tamer.page.tl
  سبل السلامة من أهوال يوم القيامة
 

سبل السلامة من أهوال يوم القيامة

هذا هو لقاؤنا التاسع والعشرون في سلسلة الدار الآخرة ، والذي يأتي كَمُبَشِّرٍ من المبشرات بما ينجي من ويلات يوم القيامة ، فبعد أن عرفنا أهوال القيامة تفصيلا، وذكرنا مشاهد أهل الايمان ومشاهد أهل العصيان فيها، يأتي هذا الحديث كحلقة وصل بين مواقف العباد ومشاهدهم مع أهوال هذا اليوم العصيب وبين الشفاعة العظمى للمصطفىr كي ينصب ربناU المحكمة الالهية ليحاسب العباد على كل ما فعلوا في الدنيا من خير أو شر صغيرا كان أو حقيراً ، أهوال وأهوال لا مخرج منها الا برحمة الكبير المتعالU، ثم بما بينه نبيناr مما ينجي من هذه الأهوال ، وهذا الحديث كنز من الكنوز لا يعرف قدره الا من امتلأ قلبه خشية من لقاء الله ، لا يعرف قدره الا من أراد أن ينجو من هول هذا اليوم ، لا يعرف قدره الا من كان في قلبه حياة ، فمن ذكرت الآخرة عنده ولم يتحرك قلبه لذلك فليسأل الله أن يمنَّ عليه بقلب فإنه لا قلب له، وقد جعلت هذا الحديث تحت عنوان(سبل السلامة من أهوال يوم القيامة) ويشتمل على ثلاث نقاط

1-   لمن كان له قلب

2-   لكلِّ هولٍ فرج

3-   المفاتيح العامة لتفريج كربات يوم الطامة

أما عن الأول : فإنه الحديث عن القانون الالهي الذي وضعه ربناU للانتفاع بموعظة الآخرة، هذا القانون الذي اعتبر الذين لا يشعرون بهذه المواقف ولا يبالون بهذه الأهوال من الموتى الذين لا تنفعهم الذكرى، وذلك بعد أن ذكر في سورة (ق) مسيرة الدار الآخرة بداية من الموت ووصولا الى الجنة أو النار فقال ربنا "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ"

§       هذا القانون الذي جعل رجلاً كعمر بن الخطاب حصل على أوسمة من الشرف لا تُقَوَّمُ لها الدنيا بأسرها ، ومع ذلك يرتعد خوفا - فقط – من هول مطلع يوم القيامة فعن الشعبي عن بن عباس أنه دخل على عمر حين طعن، فقال: أبشر يا أمير المؤمنين، أسلمت مع رسول اللهr حين كفر الناس، وقاتلت مع رسول اللهr حين خذله الناس، وتوفي رسول اللهr وهو عنك راض، ولم يختلف في خلافتك رجلان، وقتلت شهيدا فقال: أعد، فأعاد فقال: المغرور من غررتموه، لو أن ما على ظهرها من بيضاء وصفراء، لافتديت به من هول المطلع"([1])

§       هذا القانون الذي جعل شابا كعلي بن الفضيل بن عياض يغشى عليه، بل يموت خوفا من ذكر يوم

القيامة وما فيه من أهوال ، فقد ذكر ابن قدامة في كتاب التوابين بسنده أن الفضيل بن عياض كان إذا علم أن ابنه عليا خلفه يعني في الصلاة مر ولم يقف ولم يخوف وإذا علم أنه ليس خلفه تنوق في القرآن وحزن وخوف فظن يوما أنه ليس خلفه فأتى على ذكر هذه الآيات" فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ" قال: فخر علي مغشيا عليه فلما علم أنه خلفه وأنه قد سقط تجوَّز في القراءة فذهبوا إلى أمه فقالوا أدركيه فجاءت فرشت عليه ماء فأفاق فقالت لفضيل أنت قاتل هذا الغلام بقراءتك لآيات التخويف والترهيب!!!فمكث ما شاء الله فظن أنه ليس خلفه فقرأ قوله تعالى" وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ"[الزمر:47] فخر على الأرض وتجوز أبوه في القراءة وأتي به الى أمه فقيل لها أدركيه فجاءت فرشت عليه ماء فلم يستفق ، فأخذت تقلب فيه يمنة ويسرة فإذا هو ميت رحمه الله([2])

§       إنها القلوب التي اقشعرت من هول القيامة ، فلقيت ربها بهذا الخوف ، وقد فصَّلنا قبل ذلك هذه الأهوال بما لو تدبره عاقل لما لهث وراء الدنيا وما ارتكب فاحشة ، وما قصَّر في طاعة ، بل لو أنه عرف فقط طول هذا اليوم وشدته لكان ذلك كافيا في قربه من ربه والتوبة الى الله من ذنبه ، وأسألك بالله أن تتدبر فقط قوله تعالى "سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا [سورة المعارج] وعن عبد الله بن عمروt قال : تلا رسول اللهr هذه الآية يوم يقوم الناس لرب العالمين ثم قال رسول اللهr كيف بكم إذا جمعكم اللهU كما يجمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة لا ينظر إليكم ؟([3])

مثل لنفسك أيها المغرور *** يوم القيامة و السماء تمور

إذ كورت شمس النهار وأدنيت ***حتى على رأس العباد تسير

وإذا النجوم تساقطت *** وتناثرت وتبدلت بعد الضياء كدور

وإذا البحار تفجرت من خوفها *** ورأيتها مثل الجحيم تفور

وإذا الجبال تقلعت بأصولها *** فرأيتها مثل السحاب تسير

وإذا العشار تعطلت وتخربت *** خلت الديار فما بها معمور

وإذا الوحوش لدى القيامة أحشرت *** وتقول للأملاك أين نسير

وإذا الموؤدة سئلت عن شأنها *** وبأي ذنب قتلها ميسور

وإذا الجليل طوى السما بيمينه *** طي السجل كتابه المنشور

وإذا الصحائف عند ذاك تساقطت *** تبدى لنا يوم القصاص أمور

وإذا الصحائف نشرت فتطايرت *** وتهتكت للمؤمنين ستور

وإذا السماء تكشطت عن أهلها *** ورأيت أفلاك السماء تدور

وإذا الجحيم تسعرت نيرانها *** فلها على أهل الذنوب زفير

وإذا الجنان تزخرفت وتطيبت *** لفتى على طول البلاء صبور

وإذا الجنين بأمه متعلق *** يخشى القصاص وقلبه مذعور

هذا بلا ذنب يخاف جناية *** كيف المصر على الذنوب دهور

ç وسط كل هذه الشدائد والأهوال، يأتي الأمان من رسول الله لأمته ، إنها الأعمال التي تفرج هذه الكربات ، وهي تنقسم الى قسمين

!    القسم الأول : المفرجات الخاصة ، فلكل هول فرج ، وقد جعل الله بعض الأعمال الصالحات مفرجةً لكربات بعينها ، وأجمع ما جاء في هذه المفرجات حديث ، جابر بن سمرة هذا الحديث الذي سماه ابن القيم حديث الشفاء – وحق له ذلك – هذا الحديث الذي رواه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب الترغيب في الخصال المنجية والترهيب من الخلال المردية وبنى كتابه عليه وجعله شرحا له وقال : هذا حديث حسن جدا رواه عن سعيد بن المسيب عمرو بن آزر وعلي بن زيد بن جدعان وهلال أبو جبلة وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يعظم شأن هذا الحديث وكان يقول : شواهد الصحة عليه([4])

!    والحديث عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِrعلينا ذات يوم ونحن في المسجد بالمدينة فقال : « إني رأيت البارحة عجبا

1-  رأيت رجلا من أمتي جاء ملك الموت يقبض روحه ، فجاءه بره بوالديه فرد عنه

2-  ورأيت رجلا من أمتي قسط عليه عذاب القبر ، فجاء وضوؤه فاستنقذه من ذلك

3-  ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا ، كلما ورد حوضا منع ، فجاءه صيامه رمضان فاستنقذه وسقاه وأرواه

4-  ورأيت رجلا من أمتي والنبيون قعود حلقا حلقا فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جانبي

5-  ورأيت رجلا من أمتي بين يديه ظلمة ، ومن خلفه ظلمة ، وعن يمينه ظلمة ، وعن يساره ظلمة ، ومن فوقه ظلمة ، ومن تحته ظلمة ، وهو متحير في الظلمة ؛ فجاءه حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه النور

6-  ورأيت رجلا من أمتي لا يكلم المؤمنين ولا يكلمونه ، فجاءه صلته للرحم فقالت : يا معشر المؤمنين ، كلموه ؛ فإنه كان يصل رحمه ؛ فكلمه المؤمنون ، فكان معهم

7-  ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار عن وجهه ، فجاءته صدقته فكانت سترا على وجهه ، وظلا على رأسه

8-  ورأيت رجلا من أمتي أخذته الزبانية بكل مكان ، فجاء أمره بالمعروف ، ونهيه عن المنكر ، فاستنقذه من أيديهم وأدخلوه مع الملائكة الرحمة ، فصار معهم

9-  ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه ، بينه وبين الله عز وجل حجاب ، فجاء حسن خلقه فأدخله على الله عز وجل

10-     ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته قبل شماله ، فجاء خوفه من الله عز وجل فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه

11-     ورأيت رجلا من أمتي قرب إلى الميزان ، فخفت موازينه ، فجاء أفراطه – أطفاله الذين ماتوا في حياته - فثقلوا ميزانه

12-     ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم ، فجاء وجله من الله عز وجل فاستنقذه من ذلك ومضى

13-          ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاء حسن ظنه بالله فسكن روعته فمضى على الصراط

14-          ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط ، زحفا أحيانا ويجثو أحيانا ، فجاءته صلاته على النبيr فأخذت بيده فأقامته على قدميه ومضى على الصراط

15-          ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى باب الجنة فغلقت الأبواب دونه ، فجاءت شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له أبواب الجنة

16-          ورأيت رجلا من أمتي هوى في النار فجاءت دموعه التي بكى من خشية الله عز وجل فاستنقذته من النار

17-          ورأيت رجلا من أمتي احتوشته ملائكة العذاب ، فجاءت صلاته فاستنقذته من أيديهم([5])

وهذا الحديث كنز الكنوز في ذكر أعظم الأبواب للنجاة من كربات يوم الحساب ، وقد جمع هذا الحديث سبعة عشر بابا من أبواب الفرج ، والنجاة من أهوال الموت والقبر والحساب ، وينبغي لكل عاقل أن يكون له نصيب من هذه الأبواب ، وأذكرها لحضراتكم مجتمعة لنحاسب أنفسنا عليها فما كان فينا فلنحفظه ولنحمد الله عليه، وما لم يكن فينا فلنحاول الوصول اليه وهي :

§       بر الوالدين

§       المحافظة على الوضوء

§       صيام رمضان

§       اتقان غسل الجنابة

§       الحج والعمرة

§       صلة الرحم

§       الصدقة

§       الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

§       حسن الخلق

§       الخوف من الله

§       الرضى بقضاء الله في مصيبة موت الولد وإن كان سقطاً

§       خشية الله

§       والفرق بين الخوف والخشية ، أن الخشية أخص من الخوف، فإن الخشية للعلماء بالله، قال الله تعالى:{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } (فاطر:28) فالخشية خوف مقرون بمعرفة، وقال النبيr "إني أتقاكم لله، وأشدكم له خشية" فالخوف حركة، والخشية انجماع وانقباض وسكون، فإن الذي يرى العدو له حالتان إحداهما: حركة للهرب منه، وهي حالة الخوف والثانية: سكونه وقراره في مكان لا يصل إليه فيه، وهي الخشية، فالخوف لعامة المؤمنين، والخشية للعلماء العارفين، والهيبة للمحبين والإجلال للمقربين، وعلى قدر العلم والمعرفة تكون الخشية([6])

§       حسن الظن بالله

§       الصلاة على النبي r

§       شهادة أن لا اله الا الله

§       البكاء من خشية الله

§       المحافظة على الصلاة

ç  ألا ما أجمل هذه الأبواب ، وما أعظم فرجها ونسأل الله تعالى أن نحافظ عليها كلها

ç أما عن القسم الثاني من أقسام أبواب الفرج لكربات يوم القيامة ، فإنه قسم جمع بعض الأعمال ، التي تنجي من أكثر هذه الأهوال ، وهذا القسم أعظم من الذي قبله لعموم نفعه ، وكلاهما كنوز لا يستغني عنها عاقل!!! وقد قال الامام القرطبي رحمه الله في التذكرة بعد أن ساق الحديث السابق: وهذا حديث عظيم ذكر فيه أعمالاً خاصة تنجي من أهوال خاصة والله أعلم، وقد ينجي منها كلها... وذكر بابين اثنين :

1-   التجاوز عن المعسر

!    بمعنى أن يكون لك بعض المال أو الدَّين على أحد الناس ، وهو لا يستطيع سداده فتقول له : لقد سامحتك فيما لي عليك؛؛؛؛؛؛؛ تخيَّل!!!

!    مثل هذا العمل ينجيك من أهوال القيامة كلها ، مائة جنيه أو ألف أو خمسة أو حتى مائة ألف ، ألا تساوي نجاتك من أهوال يوم مقداره خمسون ألف سنة، يتمنى أهل الايمان انتهاؤه ولو ذهب بهم الى النار فكيف بالعصاة أمثالنا!!!

!    تقول : لكن أنا محتاج لهذا المال ، أو فلان هذا يستغفلني ويخدعني ، أو أنا لا أحب هذه الطريقة في التعامل، فأقول لك: دعك من هذا كله واستمع الى كلام الذي لا ينطق عن الهوى وبعدها خذ قرارك

!    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ طَلَبَ غَرِيمًا لَهُ فَتَوَارَى عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ فَقَالَ إِنِّى مُعْسِرٌ فَقَالَ آللَّهِ قَالَ آللَّهِ قَالَ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ

 

عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ »([7])

!    وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ « إِنَّ رَجُلاً لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ وَكَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ فَيَقُولُ لِرَسُولِهِ خُذْ مَا تَيَسَّرَ وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا فَلَمَّا هَلَكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ قَالَ لاَ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ لِى غُلاَمٌ وَكُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا بَعَثْتُهُ لِيَتَقَاضَى قُلْتُ

لَهُ خُذْ مَا تَيَسَّرَ وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ »([8])

!    وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِى نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِى هَذَا الْحَىِّ مِنَ الأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِينَا أَبَا الْيَسَرِ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِr وَمَعَهُ غُلاَمٌ لَهُ مَعَهُ ضِمَامَةٌ – حزمة - مِنْ صُحُفٍ وَعَلَى أَبِى الْيَسَرِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِىٌّ – ثياب يمنية - وَعَلَى غُلاَمِهِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِىٌّ فَقَالَ لَهُ أَبِى يَا عَمِّ إِنِّى أَرَى فِى وَجْهِكَ سَفْعَةً مِنْ غَضَبٍ قَالَ أَجَلْ كَانَ لِى عَلَى فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ الْحَرَامِىِّ مَالٌ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ فَقُلْتُ ثَمَّ هُوَ قَالُوا لاَ فَخَرَجَ عَلَىَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ أَبُوكَ قَالَ سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّى فَقُلْتُ اخْرُجْ إِلَىَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ فَخَرَجَ فَقُلْتُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّى قَالَ أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لاَ أَكْذِبُكَ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِr وَكُنْتُ وَاللَّهِ مُعْسِرًا قَالَ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قَالَ فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ فَقَالَ إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِى وَإِلاَّ أَنْتَ فِى حِلٍّ فَأَشْهَدُ بَصَرُ عَيْنَىَّ هَاتَيْنِ - وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ - وَسَمْعُ أُذُنَىَّ هَاتَيْنِ وَوَعَاهُ قَلْبِى هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ - رَسُولَ اللَّهِr وَهُوَ يَقُولُ « مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِى ظِلِّهِ »([9])

2-   إطعام الجائع وكسوة العاري وإيواء الغريب

وهذه الثلاثة مرجعها الى الاحساس بالآخرين، فإن ألم الجوع وهمَّ العري ومرارة الغربة من الأشياء التي تبعث الحزن في قلب صاحبها، وليس أروح لقلب المؤمن ولا أجلب للسعادة من الشعور بالمحتاجين وعلى رأسهم هؤلاء الثلاثة ، ولن يكلِّفك ذلك شيئا أكثر من لقمة لا قيمة لها أو ثوب أن لا تلبسه ومستغنٍ عنه، أو غطاء وكساء وبعض المال لإيواء أخٍ من إخوانك أكلته الغربة، أو أعوزته الحاجة، أو أذلَّه السفر، وتذكر دائما أن مثل هذا مما تنجو به يوم القيامة من سائر أهوالها

§       فعن أنس بن مالكt قال : قال رسول اللهr من أشبع جائعاً وكسا عرياناً وآوى مسافراً أعاذه

الله من أهوال يوم القيامة([10])

§       وعن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالكt قال : قال رسول الله r"من لقم أخاه لقمة صرف الله عنه مرارة الموقف يوم القيامة" وفي التنزيل تحقيقا لهذا الباب وجامعا له قوله الحق" وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا"([11]) وهناك قصة تروى عن بعض المحتضرين جاء فيها : أن رجلاً كان على فراش الموت فنطق بثلاث كلمات

ليته كان جديدا...........ويذهب في غفوة ويفيق وهو يقول:

ليته كان بعيدا.......ويذهب في غفوة ويفيق وهو يقول:

ليته كان كاملا

وأراد الله أن يستفيق ليتعظ به من حوله، فنظروا اليه وسألوه عن سر هذه الكلمات الثلاث فقال :

§       في يوم من الأيام كنت أمشي ومعي ثوب قديم فوجدت مسكينا يشتكي من شدة البرد فأعطيته الثوب فلما دنوت من الموت رأيت قصرا من قصور الجنة فقلت ما هذا فقيل لي : هذا قصرك فقلت : لأى عمل عملته ؟؟فقيل لي: لأنك تصدّقت ذات ليلة على مسكين بثوب فقلت: انه كان باليا فكيف لو كان جديدا، ليته كان جديدا

§       وفي يوم كنت ذاهبا للمسجد فرأيت أعمى يريد ان يذهب للمسجد فأخذته إليه فلما دنوت من الموت رأيت قصرا من قصور الجنة فقلت ما هذا فقيل لي : هذا قصرك فقلت : لأى عمل عملته ؟؟ فقيل لي لأنك قدت أعمى ليصلي في المسجد فقال الرجل: ان المسجد كان قريبا فكيف لو كان بعيدا، ليته كان بعيدا

§       وفي يوم من الأيام كنت أمشي ومعي بعض رغيف فوجدت مسكينا جائعا فأعطيته جزءاً منه فلما دنوت من الموت رأيت قصرا من قصور الجنة فقلت ما هذا فقيل لي : هذا قصرك فقلت : لأى عمل عملته ؟؟ فقيل لي :لأنك تصدّقت ببعض رغيف لمسكين فقلت: انه كان بعض رغيف

فكيف لو كان كاملا، ليته كان كاملا

           

سبل السلامة من أهوال القيامة

م

الشدة

المخرج منها

1

شدة خروج الروح ومعالجة سكرات الموت

بر الوالدين

2

شدة عذاب القبر

المحافظة على الوضوء

3

شدة العطش

صيام رمضان

4

الحرمان من مجالسة الأنبياء

اتقان غسل الجنابة

5

شدة التخبط في الظلمات من كل جانب

الحج والعمرة

6

الحرمان من الكلام مع المؤمنين

صلة الرحم

7

وهج النار وحرها ولفحها

الصدقة

8

هجوم خزنة النار عليك

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

9

ضرب الحجاب بينك وبين الله

حسن الخلق

10

أخذ الصحيفة بالشمال

الخوف من الله

11

خفة الميزان

الرضا عن الله في موت الولد

12

القيام على شفير جهنم

خشية الله تعالى

13

القيام على الصراط ترتعد فرائصك

حسن الظن بالله

14

الزحف على الصراط وعدم الثبات عليه

الصلاة على النبيr

15

غلق أبواب الجنة في وجهك

شهادة أن لا اله الا الله

16

القذف في النار

البكاء من خشية الله

17

احاطة ملائكة العذاب بك

المحافظة على الصلاة

أبواب الفرج من كل هول

م

الشدة

المخرج منها

1

أهوال القيامة كلها

التجاوز عن المعسرين

2

أهوال القيامة كلها

إطعام الجائع وكسوة العاري وإيواء الغريب

 



-[1] ابن حبان والطبراني

-[2] التوابين لابن قدامة المقدسي

-[3] التذكرة للقرطبي

-[4] الروح ، والوابل الصيب من الكلم الطيب ، وكلاهما لابن القيم

-[5] أخرجه الطبراني في الدعاء والأحاديث الطوال، وذكره ابن القيم في كتابيه الروح والوابل الصيب

-[6] مدارج السالكين

-[7] أخرجه مسلم

-[8] أخرجه مسلم والنسائي واللفظ له بسند صحيح

-[9] أخرجه مسلم

-[10] التذكرة للقرطبي

-[11] المرجع نفسه

 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free