هل أنت راض عن الله ؟
42 .
عن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه يقول الرسول عليه الصلاة والسلام (( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّاً , وبالإسلام ديناً , وبمحمد رسولاً )) رواة مسلم , وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من قال حين يسمع النداء , رضيت بالله رباً , وبالإسلام ديناً , وبمحمد رسولاً غُفرت له ذنوبه )) رواة مسلم .
يقول الإمام ابن القيّم الجوزيّة رحمه الله :
(( هذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدين , وإليهما ينتهي , ولقد تضمنّا الرضا بربوبيته سبحانه وألوهيته , والرضا برسوله والانقياد له , والرضا بدينه والتسليم له .
· فالرضا بألوهيته يتضمّن الرّضا بمحبته وحده , وخوفه ورجاءَه , والإنابة إليه , وعبادته والإخلاص له .
· والرّضا بربوبيته يتضمّن الرضا بتدبيره لعبده , والتوكل عليه , والاستعانة به , والاعتماد عليه , وأن يكون راضياً بكل ما يفعل الله به .
· والرضا برسوله يتضمّن كمال الانقياد له , والتسليم المطلق إليه بحيث يكون أولى به من نفسه , فلا يتلقّى الهدى إلا منه .
· أما الرّضا بدينه : فإذا قال , أو حكم , أو أمر , أو نهى , رضي كلّ الرّضا , ولم يبقَ في قلبه حرج من حكمه , ولو كان مخالفاً لهواه )) مدارج السالكين : 2 / 173 .
يقول الله عزّ وجلّ :
(( وَمَن يَبْتَغ غير الإسلام ديناً فَلَن يُقْبَلَ مِِنْهُ وهو في الآخرة من الخاسرين)) آل عمران : الآية 85 .
###################
ما قيل في الرّضا :
قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (( من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله , ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله )) رواة أحمد والترمذي .
جاء في الأثر أن موسى عليه السلام سأل ربّه : (( ما يُدني من رضاك ؟ قال : إن رضاي في رضاك بقضائي )) .
كما جاء في الأثر أن موسى عليه السلام قال : (( يا رب أخبرني عن آية رضاك عن عبدك ؟ قال الله عزّ وجلّ : إذا رايتني أهيىء له طاعتي , وأصرفه عن معصيتي , فذلك آية رضاي عنه )) .
أوصى لقمان الحكيم ولده فقال : (( أوصيك بخصال تقرّبك من الله , وتباعدك من سخطه , أن تعبد الله لا تشرك به شيئاً , وأن ترضى بقدر الله فيما أحببت وكرهت )) مدارج السالكين :2 / 220 .
قيل ليحيى بن معاذ : متى يبلغ العبد مقام الرضا ؟ قال : (( إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يتعامل به ربّه فيقول : إن أعطيتني قبلت , وإن منعتني رضيت , وإن تركتني عبدت , وإن دعوتني أجبت )) مدارج الساليكن : 2 / 174 .
قيل للحسين بن علي رضي الله عنه : إن أبا ذرّ رضي الله عنه يقول : الفقر أحبّ إلي من الغنى , والسقم أحب إلي من الصحة .
فقال : (( رحم الله أبا ذرّ , أما أنا فأقول : من اتّكل على حسن اختيار الله له لم يتمنّ غير ما اختار الله له )) .
قيل :
الرضا يفرغ القلب لله تعالى ..
والسخط يفرغ القلب من الله ..
##############
الرضا بقضاء الله :
لما قدم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى مكّة وقد كُف بصره , جعل الناس يُهرعون إليه ليدعو الله لهم , فجعل يدعو لهم , قال عبد الله بن السائب : (( فأتيته وأنا غلام , فتعرفت عليه , فعرفني , فقلت له : يا عمّ , أنت تدعو للناس فيشفون , فلو دعوت لنفسك أن يردّ الله بصرك , فتبسم وقال : يا بُنيّ قضاء الله أحبّ إلي من بَصري )) مدارج السالكين : 2 / 227 .
صاحب الرضا أفضلهم :
اختلف ثلاثة نفر في مسألة :
قال الأول : أنا أحبّ الموت شوقاً للقاء ربّي .
وقال الثاني : أنا أحبّ الحياة لعبادة ربي وطاعته .
وقال الثالث : أنا لا اختار , بل أرضي بما يختار لي ربّي أن شاء أحياني , وإن شاء أماتني .
فتاحكموا إلى أحد العارفين بالله فقال : (( صاحب الرّضا أفضلهم )) .
· يقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :
" إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فعليه السخط "
] أخرجه أحمد والترمذي ، وصححه الألباني في " الصحيحة " برقم ( 146 ) [
· قال أبو عثمان الحِيري ـ رحمه الله تعالى ـ :
منذ أربعين سنة ما أقامني الله في حال فكرهته ، وما نقلني إلى غيره فسخطته .
· عن حفص بن حميد ـ رحمه الله تعالى ـ قال
:
كنت عند عبدالله بن المبارك ـ رحمه الله تعالى ـ بالكوفة ـ حين ماتت امرأته ـ فسألته : ما الرضا ؟
قال : الرضا : لا يتمنى خلاف حاله
· متى يكون العبد راضياً عن الله تعالى ؟ :
قال الثوري ـ رحمه الله تعالى ـ يوماً عند رابعة : اللهم ارض عنا .
فقالت : أما تستحي أن تسأله الرضا عنك وأنت غير راض عنه ؟
فقال : أستغفر الله
ثم قال لها جعفر بن سليمان ـ رحمه الله تعالى ـ : متى يكون العبد راضياً عن الله ؟
قالت : إذا كان سروره بالمصيبة مثل سروره بالنعمة .
· قال بعض السلف ـ رحمهم الله تعالى ـ :
ارض عن الله في جميع ما يفعله بك ؛ فإنه ما منعك إلا ليعطيَك ، ولا ابتلاك إلا ليعافيَك ، ولا أمرضك إلا ليشفيَك ،
ولا أماتك إلا ليحييَك .
· قال الحسن ـ رحمه الله تعالى ـ :
من رضي بما قسم الله له وسعه ، وبارك الله له فيه ، ومن لم يرض لم يسعْه ، ولم يبارك له فيه .
· نموذج رائع :
نظر رجل إلى قرحة في رجل محمد بن واسع ؛ فقال : إني لأرحمك من هذه القرحة .
فقال : إني لأشكرها منذ خرجت ؛ إذ لم تخرج في عيني .
إلهي
سُــسْنا كيف شئت فلن نبالي فلسوف نرضى بما قدمت يا ذا الجلال