الكذب
1- ما هو 2- مظاهره في الواقع 3- السلف وترك الكذب 4- خطورته 5- علاجه 6- متى يجوز الكذب
هو الإخبار بالشيء بخلاف ما هو به
ويكون في الأفعال مكما في القوال بأن يفعل فعلا عل خلاف حقيقته كالنفاق مثلا ولذا سماه الله كذبا فقال الله : [فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ] [البقرة:10]
· وقد يكون هذا هذا أخطر من الكذب في القول كما حكى الله عن أخوة يوسف [وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ] [يوسف:18][وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ] [يوسف:6 ]
· فيكون كذبـًا وقالوا كذبـًا بِدَمٍ كَذِبٍ
· وهو خطير مهما دق ولهذا حذر منه رسول الله مما يظنه بعض الناس لا يدخل تحت الكذب فقال
1. قَالَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم « وَيْلٌ لِلَّذِى يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ فَيَكْذِبُ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ » . رواه الترمذي أبو داود ، وأخرجه الحاكم وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
2. عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِطَعَامٍ، فَعَرَضَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا لَا نَشْتَهِيهِ، فَقَالَ: «لَا تَجْمَعْنَ جُوعًا، وَكَذِبًا»رواه ابن ماجه وأحمد [تعليق محمد فؤاد عبد الباقي]في الزوائد إسناده حسن لأن شهرا مختلف فيه.
[حكم الألباني] حسن
3. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ دَعَتْنِى أُمِّى يَوْماً وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ فِى بَيْتِنَا فَقَالَتْ هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ . فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ » . قَالَتْ أُعْطِيهِ تَمْراً . فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِيهِ شَيْئاً كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ » . رواه أبو داود وأحمد [حكم الألباني] : حسن
أنواعه
1- الكذب على الله
a. فيما يتعلق بالتحليل والتحريم
قال الله تعالى : [وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ][النحل : 116]
b. أو الحكم على أحد بدخول الجنة أو النار
c. أو بالعبارات مثل رزق الهبل على المجانين & يعطي الحلق للذي بلى أذنيه
2- الكذب على رسوله
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» رواه البخاري وغيره
3- كذب على الناس وهو مقصود الحديث
مظاهره
1- الكذب في الأحوال مع الله
* ندعي محبة الله وقد تربعت الدنيا في قلوبنا
* ندعي محبة رسول الله وقد أخدذنا شهواتنا وأهوائنا
* ندعي أننا مسلمون وما أنقدنا لله ورسوله
* إذا صليت فكرت في همك أو الدنيا فكذب قلب لسانك حين قلت الله أكبر
قال لي أحد الأخوان في التراويح ما إن قلنا الله أكبر حتى بكي واحد كان يصلي جنب صاحبي فيقول فلما انهينا الصلاة قلت له لماذا بكيت إن الإمام لم يقرأ حتى الفاتحة فلما بكيت قال بكيت لأننا أصبحنا كاذبون نقول الله أكبر ولا نعظم الله في قلوبنا نقولها ولا نفعل ما يأكد هذه الحقيقة نقولها باللسان وحسب قال تعالى [َومَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ] [الزمر: 67] الله أكبر من الدنيا ومن فيها ومن عليها، الله أكبر من مالي وعيالي وكل شيء، فإذا قلت فعلاً الله أكبر فاستشعر حقا أن الله أكبر، أكبر من نفسي، أكبر من هواي، وأكبر من شهواتي، وأكبر من أولادي، وأكبر من مالي، وأكبر من زوجتي، وأكبر من الدنيا
* إذا دعي إلى الصلاة أعرضت وبعد ذلك تدعي الإيمان
* ما مدى وجود الله في قلبك في فرحك هل يرضي الله ؟ لكن الناس والهوى
في حزنك هل يرضي الله ؟ لكن النفس والدنيا
في أحوالك كلها هل يرضي الله ؟ لكن الشيطان والأهل
من يدعي هوانا لا ينظر إلى سوانا
* قصتها
* إن هذا الكذب يظل يرمي بك فيكون ما وقر في القلب غير ما ادعته الجوارح ويظل يحجب هذا الكذب على قلبك فتنتقل من الكذب مع الله إلى الكذب عليه وهذا هو المحذور قال تعالى [قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ][الزمر : 53]
* كذا توبة واستغفار الكاذبين
2- كذب الحكام وكل من ولي من أمر المسلمين شيء
* عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ شَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ رواه مسلم
* مؤالاة أمر المسلمين وبرامجهم الإنتخابية وخططهم المستقبلية وخارطة الطريق التي يضعونها للسير عليها وبعد كل ذلك تجده سرابًا وكذا أصحاب الأعمال الذين يلون أمور المسلمين في المصانع والشركات وغيرها
3- كذب الذين يحبون الظهور
فكثير من الناس يكذب ليظهر اشتريت بيت بكذا ولابس طقم بكذا ، عندي كذا وكذا
* وهذه قمة الغباء في معصية الله ورسوله هذا الذي نسميه أبو لمعه على أي شيء يرتكب هذه الكبيرة لا تدري مع أن رسول الله حرمها ونفر منها
* عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى ضَرَّةً ، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِى غَيْرَ الَّذِى يُعْطِينِى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَىْ زُورٍ » . رواه البخاري ومسلم
4- التجار
وهذا الذي يحدث كثيرا مع أصحاب التجارة في تعاملاتهم المالية في بيعهم وشرائهم وقد بين رسول الله أن بيعا لا صدق فيه ولا بركت فيه فقال عن حكيم بن حزام- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا- أو قال: حتّى يتفرّقا- فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» رواه البخاري ومسلم
* وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن التجار هم الفجار فقيل يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع قال نعم ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون أخرجه أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد والبيهقي
* ولابد وأن يحلف التجار بالله وكثيرا ما يكون كذبا فأين يذهبون من الله
قال صلى الله عليه و سلم من حلف حالف بالله فأدخل فيها مثل جناح بعوضة إلا كانت نكتة في قلبه إلى يوم القيامة أخرجه الترمذي والحاكم وصحح إسناده من حديث عبد الله بن أنيس
4- كل من يجعل رزقه من الكذب
كالتجار السابقين أو افعلاميين الذي يشهوهون صورة الإسلام لأن رزقهم الكذب ، والصحفيين الذين ينشرون أخبارا لا أساس لها من الصحة لرزقهم فيها ( خبطة صحفية ) هكذا كل من أكل أو شرب أو رزق من ككذب فهو داخل في وعيد الله وقد قال الله [وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ][الواقعة : 82]
السلف وترك الكذب
· فقال عمر بن عبد العزيز والله ما كذبت منذ علمت أن الكذب يشين صاحبه
إحياء علوم الدين (3/ 137)
* يقول ابن السماك وهو من علماء السلف: [ ما أراني أؤجر على ترك الكذب، قيل: ولم؟ قال لأنني أدعه أنفة ] من أسباب عذاب القبر (3/ 10، بترقيم الشاملة آليا)
* قال الليث بن سعد كانت عينا سعيد بن المسيب ترمص حتى يبلغ الرمص خارج عينيه فيقال له لو مسحت عينيك فيقول وأين قول الطبيب لا تمس عينيك فأقول لا أفعل إحياء علوم الدين (3/ 141)
* وعن خوات التيمي قال جاءت أخت الربيع بن خثيم عائدة لابن له فانكبت عليه فقالت كيف أنت يا بني فجلس الربيع وقال أرضعتيه قالت لا قال ما عليك لو قلت يا ابن أخي فصدقت إحياء علوم الدين (3/ 141)
لماذا هذه الدقة ؟
لأنه من انسل لسانه في الكذب عند حد اختياره كذب ولم يشعر
ومن استحلى رضاع الكذب عَسِر فطامه
لماذا ركز الشارع على كذب اللسان ؟
لأن أول ما يسري الكذب في النفس إلى اللسان فيفسده ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله فيعم الكذب اقواله وأعماله وأحواله فيستحكم عليه الفساد ويترامى دواؤه إلى الهلكة إن لم يتداركه الله بدواء الصدق بِقَلْعِ تِلْكَ الْمَادَّةِ مِنْ أَصْلِهَا.
وَلِهَذَا كَانَ أَصْلُ أَعْمَالِ القُلُوبِ كُلِّهَا الصِّدْقَ وَأَضْدَادُهَا مِنْ الرِّيَاءِ وَالعُجْبِ وَالكِبُرِ وَالفَخْرِ والخُيلاءِ وَالبَطَرِ وَالأشَر والعَجْزِ وَالكَسَلَ وَالجُبْنِ وَالْمَهَانَةِ وَغَيْرِهَا أَصْلُهَا الكَذِبُ فَكُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ ظَاهِرٌ أَوْ بَاطِنٌ فَمَنْشَؤُهُ الصِّدْقُ وَكُلُّ عَمَلٍ فَاسِدٍ ظَاهِرٍ أَوْ بَاطِنٍ فَمَنْشَؤُوهُ الكَذِبُ، وَاللهُ تَعَالى يُعَاقِبُ الكَذَّابَ بَأَنْ يُقْعِدَهُ وَيُثَبِّطَهُ عَنْ مَصَالِحِهِ وَمَنَافِعِهِ وَيُثِيبُ الصَّادِقَ بَأَنْ يُوَفِّقَهُ لِلْقِيَامِ بِمَصَالِحِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ.
وكان الصدق في صدر الإسلام أساسًا في القول والعمل والمعاملة، وخصوصًا فيما يتعلق بالدين وحفظ الحديث.
فقد وُرِثَتْ عن العُلماء الأوائل عُلومُ الدين مَضْبُوطة كامِلَةً كَمَا أُنزِلَت على رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وحَدَّث عنها.
وكان عُلماءُ الدين وجامِعُوا أَحَادِيثِ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَتَحرونَ صِدقَ الُمَحِّدِث بِشَكْلٍ عَجِيبٍ.
يَدْرُسُونَ حَيَاتَه وَيَتَحقَّقونَ مِنْ أَقواله وأَعماله وأنه يأكل مِنْ كسْب يَدِهِ وَلَمْ يَدخل على سلطان في صُحْبَةٍ أَوْ وَظِيفَةٍ.
وَأنه يُطبّقُ تَعَالِيمَ الدِّينِ كَاملةً ولم تُعْهَدْ عليه كِذْبَة في حَيَاته. فعندها يُؤْخَذُ عنه الحديث النبوي. موارد الظمآن لدروس الزمان (1/ 370)
أضراره
1- ليس من صفات المؤمن
*قال تعالى :[ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ][النحل : 105]
* عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، أَنَّهُ قِيلَ للنبي صَلى الله عَلَيه وَسَلم: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قال: فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟ فَقَالَ: لا. رواه مالك مرسلا ضعيف
* عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ رواه أحمد إسناده ضعيف
2- أبغض الأخلاق لرسول الله وأصحابه
* عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : { مَا كَانَ مِنْ خُلُقٍ أَبْغَضَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْكَذِبِ مَا اطَّلَعَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ فَيَخْرُجُ مِنْ قَلْبِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ تَوْبَةً } .رواه أحمد والبزار بسند صحيح
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِذَا كَذَبَ الْعَبْدُ تَبَاعَدَ عَنْهُ الْمَلَكُ مِيلاً مِنْ نَتْنِ مَا جَاءَ بِهِ » . رواه الترمذي [حكم الألباني] : ضعيف جدا وقال الترمذي حسن غريب
3- سقوطك من نظر أخوانك لخيانتهم
* عن سُفْيَانَ بْنَ أُسَيْدٍ الْحَضْرَمِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال ، قال صلى الله عليه و سلم كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له به كاذب // حديث كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له به كاذب أخرجه البخاري في كتاب الأدب المفرد وأبو داود من حديث سفيان بن أسيد وضعفه ابن عدي ورواه أحمد والطبراني من حديث النواس بن سمعان بإسناد جيد إحياء علوم الدين (3/ 134) [قال الشيخ الألباني] : ضعيف
4- الكذب مرض
* عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ السَّعْدِىِّ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ » . وَفِى الْحَدِيثِ قِصَّةٌ . قَالَ وَأَبُو الْحَوْرَاءِ السَّعْدِىُّ اسْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ . قَالَ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . رواه الترمذي وأحمد
ويعتبر علماء النفس المحدثون أن الكاذب مريض لأنه لم يستطع أن يحقق ما يريد عن طريق الصدق ولو صحت نفسيته لما لجأ إلى الكذب كما تشير التقارير النفسية إلى أن حياة الكاذب تتسم بالقلق والإضطراب النفسي وباعثه على ذلك الخوف الدائم من افتضاح أمره ويظل هذا الأمر يستأصل منه الطمأنية والسكينة وهذا يؤدي بدوره إلى كثير من الأمراض وعلى رأسها السرطان كما تهل الضغوط النفسية والقلق الناتج عن الكذب بلو تعمل على انتشاره إلى بقية أجزاء الجسم وكلما كانت الكذبة شنيعة كان التأثير أشد وأنكى على الجسد فضلا عن الكذب في عمومه قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وأمراض عضوية آخرى – مجلة الرابطة السعودية فبراير 1989 م عن الإعجاز العلمي في السنة
5- النفاق
* عَنِ الْحَسَنِ صَحَّ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ » . رواه أحمد
6- في المقبرة
* وفي حديث سمرة بن جندب الطويل الذي فيه رؤيا النبي صلّى الله عليه وسلّم قال فيه: "لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلوب من حديد - قال بعض أصحابنا عن موسى: كلوب من حديد يدخله في شدقه- حتى يبلغ قفاه ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك ويلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله، قلت ما هذا قالا انطلق..." وفي آخر الحديث قال صلّى الله عليه وسلّم: "قلت طوفتماني الليلة فأخبراني عما رأيت قالا: (نعم) أما الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يحدِّث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة..."(1). وفي رواية للبخاري أنه قيل للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ".. وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه؛ فإنه الرجل يغدُ من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق"(2).رواه البخاري وأحمد
7- في النار
* عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا»
[حكم حسين سليم أسد] : إسناده صحيح
5- علاجه
a. معرفة خطره
فلا قيمة لك في المجتمع ولا قيمة لك عند الله
b. في الصدق قافلة النجاة
* قال تعالى :[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ][التوبة : 119]
* قصة عبد القادر الجيلاني وصدقه
روي أن صبياً وهو عبد القادر الجيلاني أثناء طلب العلم ذهب إلى بغداد، فأعطته أمه أربعين ديناراً، فخرج على القافلة التي كان يسير فيها قطاع الطرق، فأتى أحد اللصوص إلى الجيلاني فقال: ما معك؟ قال: أربعون ديناراً! فظن أن الولد يكذب، فأعاد عليه مرة ثانية، فقال: معي أربعون ديناراً، فأتى به إلى زعيم اللصوص، فقال: ما معك؟ قال: أربعون ديناراً، ثم أخرجها؟ قال: ما حملك على الصدق؟ قال: إني عاهدت أمي على الصدق! قال: يا سبحان الله! أنت تخاف أن تنقض عهدك مع أمك على الصدق، وأنا لا أخاف أن أنقض عهد الله عز وجل، ثم قال: أنا تائب على يديك، فقال اللصوص: أنت كبيرنا في التوبة كما كنت كبيرنا في قطع الطريق، وتابوا على يد الجيلاني وهو طفل صغير.
c. التوبة النصوح
6- ما يباح في الكذب
عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ قَالَتْ: " مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَخَّصُ (1) فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَذِبِ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الرَّجُلِ يَقُولُ الْقَوْلَ يُرِيدُ بِهِ الْإِصْلَاحَ، وَالرَّجُلِ يَقُولُ الْقَوْلَ فِي الْحَرْبِ، وَالرَّجُلِ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ، وَالْمَرْأَةِ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا " رواه أحمد تحقيق الألباني:
صحيح، الصحيحة (545)
* قال الغزالي :الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب فيه حرام وإن أمكن التوصل إليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح إحياء علوم الدين (3/ 137)
* ويكذب في الحرب كقول النبي ^ فَخذِّلْ عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة
* يكذب على الزوجة
* قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه) قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى في كتاب الاستيعاب. روينا من وجوه صحاح أن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه مشي إلى أمة له فنالها. فرأته امرأته فلامته فجحدها فقالت له: إن كنت صادقا فاقرأ القرآن فإن الجنب لا يقرأ القرآن فقال:شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرين
وأن العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمين
وتحمله ملائكة شداد ملائكة الإله مسوّمينا فقالت آمنت بالله وكذبت عيني. وكانت لا تحفظ القرآن ولا تقرؤه.
اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية (3/ 4)
* كان معاذ بن جبل عاملا لعمر رضي الله عنه فلما رجع قالت له امرأته ما جئت به مما يأتي به العمال إلى أهلهم وما كان قد أتاها بشيء فقال كان عندي ضاغط قالت كنت أمينا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم وعند أبي بكر رضي الله عنه فبعث عمر معك ضاغطا وقامت بذلك بين نسائها واشتكت عمر فلما بلغه ذلك دعا معاذا وقال بعثت معك ضاغطا قال لم أجد ما أعتذر به إليها إلا ذلك فضحك عمر رضي الله عنه وأعطاه شيئا فقال أرضها به ومعنى قوله ضاغطا يعني رقيبا إحياء علوم الدين (3/ 139)
* وروي أن ابن أبي عذرة الدؤلي وكان في خلافة عمر رضي الله عنه كان يخلع النساء اللاتي يتزوج بهن فطارت له في الناس من ذلك أحدوثة يكرهها فلما علم بذلك أخذ بيد عبد الله بن الأرقم حتى أتى به إلى منزله ثم قال لامرأته أنشدك بالله هل تبغضيني قالت لا تنشدني قال فإني أنشدك الله قالت نعم فقال لابن الأرقم أتسمع ثم انطلقا حتى أتيا عمر رضي الله عنه فقال إنكم لتحدثون إني أظلم النساء وأخلعهن فاسأل ابن الأرقم فسأله فأخبره فأرسل إلى امرأة ابن أبي عذرة فجاءت هي وعمتها فقال أنت التي تحدثين لزوجك أنك تبغضينه فقالت إني أول من تاب وراجع أمر الله تعالى إنه ناشدني فتحرجت أن أكذب أفأكذب يا أمير المؤمنين قال نعم فاكذبي فإن كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك فإن أقل البيوت الذي يبنى على الحب ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب إحياء علوم الدين (3/ 138)
* المصلحة الراجحة
* وليس كل كذب النساء على أزواجهم أو العكس بل ما فيه مصلحة راجحة ولم يكن أحدهما أخطأ في هذا الكذب فلا يدخل فيه تكسير أوامر الزوج ثم الكذب عليه بقصد المصلحة
* وفي المعارض مندوحة الكذب
* وكان إبراهيم النخعي إِذَا طَلَبَهُ مَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الدَّارِ قَالَ لِلْجَارِيَةِ قَوْلِي لَهُ أطلبه في المسجد ولا تقولي له ليس ههنا كيلا يكون كذباً إحياء علوم الدين (3/ 140)
* قول النبي ^ حين سأل: مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحْنُ مِنْ مَاءَ»
* كقول أبي بكر الصديق حين هاجر مع النبي حِينَ هَاجَرَ مَعَهُ فَتَلْقَاهُ الْعَرَبُ وَهُمْ يَعْرِفُونَ أَبَا بَكْرٍ وَلَا يَعْرِفُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقُولُونَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: هَادٍ يَهْدِينِي السَّبِيلَ فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ يَعْنِي هِدَايَةَ الطَّرِيقِ، وَهُوَ إنَّمَا يُرِيدُ هِدَايَةَ سَبِيلِ الْخَيْرِ، فَيَصْدُقُ فِي قَوْلِهِ وَيُوَرِّي عَنْ مُرَادِهِ.
* وكان الشعبي إذا طلب في المنزل هو يكرهه خط دائرة وقال للجارية ضعي الأصبع فيها وقولي ليس ههنا وهذا كله في موضع الحاجة فأما في غير موضع الحاجة فلا لأن هذا تفهيم للكذب وإن لم يكن اللفظ كذباً فهو مكروه على الجملة
المرسل أي هو الحديث الذي سقط من إسناده الصحابي