شفعاؤك يوم القيامة
هذا هو لقاؤنا الحادي والثلاثون في سلسلة الدار الآخرة، وكنا قد انتهينا في اللقاء الماضي من الحديث عن شفاعة سيد البشرr بكل أنواعها، وتعرفنا على أهم نقطة في أمر الشفاعة والتي تتعلق بالسبل الموصلة الى شفاعة سيدنا وحبيبنا محمدr وكيف نسعد بشفاعته.
ç واليوم نتابع مع حضراتكم حديثنا عن الشفاعة ونكشف النقاب عن باقي أنواع الشفاعات يوم القيامة يوم يحتاج الواحد منا الى من يسانده ،الى من يقف بجانبه، الى من يشفع له عند الجبار الى من يستنقذه من النار "يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ"
ç ولعل أكثرنا إذا ذكرت الشفاعة لا يعرف عنها الا شفاعة النبيrالا أنني أقول: إن الشفعاء يوم القيامة كُثُر ،وهذه الكثرة دليل على رحمة الله بنا، كما أنها دليل على كثرة طرق الخيرات الموصلة الى جنة رب البريات، وقد جعلت هذا الحديث المشوق تحت عنوان " شفعاؤك يوم القيامة هذا الحديث الذي يندرج تحت ثلاث نقاط
1- ولذلك خلقهم
2- هؤلاء شفعاؤك عند ربك
3- ألم يأن للذين آمنوا؟!!
أما عن الأول: فإنه الحديث عن لمحة من لمحات رحمة الله بنا ،وذلك في قوله تعالى" وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ" بالله عليك تأمل قوله تعالى " وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ" بعد قوله " إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ" وكأن المعنى خلقهم ليرحمهم
! هذا هو من تعصيه ليل نهار
! هذا هو من تحاربه بالمعصية في الخلوات وفي الجلوات
! هذا الذي لا زلت تجهر بمعصيته من تدخين وخمر وتبرج وسماع غناء وغيبة ونميمة وغيرها
! هذا هو الله الله الله الله
! بالله عليك اسمع هذا الأثر الإلهي "ما من يوم تطلع شمسه إلا وتنادي
§السماء فتقول يا رب إئذن لي أن أسقط كسفا على ابن آدم فقد طعم خيرك ومنع شكرك
§وتقول البحار يا رب إئذن لي أن أغرق ابن آدم فقد طعم خيرك ومنع شكرك
§وتقول الجبال يا رب إئذن لي أن أطبق على ابن آدم فقد طعم خيرك ومنع شكرك
§وتقول الأرض: ائذن لي أن أخسف بابن آدم فقد طَعِم خيرك، ومنع شكرك
فباذا يرد عليهم أرحم الراحمين ؟ يرد عليهم فيقول
§دعوني وخلقي لو خلقتموهم لرحمتموهم([1])
إن تعدد أنواع الشفاعة يوم القيامة وتنوعها جزء من رحمة الله بنا وكأنه يريد أن يدخلنا الجنة بكل سبيل، والجهل كل الجهل أن يقبل عليك وتعرض عنه وأن يتقرب اليك وتبتعد عنه وأن يريد وصلك فتقطعه بفعلك ولا حول ولا قوة الا بالله
وقد آن لك بعد معرفتك برحمة الله بك أن تتعرف على شفعائك يوم القيامة، وأبرز هؤلاء الشفعاء
1- شفاعة بعض الأعمال الصالحات
وهذه الشفاعة من أهم أنواع الشفاعات التي تستطيع أن تمسك مقاليدها بيدك، والتي تستطيع أن تحافظ عليها بإرادتك ، والتي تسعد بها يوم القيامة إن شاء الله وهي تتقدم بك الى الله تعالى لتحجبك عن النار وتدخلك الجنة فما أجملها من شفاعة وما أروعه من موقف!!!
! وكأني أسمع أهل الخير منكم يقول: أدركني بالأعمال الصالحة التي ستشفع لي غدا عند ربي حتى أكون من أهلها فأقول لك:
أولاً : حفظ القرآن العظيم
فالقرآن العظيم من أعظم الشافعين عند رب العالمين ، وهذا الذي أخبر به الذي لا ينطق عن الهوى فعن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِىُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِr"اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ..."([2])
وأدعوكم جميعا لتخيل هذا المنظر يوم القيامة لأهل القرآن نسأل الله أن نكون منهم
فعَن كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ : يُمَثَّلُ الْقُرْآنُ لِمَنْ كَانَ يَعْمَلُ بِهِ فِي الدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَحْسَنِ صُورَةٍ رَآهَا وَأَحْسَنِهَا وَجْهًا وَأَطْيَبِهَا رِيحًا فَيَقُومُ بِجَنْبِ صَاحِبِهِ فَكُلَّمَا جَاءَهُ رَوْعٌ هَدَّأَ رَوْعَهُ وَسَكَّنَهُ وَبَسَطَ لَهُ أَمَلَهُ فَيَقُولُ لَهُ: جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا مِنْ صَاحِبٍ، فَمَا أَحْسَنَ صُورَتَكَ وَأَطْيَبَ رِيحَك، فَيَقُولُ لَهُ: أَمَا تَعْرِفُنِي: تَعَالَ ارْكَبْنِي ، فَطَالَمَا رَكِبْتُك فِي الدُّنْيَا، أَنَا عَمَلُك، إنَّ عَمَلَك كَانَ حَسَنًا، فَتَرَى صُورَتِي حَسَنَةً، وَكَانَ طَيِّبًا فَتَرَى رِيحِي طَيِّبَةً، فَيَحْمِلُهُ فَيُوَافِي بِهِ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا فُلانٌ وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ مِنْهُ قَدْ شَغَلْته فِي أَيَّامِهِ فِي حَيَاتِهِ فِي الدُّنْيَا، أَظْمَأْت نَهَارَهُ وَأَسْهَرْت لَيْلَهُ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، فَيُوضَعُ تَاجُ الْمُلْكِ عَلَى رَأْسِهِ، وَيُكْسَى حُلَّةَ الْمُلْك، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ قَدْ كُنْت أَرْغَبُ لَهُ عَن هَذَا وَأَرْجُو لَهُ مِنْك أَفْضَلَ مِنْ هَذَا، فَيُعْطَى الْخُلْدَ بِيَمِينِهِ وَالنِّعْمَةَ بِشِمَالِهِ، فَيَقُولُ: يَا رَبّ إنَّ كُلَّ تَاجِرٍ قَدْ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ تِجَارَتِهِ ، فَيُشَفَّعُ فِي أَقَارِبِهِ...." ([3])
! يأتي بعض إخواننا فيقول ك لكن القرآن ثقيل وأنا حاولت أكثر من مرة أن أحفظه فما استطعت
! فأقول لك :مالا يدرك كله لا يترك كله ،فاحفظ منه بعض السور التي خصت بالشفاعة يوم القيامة وإن كان كله شافع ، وهذه السور هي :
أ / البقرة وآل عمران
وقد خص الله سبحانه هاتين السورتين بشفاعة متميزة،حيث تأتيان يوم القيامة في صورة المدافعتان عن صاحبهما والآخذتان بيده حتى تدخلاه الجنة، وتخيل نفسك وأنت تمشي وسط أهوال القيامة والشمس فوق الرؤوس، وجهنم تتميز غيظا على أصحابها والوحوش كلها محشورة، والمفزعات والأهوال يتلو بعضها بعضا وأنت تمشي في موكب البقرة وآل عمران وقد أظلاك بظلهما وعمتاك بنورهما، وسكَّنا قلبك ببردهما فيا لها من لذة ويا لهما من شفيعتين!!!
! فعن النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلاَبِىَّ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّr يَقُولُ « يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ » وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِrثَلاَثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ قَالَ"كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا"([4])
ب/ سورة السجدة وسورة الملك
وهاتان السورتان أيضا لهما فضل عظيم في الشفاعة يوم القيامة وما أسهلهما من سورتين ، فكل واحدة منهما ثلاثين آية، يعني لو حفظ المسلم كل يوم آية واحدة منهما لأتمهما في ستين يوما ، بالله عليك، هل شهران مدة كبيرة على أن تجعل لك شفيعا عند ربك يوم القيامة؟
وقبل أن تجيبني استمع الى هذه الأحاديث
! عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِىَّr كَانَ لاَ يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ (الم تَنْزِيلُ) وَ (تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ) ([5])
! وعن خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ قَالَ : إِنَّ {الم تَنْزِيلُ الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين} تُجَادِلُ عَنْ صَاحِبِهَا فِي الْقَبْرِ تَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ مِنْ كِتَابِكَ فَشَفِّعْنِي فِيهِ , وَإِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ كِتَابِكَ فَامْحُنِي عَنْهُ , وَإِنَّهَا تَكُونُ كَالطَّيْرِ تَجْعَلُ جَنَاحَهَا عَلَيْهِ , فَيُشْفَعُ لَهُ فَتَمْنَعُهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِي {تَبَارَكَ الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير} مِثْلَهُ فَكَانَ خَالِدٌ لاَ يَبِيتُ حَتَّى يَقْرَأَ بِهِمَا([6])
! وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ضَرَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِىِّ r خِبَاءَهُ عَلَى قَبْرٍ وَهُوَ لاَ يَحْسِبُ أَنَّهُ قَبْرٌ فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ حَتَّى خَتَمَهَا فَأَتَى النَّبِىَّr فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى ضَرَبْتُ خِبَائِى عَلَى قَبْرٍ وَأَنَا لاَ أَحْسِبُ أَنَّهُ قَبْرٌ فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبَارَكَ الْمُلْكُ حَتَّى خَتَمَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِr«هِىَ الْمَانِعَةُ هِىَ الْمُنْجِيَةُ تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ »([7])
ثانياً : الصيام
والصيام قرين القرآن في الأعمال التي تشفع لصاحبها يوم القيامة، فالمحافظون على صيام رمضان،والذين لهم حظ من صيام السنة كالاثنين والخميس، أو الأيام البيض أو غيرها لهم البشرى من رسول اللهr بشفاعة هذا العمل لهم عند الله يوم القيامة فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍوt أَنَّ رَسُولَ اللهِr قَالَ : الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ ، يَقُولُ الصِّيَامُ : رَبِّ إِنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ : مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَيُشَفَّعَانِ"([8])
ثالثاً : قضاء الحاجات
وأهل قضاء الحاجات لهم النصيب الأوفى من الشفاعة يوم القيامة ،هؤلاء الذين يساعون المحتاجين ويعينون الضعفاء ويسدون دين المدينين ،ويغيثون الملهوفين ويقفون الى جانب أصحاب الحاجات ، فهنيئا لهم أجر هذا العمل العظيم في الدنيا والآخرة، ويكفيهم أنهم أحب الناس الى الله تعالى بنص كلام حبيب اللهr حيث قال "... أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس..." ([9])
وأسأل كل مسلم منا بالله أن يرى شفاعة الحاجات لأصحابها يوم القيامة ، لنشاهد كلنا هذه المواقف خاصة الذين لا يهتمون الا بأنفسهم ولا يراعون الا مصالحهم ولا يعيشون الا لذواتهم وقد رفعوا شعار "أنا ومن بعدي الطوفان" هؤلاء أهل قضاء الحاجات يوم القيامة
! شفاعة سيد البشر ، فعن ابن عُمَر قال قال رسول اللهr من قضى لأخيه حاجة كنت واقفا عند ميزانه فان رجح والا شفعت له([10])
! شفاعة الحاجة وصاحبها وإن كانت لا قيمة لها فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِr: يَصُفُّ
النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفُوفًا، وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ : أَهْلُ الْجَنَّةِ ، فَيَمُرُّ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عَلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا فُلاَنُ أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ اسْتَسْقَيْتَ فَسَقَيْتُكَ شَرْبَةً؟ قَالَ: فَيَشْفَعُ لَهُ، وَيَمُرُّ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ نَاوَلْتُكَ طَهُورًا؟ فَيَشْفَعُ لَهُ قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: وَيَقُولُ : يَا فُلاَنُ أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ بَعَثْتَنِي فِي حَاجَةِ كَذَا وَكَذَا فَذَهَبْتُ لَكَ ، فَيَشْفَعُ لَهُ"([11])
ç هذه شفاعة الأعمال الصالحات، وهناك صنف آخر من الشفعاء وهم بعض المؤمنين والمؤمنات، ومن هؤلاء:
1- الشهداء
فعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِr « لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يُغْفَرُ لَهُ فِى أَوَّلِ دَفْعَةٍ وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَيُشَفَّعُ فِى سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ »([12])
ç والفائدة من معرفة هذا الشفيع هو البشرى للشهداء في سبيل الله تعالى ، وكذلك البشرى لأهليهم بشفاعتهم لهم يوم القيامة وفي ذلك مواساة لكال من رزق حبيبا أو قريبا ومات شهيدا ،فليفرح بذلك أنه سيلقاه يوم القيامة فيشفع له
2- أهل القرآن
فعَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِr« مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَاسْتَظْهَرَهُ فَأَحَلَّ حَلاَلَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ وَشَفَّعَهُ فِى عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ كُلُّهُمْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ »(([13]
ç وذلك حتى نسارع الى تحفيظ أبنائنا القرآن، في وقت ابتعدنا فيه عن الاهتمام بكتاب ربنا ،فرأينا حلقات التحفيظ خالية من الأولاد الذين يحفظون القرآن، رأينا ونرى الكثير من أولياء الأمور يلتفتون الى تعليم أبنائهم القرآن في الأجازة الصيفية فقط وكأنه نادي أو مصيف أو مكان بقضي فيه وقت فراغه بدلا من الشارع، بالله عليك أيهما أنفع لك أن تستفيد وتفخر بابنك في الدنيا أم أن يستنقذك من النار يوم القيامة؟!!! سأترك الإجابة الفعلية لك بوضع برنامج لتحفيظ ابنك القرآن ، أو أن تعرض عن ذلك وأنت الخسران!!!
3- الأبناء الذين ماتوا في حياة آبائهم فصبروا على ذلك
فيوم أن يبتليك اللهU بموت ابن من أبنائك في حياتك ،سواء كان صغيرا أو كبيرا ،بل حتى ولو كان سقطا لم يكتمل بعد ، فتصير على ذلك وترضى بقضاء الله وقدره ، فإن الله يشفع فيك يوم القيامة ابنك هذا فتجده ينتظرك على باب الجنة فلا يدخلها حتى يأخذ بيدك فيدخلك معه، فهنيئا للثكلى الصابرة ولمن فقد ابنه وهو راض بقضاء الله فيه، وأدعوك أيها الوالد الحزين وأيتها الأم الباكية أن تستمعا الى هذا الحديث فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّr وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ: النَّبِيّr: أَتُحِبُّهُ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَبَّكَ اللَّهُ كَمَا أُحِبُّهُ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّr فَقَالَ مَا فَعَلَ ابْنُ فُلاَنٍ ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَاتَ ، فَقَالَ النَّبِيُّr لأَبِيهِ : أَمَا تُحِبُّ أَنْ لاَ تَأْتِيَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، إِلاَّ وَجَدْتَهُ يَنْتَظِرُكَ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ،أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِكُلِّنَا؟ قَالَ: بَلْ لِكُلِّكُمْ"([14])
4- صالح المؤمنين
والمؤمنون يشفعون يوم القيامة لإخوانهم في الله من أهل الدنيا وإن كانوا على غير منزلتهم ، فيؤتى بهذا الصاحب من أهل النار يوم القيامة فيقول صاحبه المؤمن يا رب لقد كان يجالسني فيك ويحبني فيك ويقضي حاجتي فيك ، فيقول الله تعالى له خذ بيده وأدخله الجنة ، ولا عجب في ذلك فإن كان كلبا صاحب الصالحين فنال من بركاتهم حتى ذكر في قرآن يتلى الى قيام الساعة وذلك كلب أهل الكهف فكيف بمن يصحب الصالحين من المسلمين ، ولذلك قال رسول الله " أكثروا من صحبة الصالحين فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة، وفي حديث مسلم "... حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِى اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِى النَّارِ يَقُولُونَ رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ فَيُقَالُ لَهُمْ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثيرًا قَدْ أَخَذَتِ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا مَا بَقِىَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ فَيَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا([15])
5- الجيران
يا من تقصرون في حق جيرانكم ، يا من تؤذون جيرانكم بالديجيهات والغناء وفحش القول ، يا من تسبون وتشتمون جيرانكم، يا من تبغضون جيرانكم ، انتبهوا فإن لهم عند الله قدر،فإن شهدوا لكم بالخير أقرهم الله على ذلك وإن كنتم على خلافه ، وإن شهدوا لكم بالشر أقرهم الله عليه وإن كنتم أيضا على خلافه فعن أَنَسٍ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِr مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَهْلِ أَبْيَاتِ جِيرَانِهِ الأَدْنَيْنَ أَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مِنْهُ إِلاَّ خَيْرًا ، إِلاَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَبَارَكَ : قَدْ قَبِلْتُ قَوْلَكُمْ - أَوْ قَالَ : شَهَادَتَكُمْ - وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ"([16])
6- المصلون على الميت
فعَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ أَوْ بِعُسْفَانَ فَقَالَ يَا كُرَيْبُ انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ النَّاسِ قَالَ فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدِ اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَخْرِجُوهُ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِr يَقُولُ « مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً لاَ يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ »([17]) وذلك حتى نحرص على صلاة الجماعة ولا نهملها عسى الله أن يشفعنا في إخواننا ويشفعهم فينا عند موتنا
ç وبعد شفاعة المؤمنين تأتي شفاعة الملائكة ، حتى الملائكة ستشفع لنا عند ربنا رغم أنهم كانوا شهداء على معاصينا ومخازينا حتى في خلواتنا، وما شفاعتهم الا رحمة من الحق تبارك وتعالى بنا، ودليل شفاعتهم قد جاء في الحديث المتفق على صحته "... حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ بِأَثَرِ السُّجُودِ تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلاَّ أَثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ تَحْتَهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولاً الْجَنَّةَ....." ([18])
ç وتأتي بعد ذلك أعظ الشفاعات ،إنها شفاعة رب الأرض والسماوات
! تقول له يا رب لكني عصيتك فيقول لك شأشفع فيك
! يا رب لكني تجرأت عليك ، فيقول سأشفع فيك
! يا رب لكنى ما باليت بنظرك الي وأنا على المعصية ، سأشفع فيك
! يا رب خشيت الناس ولم أخشك ،فيقول: سأشفع فيك
! يا رب لكني ما قدرتك حق قدرك ، سأشفع فيك
يا الله يا الله يا الله فما أعظمه من رب وما أكرمه من إله
ففي حديث الشفاعة كما عند مسلم« فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَفَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا فَيُلْقِيهِمْ فِى نَهْرٍ فِى أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ نَهْرُ الْحَيَاةِ فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ أَلاَ تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ أَوْ إِلَى الشَّجَرِ مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ قَالَ«فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِى رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِمُ يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلاَءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلاَ خَيْرٍ قَدَّمُوهُ ثُمَّ يَقُولُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ. فَيَقُولُ لَكُمْ عِنْدِى أَفْضَلُ مِنْ هَذَا فَيَقُولُونَ يَا رَبَّنَا أَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا. فَيَقُولُ رِضَاىَ فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا »([19])
§ بالله عليك أما آن لك أن ترجع عن غيك
§ أما آن لك أن تصطلح مع ربك
§ أما آن لك أن تشعر به
§ أما آن لك أن تترك التدخين والمخدرات والغناء
§ أما آن لك أخيتي في الله أن تتركي التبرج والأفلام والمسلسلات وفتنة المؤمنين والمؤمنات
§ آما آن لنا أن نترك الغيبة والنميمة والكذب والاشاعات وظن السوء
§ أما آن لنا أن نترك أكل الربا والرشوة وأموال الناس بالباطل
§ أما آن لنا أن نعود الى ربنا ،الى من هو أرحم بنا من أمهاتنا
ç أكرر على مسامعك هذه الآية التي كثيرا ما سمعتها ، ولكني هذه المرة أجعلها حجة عليك ألقاك بها عند الله ،قال الله"أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"([20])
- أخرجه أبو نعيم في الحلية
- أخرجه ابن ماجة بسند ضعيف