي الله عنه ما من شيء أدل على شيء ولا الدخان من النار من الصاحب على صاحبه
قال عدي بن زيد :
عن المرء لاتسأل وسل عن قرينه ------ فكـل قـريـن بالمـقـارن يقـتـدي
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم ---- ولا تصاحب الأردي فتردى مع الردى
وقال آخر
أنت في الناس تقاس بالذي اخترت خليلا ----- فاصحب الأحيار تعلو وتنل ذكرا جميلا
2-جليسك الصالح يبصرك بعيوبك :
أخرج أبو داود من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ » . رواه أبو داود وحسنه الألباني في الأدب المفرد
قال الحسن رحمه الله : المؤمن مرآة أخيه إن رأى منه ما لا يعصبه سدده وقومه وحاطه وحفظه في السر والعلانية
3- جليسك الصالح يحفظك في غيبتك
فلا يفشي لك سرا ولا ينتهك لك حرمة
قال بعض الأدباء : لا تصاحب من الناس إلا من يكتم سرك ويستر غيبك فيكون معك في النوائب ، ويؤثرك في الرغائب ،وينشر حسنتك ويطوي سيئتك ، فإن لم تجده فلا تصاحب إلا نفسك
4- جليسك الصالح ينفعك في حياتك وبعد مماتك
َإِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ « دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ » رواه مسلم وأحمد
قال عبيد الله بن الحسن رحمه الله لرجل
استكثر من الصديق الصالح فإن أيسر ما تصيب منه أن يبلغه موتك فيدعو لك
ذكر الخطيب البغدادي في تاريخه (تاريخ بغداد ) في ترجمة الطيب بن إسماعيل من أنه كانت له صحيفة مكتوب فيها ثلاثمائة من اصدقائه قال وكان يدعو لهم كل ليلة فتركهم ليلة فنام فقيل له في نومه يا أبا حمدون لم تسرج مصابيحك الليلة قال فقعد فاسرج وأخذ الصحيفة فدعا لواحد واحد حتى فرغ
5-مجالسة الصالحين ذكر لله عز وجل
أخرج الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ رواه مسلم
6-يكفيك من مصاحبة الأخيار أنك برؤيتهم تتذكر الله :
-أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أولياء الله تعالى: الذين إذا رءوا ذكر الله تعالى "حسن" الألباني في الجامع الصغير
-عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ » . قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « خِيَارُكُمُ الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ » . تحفة 15773 رواه ابن ماجه
-قال سفيان رحمه الله : ربما لقيت الأخه من إخواني فأقيم شهرًا عاقلا بلقائه
7- يكفيك من مصاحبة الأخيار أنها سبب لدعاء الملائكة لك
أخرج التمذي من حديث أبي هريرة أن النبي صلى اله عليه وسلم قال « مَنْ عَادَ مَرِيضاً أَوْ زَارَ أَخاً لَهُ فِى اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً » . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ . رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الجامع
8- لو لم يكن من مصاحبتهم إلا طمعًا في شفاعتهم يوم القيامة لكفى بها من فضل :
عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ شُعْبَةُ رَفَعَهُ مَرَّةً إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « يُخْرِجُ اللَّهُ قَوْماً مُنْتِنِينَ قَدْ مَحَشَتْهُمُ النَّارُ بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ فَيُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِيُّونَ » . قَالَ حَجَّاجٌ « الْجَهَنَّمِيِّينَ » . معتلى 2239 مجمع 10/380 رواه أحمد حديث صحيح
وفي المقابل كم من صاحب ألقى صاحبه في الجحيم التي لا يموت فيها ولا يحيى ، فالصاحب ساحب إما أن يأخذك بييدك إلى مرضاة الله ،وإما أن يأخذك بيدك إلى غضب الله
ولا أبالغ إذا قلت إن مصاحبة حتى الحيوان تؤثر في النفس : أخرج البخاري من حديث أبي هريرة - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِى أَهْلِ الْخَيْلِ وَالإِبِلِ ، وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ ، وَالسَّكِينَةُ فِى أَهْلِ الْغَنَمِ » . أطرافه 3499 ، 4388 ، 4389 ، 4390 تحفة 13823 رواه البخاري ومسلم ومالك وأحمد
فالناقة التي تمشي رافعة رأسها تورث من يجالسونها الكبر والخيلاء ، فالشاة لما كانت ساكنة أورثت أهلها سكونا وتواضعا
وقد صح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما عند الطبري في تفسيره أنه ركب بِرذَوْنًا فجعل يتبختر به، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترًا، فنزل عنه، وقال: ما حملتموني إلا على شيطانٍ! ما نزلت عنهُ حتى أنكرت نَفسي.
ومع الصاحب ساحب
1-تورث الحسرة والندامة
قال تعالى :[ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ][الفرقان : 27]
أورد السيوطي في الدر المنثور عن ابن عباس رضي الله عنهما : " ان أبا معيط كان يجلس مع النبي صلى الله عليه و سلم بمكة لا يؤذيه وكان رجلا حليما وكان بقية قريش اذا جلسوا معه آذوه وكان لابي معيط خليل غائب عنه بالشام فقالت قريش : صبا أبو معيط وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته : ما فعل محمد مما كان عليه ؟ فقالت : أشد مما كان أمرا أبو معيط فحياه فلم يرد عليه التحية فقال : مالك لا ترد علي تحيتي ؟ فقال : كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت ؟ قال : أوقد فعلتها قريش ؟ ! قال : نعم قال فما يبرىء صدورهم ان أنا فعلت قال : نأتيه في مجلسه وتبصق في وجهه وتشمته باخبث ما تعلمه من الشتم ففعل فلم يزد النبي صلى الله عليه و سلم ان مسح وجهه من البصاق ثم التفت اليه فقال : ان وجدتك خارجا من جبال مكة أضرب عنقك صبرا فلما كان يوم بدر وخرج أصحابه أبى أن يخرج فقال له أصحابه : أخرج معنا قال : قد وعدني هذا الرجل ان وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا فقالوا : لك جمل أحمر لا يدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليهن فخرج معهم فلما هزم الله المشركين وحل به جمله في جدد من الأرض فاخذه رسول الله صلى الله عليه و سلم أسيرا في في سبعين من قريش وقدم اليه أبو معيط فقال : تقتلني من بين هؤلاء ؟ قال : نعم بما بصقت في وجهي فانزل الله في أبي معيط ويوم يعض الظالم على يديه إلى قوله وكان الشيطان للانسان خذولا "
أخرج البخاري ومسلممن حديث سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِى طَالِبٍ « يَا عَمِّ ، قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ » . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَمَا وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ، مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ » . فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ ( مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) الآيَةَ . وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِى أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) . رواه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد
2-الصحبة الفاسدة تصد عن الخير والطاعة
ففي صحيح البخاري ومسلم أنهما قالا أن هرقل سأل أبو سفيان جملة من الأسئلة وعلم من الإجابة ما يقطع بصحة النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِى دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الرُّومِ ، هَلْ لَكُمْ فِى الْفَلاَحِ وَالرُّشْدِ وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِىَّ ، فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ قَالَ رُدُّوهُمْ عَلَىَّ . وَقَالَ إِنِّى قُلْتُ مَقَالَتِى آنِفاً أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ ، فَقَدْ رَأَيْتُ . فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ . رواه البخاري
3-الصحبة السيئة تشكك في دينك
قال تعالى : [قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ (61)][الصافات :51-61]
4-صاحب السوء يجعلك تتجرأ على المعاصي وتستفل أعمالك السيئة
فإذا تناولت سيجارة ثم وجدت أصحاب السوء يشربون المخدرات قالت لك نفسك : أنت بتعمل أيه زي الناس ، أهو غيرك بيشرب مخدرات
ثبت في صحيح البخاري عن حذيفة رضي الله عنه قال : إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالاً هِىَ أَدَقُّ فِى أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ ، إِنْ كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم الْمُوبِقَاتِ . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى بِذَلِكَ الْمُهْلِكَاتِ . رواه البخاري
5-أصحاب السوء مجالس لا تخلو من الغيبة والنميمة والكذب أو اللعن
قال تعالى : [وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ][الأنعام : 68]
أخرج أبو داود بسند صحيح وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم « مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً » . رواه أبو داود واحمد
6-صاحب لا يحفظ عهدك ولايصونك في أهلك
ففي صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم « تَجِدُونَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ » . رواه البخاري ومسلم والترمذي وأحمد والحميدي
قال بعض السلف : لا تأمنن فاسقًا فإنه خان أول منعم عليه
قال تعالى :[ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ][البقرة : 14]
كل من لا يؤخيك في الله ------------- فلا ترج أن يدوم إخاؤه
إن خير الأخوان من كان في الله ---------- له دام وده وصفاؤه
7-صاحب السوء يضيع أوقاتك من الباطل
قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل لا يصاحب الأشرار لأن صحبة صاحب السوء قطعة من النار تعقب الضغائن لا يستقيم وده ولا يفى بعهده وإن من سعادة المرء خصالا أربعا أن تكون زوجته موافقه وولده أبرارا وإخوانه صالحين وأن يكون رزقه في بلده
وكل جليس لا يستفيد المرء منه خيرا تكون مجالسة الكلب خيرا من عشرته ومن يصحب صاحب السوء لا يسلم كما أن من يدخل مداخل السوء روضة العقلاء صـ101
الناس شتىّ إذا ما أنت ذقتهم *** لا يستوون كما لا يستوي الشّجر
هذا له ثمر حلو مذاقته *** و ذاك ليس له طعم و لا ثمر
8-دعاة على أبواب جهنم
أخرج البخاري ومسلم عن حذيفة رضي الله عنه رضي الله عنه قال كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ « نَعَمْ » . قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ « نَعَمْ ، وَفِيهِ دَخَنٌ » . قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ « قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِى تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ » . قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ « نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ « هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا » قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ قَالَ « تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ » . قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ » رواه البخاري ومسلم وأحمد
فيا من تصاحب أصحاب السوء ،اعلم أنه ما من سبق إلا مثل جلساؤه على فراش الموت
قال الذهبي في الكبائر
قال مجاهد : ما من ميت يموت إلا مثل له جلساؤه الذين كان يجالسهم
احتضر رجل ممن كان يجالس شراب الخمر إنه حين حضره الموت فجاءه إنسان يلقنه الشهادة فقال له : اشرب و اسقني ثم مات
هناك أربعة من الشباب تعاونوا على الفجور وكانوا لا يسمعون ببلد يكثر فيها الزنا إلا سافروا إليها وفي بلد من البلدان وفي ذات ليلة وفي ساعة متأخرة من الليل وبينما هم في غمرة اللهو والمجون إذ بأحد الأربعة يسقط مغشيا عليه فيهرع إليه أصحابه الثلاثة فيجدونه في أنفاسه الأخيرة فيقول له أحدهم :قل لا إله إلا الله فيرد الشاب : إليك عني زدني كأس وتعالى يا فلانه ثم فاضت روحه إلى الله وهو في تلك الحالة السيئة فعادوا غلى بلادهم وهم معهم ولكنه محمولا في تابوت ، ولما وصلوا المطار فتحوا التابوت ليتأكدوا من جثته فلما نظروا إلى وجهه فإذا عليه كذرة وسوادا
أما في يوم القيامة :
1-يتخلى بعضهم عن بعض
قال تعالى :[ الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ][الزخرف : 67]
ويقول أهل الكفر [فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101)][الشعراء :100-101]
2-يرى صديقة ولكنه لا يملك له نصرا
قال تعالى : [وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ (13) وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ (14)] [المعارج : 10-14]
3-يلعن بعضهم بعضًا
قال تعالى : [كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ ][الأعراف : 38]
فاترك أصحاب السوء قبل أن تعرف وتوصف بهم
أنت في الناس تقـاس ----- بالذي اختـرت خليـلاً
فاصحب الأخيار تعلو ------ وتنل ذكــراً جميــلا
صحبة الخامل تكسو -------- من يؤاخيه خمولا
قال أبو الأسود الدؤلي
ما خلق الله خلقا أضر من الصاحب السوء
فهل تحب يوم القيامة أن تكوةن مع قارون وفرعون وهامان أم مع الحبيب العدنان
هل تحب أن تكون مع الفسقة الفجار أم مع الصحابة الأطهار؟
هل تحب أن تكون مع أهل الفساد وأصحاب السوء في نار الجحيم ،أم تحب أن تكون مع المتقين في جنة رب العالمين.