حطموا الأصنام
1- ما هو الهوى 2- القرآن والسنة يتحدثان عن الهوى
3- الخدعة الكبرى 4- كيف الخلاص
قال ابن القيم : أن التوحيد واتباع الهوى متضادان فإن الهوى صنم ولكل عبد صنم في قلبه بحسب هواه وإنما بعث الله رسله بكسر الأصنام وعبادته وحده لا شريك له وليس مراد الله سبحانه كسر الأصنام المجسدة وترك الأصنام التي في القلب بل المراد كسرها من القلب أولا قال الحسن بن علي المطوعي صنم كل إنسان هواه فمن كسره بالمخالفة استحق اسم الفتوة
روضة المحبين ونزهة المشتاقين (30/ 14)
قال ابن رجب : فالمراد منك أن تكون عبد الله لا عبد الهوى فإن الهوى يهوي بصاحبه إلى النار وقد قال رسول الله « تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ » . رواه البخاري والله لا ينجو غدا من عذاب الله إلا من حقق عبودية الله وحده ولم يلتفت إلى شيء من الأغيار [أَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ][يوسف : 39] فمتى كان القلب غير الله فهو أغنة الشركاء عن الشرك ولا يرضى بمزاحمة أصنام الهوى
أردناكم صرفًا فلما مزجتم ... بعدتم بقدر التفاتكم عنا
وقلنا لكم لا تُسكنوا القلب غيرنا ... فأسكنتم الأغيار ما أنتم منا
مجموع رسائل ابن رجب (1/ 355)
* الهوى هو ميل النفس إلى ما تهواه وتشتهيه والسير وراءه والنزول على حكم العاطفة من غير تحكيم العقل أو رجوع إلى شرع أو تقدير العاقبة
* وقد يكون حسيا كالمطعم والمشرب والمنكح كما يمكن أن تكون معنويا كالحب الجاه والسلطان والذكر ويكون في الشهوات كما يمكن أن يكون في الشبهات التي تتعلق بالدين
1- وهو في الشبهات أخطر لأنه يوصل صاحبه إلى حد الإبتداع في الدين – كالرافضة والباطنية والمعطلة والمشبهه – وغيرهم ولهذا اشتهر بين علمائنا تسمية هولاء وأمثالناهم وأهل البدع والأهواء
2- قال شيخ الإسلام ابن تيمية : واتباع الاهواء في الديانات اعظم من اتباع الاهواء في الشهوات فإن الاول حال الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين كما قال تعالى [فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ][القصص : 50]الاستقامة (2/ 223)
لذا تجد كثيرا من الناس قد مال به الهوى عن جادة الطريق (يفتي المفتي على القنوات الفضائية وغيرها بما لم ينزل الله أحيانا وترى المسائل المثارة مسائل عفا عليها الزمن مما يقال عن علم لا ينفع وجهل لا يضر كل ذلك حبا لهوى الهرة والظهور )(تتنافس القضايا فيما بيننا ولا يعترف أحد بخطأه وإصابة أخيه – مع أن الشافعي قال ما ناظرت أحدا إلا وأحببت أن يظهر الحق على لسانه – كل ذلك هوى نفسه )(نلتزم شكلا وترى المضمون يبعد تماما عن هدى الله ملتحيا كان أو منتقبة كل ذلك هدى في دين الله ) قال ابن الجوزي : رأيت كثيرا من الناس يتحرزون من رشاش البول ولا يتحاشون من الغيبة ويكثرون الغيبة ولا يبالون بمعاملات الربا ويتهجدون بالليل ويؤخرون الفريضة عن الوقت في أشياء يطول عدها من حفظ الفروع وتضييع أصول فبحثت عن السبب فوجدته في شيئين أحدهما الهوى والثاني غلبة الهوى في تحصيل المطلوب، صيد الخاطر (ص: 177)
وحقا ما قال فقد كثر المتنطعون والمتشددون الذين لا يعون فهما للنصوصث أو مراعاة الأولويات أو خصائص الإسلام العظمى في جمعه بين الأصالة والمعاصرة ومزجة بين المثالية والواقعية ومن هؤلاء من لقيت في رمضان في أحد المساجد وبين التراويح جلست أقول درسا فلمحت صاحبي هذا ينام في المسجد لأنه تعب من الصلاة وبعد ان انتهيت من الصلاة استوقفني شاب كث اللحية مقعر للثياب قال يا أخي قلت في دعائك اللهم صلى على سيدنا محمد ................... والتسييد بدعة لا تسيدوني في الصلاة والحديث باطل موضوع قلت له هذا دعاء ومن السنة الأدب مع النبي وذكره ما لم يرد ما منع أو يكون في شيء توقيفي نصي بجانب أن الإمام الشافعي نص على ذلك في الأمر واستحبه قال الشيخ إحنا بناخد ديننا من النبي ليس من الشافعي قات لا حول ولا قوة إلا بالله - هوى المراء والجدال – تذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم « أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِى رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا فتركته وذهبت
قال تعالى :[ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ] [البقرة : 143]
* وكذا وجه الهوى الآخر والمشتهر في الدين من الإبتداع باسم محبة للنبي وآل بيته وترى العجيب العجاب طرقوا الطريق وأققواموا الأضرحة على المساجد وداروا حولها طائفين وعاكفين وركعا وسجودا وما علموا أن رسول الله قد نهى عن ذلك حتى وهو يموت قال النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ « لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسْجِداً » .رواه البخاري
بل قد يصل الألأمر بهؤلاء – دخلاء التصوف – غلى تعطيل الفرائض بإدعاء الوصول – يسمونهم عندنا مجاذيب – وتجد التعظيم والتوقير والإجلال لرجل لا يصلي ولا يصوم منتيت الريح رث الثياب ............. مع أن الإمام الجنيد قيل له إن ها هنا أقواما يقولون إنهم يصلون إلى البر بترك الحركات فقال هؤلاء تكلموا بإسقاط الأعمال وهو عندي عظيم والذي يزني ويسرق أحسن حالا من الذي يقول هذا فإن العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله وإلى الله رجعوا فيها ولو بقيت ألف عام لم أنقص من أعمال البر شيئا روضة المحبين ونزهة المشتاقين (27/ 15)
* لكنه الهوى الذي تدفعه النفس ويقوده إبليس
هذا هوى الشبهه أما هوى هوى الشهوة فإن أي شهوة لا تسير وفق ما أمر الله ورسم تكون هوى يهوي بصاحبه في الدنيا واللآخرة لذا تجد أن المكذبين للرسل كلهم كان دواءهم هذا الهوى فما حمل قوم شعيب على البخس بالميزان والمكيال إلا هوى المال وتملكه لقلوبهم وما حمل قوم فرعون على تكذيب موسى إلاحبهم للرئاسة والملك
وما فعل أصحاب السبت وما فعلوا إلا هواهم في صيد الحيتان وأكلها ودعاء قوم لوط إلا هواهم وشهوتهم في إتيان الذذكران من العالمين
وهكذا يفعل هوى الشهوة وصدق رسول اللهفي الحديث الذي يرويه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « حُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ وَحُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ » .رواه أحمد إسناده صحيح على شرط مسلم.
قال ابن عباس ما ذكر في كتاب الله إلا مذموما
الهوى في القرآن والسنة
أولا في القرآن
1- صاحب الهوى ظالم
* قال تعالى :[ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ][الروم : 29]
* قال تعالى :[ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ][صـ : 26]
* قال تعالى :[ َلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ][الكهف : 28]
* قال تعالى :[ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ][الجاثية : 23]
وبهذا أضل أبو جهل قال تعالى :[ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ ][الأنعام : 33]
وذكر الزهري: أن أبا جهل. وجماعة معه وفيهم الأخنس بن شريق، استمعوا قراءة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - في الليل فقال الأخنس لأبي جهل يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ فقال تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا. وحملوا فحملنا. وأعطوا فأعطينا. حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان. قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء! فمتى ندرك هذا؟ واللَّه لا نسمع له أبدا. ولا نصدقه أبدا ". مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لمحمد بن عبد الوهاب (ص: 103)
2- صاحب الهوى معرض عن الله ورسوله
* قال تعالى :[ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ][هود : 14]
* قال تعالى :[ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)][النازعات :40-41]
3- صاحب الهوى مثل أخس الحيوانات
* قال تعالى :[ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)] [الفرقان: 43-44]
* قال تعالى :[ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ][الأعراف : 175-176] المقصود هنا بلعام بن باعورا وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، يُقَدِّمُونَهُ فِي الشَّدَائِدِ، بَعَثَهُ نَبِيُّ اللَّهِ مُوسَى إِلَى مَلِكِ مَدْين يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ، فَأَقْطَعُهُ وَأَعْطَاهُ، فَتَبِعَ دِينَهُ وَتَرَكَ دِينَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
كَانَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ بَلْعَامُ، وَكَانَ قَدْ أُوتِيَ النُّبُوَّةَ وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، قَالَ: وَإِنَّ مُوسَى أَقْبَلَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُرِيدُ الْأَرْضَ الَّتِي فِيهَا بَلْعَامُ -أَوْ قَالَ: الشَّامَ -قَالَ فرُعب النَّاسُ مِنْهُ رُعْبًا شَدِيدًا، قَالَ: فَأَتَوْا بَلْعَامَ، فَقَالُوا: ادْعُ اللَّهَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَجَيْشِهِ! قَالَ: حَتَّى أوَامر رَبِّي -أَوْ: حَتَّى أُؤَامِرَ -قَالَ: فَوَامَرَ فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ، فَقِيلَ لَهُ: لَا تَدْعُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ عِبَادِي، وَفِيهِمْ نَبِيُّهُمْ. قَالَ: فَقَالَ لِقَوْمِهِ: إِنِّي قَدْ آمَرْتُ رَبِّي فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ، وَإِنِّي قَدْ نُهِيتُ. فَأَهْدَوْا لَهُ هَدِيَّةً فَقَبِلَهَا، ثُمَّ رَاجَعُوهُ فَقَالُوا: ادْعُ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ: حَتَّى أَوَامِرَ. فَوَامَرَ، فَلَمْ يَحُر إِلَيْهِ شَيْءٌ. فَقَالَ: قَدْ وَامَرْتَ فَلَمْ يَحُر إِلَيَّ شَيْءٌ! فَقَالُوا: لَوْ كَرِهَ رَبُّكَ أَنْ تَدْعُوَ عَلَيْهِمْ لَنَهَاكَ كَمَا نَهَاكَ الْمَرَّةَ الْأُولَى. قَالَ: فَأَخَذَ يَدْعُو عَلَيْهِمْ، فَإِذَا دَعَا عَلَيْهِمْ، جَرَى عَلَى لِسَانِهِ الدُّعَاءُ عَلَى قَوْمِهِ، وإذا أراد أن يدعو أن يفتح لِقَوْمِهِ (1) دَعَا أَنْ يَفْتَحَ لِمُوسَى وَجَيْشِهِ -أَوْ نَحْوًا مِنْ ذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ (2) مَا نَرَاكَ تَدْعُو إِلَّا عَلَيْنَا. قَالَ: مَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِي إِلَّا هَكَذَا، وَلَوْ دَعَوْتُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا اسْتُجِيبَ لِي، وَلَكِنْ سَأَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ عَسَى أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَلَاكُهُمْ. إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الزِّنَا، وَإِنَّهُمْ إِنْ وَقَعُوا بِالزِّنَا هَلَكُوا، وَرَجَوْتُ أَنْ يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ، فَأَخْرِجُوا النِّسَاءَ يَسْتقبلنهم (3) ؛ فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ مُسَافِرُونَ، فَعَسَى أَنْ يَزْنُوا فَيَهْلَكُوا. قَالَ: فَفَعَلُوا. قَالَ: فَأَخْرَجُوا النِّسَاءَ يَسْتَقْبِلْنَهُمْ. قَالَ: وَكَانَ لِلْمَلِكِ ابْنَةٌ، فَذَكَرَ مِنْ عِظَمِهَا مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ! قَالَ: فَقَالَ أَبُوهَا -أَوْ بَلْعَامُ-: لَا تُمَكِّنِي نَفْسَكِ إِلَّا مِنْ مُوسَى! قَالَ: وَوَقَعُوا فِي الزِّنَا. قَالَ: وَأَتَاهَا رَأْسُ سِبْطٍ مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: فَأَرَادَهَا عَلَى نَفْسِهِ، فَقَالَتْ: مَا أَنَا بِمُمَكِّنَةِ نَفْسِي إِلَّا مِنْ مُوسَى. قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ مَنْزِلَتِي (4) كَذَا وَكَذَا، وَإِنَّ مِنْ حَالِي كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَبِيهَا تَسْتَأْمِرُهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهَا: فَأَمْكِنِيهِ قَالَ: وَيَأْتِيهِمَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَارُونَ وَمَعَهُ الرُّمْحُ فَيَطْعَنُهُمَا. قَالَ: وَأَيَّدَهُ اللَّهُ بِقُوَّةٍ. فَانْتَظَمَهُمَا جَمِيعًا، وَرَفَعَهُمَا عَلَى رُمْحِهِ (5) فَرَآهُمَا النَّاسُ -أَوْ كَمَا حدَّث -قَالَ: وَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الطَّاعُونَ، فَمَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا.
تفسير ابن كثير ت سلامة (3/ 507)
* لقد كانت نفسه أرضية سفلية لا سماوية علوية وبحسب ما يخلد العبد إلى الرض بحسب ما يهبط من السماء فالقلب إن لم يحم حول العرش سينزل إلى الالحش وإن لم يسابق الطير إلى السماء وصولا غلى الأوكار فسيهبط حتى يندس في الأبحار
ثانيا في السنة
1- شأنه عظيم عند الله
* عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ إِلَهٌ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ هَوًى مُتَّبَعٌ» الطبرانى ، وأبو نعيم قال الهيثمي رواه الطبراني في الكبير وفيه الحسن بن دينار وهو متروك الحديث ، قال الألباني في ضعيف الترغيب موضوع
2- رسول الله يخاف علينا من الهوى
* عَنْ أَبِى بَرْزَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ مِمَّا أَخْشَى عَلَيْكُمْ شَهَوَاتِ الْغَىِّ فِى بُطُونِكُمْ وَفُرُوجِكُمْ وَمُضِلاَّتِ الْهَوَى » رواه أحمد وفي رواية إِنَّ مِمَّا أَخْشَى عَلَيْكُمْ شَهَوَاتِ الْغَيِّ فِي بُطُونِكُمْ وَفُرُوجِكُمْ وَمُضِلَّاتِ الْفِتَنِ " رجاله ثقات رجال الصحيح
* عن +%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9+%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D9%8A%D8%A9+-+%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%B9%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB%D9%8A%D8%A9+-+%D9%85%D9%86+%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB+%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%88+%D8%A8%D9%86+%D8%B9%D9%88%D9%81+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B2%D9%86%D9%8A عمرو بن عوف المزني قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ( اني أخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة ) قالوا ما هي يا رسول الله ؟ قال : ( زلة العالم أو حكم جائر أو هوى متبع ) المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 1/192 خلاصة حكم المحدث: فيه كثير بن عبد الله بن عوف وهو متروك وقد حسن له الترمذي
3- مهلكة
* عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ، فَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ فَشُحٌّ مُطَاعٌ- الشُّحُّ هو أشدُّ البُخْل ، مطاع : أى يُطيعَه صاحِبُه فى مَنْع الحُقوق التى أوجبها اللهُ عليه فى مالِه - ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَالثَّلَاثُ الْمُنْجِيَاتُ تَقْوَى اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَكَلِمَةُ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالسَّخَطِ، وَالِاقْتِصَادُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ» رواه الطبراني وحسنه الألباني
العشق الخدعة الكبرى
العشق هو كما أجمع عليه الأطباء قاطبة أنه مرض وسواسي شبيه بالماليخوليا يجلبه المرء إلى نفسه بتسليط فكره على استحسان بعض الصور والشمائل
قال أفلاطون العشق حركة النفس الفارغة
قال أرسطاطاليس العشق عمى الحس عن إدراك عيوب المحبوب
ومن هذا أخذ جرير قوله
فلست براء عيب ذي الود كله *** ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا
فعين الرضى عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا
وقال بعضهم لم أر حقا أشبه بباطل ولا باطلا أشبه بحق من العشق هزله جد وجده هزل وأوله لعب وآخره عطب
وقال بعضهم العشق نوع من الجنون والجنون فنون فالعشق فن من فنونه واحتج بقول قيس
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم *** ألعشق أعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه *** وإنما يصرع المجنون في الحين
روضة المحبين ونزهة المشتاقين (12/ 2)
ولهذا فهو لا يطلق مع الله فلا تقول عشقت الله وعلى هذا جمهور أهل الحق بجانب أنه يعني إفراط المحبة وما ورد عن طريق صحيح أنه يجوز إطلاقه
* الواقع يضج بهذا النوع من الهوى
الشباب والشابات الجامعيون والجامعيات والطلبة والطالبات الكل يهوى والكل يعشق وكالكل يحب
إذا أنت لم تعشق ولم تدر مالهوى* فقم واعتلف تبنا فأنت حمار
قصائد ومرويات وأشعار وما من عظيم من عظماء أهل الفن إلا غني للعشق والحب وسبحان الله أنطقهم الله بحقيقته الهوى فترغبونه وزاد هيامنا أحط أنواع الهوى واكثرها ضياعا لإرتباطه بشهوة الفرج ومع ذلك تجد العلاقات والتليفونات والرسائل واللقاءات والمداعبات .............. كل ذلك تحت اسم الهوى إذا لم يعلم كل أؤلئك عواقب الهوى أو ما علموا أن الله مطلع عليهم
* قال المقرئ البصري سمعت أن بعض الجند ، اغتصب امرأة نفسها من الطريق ، فعرض له الجيران يمنعونه منها ، فقاتلهم هو وغلمانه حتى تفرقوا ، وأدخل المرأة إلى داره ، وغلق الأبواب ، ثم راودها عن نفسها ، فامتنعت ، فأكرهها ، ولحقها منه شدة ، حتى جلس منها مجلس الرجل من المرآة.
فقالت له : يا هذا ، اصبر حتى تغلق الباب الذي بقي عليك أن تغلقه.
قال : أي باب هو ؟ قالت : الباب الذي بينك وبين الله.
فقام عنها ، وقال اخرجي ، قد فرج الله عنك.
فخرجت ، ولم يتعرض لها.
* الخاطب ومخطوبته ليس له منها إلا ما أعطاه الشرع إياه من جواز النظر إليها وحديثها حديثا شرعيا لا يخرج من هذه الدائرة لأن الخطبة لا تتعدى الوعد بالزواج وانظر إلى ما يحدث عندنا من مهازل سببها الهوى .. ليعلم هؤلاء إن الممنوع مرغوب وهو أولى لسرعة الزواج وليعلما أن من استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه فالإبن القاتل لا يرث فإن كان متحابين حقا فليتعففاف عن اتباع الهوى
وليعلم كل شاب وفتاة إن الحق الذي لا مرية فيه إنه لا يريدها ولا تريده إلا للشهوة وهذا في البداية قبل أن يتعرف كل منهما على حقيقة صاحبه بعد مجاوزة الغش التجاري
وقد صدق من قال
قولا لعاتكة التي في نظرة قضت الوطر
إني أريدك للنكاح ولا أريدك للنظر
لو كان هذا مقنعي لقنعت عنها بالقمر
وصدق رسول الله حيث قال في الحديث الذي يرويه عنه أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ»رواه ابن أبي شيبة وأحمد وضعفه الأرنأؤوط
الدواء
1- التدبر للعواقب بالعقل
قالوا إذا أردت أمرا فتدبر عاقبته فإن كان خيرا فامضه وإلا عكف عنه وبالنظر إلى عواقب الهوى تجد الوخامة في الدنيا والآخرة فما أعطي المرء خيرا من العقل يعي ذلك وقال وهب بن منبه قرأت في بعض ما أنزل الله تعالى إن الشيطان لم يكابد شيئا أشد عليه من مؤمن عاقل وإنه ليسوق مائة جاهل فيستجرهم حتى يركب رقابهم فينقادون له حيث شاء ويكابد المؤمن العاقل فيصعب عليه حتى ينال منه شيئا من حاجته قال وإزالة الجبل صخرة صخرة أهون على الشيطان من مكابدة المؤمن العاقل فإذا لم يقدر عليه تحول إلى الجاهل فيستأسره ويتمكن من قياده حتى يسلمه إلى الفضائح التي يتعجل بها في الدنيا الجلد والرجم والقطع والصلب والفضيحة وفي الآخرة العار والنار والشنار وإن الرجلين ليستويان في البر ويكون بينهما في الفضل كما بين المشرق والمغرب بالعقل وما عبد الله بشيء أفضل من العقل روضة المحبين ونزهة المشتاقين (2/ 11)
قال سيدنا معاذ بن جبل : يقول إني أقرأ حزبي من القآن ثم أنام فأحتسب رقدتي كما احتسبت يقظتي
قال الأصمعي : رجل وامرأة يجتمعان وقد هما بالحرام، ولما جلس منها مجلس الزنا، أطرق قليلا ثم قام عنها فسألته: ماذا حدث؟! .. فقال: إن رجلاً باع جنة عرضها السموات والأرض بمقدار فتر بين رجليك- المسافة بين السبابة والإبهام أي ما بيم رجليك - لقليل البصر " .
قال ابن مسعود : إذا أعجب رجل من امرأة بمحاسنها فليذكر منتنها
2- اتباع هدي النبي ^
* عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» .رواه النووي في الأربعين النووية حسن صحيح
* قال تعالى :[ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ][الأنعام : 153]
كانوا يأتون بالدليل فيستخرجون منه الحكم فصرنا الأن نبحث عن الدليل بعد صدور الحكم وهذا مخالفة لرسول الله
3- تعلق القلب بالله
المحبة من القلب بمنزلة الطائر صاحب الرأس ( فالقلب في سيره إلى الله نمنزلة الطائر فرأسه المحبة وجناحاه الجوف والرجاء ولا يكون المؤمن متعبداً لله إلا بهذه الثلاثة، فمن تعبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن تعبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن تعبده بالخوف وحده فهو حروري.)
* وقيل أوحى الله إلى داود عليه السلام يا داود إني حرمت على القلوب بان يدخلها حبي وحب غيري روضة المحبين ونزهة المشتاقين (27/ 16)
* ويحكى أن رجلا ادعى الاستهلاك في محبة شخص فقال له كيف وهذا أخي أحسن مني وجها وأتم جمالا فالتفت الرجل إليه فدفعه الشاب قال من يدعي هوانا ينظر إلى سوانا
* وقال سمنون ذهب المحبون لله بشرف الدنيا والآخرة إن النبي صلى الله عليه وسلم قال المرء مع من أحب فهم مع الله في الدنيا والآخرة روضة المحبين ونزهة المشتاقين (27/ 17)
* يقول ابن رجب الحنبلي : يا هذا اعبد الله لمراده منك لا لمرادك منه فمن عبده لمراده منه فهو ممن يعبد الله على حرف إن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ومتى قويت المعرفة والمحبة لم يرد صاحبها إلا ما يريد مولاه كلمة الإخلاص (ص: 35)
* يقول المتنبي :
أرُوحُ وَقد خَتَمتَ على فُؤادي *** بحُبّكَ أنْ يحِلّ بهِ سِوَاكَا
ُحِبُّكَ لا بِبَعضـي بَـل بِكُلّـي *** وَإِن لَم يُبقِ حُبُّكَ بـي حَراكـا
إذا تشابكت دموع في خدود *** فقد تبين من بكى ممن تباكى
فلًـوْ أنّـي اسـتَطَعتُ خَـفَضتُ طَرْفي *** فلــم أُبصِــرْ بِــهِ حَــتَّى أراكـا
وفي الاحباب مخصوص بوجد *** واخر يدعي معه اشتراكا
فأما من بكى فيذوب وجدا *** وينطق بالهوى من قد تشاكا
4- تذكر المقام بين يدي الله
* تذكر وقوفك يوم العرض عُريانا ***مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا
والنار تلهب من غيظ ومن حنق*** على العصاة ورب العرش غضبانا
اقرأ كتابك ياعبدُ يعلى مَهَلٍ *** فهل ترى فيه حرفاً غير ما كان
فلما قرأت ولم تنكر قراءته أقررت*** إقرار من عرف الأشياء عرفانا
نادى الجليل خذوه يا ملائكتي ***وامضوا بعبدٍ عصى للنار عطشانا
المشركون غداً فى النار يلتهبوا*** والموحدون بدار الخلد سُكَّانا
قال تعالى :[ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى] [النازعات : 40]
قال تعالى :[ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ][الرحمن : 46]
* وقال يحيى بن أيوب كان بالمدينة فتى بعجب عمر بن الخطاب رضي الله عنه شأنه فانصرف ليلة من صلاة العشاء فتمثلت له امرأة بين يديه فعرضت له بنفسها ففتن بها ومضت فأتبعها حتى وقف على بابها فأبصر وجلا عن قلبه وحضرته هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} فخر مغشيا عليه فنظرت إليه المرأة فإذا هو كالميت فلم تزل هي وجارية لها يتعاونان عليه حتى ألقياه على باب داره فخرج أبوه فرآه ملقى على باب الدار لما به فحمله وأدخله فأفاق فسأله ما أصابك يا بني فلم يخبره فلم يزل به حتى أخبره فلما تلا الآية شهق شهقة فخرجت نفسه فبلغ عمر رضي الله عنه قصته فقال ألا آذنتموني بموته فذهب حتى وقف على قبره فنادى يا فلان {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} فسمع صوتا من داخل القبر قد أعطاني ربي يا عمر روضة المحبين ونزهة المشتاقين (28/ 
5- فالله خير عوضا
* قال رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لرجلٍ:"إنَّك لن تدعَ شيئا اتَّقاءَ اللَّه إلا آتاك اللَّهُ خيرًا منه "خرَّجه الإمامُ أحمد بسند صحيح
* قال قتادة : وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا يَقْدِرُ رَجُلٌ على حَرَام ثُمَّ يَدَعُهُ، لَيْسَ بِهِ إِلا مَخافَةُ الله، إِلا أَبْدَلَهُ الله فِي عاجِلِ الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ ما هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذلكَ".
* ترك يوسف الفاحشة لله واختار السجن وعوّضه أن مكّنه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء، وآتاه الملك، وأتته المرأة صاغرة سائلة راغبة، في الوصل الحلال فتزوجها، فلما دخل بها قال: هذا خيرٌ مما كنت تريدين، لذلك قال أبو علي الدقاق من ملك شهوته في حال شبيبته صيره الله ملكا في حال كهولته كيوسف عليه السلام {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}
* وحكى المبرد عن شيخه أبي عثمان المازني أنه قصده بعض أهل الذمة ليقرأ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ عَنهُ، وَبَذَلَ لَهُ مِاْئَةَ دِينَارٍ في تَدْرِيسِهِ إِيَّاه؛ فَامْتَنَعَ المَازِنيُّ رَحِمَهُ اللهُ مِنْ ذَلِك؛ فَقَالَ لَهُ المُبَرِّد: جُعِلْتُ فِدَاك؛ أَتَرُدُّ هَذِهِ النَّفَقَةَ مَعَ فَاقَتِكَ وَاحْتِيَاجِكَ إِلَيْهَا 00؟!فَقَالَ لَهُ المَازِنيّ: هَذَا الْكِتَابُ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلاَثِمِاْئَةِ حَدِيث، وَكَذَا آيَةً مِنْ كِتَابِ الله جَلَّ وَعَلاَ؛ فَلَسْتُ أَرَى أَن أُمَكِّنَ مِنهَا ذِمِّيَّاً؛ غَيْرَةً عَلَى كِتَابِ الله تَبَارَكَ وَتَعَالىَ وَحَمِيَّةً لَهُ 00!!
فَاتَّفَقَ أَن غَنَّتْ جَارِيَةٌ بِحَضْرَةِ الْوَاثِقِ مِنْ شِعْرِ الْعَرْجِيّ:
أَظَلُومُ إِنَّ مُصَابَكُمْ رَجُلاً * أَهْدَى السَّلاَمَ تَحِيَّةً ظُلْمُ
فَاخْتَلَفَ مَنْ بِالحَضْرَةِ في إِعْرَابِ رَجُلاً؛ فَمِنهُمْ مَنْ نَصَبَهُ وَجَعَلَهُ اسْمَ إِنَّ، وَمِنهُمْ مَنْ رَفَعَهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُهَا، وَالجَارِيَةُ مُصِرَّةٌ عَلَى أَنَّ شَيْخَهَا أَبَا عُثْمَانَ المَازِنيَّ لَقَّنَهَا إِيَّاهُ بِالنَّصْب؛ فَأَمَرَ الْوَاثِقَ بِإِشْخَاصِهِ؛ قَالَ أَبُو المَازِنيّ: فَلَمَّا مَثُلْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَال: مِمَّنِ الرَّجُل 00؟
قُلْتُ: مِنْ مَازِنٍ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين، قَال: أَيِّ المَوَازِن 00؟
قُلْتُ: مَنْ مَازِنِ رَبِيعَة؛ فَكَلَّمَني بِكَلاَمِ قَوْمِي وَقَال: بِاسْمُكَ 00؟لأَنَّهُمْ يَقْلِبُونَ المِيمَ بَاءً وَالْبَاءَ مِيمَاً إِذَا كَانَتْ في الاِسْتِفْهَامِ أَوْ في الأَسْمَاء؛ فَكَرِهْتُ أَن أُجِيبَهُ عَلَى لُغَةِ قَوْمِي [لأَنَّ اسْمَهُ بَكْر]؛ لِئَلاَّ أُوَاجِهَ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ بِالمَكْر؛ فَقُلْتُ: بَكْرٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ فَفَطِنَ لِمَا قَصَدْتُهُ فَأَعْجَبَهُ مِنيِّ ذَلِك، ثُمَّ قَال: مَا تَقُولُ في قَوْلِ الشَّاعِر:
أَظَلُومُ إِنَّ مُصَابَكُمْ رَجُلاً * أَهْدَى السَّلاَمَ تَحِيَّةً ظُلْمُ
أَتَرْفَعُ رَجُلاً أَمْ تَنْصِبُهُ 00؟
فَقُلْتُ: الْوَجْهُ: النَّصْبُ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ قَالَ وَلِمَ 00؟!
فَقُلْتُ: إِنَّ " مُصَابَكُمْ " مَصْدَرٌ بِمَعْنىَ إِصَابَتَكُمْ؛ فَأَخَذَ الزَّيْدِيُّ في مُعَارَضَتي؛ فَقُلْتُ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ: إِنَّ ضَرْبَكَ زَيْدَاً ظُلْمٌ فَالرَّجُلُ مَفْعُولُ " مُصَابَكُمْ "؛ فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِهِ؛ فَاسْتَحْسَنَهُ الْوَاثِقُ وَأَمَرَ لي بِأَلْفِ دِينَار؛ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ المُبَرِّد: فَلَمَّا عَادَ المَازِنيُّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ إِلىَ الْبَصْرَةِ قَالَ لي: كَيْفَ رَأَيْتَ 00؟ رَدَدْنَا للهِ مِاْئَةً؛ فَعَوَّضَنَا أَلْفَاً " 0