إن الأوضاع التي نعيشها في بلادنا لا تخفى على أحد ، والكل في هذه الأيام صار ملتف حول القنوات الإخبارية ، صار قارئا للأخبار المحلية ، صار متابعا في هذه البلاد المباركة بالأحداث ، وترى الفتن تلو الفتن والمصائب تلو المصائب ، ولا نريد ان نسود الواقع ونجعله مظلما ولكن الواقع ينطق بالكثير ، ونسال الله جل وعلا أن يصلح أحوالنا ، وأن يرفع عنا سائر أنواع الوباء والإبتلاء ،إنه لا قادر على ذلك إلا الله .
في خضم هذه الفتن يبحث المصلحون عن طرق الإصلاح ، ترى ما الذي يمكن أن يصنع بأي شيء نبدأ ، من أي شيء ممكن أن ننطلق منه إلى فجر يوم عامر بالخير والرخاء ، إن أكثرهم يصرون على بداية واحدة وهذه البداية هي أن التغير يبدأ من الأنفس ، أن التغير يبدأ من المحكومين وليس من الحاكم ، إن التغير يبدأ من المحكومين قبل الحكومات ، تطبيقا لقول الله عوز وجل [إِِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ][الرعد : 11] كثير ما نسمع من الوعاظ ولدعاة أننا لا بد وأن نتغير ترى ما هذه الحقيقة التي سنتحدث عنها في حديث اليوم ليكون هذه اللبنة بداية للإصلاح حتى تأتي يوم القيامة وقد قدمت ما عليك وأن تكون قد برئت زمتك أمام الله جل وعلا وقد قلنا سابقا أن هناك آية في القرآن نسميها آية الإبتلاء قال الله تعالى على لسان سيدنا موسى حينما قال بني إسرائيل له :[ قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ][الأعراف : 129] كثيرا ما كنا نتهم الحكومات ترى ما المنتظر من الحكومة القادمة وكيف تكون الحكومة القادمة إسلامية هذا هو موضوع حديث اليوم عنوانه هو
من هنا نبدأ
نبدأ هذا الحديث في ثلاث نقاط نتحدث في
أولها عن حقيقة شرعية وتاريخية
ثم في ثانيها عن ولا يظلم ربك أحدا
ثم في ثالثها وأخيرها كيف يكون البناء في المرحلة القادمة كفرد من أفراد المسلمين
ونسال الله أن يفتح لهذا الحديث القلوب والعقول وأن يجعلنا من الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ
أما عن الحقيقة الشرعية والتاريخية
فإنها الحقيقة التي تقول إن إصلاح الرعية هو الذي يصلح الراعي وليس العكس هذه القضية كثيرا ما كان يتناولها المصلحون فالبعض يقول نبدأ بالحاكم والبعض يقول نبدأ بالمحكومين بالراعي يقول لأن الناس على دين ملوكهم وقد صدقوا في احدى الجزئيات واخطأ في الجزء الآخر والذي يقول نبدأ يالشعوب لأنها هي القوة الغالبة وقد صدقوا في جزئية وأخطأوا في جزئية آخرى الكل يتكامل مع بعضهما البعض يعني لابد أن يكون كليهما البعض ولكن دائما يبدأ الإصلاح من الشعوب
إن هذه الأحداث فضحتنا للأسف الشديد فقد أزيلت الحكومات ولكننا ما زلنا كما نحن البلطجة والغلاء والربا والغش و.......... وحدث ولا حرج فبعضنا ما زال يعلق الأخطاء على الفتنة الطائفية وبعض يعلق الأخطاء على الحكومات ما فكرنا أن السبب فينا ترى غلى أي مدى تغيرنا بعد هذه الأحداث ، إن البداية لابد أن تكون من أنفسنا وهذه الحقيقة هي حقيقة شرعية نطق بها ربنا ونطق بها نبينا صلى الله عليه وسلم ثم أثبت لنا التاريخ صدق ربنا وصدق نبينا صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى
* قال تعالى يحكي عن هذه الحقيقة في سورة الأنعام :[وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ][الأنعام : 129] إن الله عز وجل وضع قانونا إن الحاكم صورة المحكومين فإذا كان الشعب ظالما فلن يتولى عليهم إلا ظالم يمكن أن تجد شواذ ولكن القاعدة الأصلية إذا صلحت الرعية صلح الراعي وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ الإمام أبو فخر الرازي رحمه الله قال في تفسيره لهذه الآية : الآية تدل على أن الرعية متى كانوا ظالمين ، فالله تعالى يسلط عليهم ظالماً مثلهم فإن أرادوا أن يتخلصوا من ذلك الأمير الظالم فليتركوا الظلم وكلنا ظلم وضلال ويروي أبو الشيخ ابن حبان عن منصور بن أبي الأسود، قال: سألت الأعمش عن قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال: سمعتهم يقولون: إذا فسد الناس أمّر عليهم شرارهم التفسير المنير للدكتور وهبه الزحيلي
وأخرج البيهقي عن الحسن أن بني إسرائيل سألوا موسى فقالوا : سل لنا ربك يبين لنا علم رضاه عنا وعلم سخطه فسأله فقال : يا موسى أنبئهم أن رضاي عنهم أن استعمل عليهم خيارهم وأن سخطي عليهم أن استعمل عليهم شرارهم تفسير الدر المنثور هذا هو الواقع الذي نعيشه وكما قلنا هذه الحداث فضحتنا ونسأل الله أن يسترنا في الدنيا والآخرة
* والآية الثانية في سورة الزخرف تتحدث عن طاغية من أعظم طواغيت الأرض هذا الطاغية وصل به الحال إلى أن يدعي أنه رب الناس الأعلى إنه فرعون فقال [ َقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى *][النازعات : 24-25] فيقول الله في سورة الزخرف يتحدث عن كيف أستعلى في الأرض فيقول [فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ][الزخرف : 54] فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ قال ابن كثير في تفسيره أي: استخف عقولهم، فدعاهم إلى الضلالة فاستجابوا له وذلك ليبين لك أنهم كانت نفوسهم ملوثة بالذنوب لذلك جاء تزيل الآية ليبين لك أن المسئولية وقعت على قومه إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ
* أما من السنة فهذا حديث للنبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه لليمن قال له عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ: " إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ،بأي شيء أمرهم يا رسول الله فَادْعُهُمِ الَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، ماذا قال له بعدها رسول الله حديث يمكن أن يحفظه الكثير منا وليوضح لك أن الأمم هي التي تصنع قرار هذه الأمم فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، إذن الموضوع يتعلق بطاعتهم لأن الإسلام لا يجبر أحدا على تعاليمه ألم يقل أحد المصلحين أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تُــقم لكم في
أرضـــــكم أنت لم تتغير بعد هذه الأحداث فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حِجَابٌ رواه (أحمد ، والبخارى ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذى ، والنسائى ، وابن ماجه) هذا هو كتاب ربنا وهذه هي سنة نبينا صلى الله عليه وسلم الذي تبين أن التغير يبدأ من الشعوب وليس من الحكومات
* والتاريخ يقر هذه الحقيقة الشرعية فهذا أعظم قائد اسلامي قاد الدنيا بأسرها إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم يقل عنه الله َقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ هل يمكن لأحد أن يقول غير ذلك أنه لم يكن قائدا عظيما اعترف بذلك الكفرة مكث في مكة 40 سنة كانوا يلقبونه بالصادق الأمين ثم ظل في الدعوة 13 سنة يعني مكث في مكة 53 سنة كان يلقب قبل الدعوة بالصادق الأمين قال له أبو طالب يا ابن أخي إن عندي هؤلاء أشراف قومك، قد اجتمعوا لك، ليعطوك، وليأخذوا منك يريدون أن يقايضوه تريد ملك مال زوجه ......... ولكن كف عن سب ألهتنا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعم كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم" . قال فقال أبو جهل نعم وأبيك، وعشر كلمات قال: "تقولون لا إله إلا الله وتخلعون ما تعبدون من دونه" .هذا لمن أراد أن يحكم العالم أن يدع الأوثان أيا ما كانت هذه الأوثان قال فصفقوا بأيديهم ثم قالوا: أتريد يا محمد أن تجعل الإلهة إلها واحدا. إن أمرك لعجب ثم قال بعضهم لبعض إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئا مما تريدون فانطلقوا، وامضوا على دين آبائكم حتى يحكم الله بينكم وبينه. قال ثم تفرقوا. إذن البيئة التي كانت في مكة هي البيئة التي لم تساعد النبي لذلك لم تغيرت البيئة وتغير الناس وذهبوا غلى المدينة لم تمر 10 سنوات إلا والمسلمون قد استولوا على أكثر العالم بفضل أن المسلمون تفاعلوا مع قائدهم
قال رجل من أصحاب علي رضي الله عنه :
ظهرت الفتن في عهدك وعهد عثمان ولم تظهر في عهد أبو بكر وعمر قال لأن أبو بكر وعمر كان يحكمان مثلي ومثل عثمان أناس طاهري النفس أنقياء السريرة أولئك يريدون الإصلاح أما أنا وعثمان فنحكمك أنت وأمثالك ولقلنا ساعتها أن الخلافة في عهد عثمان وعلى كانت غير راشدة وحاشاهم ذلك
الحسن البصري سمع رجلا يسب الحجاج وكلنا يعلم أن الحجاج هذا كان طاغية وأن أمره موكول إلى الله وللحسن البصري مع الحجاج مواقف كثيرة وقف ضده وقد سمع مرة الحسن البصري رجلاً يسب الحجاج فقال له: لا تفعل يرحمك الله إنكم من أنفسكم أوتيتم، إننا نخاف إن عُزِلَ الحجاج أو مات أن تليكم القردة والخنازير وهو في القرن الأول الهجري وروى البصري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله المشهور: عمّالكم عملكم، وكما تكونوا يُوَلّى عليكم". (عمالكم) أي رؤساؤكم، (هم أعمالكم) أي انعكاس لأعمالكم
وبعد أن علمت هذه الحقيقة فاعلم ولا يظلم ربك أحدا إذا جاهرت الله بالمعاصي نزل بنا البلاء والوباء قال رسول الله يبين ذلك للمهاجرين مشكلة الذنوب الإجتماعية والثقافية والسياسي والإقتصادي ........ التي تقع في بيئاتنا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ : وأنا أريدك أن تتخيل هل هذه الأشياء موجوده في بيئاتنا أم لا
1- لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ سواء كانت زنا أو لواط أو عادة سرية أو أفلام إباحية فِي قَوْمٍ قَطُّ ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ ، وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. في حديث زينب زوج النبي حين سألت النبي يَا رَسُولَ اللهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ هذا الذي ضيعنا
2- وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ، إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ بالجوع والقحط ، وَشِدَّةِ الْمَؤُونَةِ المعانة ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ.
3- وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا. البخل سيطر على أكثرنا إلا من رحم الله جل وعلا
4- وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ ، إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ.
5- وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ ، إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ. ابن ماجه ، وأبو نعيم ، والحاكم ، والبيهقى فى شعب الإيمان ، وابن عساكر وقال الحاكم صحيح الإسناد وصححه الألباني
فإذا نظرت في حالنا وجدت انتشار الرشوة والمخدرات والفساد الجنسي ...........حدث ولا حرج عن الواقع الذي نعيشه وهذا بأيدينا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
والله عز وجل لا يظلم مثقال ذرة فلا بد أن يعلم كل واحد منا مسئول عن الإصلاح فلنجدد العهد مع الله جل وعلا قال تعالى :[فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ] [الأعراف : 6] 36.35
كيف يكون البناء في المرحلة القادمة كفرد من أفراد المسلمين
أولا كفى ظلما وقسوة
الكثيرون منا ممن يعملون مع قطاعات الناس مستغلون حتى في البيع والشراء لماذا تستغل فلان لأنه يستغلني سبحان الله ! لماذا كل هذا الظلم ؟ ولماذا كل هذه القسوة وصدق الإمام الشافعي حين قال
نعيب زماننا والعيـب فينـا *** وما لزماننا عيـب سوانـا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنبٍ *** ولو نطق الزمان لنا هجانـا
وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ *** ويأكل بعضنا بعضنا عيانـا
أبدا ما راينا ذئبا يأكل لحم ذئب ولكن نأكل لحم إخواننا لماذا كل هذا الظلم ولماذا كل هذه القسوة واسمع هذا الحديث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ » . رواه مسلم الطيالسى ، وأحمد ، والدارمى ، وأبو داود ، والترمذى ، وابن أبى شيبة ، والبيهقى فى شعب الإيمان إذا نظرت للحديث وجدت انه يتكلم عن التعامل مع الحيوانات المزكاة يعني حين تأتي لتذبح شاة أو خروفا أو غير ذلك النبي صلى لله عليه وسلم أمرنا بالإحسان إليها لابد وأن نريحها وأن نحد الشفرة حتى لا نألمها سبحان الله ! حيوان الشيخ محمد قطب حفظه الله يقول كلمات تكتب بماء من ذهب يقول لن يستفيد المقتول شيئا من أن تريحه في قتلته والمقصود هنا حيوان أو إنسان ما المستفيد وأنت تقتله في أن تريحه في قتله ولكن المستفيد هو أنت وهو أن يكون لك قلب إنسان إن الله عز وجل أراد أن تكون عندنا قلوب آدميين أن يكون عندنا قلب إنسان أرد أن يصطبغ بصبغة قائدنا ومعلمنا سيدنا رسول الله الذي قال له ربه [ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ][الأنبياء : 107] لابد أن نكف عن الظلم والقسوة فيما بين بعضنا البعض هذا أول خطوات العلاج
ثانيا أن تصطلح مع الله
إذا اصطلحت مع الله وأصلحت العلاقة بينك وبينه أصلح الله بينك وبين هذا الواقع ، ولكن ما يحدث لنا أنا وأنت إنما حدث بذنوبنا ، أنا أدخن فقط أنا أشرب مخدرات فقط ،أنا أنظر إلى الحران فقط هل يمكن أن تكون الذنوب هي سبب في الأزمة التي تقع فيها البلاد ، نعم يمكن أن تكون هذه الذنوب سبب لذلك ، أذكركم بذلك بقصة سيدنا موسى عليه السلام حين خرج يستقي لبني إسرائيل خرجوا إلى الصحراء وهم سبعون ألفا أو يزيدون فقال موسى عليه السلام إلهي اسقنا غيثك وانشر علينا رحمتك وارحمنا بالأطفال الرضع والبهائم الرتع والمشايخ الركع وظل موسى عليه السلام يدعو ربه فما زادت السماء إلا تقشعا والشمس إلا حرارة فقال موسى إلهي إن كان قد خلق جاهي عندك فبجاه النبي الأمي محمد صلى الله عليه و سلم الذي تبعثه في آخر الزمان فأوحى الله إليه ما خلق جاهك عندي وإنك عندي وجيه ولكن فيكم عبد يبارزني منذ أربعين سنة بالمعاصي فناد في الناس حتى يخرج من بين أظهركم فبه منعتكم فقال موسى إلهي وسيدي أنا عبد ضعيف وصوتي ضعيف فأين يبلغ وهم سبعون ألفا أو يزيدون فأوحى الله إليه منك النداء ومني البلاغ فقام مناديا وقال يا أيها العبد العاصي الذي يبارز الله منذ أربعين سنة اخرج من بين أظهرنا فبك منعنا المطر فقام العبد العاصي فنظر ذات اليمين وذات الشمال فلم ير أحدا خرج فعلم أنه المطلوب فقال في نفسه إن أنا خرجت من بين هذا الخلق افتضحت على رؤوس بني إسرائيل وإن قعدت معهم منعوا لأجلي فأدخل رأسه في ثيابه نادما على فعاله وقال إلهي وسيدي عصيتك أربعين سنة وأمهلتني وقد أتيتك طائعا فاقبلني فلم يستتم الكلام حتى ارتفعت سحابة بيضاء فأمطرت كأفواه القرب فقال موسى إلهي وسيدي بماذا سقيتنا وما خرج من بين أظهرنا أحد فقال يا موسى سقيتكم بالذي به منعتكم فقال موسى إلهي أرني هذا العبد
الطائع فقال يا موسى إني لم أفضحه وهو يعصيني أأفضحه وهو يطيعني يا موسى
التوابين لإبن قدامة صـ 82
يمكن أن يكون ذنبي وذنبك من الأسباب التي أدت إلى ذلك انظر إلى الجمع الخطيب يخطب والمسجد ما زال نصفه خاليا ، انظر إلى الصلوات ، انظر إلى المعاصي والموبقات تجدها مرتكبه ، المصيبة أننا ما ندعو الله في حالة الرخاء مع ان النبي قال تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة وقد يكون لنا عذر أننا مفتونون بالدنيا ولكن إذا أصابك هم لماذا لا نلجأ إلى الله ، الكفار كانوا خير منا كانوا يلجأون إلى الله في الشدة وانت ما فعلتها قال الله تعالى : [وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً ][الإسراء : 67] متى نلجأ إلى الله إذا لم يكن في هذا الوقت قال الله :[ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ][العنكبوت : 65] نحن نريدك أن تستقيم مع الله في البر والبحر ، في الرخاء والشدة ولا تكن كالكافرين ولكن انظر الكافرين يلجأون إلى الله في الشدة وأنت لا تفعل نحن الأن في شدة ومع ذلك لم تلجأ ، فلنفطن إلى ما فطن إليه أعداء الإسلام ، ولنفطن إلى ما فطن إليه الكفار ولنصطلح مع الله خصوصا مفي هذه الأيام فنقول يارب أنا ساترك مثلا التدخين من أجلك من أجل أن تتصلح الدنيا فتخيل لو أن معصيتك هذه هي التي جعلت البلاء يحل بالناس ماذا كنت ستفعل بالله عليك ألا تتركها لنفسك ألا تتركها لزوجك ألا تتركها لأولادك ألا تتركها للمسلمين ألا تتركها لله أيا كانت هذه المعصية ذنب واحد على الأقل إن لم يكن كل الذنوب وليست هذه دعوة لتجزئة الذنوب ولكن عذر إلى الله لعل هذه الذنوب تكون هي الحائل بيننا وبين الله
ثالثا ألا نفترق وأن نكون يدا واحدة وان تكون إيجابيا مع غيرك في قضايا المجتمع
ما زلنا كل واحد منا يحرص على مصلحة نفسة – طول ما أنا مستريح الدنيا لا تهم - يا أخي من أذي جارك سيأذيك غدا – كفانا أنانية – من وقع على أخيك اليوم سيقع عليك غدا ويومها ستقل أوكلت يوم أكل الثور الأبيض إن رسول الله قد حذرنا من ذلك فقال " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ - أَوْ لِجَارِهِ - مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ " رواه ابن المبارك ، والطيالسى ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخارى ، ومسلم ، والترمذى - صحيح - والنسائى ، وابن ماجه ، والدارمى عن أنس)
لقد كان من شهر أو شهرين نجتمع للحفاظ على أنفسنا وأهلينا وذوي قرابتنا ثم ماذا ...؟ لقد انتشرت البلطجة لأننا ابتعدنا عن منهج ربنا في التعاون لو تعاون كل شارع شارع أو بيت بيت معا لم نر البلطجة حتى على صلوات الجمعة والجماعة لا نتاعون فيما بيننا لو تعاون كل شارع على الخير وعلى الصلوات وعلى ما ينفع لأصبحت شوارعنا أمنة قال تعالى :[ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ][المائدة : 2]
رابعا الدعاء
في أن يولي أمرنا خيرنا ولا يولي أمرنا شرارنا وأن يجعل الدولة القدمة هي دولة الإسلام وأهله ولاله يا أخواننا إني لأخاف خوفا شديدا حين انظر إلى الواقع لماذا ؟ لأنهم قالوا الخواتيم مواريث سوابقنا فلنصطلح مع الله عز وجل والدعاء هذا من أنفع وأصلح الأشياء والله ليس بيبنك وبينه حجاب وهو القائل [وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ][البقرة : 186]
نسال الله في هذا اليوم المبارك أن يولى أمورنا خيارنا وألا يولي أمرنا شرارنا
اللهم اجعل الدولة القادمة للإسلام وأهله