الغيرة القاتلة
أين غيرة الرجال
في زمان كثرت فيه الماديات والشهوات وابتعد فيه كثير من المسلمين عن منهج رب الأرض والسموات ، وتاثروا بالأفلام والمسلسلات
لا تعجب إذا سمعت عن انتشار حالات اولاد الشوارع ، ولا تعجب إذا سمعت عن انتشار الزنا ، كل هذا لماذا الرجل يخرج مع زوجته إلى الشوارع ، وهي ترتدي الملابس الضيقة والسيقان واليدان مكشوفتان ، وهو يرى الذئاب تنهشها بالأبصار وهو لا يحرك ساكنا
بعضهم أخبرني أن جاره رجعت زوجته في الساعة الواحدة ليلا ، خرجت من غير أذنه وعادت في الساعة الواحدة ليلا ، رأها فماذا صنع ؟ أترك لك الجواب
بعضهم علم أن زوجته خانته مع أحد الرجال ، فطلقها بعد أن طلبت منه الطلاق ، وبعد أن قضى الثاني منها حاجته طلقها ، أردت أن ترجع للأول ، فوافق على الرجوع
إن الغيرة مظهر من مظاهر الرجولة ، بها تصاب الأعراض أو تحفظ الحرمات ، وتعظم شعائر الله وحدوده وهي دليل على قوة افيمان
لقد رأينا هذا الخلق يستقر في نفوس العرب حتى الجاهلين ، فتجدهم يقيمون الحروب من أجل امرأة ديس عرينها ، بل تجدهم يغارون على نساء جيرانهم حتى من هوى نفوسهم :
يقول عنترة :
وأغضّ طرفي إن بدت لي جارتي ... حتى يواري جارتي مأواها
بل ربما قامت الحروب غيرة على امرأة وحماية لشرفها ، وما خبر حرب الفجار عنا بغريب
إن سبب هذه الحرب أن شبابا من كنانة رأوا امرأة في سوق عكاظ فسألوها عن أن تسفر عن وجهها فأبت فأخذوا يسخرون منها فنادت بآل عامر فلبتها سيوف بني عامر ، ووقفت كنانة تدرا عن فتيانها ، وهاجت هوازن لبني عامر ، وثارت قريش لكنانة فتفجرت الدماء وتناثرت الإشلاء
عناصر اللقاء
1- الله يغار 2- كن رجلا 3- الغيرة القاتلة
الغيرة هي تغير لاقلب وهيجان الغضب بسبب الإحساس بمشاركة الغير فيما هو من حق الإنسان وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين
1- أو هي أنفة المحب وحميته أن يشاركه محبوبه غيره
2- وهذه الغيرة تصفي القلب وتخرج خبثه كما يخرج الكير خبث الحديد ، وهي التي تحمل على بذل النفس والمال حتى زول ما يكره المحبوب ، فالمؤمن يغار لربه من نفسه ومن غيره إذا لمم يكن لربه كما يحب
3- أما الغيرة له فهي الغضب له إذا استهين بحقه وانتقصت حرمته والغيرة من صفات الله جلا وعلا قال تعالى : [قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ][الأعراف : 33]
4- وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس شيء أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح من الله من أجل ذلك أثنى على نفسه ولا أحد أحاب إليه العذر من الله من أجل ذلك أرسل الرسل"البخاري ومسلم روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 295)
5- فالله يغار غيره تليق بجلاله وكماله [لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ][الشورى : 11]
6- ومن غيرته تعالى لعبده
1- أن يحميه مما يضره في آخرته
* عن قتادة بن النعمان كما في الترمذي وغيره مرفوعا إن الله يحمي عبده المؤمن من الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه من الطعام والشراب حديث صحيح روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 295)
وفي الصحيح عنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يغار والمؤمن يغار وغيرةالله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه" رواه الترمذي بسند صحيح
2- أن يخلو قلبك من حبه وخوفه ورجائه
وفي الآثر الإلهي كما في الأثر الإلهي ابن آدم خلقتك لنفسي وخلقت كل شيء لك فبحقي عليك لا تشتغل بما خلقته لك عم ما خلقتك له وفي أثر آخر خلقتك لنفسي فلا تلعب وتكفلت لك برزقك فلا تتعب يا ابن آدم اطلبني تجدني فإن وجدتني وجدت كل شيء وإن فتك فاتك كل شيء وأنا خير لك من كل شيء
3- يغار على قلبك وجوارحك
ويغار على لسانه أن يتعطل من ذكره ويشتغل بذكر غيره ويغار على جوارحه أن تتعطل من طاعته وتشتغل بمعصيته روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 304)
قال ذا النون يقول: ما طابت الدنيا إلا بذكره، ولا طابت الآخرة إلا بعفوه، ولا طابت الجنة إلا برؤيته.
4- يغار لعباده المؤمنين أن تنتهك حرماتهم
[إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ][الحج : 38]
5- يغار على دينه وكلامه أن يحظى به من ليس أهلا له
قال تعالى :[ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً ][الإسراء : 46]
وثبط المنافقين في تبوك عن اللحاق بالنبي ^
قال تعالى :[ وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ][التوبة : 46]
وسمع الشبلي رحمه الله تعالى قارئا يقرأ {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً} فقال أتدرون ما هذا الحجاب هذا حجاب الغيرة ولا أحد أغير من الله روضة المحبين ونزهة المشتاقين (23/ 13)
وملاك الغيرة ثلاثة أنواع : غيرة العبد لربه أن تنتهك محارمه وتضيع حدوده وغيرته على قلبه أن يسكن إلى غيره وأن يأنس بسواه وغيرته على حرمته أن يتطلع إليها غيره
إذا كان الله يغار ، فإن المؤمن الذي يريد أن يتخلق باخلاق سيده يغار ومع
كن رجلاً .............. ولا تكن ديوثاً
إن الناظر في تاريخ الإسلام يرى أن الحروب تقوم ، والأعضاء تسقط ، والشلاء تتناثر ، والأموال تنفق من أجل امرأة مسلمة انتهكت حرمتها وأصابها سوء
* إن النبي ^ خرج بجيش على رأس المهاجرين والأنصار وحاصر يهود بني قينقاع خمسة عشر يوما أتدري لماذا ؟
لأنهم تعرضوا لإيذاء مسلمة ، ولكن كيف ذلك ؟
قال ابن هشام: وذكر عبد الله بن جعفر بن المسور بن مخرمة، عن أبي عون قال كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها، فباعته بسوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا بها، فصاحت. فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهوديا، وشدت اليهود على المسلم فقتلوه فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع. الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام (5/ 277)
7- يذكر بعض المؤرخين في حسنات الحجاج بن يوسف
أن امرأة مسلمة سبيت في الهند فنادت : واحجاجاه فلما بلغه ذلك يقول لبيك وانفق سبعة ملايين من الدراهم حتى أنقذ المرأة
8- لَمَّا خَرَجَ مَلِكُ الرُّومِ، وَفَعَلَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ مَا فَعَلَ، بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى الْمُعْتَصِمِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ اسْتَعْظَمَهُ، وَكَبُرَ لَدَيْهِ، وَبَلَغَهُ أَنَّ امْرَأَةً هَاشِمِيَّةً صَاحَتْ، وَهِيَ أَسِيرَةٌ فِي أَيْدِي الرُّومِ: وَامُعْتَصِمَاهُ! فَأَجَابَهَا وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرِهِ: لَبَّيْكِ لَبَّيْكِ! وَنَهَضَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَصَاحَ فِي قَصْرِهِ: النَّفِيرَ النَّفِيرَ، وانطلقت الجحافيل وقد ملأت الغيرة لكرامة المرأة كل جندي إباء وحماسا ، فانزلزا بالعدو شر وهزيمة ، واقتحموا قلاعه في أعماق بلاده حتى أتوا عمورية وهدموا قلاعها وانتهوا اإلى الأسيرة وفكوا عقالها وقال لها المعتصم : إشهدي لي عند جدك المصطفى أني جئت لخلاصك
9- وفي القرن السابع الهجري حين هجم الصليبيون على بلاد افسلام واحتلوا كثيرا من أراضي المسلمين ، حتى كادوا أن يحتلوا مصر ففكر حاكم مصر الفاطمي المدعو العاضد لدين الله أن يستعين بوالي الشام نور الدين زنكي ولكن كيف ذلك وملك الشام لا يعترف بالخليفة الفاطمي في مصر إنما يعترف للخلافة العباسية في مصر والخلافة العباسية والفاطمية بينهما أشد الخصام
فأرسل العاضد رسالة إلى نور الدين أرفقها بخصلة شعور بيت خلافته في القاهرة ، فبلغ التأثير مداه ، فسرة حمية الغيرة في جند الشام وأهله فبذلوا لإنقاذ مصر فلذات الأكباد بقيادة أسد الدين شركوه ويوسف بن أيوب ( صلاح الدين )
هذا جزاء الكافرين الذين اقتربوا من حوزة مسلمة ولكن العجيب أن تذهب شهامة الرجال ، حتى يعرف السوء عن أهله ولا يتحرك لها ساكن ............ أقول لهذا اسمع ماذا قال الله فيك النبي ^
1- عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « ثَلاَثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ وَالْعَاقُّ وَالْدَّيُّوثُ الَّذِى يُقِرُّ فِى أَهْلِهِ الْخَبَثَ » . رواه النسائي وأحمد حديث صحيح، وفي رواية عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَبَدًا: الدَّيُّوثُ مِنَ الرِّجَالِ، وَالرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاءِ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَمَّا مُدْمِنُ الْخَمْرِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الدَّيُّوثُ مِنَ الرِّجَالِ؟، قَالَ: " الَّذِي لَا يُبَالِي مَنْ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ ". قُلْنَا: فَالرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاءِ؟، قَالَ: " الَّتِي تَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ " رواه البيهقي في الشعب
2- وهذا ديدن الكرام من قديم الزمان
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « كَانَ دَاوُدُ النَّبِىُّ فِيهِ غَيْرَةٌ شَدِيدَةٌ وَكَانَ إِذَا خَرَجَ أُغْلِقَتِ الأَبْوَابُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَهْلِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَرْجِعَ - قَالَ - فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ وَغُلِّقَتِ الدَّارُ فَأَقْبَلْتِ امْرَأَتُهُ تَطَّلِعُ إِلَى الدَّارِ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ فَقَالَتْ لِمَنْ فِى الْبَيْتِ مِنْ أَيْنَ دَخَلَ هَذَا الرَّجُلُ الدَّارَ وَالدَّارُ مُغْلَقَةٌ وَاللَّهِ لَتُفْتَضَحُنَّ بِدَاوُدَ . فَجَاءَ دَاوُدُ فَإِذَا الرَّجُلُ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا الَّذِى لاَ أَهَابُ الْمُلُوكَ وَلاَ يَمْتَنِعُ مِنِّى شَىْءٌ فَقَالَ دَاوُدُ أَنْتَ وَاللَّهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فَمَرْحَباً بِأَمْرِ اللَّهِ . فَرَمَلَ دَاوُدُ مَكَانَهُ حَيْثُ قُبِضَتْ رُوحُهُ ..................... رواه أحمد إسناده ضعيف لانقطاعه
3- وكان النبي ^ أشد الخلق غيره
عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ عَنْهُ . فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ فَوَاللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ وَلاَ شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَلاَ شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ » . رواه مسلم
4- وكان عمر بن الخطاب شديد الغيرة على نساء النبي ^ أن يراهن أحد لحرمتهن وإكراما لصلتهن به ^
* قال أبو رافع : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيرا ما يقرأ سورة يوسف وسورة الإحزاب في صلاة الصبح وكان إذا بلغ [يَا نِسَاء النَّبِيِّ [ رفع بها صوته فقيل له في ذلك فقال اذكرهن العهد
* وكانت امرأته تخرج إلى الصلاة فيكره ذلك فتقول إن نهيتني انتهيت ، فيسكت امتثالا لقول النبي ^ " لاَ تَمْنَعوا إِمَاءَ اللَّه (الإماء جمع أمة وهي هنا المرأة أي لا تمنعوا النساء من دخول المساجد للصلاة) مَسَاجِدَ اللَّه.
* عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهَا: لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ؟ قَالَتْ: فَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي؟ قَالُوا: يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» ابن أبي شيبة
* وقد احترم النبي ^ غيرة عمر حتى في عالم الأحلام : عَنَّ أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ: " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا ". فَبَكَى عُمَرُ، وَقَالَ: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ رواه البخاري ومسلم
5- ذكر الخرائطي أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ: كَانَ يَأْكُلُ تُفَّاحًا وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ , فَدَخَلَ عَلَيْهِ غُلَامٌ لَهُ , فَنَاوَلَتْهُ تُفَّاحَةً قَدْ أَكَلَتْ مِنْهَا فَأَوْجَعَهَا مُعَاذٌ ضَرْبًا , وَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ تَطَّلَّعُ فِي خِبَاءٍ مِنْ أَدَمٍ فَضَرَبَهَا اعتلال القلوب للخرائطي (2/ 359)
6- عن ابي مليكة أن ابن عمر رضي الله عنهما سمع امرأته تكلم رجلا من وراء جدار بينها وبينه قرابة لا يعلمها ابن عمر فجمع لها جرائد ثم ضربها حتى أضبت حسيسا روضة المحبين ونزهة المشتاقين (23/ 7)
7- وكان الحسين بن علي يقول : أتدعون نساءكم ليزاحمن العلوج في الأسواق قبح الله من لا يغار إحياء علوم الدين (2/ 46)
* أين هذا ممن ماتت فيهم الغيرة ، وخفت صوت الضمير ، فسمحوا لنسائهم بمجالسة الأصدقاء وغير الأصدقاء ، والنزول غلى حلبة الرقص ، وسمحت فيها النفوس بالفيلات الحارة والمخاصرة الفاجرة .......... ألا قاتل الله كل ديوث؟!
8- ويعجبني في هذا المقام الموقف الرائع الذي مثله رجل قاضته زوجته إلى القاضي موسى بن إسحاق في مدينة الري سنة 286 هـ فادَّعى وكيلها بأن لموكّلته على زوجها خمسمائة دينار مهرها فأنكر الزوج. فقال القاضي لوكيل الزوجة: هات شهودك قال: أحضرتهم فوقف الشهود وطلب أحدهم أن ينظر إلى الزوجة ليشير إليها أثناء شهادته، فقام الشاهد وقال للمرأة قومي، فقال الزوج: لماذا تقوم؟ قال الوكيل ينظرون إلى امرأتك وهي مسفرة عن وجهها كي تصح عندهم معرفتها. فقال الزوج: إني أشهد القاضي أن لها عليّ هذا المهر الذي تدعيه ولا تسفر عن وجهها، فلما سمعت الزوجة كلامه قالت: وأنا أشهد القاضي أني وهبت له هذا المهر وأبرأت ذمته في الدنيا والآخرة. فقال القاضي: يكتب هذا في مكارم الأخلاق الأنساب للسمعاني (5/ 166)
· وهي طبيعة في المراة أن يشاركها في زوجها غيرها ، وقد راعى النبي هذه الطبيعة ما لم تخالف الشرع أو تجاوز الحد المفروض
* عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَرْسَلَتْ أُخْرَى بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ يَدَ الرَّسُولِ، فَسَقَطَتِ الْقَصْعَةُ فَانْكَسَرَتْ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِسْرَتَيْنِ، فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، فَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ، وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ، كُلُوا» ، فَأَكَلُوا، حَتَّى جَاءَتْ بِقَصْعَتِهَا، الَّتِي فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ، وَتَرَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْهَا رواه البخاري
· وقال الواقدي عن محمد بن صالح عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه قال كانت سارة عند إبراهيم فمكثت معه دهرا لا ترزق منه ولدا فلما رأت ذلك وهبت له هاجر أمتها فولدت لإبراهيم فغارت من ذلك سارة ووجدت في نفسها وعتبت على هاجر فحلفت أن تقطع منها ثلاثة أعضاء فقال لها إبراهيم هل لك أن تبر يمينك قالت كيف أصنع قال اثقبي أذنيها واخفضيها والخفض هو الختان ففعلت ذلك بها فوضعت هاجر في أذنيها قرطين فازدادت بهما حسنا فقالت سارة إنما زدتها جمالا فلم تقاره على كونها معه ووجد بها إبراهيم وجدا شديدا فنقلها إلى مكة فكان يزورها كل يوم من الشام على البراق من شغفه بها وقلة صبره عنها روضة المحبين ونزهة المشتاقين (23/ 6)
· وقالت عائشة رضي الله عنها ما غرت على امرأة قط ما غرت على خديجة من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إياها ولقد ذكرها يوما فقلت ما تصنع بعجوز حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيرا منها فقال: "والله ما أبدلني الله خيرا منها" البخاري ومسلم
· وإذا كان الدين يمجد الغيرة ويدعواها ولكن باعتدال ودون تجاوز للحد المعقول . ومع الغيرة القاتلة
· عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " غَيْرَتَانِ: إِحْدَاهُمَا يُحِبُّهَا اللهُ، وَالْأُخْرَى يُبْغِضُهَا اللهُ، وَمَخِيلَتَانِ: إِحْدَاهُمَا يُحِبُّهَا اللهُ، وَالْأُخْرَى يُبْغِضُهَا اللهُ، الْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ (3) يُحِبُّهَا اللهُ، وَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِهِ (4) يُبْغِضُهَا اللهُ، وَالْمَخِيلَةُ إِذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ يُحِبُّهَا اللهُ، وَالْمَخِيلَةُ فِي الْكِبْرِ يُبْغِضُهَا اللهُ " رواه أحمد حسن لغيره
· فالغيرة التي يبغضها الله هي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة
· والإفراط في الغيرة يجر إلى قبائح منها :
1- تجعل الرجل يسيئ الظن بزوجته ، متشككا في تصرفاتها حتى ولو كانت بريئة
* قال تعالى : [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ][الحجرات : 12]
* عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، لَا تَجَسَّسُوا ، وَلَا تَحَسَّسُوا ، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَاتَنَاجَشُوا ، وَلَا تَدَابَرُوا ، وَلَا تَبَاغَضُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا " رواه البخاري ومسلم
2- وسوء الظن يدفع بعض الناس إلى قتل زوجته ولو بحثت عن الحقيقة لوجتها بريئة عفيفة ، ولكن الحدة التي تكيف بها عقل الرجل أعمته عن التحقق والتثبت الذي أمر به الدين
* وها هو النبي ^ عندما يسمع الشائعة حول عائشة يمكث طويلا ويتثبت من الخادم والضرائر والناس ، ولم يصدر في شانها حكما رغم ما قيل
قال تعالى :[ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ ][النور : 12]
قال تعالى :[ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ][النور : 16]
3- تدفع إلى مغافلة الزوجة، ومحاولة الإطلاع على ما استتر من أمورها
ولذا نهى النبي ^ الرجل أن يطرق أهله ليلا إذا كان قادما من سفر من غير أن يخبرهم
* روى مسلم ولما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم من سفره قال قبل دخول المدينة لا تطرقوا النساء ليلا فخالفه رجلان فسبقا فرأى كل واحد في منزله ما يكره // حديث أنه قال قبل دخول المدينة لا تطرقوا أهلكم ليلا فخالفه رجلان فسعيا إلى منازلهما فرأى كل واحد في بيته ما يكره رواه أحمد من حديث ابن عمر بسند جيد //
4- بل تتمادى بالرجل الغيرة فيتفرس الملود ويقارن بين أعضاءه به أو بامه
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ . وَكَأَنَّهُ يُعَرِّضُ أَنْ يَنْتَفِيَ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَكَ إِبِلٌ ؟ " قَالَ: نَعَمْ . قَالَ: " مَا أَلْوَانُهَا ؟ " قَالَ: حُمْرٌ . قَالَ: " هَلْ (1) فِيهَا ذَوْدٌ أَوْرَقُ ؟ " قَالَ: نَعَمْ، فِيهَا ذَوْدٌ أَوْرَقُ . قَالَ: " وَمِمَّا ذَاكَ ؟ " قَالَ: لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ . قَالَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَهَذَا، لَعَلَّهُ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ " رواه مسلم وأحمد
عوامل تساعد على الإعتدال في الغيرة
1- ألا يختار زوجته بارعة الجمال ، فإن تزوج من امراة بارعة الجمال فلينقبها
2- أن تكون ذات خلق ودين
3- عدم اختلاطهما بالرجال بدون ضرورة
4- عدم إغراقها بالمتع وخاصة الملابس التي تغري بالخروج
قال عمر رضي الله عنه أغروا النساء يلبسن الحجاب
5- مراعاة هندسة البناء ، ووضع الستر على النوافذ بحيث تحجب الرؤية