2 ذو القعدة 1432هـ الأمية الدينية العدو الأول لمصر الإسلامية 30/9/2011م
إن الإسلام في ذهن كل مسلم لا بد وأن يكون هو الحل لكل المشكلات الشخصية والعامة ذلك لأنه الدين الذي ارتضاه الله للعالمين وهو النسب الحقيقي الذي يشرف به كل مسلم فرابطة الإسلام أوثق من رابطة النسب ولقد ازدادت الحرب عليه بعد أحداث الثورة الماضية 25 يناير وأصبح كثير من المصريين يتخوفون من الحكم الإسلامي نظرا لبث كثير من أعدائه للدعاية ضده والتخويف بل الترعيب منه حتى صار على ألسنة الكثيرين كأسطورة الغول التي كان يخوف بها القدامى أطفالهم وهؤلاء الأعداء كثر يراهم البعض خارجيين ويراهم البعض الآخر من فلول النظام القديم وآخرون يرون العدو هو العلمانيون أو الليبراليون أو غير المسلمين غير أني أعتقد أن كل هؤلاء ليس واحد منهم هو العدو الأول وإنما العدو الأول لمصر الإسلامية هو الأمية الدينية هو الجهل الذي خيم على عقولنا تجاه الإسلام فأصبحنا نتخوف منه أو نشك في عدم صلاحيته أو حتى ندافع عنه دفاعا أعمى لا يستند إلى دليل وهذا كله هو الذي جعلنا ألعوبة في أيدي أعداء الإسلام من الداخل والخارج ونسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا وأن يحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين وإلا يشمت فينا أعداءا ولا حاسدين إنه لا قادر على ذلك إلا الله ، وحديث اليوم يندرج في النقاط التالية
1- إحصائية مرعبة
2- مظاهر الأمية في واقعنا المعاصر
3- خطورة الجهل
4- كيف الخلاص؟
أما عن الإحصائية المرعبة ففي تقرير لـ[برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP] قال: بلغت نسبة الأمية في مصر 45%، ومعدل الإناث هو الأعلى في الأمية (60% من الإناث البالغات و36% من الذكور البالغين أميين) وأشارت دراسة مصرية إلى أن أكثر من 75% من أفراد الشعب المصري يعانون من الأمية الدينية في حين وصل عدد أساتذة الأزهر إلى قرابة 150 ألف معلم ولعل الضلالات الفكرية التي مُنِي بها المثقفون الجدد أخطر من ضلالات العوام الّذين يروجون المنكرات والتدجيل لأخذ أموال الناس ويتخذون القرآن للتبرك فقط، غافلين عن دوره في الهداية والإرشاد لصراط مستقيم،إن الأمية الدينية والجهل بالإسلام أخطر بكثير من تلك الخزعبلات القديمة، والأمية الدينية تعني عدم معرفة الدين والعلم به وإن أحرز المرء أعلى المراتب في الدرجات العلمية
أما عن أهم مظاهر الأمية في واقعنا المعاصر فهي:-
1- الخوف من الدين كمظهر
فكثير من الآباء كانوا يخافون من تدين أبنائهم والتزامهم،إذا فكَّر ابنه في تربية اللحية جن جنونه وإذا التزم بالصلوات في جماعة فهي داهية عظمى وإذا صاحب أهل الالتزام كأنه خرج من الإسلام وهذه النماذج عانى منها كثير من إخواننا،تقول : لعل هؤلاء الآباء كانوا خائفين على أبنائهم في الفترة الماضية برغم أن الحكم السابق كان يحارب الأفكار لا الأشكال ومع ذلك أقول لك لماذا استمر هذا السلوك حتى بعد الثورة؟ الإجابة مع احترامنا لجميع الآباء والأمهات هي أن هذا السلوك نتج من الجهل بالإسلام والأمية الدينية التي يعيشها مجتمعنا والتي عمل إعلامنا الخبيث ولا زال على بثها وعلى إرهاب الناس من دينهم حتى أحدث لهم ذلك انفصاما في الشخصية فهو مسلم مقر بذلك لكنه يكره أي مظهر من مظاهر الإسلام معتبراً أنه رمز للتطرف والتشدد والإرهاب ولا أعفي بعض المتدينين من ذلك إذ أنهم أحيانا يكونون السبب في بغض الناس للدين بما يظهرونه من تشدد ممقوت غير أني أقول للآباء جميعا إن طريق التدين توفر عليك كثيرا من تربية ابنك وتقدمه لك مثالا عظيما وفريدا للبر بك والإحسان لك ومتى أبغضت هذه التربية كان الوبال عليك ولا بد وقد وقفت على قصة مؤلمة لشاب عمره خمسة عشر عاماً ، اسمه خالد كان هذا الشاب (أورد قصته الغامدي في كتابه الميلاد الجديد) يأتي إلى المسجد ويختلس النظرات إلى حلقة تحفيظ القرآن ثم يمضي مدرس الحلقة الأستاذ سلمان يقول: تعجبت من حال هذا الشاب ثم عزمت على التحدث معه التقيت به وعرضت عليه أن يشارك إخوانه في الحلقة بالمسجد وافق على الفور لكنه كان متلعثماً مضت الأيام وخالد نشيط في الحفظ لم أنكر عليه إلا شروده وتفكيره الطويل وفي إحدى الليالي خرجنا في رحلة بحرية فرأيت خالداً جالساً على الشاطئ اقتربت منه فإذا هو يبكي سألته عن سبب بكائه فقال: إني أحبكم وأحب القرآن وأهله ، لكن أبي دائماً يحذرني من مصاحبتكم إنه يكرهكم، إنه يخوفني منكم!!لقد اكتشف أبي أني التحقت بالحلقة وفي تلك الليلة جلسنا على مائدة العشاء ففاجأني وقال : يا خالد ، سمعت أنك تمشي المطاوعة - السنيين بلغتنا- انعقد لساني من الخوف ولم ينتظر مني جواباً ، بل تناول إبريق الشاي ورماه بقوة على وجهي وقعت على الأرض حملتني أمي ، فقال لها : اتركيه وإلا أصابك ما أصابه وبعد ذلك الموقف ، كان أبي يضربني ويشتمني ويرميني بأي شيء يجده أمامه حتى امتلأ قلبي بالحقد عليه يقول الأستاذ سلمان : سرت إلى منزل والد خالد للتحدث معه وإقناعه طرقت الباب فخرج أبو خالد وقبل أن أتكلم أمسك بثيابي وشدني إليه وقال : أنت المطوع - السُّني - الذي يدرس خالداً في المسجد قلت : نعم قال : والله لو رأيتك تمشي معه مرة أخرى كسرت رجلك ثم بصق في وجهي وأغلق الباب بقوة مرت الأيام وكان أبو خالد يمنعه من رؤيتنا وزيارتنا ثم انتقلت عائلته إلى الحي المجاور وبعد عدة سنوات صليت العشاء في المسجد فإذا بيد غليظة تمسك بكتفي من الخلف التفت فإذا بأبي خالد سألته عن خالد فأخذ يبكي ويقول : أرجوك يا أستاذ سلمان لقد أصبح خالد شخصاً أخر غير الذي تعرفونه لقد كبر خالد وتعرف على شلة فاسدة وبدأ بالتدخين معهم فشتمته وضربته دون جدوى كان يسهر معهم إلى الفجر حتى أوقعوه في الخمور والمخدرات لقد أصبح يشتمني بلسانه ويضربني بيده ويركلني برجله وأنا أبوه!!! أرجوك يا أستاذ سلمان زوروه، خذوه معكم، لا تتركوه لرفقاء السوء قلت له والعبرة تكاد تخنقني : يا عم ذاك زرعك وهذا حصادك ولكن دعني أحاول كان خالد يتهرب من مقابلتي حتى لقيته في أحد الشوارع ولما رآني عرفني على الفور وعرفته رغم تغير بعض ملامح وجهه أمسكت بيده بقوة لم يتمالك كل واحد منا مشاعره فتعانقنا ثم انفجرنا بالبكاء أخذته إلى المنزل وفتحت له أبواب الأمل ودعوته إلى التوبة النصوح، أرجوك يا خالد تب إلى الله عد كما كنت لكنه قال : لا أستطيع يا أستاذ لا أستطيع لقد فات الأوان إنني الآن لا أصبر عن المخدرات لا أصبر عن النساء والشهوات فدعوني أسير في هذا الطريق حتى يقضيَ الله علي ما يشاء يقول الأستاذ : مضت الأيام وفي إحدى الليالي خرجت لشراء دواء لأحد أطفالي من إحدى الصيدليات المجاورة مررت على منزل خالد فرأيت سيارات الشرطة عند المنزل توقفت ونزلت من سيارتي فإذا بأحد أخوة خالد يبكي على الباب سألته عن الخبر فقال إن خالداً عاد إلى المنزل قرب الفجر وكان مخموراً سكران فخرج إليه أبي وطرده عن الباب لكنه شتم أبي وحاول أن يمد يده عليه فقام أبي بضربه بعصا غليظةٍ على رأسه فاندفع خالد وأخرج سكيناً من جيبه وطعن بها أبي عدة طعنات يقول الأستاذ : حُمِل الوالد إلى المستشفى ، ومات هناك متأثراً بطعنات ولده وبعد موته خرجنا في جنازته ودفناه في قبره وبقي خالد في السجن وتلك هي عاقبة الجهل!!!
2- عدم معرفة أسس الدين وأصوله
فكم من المسلمين لا يعرف الأحكام الثابتة في الإسلام كالصلاة والصيام وغيرها ويسأل عما لا يعنيه أو يتكلم في شيء لا يفيده وهذا من الأمية الدينية أو الجهل المتفشي عندنا كما يمكن أن يكون ذلك عمليا كأن يخالف الدين في أشياء رئيسية ويتكلم عن السياسة الإسلامية وكأنه من المجددين ومن العجيب في ذلك أني كنت ألقي محاضرة أسبوعية في مركز إسلامي بعزبة الهجانة فأخبرني المشرف على المركز بمدى الجهل الذي وصل إليه المسلمون فيها والذي منه أن رجلا يجمع بين امرأة وأختها ولا يعرف حرمة ذلك، وكذلك رجل متزوج وما اغتسل عمره كله من جنابة لأنه لا يعلم أن ذلك واجب عند نزول المني قلت سبحان الله!!!
وتأسف حين ترى مثل هذه الأصول تغيب عن بعض من يمثلون علماء الدين في بلادنا ولعل كثيرا من القضايا تفجرت جراء هذا الجهل المزري مثل إرضاع الكبير وكون التدخين لا يفطر الصائم ..وغيرها وهذا أحد المستشارين في أعلى سلطة دستورية بإحدى الدول العربية المسلمة كتب مقالاً كشف فيه عما يغشي عقله من غفلة وغباء وخبط، وتطاول على الشريعة الإسلاميّة، ذكر هذا الكاتب: إن قياس تحريم المخدرات على الخمر قياس فاسد لأن الخمر في القرآن الكريم أمرنا باجتنابها، وليست محرمة، فالمحرم على سبيل القطع من الأطعمة والأشربة ورد في الآية الكريمة: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } والاجتناب في رأي بعض الفقهاء أشد من التحريم ولكنه في الحقيقة أمر يتصل بالمخاطب فهذا المستشار يقول: إن الخمر في القرآن أمرنا باجتنابها وليست محرمة وإنكار حرمة الخمر إنكار لأمر معلوم من الدين بالضرورة، لا يعذر مسلم بجهله وتعجب حين تحاول تفسيرا لمثل هذه الأمور فيشفي الإمام ابن القيم هذه الحيرة حين يتحدث عن أكثر هؤلاء بقوله"أهل الجهل والظّلم الّذين جمعوا بين الجهل بما جاء به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والظّلم باتّباع أهوائهم الّذين قال اللّه فيهم:إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى" وهؤلاء قسمان:-
أحدهما: الّذين يحسبون أنّهم على علم وهدى وهم أهل الجهل والضّلال، فهؤلاء أهل الجهل المركّب الّذين يجهلون الحقّ ويعادونه ويعادون أهله، وينصرون الباطل ويوالون أهله، وهم يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ" فهم لاعتقادهم الشّيء على خلاف ما هو عليه بمنزلة رائي السّراب الّذي يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً"وهكذا هؤلاء أعمالهم وعلومهم بمنزلة السَّراب الّذي يكون صاحبه أحوج ما هو إليه، ولم يقتصر على مجرّد الخيبة والحرمان كما هو الحال فيمن أمّ السّراب فلم يجده ماء، بل انضاف إلى ذلك أنّه وجد عنده أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين سبحانه وتعالى- فحسب له ما عنده من العلم والعمل فوفّاه إيّاه بمثاقيل الذّرّ، وقدم إلى ما عمل من عمل يرجو نفعه، فجعله هباء منثورا؛ إذ لم يكن خالصا لوجهه ولا على سنّة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم
والقسم الثّاني من هذا الصِّنف: أصحاب الظّلمات وهم المنغمسون في الجهل بحيث قد أحاط بهم من كلِّ وجه، فهم بمنزلة الأنعام بل هم أضلّ سبيلا، فهؤلاء أعمالهم الّتي عملوها على غير بصيرة، بل بمجرّد التّقليد واتّباع الآباء من غير نور من اللّه تعالى، كظلمات عديدة وهي ظلمة الجهل، وظلمة الكفر، وظلمة الظّلم واتّباع الهوى، وظلمة الشّكّ والرّيب، وظلمة الإعراض عن الحقّ الّذي بعث اللّه تعالى به رسله- صلوات اللّه وسلامه عليهم-والنّور الّذي أنزله معهم ليخرجوا به النّاس من الظّلمات إلى النّور، فإنّ المعرض عمّا بعث اللّه تعالى به محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم من الهدى ودين الحقّ يتقلّب في خمس ظلمات: قوله ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره إلى الظّلمة، وقلبه مظلم، ووجهه مظلم، وكلامه مظلم، وحاله مظلم؛ وإذا قابلت بصيرته الخفّاشيّة ما بعث اللّه به محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم من النّور جدّ في الهرب منه، وكاد نوره
يخطف بصره، فهرب إلى ظلمات الآراء الّتي هي به أنسب وأولى كما قيل:
خفافيش أعشاها النّهار بضوئه ... ووافقها قطع من اللّيل مظلم
فإذا جاء إلى زبالة الأفكار ونخالة الأذهان،جال ومال، وأبدى وأعاد،وقعقع وفرقع،فإذا طلع نور الوحي وشمس الرّسالة انحجز في حجرة الحشرات"اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية
3- الجرأة على الفتوى أو الخوض في أمور الدين من غير المتخصصين
وحين تنظر إلى المجتمع ترى هذا الأمر بادي الوضوح فالدين يعد أكثر شيء يتحدث فيه كل الناس وتعجب حين ترى من يتحدث عن عدم صلاحية الإسلام للحكم أو أنه دين لا دولة فتراه دكتوراه في العلوم سياسية من أين؟ من جامعة الأزهر أم من أم القرى؟ إنها من الجامعة الأمريكية أو غيرها من جامعات الفكر المستورد وإني أتساءل ماذا ينتظر ممن غذي بلبان أمريكا وقلب بأيدي العلمانية البغيضة؟!!! مأساة وأي مأساة حين يتكلم عن الإسلام من لا يعرفه فالأديب صار لسان الإسلام الناطق والصحفي صار الحاكم على الإسلام والممثل أو المغني يقول رأيه في الحكم الإسلامي على اعتبار أنه القدوة والمثل الأعلى في المجتمع وصدق رسول الله فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « سَيَأْتِى عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ فِى أَمْرِ الْعَامَّةِ »أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني؛؛؛أما عن الإفتاء فترى بمصر حوالي 70 مليون مفتي هم عدد المسلمين بها رغم أن أمر الفتوى خطير ويحتاج إلى المتخصصين بل كان المتخصصون يهربون منه فهذا الإمام مالك يسأل عن خمسين مسألة فيجيب عن ستة فقط ويقول في الباقي لا أدري،وهذا ابن عباس يقول " أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار" ولعل فقد أهل التخصص وتوكيل هذا الأمر إليهم هو الذي مزق الأمة كل ممزق وصدق سلفنا حين قالوا "لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف" وما يراد بها هنا إلا المتعالمون الذين ناموا عن العلم فما استيقظوا، وبالغوا قبل أن يبلغوا، فركبوا مطايا الخير للشر، والذين عناهم الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى بقوله: ( وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به، وأقرب من السلامة له إن شاء الله ) الرسالة ،وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى "إذا تكلم المرء في غير فنه, أتى بهذه العجائب" فتح الباري لابن حجر ،وقال ابن حزم رحمه الله تعالى:لا آفة على العلوم وأهلها, أضر من الدخلاء فيها, وهم من غير أهلها؛ فإنهم يجهلون, ويظنون أنهم يعلمون, ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون" الأخلاق والسير، ويكفي الأمر إرعاباً وإتعاباً ما ذكره ابن القيم - رحمه الله تعالى - إذ يقول : ( وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله، ولا يجهل قدره، وهو من أعلى المراتب السنيات، فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسماوات ؟فحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن يعد له عدته، وأن يتأهب له أهبته، وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه، ولا يكون في صدره حرج من قول الحق والصدع به فإن الله ناصره وهاديه، وكيف وهو المنصب الذي تولاه بنفسه رب الأرباب، فقال تعالى: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ ) إعلام الموقعين عن رب العالمين، لكنه الجهل المفرط!!!
4- اختزال الإسلام في تيار من التيارات الإسلامية المعاصرة
والحديث عن التيارات التي تدخل تحت مظلة أهل السنة والجماعة فمع ما أحدثته الثورة من وحدة لصف هذه التيارات إلا أنني أشعر أنها تحتاج إلى إعادة صياغة من داخلها لأن هذه الوحدة شكلية وإذا ظلت هكذا فلا تعدو أن تكون ظاهرة سرعان ما تخبو وتضمحل ولعل الذي دعاني إلى هذا الشعور ما نراه في هذه الفترة من خلافات بين بعض أرباب هذه التيارات على شاشات الفضائيات وما يحدث من مناقشات وخلافات بل وشتائم ومشاحنات تخبر بلسان الحال على ما زلنا عليه من فرقة وشتات رغم أن ما نختلف عليه في الحقيقة لا يعدو الأمور الفرعية في أحكام ديننا وترانا رفقاء بسطاء أرقاء إلى أبعد حد مع المخالفين لنا في الدين كلية فبأي منطق يتم هذا التعامل؟ لا أراه إلا جهلا بحقيقة الإسلام علما أو عملا أو هوى يهوي بأمته إلى مهاوي التيه والخسران ونسأل الله العفو والسلامة إذ ليس الجهل هو جهل العلم فقط ولكن قد يكون المرء من أشهر العلماء والمحدثين ويقع في جهل العمل يقول ابن القيم رحمه الله"«الجهل نوعان: جهل علم ومعرفة، وجهل عمل وغيّ وكلاهما له ظلمة ووحشة في القلب. وكما أنّ العلم يوجب نورا وأنسا فضدّه يوجب ظلمة ويوقع وحشة وقد سمّى اللّه سبحانه وتعالى العلم الّذي بعث به رسوله نورا وهدى وحياة، وسمّى ضدّه ظلمة وموتا وضلالا. قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ" وقال تعالى" أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها"
والجهل أخطر أمراض الأمة حيث إنه يدمر الأفراد والمجتمعات بل والحضارات
لذا كان رسول الله يستعيذ منه غدوة وعشيا فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ مَا خَرَجَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ بَيْتِى قَطُّ إِلاَّ رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ « اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَىَّ »أخرجه أبو داود وابن ماجه والنسائي وأحمد بسند صحيح
ومما يدل على خطورته وبلائه كأمثلة على عظم دائه
1- عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَرَجْنَا فِى سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِى رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ
فَقَالَ هَلْ تَجِدُونَ لِى رُخْصَةً فِى التَّيَمُّمِ فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ « قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلاَّ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِىِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ »أَوْ « يَعْصِبَ »شَكَّ مُوسَى « عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ » أخرجه أبو داوود بسند حسن
2- عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا - أَصْحَابَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَذَكَرَ عِكْرِمَةَ وَعَطَاءً - وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يُصَلِّي إِلَى الْكَعْبَةِ فَجَاءَنِي جَاءٍ فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُفْتٍ ؟ قَالَ: إِنِّي إِذَا بُلْتُ حَذَفْتُ الْمَاءَ الدَّافِقَ، قُلْنَا: الْأَبْيَضَ الثَّخِينَ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: عَلَيْكَ الْغُسْلُ قَوْلًا، وَهُوَ يُرَجِّعُ، وَعَجِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " يَا عِكْرِمَةُ عَلَيَّ الرَّجُلَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: " أَخْبِرُونِي عَمَّا أَفْتَيْتُمْ بِهِ هَذَا الرَّجُلَ: عَنْ كِتَابِ اللهِ ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَعَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ فَعَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَعَمَّ ؟ قُلْنَا: عَنْ رَأْيِنَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: لِذَلِكَ يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَفَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ " ثُمَّ أَقْبَلَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى الرَّجُلِ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي، إِذَا كَانَ ذَا مِنْكَ تَجِدُ شَهْوَةً فِي قَلْبِكَ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِذَا حَذَفْتَهُ تَجِدُ خَدَرًا فِي جَسَدِكَ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " فَهَذِهِ إِبْرَدَةٌ عَلَيْكَ مِنْهَا الْوُضُوءُ " أخبار مكة للفاكهي والحديث الوارد في الأثر ضعيف جدا وقال الألباني موضوع
3- عن الحسن قال العامل على غير علم كالسائر على غير طريق و العامل على غير علم ما يفسد أكثر مما يصلح فاطلبوا العلم طلبا لا يضر بترك العبادة واطلبوا العبادة طلبا لا يضر بترك العلم فإن قوما طلبوا العبادة وتركوا العلم حتى خرجوا بأسيافهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولو طلبوا العلم لم يدلهم على ما فعلوا - يعنى الخوارج - والله أعلم لأنهم قرأوا القرآن ولم يتفقهوا حسبما أشار إليه الحديث يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم هؤلاء الذين قال أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فعن جابر : قال : أبصرت عيناي وسمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وفي ثوب بلال فضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبضها للناس فيعطيهم فقال له رجل : يا رسول الله أعدل قال : ( ويلك فمن يعدل إذا لم أعدل لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية " الطبراني في الكبير وغيره بألفاظ مختلفة وروايات صحيحة
كيف الخلاص؟
1- تعميق معنى الإسلام في النفس وتطبيقه على القلب والفعل كما هو قول اللسان
فكلمة أنا مسلم تعني الاستسلام لله رب العالمين كما أن هذه نسبتك إليه فلا بد من الوثوق بهذا النسب إن أعداء الإسلام يريدون التشكيك في نسبك هذا تماما كمن قال لك " أنت مش ابن أبوك وأمك"رغم أنك على يقين من صدق أبيك وعفة أمك فماذا تصنع تصدقه أو لا تلقي لكلامه بالاً أو ترد عليه وتبحث عن الحقيقة أما الأول فلا يتبعه إلا ضعاف النفوس ولو استجابوا لكل مشكك لما استراحوا في عيشهم لأنهم سيشكون في كل ما حولهم وأما السلوك الثاني فهو السلوك العاقل المؤمن والثالث سلوك الواثق لكنه باحث عن الحقيقة إذا كان هذا موقفك في قضية يتطرق إليها الشك فكيف بما لا يقبل الشك إن الله أخبرنا أن أهل الكتاب يعرفون رسول الله كما يعرفون أبناءهم فقال" الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ" وهذا خطاب للمسلمين جميعاً فلا تكونن من الممترين"والله إن نسبتنا إلى الإسلام ومعرفة أنه الدين الحق أوثق من نسبتنا لآبائنا لأن الذي أخبرنا بذلك هو الذي خلقنا وثبت بالتواتر عن طرق الذي لا ينطق عن الهوى وقد ذكر أهل التفسير أن عمر رضي الله عنه سأل عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أنا أعلم به مني بابني ، قال : ولم؟ قال : لأني لست أشك في محمد أنه نبي وأما ولدي فلعل والدته خانت فقبل عمر رأسه فلا تخدع بتشكيك المشككين إن اليهود آمنوا بقضيتهم فدافعوا عنها وفعلوا كل ما فعلوا لنجاحها رغم بطلانها عند سائر أمم الأرض فضلا عنهم فما بال المسلمين يشكون في نجاح قضيتهم وصلاحيتها لكل زمان ومكان إن الخلل في ذلك ينبغي أن تتهم به عقولنا وليس الإسلام لأنه قضية رابحة في يد محامي فاشل،إن العالم العربي يعيش الآن أكذوبة كذبها اليهود على العالم ثم على أنفسهم وصدقوها إلا وهي أنهم شعب الله المختار وأن لهم من النيل إلى الفرات وأن لهم الحق المقدس في فلسطين فهل ينجح الكذابون المغتصبون ويشك أهل الحق فيما عندهم
لقد أصبح الإسلام في قفص الاتهام عند الكثيرين من أتباعه رغم أنه المجني عليه تحول المجني
عليه الذي يستحق الدفاع عنه ممن هضم حقه إلى جان توجه إليه أصابع الاتهام بالظلم والاستبداد والتخلف والجمود وغيرها من التهم وما حدث ذلك إلا حين تخلى عنه أتباعه وعمل بعضهم على
اتهامه والطعن فيه ولا حول ولا قوة إلا بالله فالله الله في الإسلام تصديقا واعتقادا ودفاعاً
2- التعلم والسؤال في المعضلات
فالله الله في مجالس العلم ،مصيبة وأي مصيبة حين تعقد حلقات الدروس العلمية في مسجد من المساجد فتجد من يحضرها يعدون على الأصابع ووالله لو دعي هؤلاء إلى حظ دنيوي حقير لأجابوا إليه سراعا فإلى الله المشتكى والله الذي لا اله غيره إن مجلسا من مجالس العلم خير من الدنيا وما فيها وما وصلنا إلى ما نحن عليه من أمية دينية إلا لفقد هذه المجالس والحرص عليها وما تقدم سلفنا الصالح وسادوا الدنيا إلا بحرصهم على هذه المجالس وما أعجب هذا الحديث الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الشَّامَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ قُلْ لَهُ جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ نَعَمْ فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ فَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْتُهُ فَقُلْتُ حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِصَاصِ فَخَشِيتُ أَنْ تَمُوتَ أَوْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ قَالَ الْعِبَادُ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا قَالَ قُلْنَا وَمَا بُهْمًا قَالَ لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مِنْ قُرْبٍ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةُ قَالَ قُلْنَا كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا قَالَ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ" البخاري وأحمد واللفظ له
أرأيت كيف كانت هممهم فوق السحاب وصارت هممنا تحت التراب إن طلب العلم جهاد في سبيل الله بل فضله بعض العلماء على الجهاد وفي ذلك يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله"قام هذا الدين بأمرين,العلم والبيان,والسلاح والسنان,حتى قال بعض العلماء طلب العلم أفضل من الجهاد فى سبيل الله بالسلاح,ذلك لأن حفظ الشريعة يكون بالعلم,والجهاد بالسلاح مبني على العلم,فلا يسير المجاهد, ولا يقاتل, ولا يحجم, ولا يقسم الغنيمة، ولا يحكم بالأسرى إلا عن طريق العلم" رياض الصالحين؛؛أما عن السؤال عما لا نعلم فهو أيضا مزيل للجهل والعلم يضيع بين شيئين الحياء والكبر لذا علمنا أصحاب رسول الله السؤال عما لا يعلمون حتى ولو كان أمرا هينا والعجيب أن رسول الله كان منشرح الصدر لكل ما يسألون عنه حتى ولو كان أمرا زائدا وذلك ليربيهم على الجرأة في تعلم ما لا يعلمون فعن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما- قال: جاء رجل أعرابيّ جاف جريء فقال: يا رسول اللّه، أين الهجرة إليك حيثما كنت، أم إلى أرض معلومة، أو لقوم خاصّة، أم إذا متّ انقطعت؟ قال: فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ساعة، ثمّ قال: «أين السّائل عن الهجرة؟» قال: ها أنا ذا يا رسول اللّه. قال: «إذا أقمت الصّلاة، وآتيت الزّكاة فأنت مهاجر وإن متّ بالحضرمة» قال: يعني أرضا باليمامة، قال: ثمّ قام رجل فقال: يا رسول اللّه، أرأيت ثياب أهل الجنّة، أتنسج نسجا أم تشقّق من ثمر الجنّة؟ قال: فكأنّ القوم تعجّبوا من مسألة الأعرابيّ فقال: «ما تعجبون من جاهل يسأل عالما؟» قال: فسكت هنيّة، ثمّ قال: «أين السّائل عن ثياب الجنّة؟» قال: أنا. قال: «لا. بل تشقّق من ثمر الجنّة» رواه أحمد وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح
3- مراعاة الأولويات
وفقد هذا الأساس خاصة في هذه الأيام من أعظم الجهل حيث علمنا رسول الله ترتيب الأولويات فهناك مهم وهناك أهم ولقد جاءت قواعد الشريعة تؤكد ذلك وطبقه رسول الله عمليا ولهذا وجدنا في الشريعة مراتبا للحكم الشرعي فالواجب يقدم على المندوب وفرض العين يقدم على فرض الكفاية ومصلحة الأمة تقدم على مصلحة الشخص...وهكذا وقد رأينا رسول الله ما تعرض للأصنام إلا بعد الفتح يعني بعد 21 سنة من البعثة فعلى أي شيء يدل ذلك يدل على أولوية تكوين الأمة على دحر العقائد الفاسدة وهذا هو المطلوب في الوقت الحاضر والكتاب والسنة مليئان بقضايا الأولويات وما تمسكنا بالفرعيات وتركنا للكليات إلا دليل من أدلة جهلنا بالأولويات ذكرني ذلك بطرفة الرجل الذي زنى بامرأة حتى حملت منه فذهب إلى من يستفتيه في هذا الأمر فقال له معاتبا كيف تجمع بين جرمين جرم الزنى وجرم حملها سفاحا لو كنت عزلت عنها لكان أهون؟ فقال له علمت أن العزل مكروه فضحك الشيخ – وشر البلية ما يضحك- وقال له علمت أن العزل مكروه ولم تعلم أن الزنى حرام
4- التربية الإسلامية
فلن يصلح آخر هذا الأمر إلا بما صلح به أوله وما نجح المسلمون الأوائل الا لأنهم تربوا في مدرسة المصطفى صلى الله عليه وسلم والحل الذي اتفقت عليه جهود المصلحين في هذه الآونه هي أن نربي على غير ما ربينا أبناءنا وصدق القائل
وليس النبت ينبت في جنان *** كمثل النبت ينبت في الفلاة
وهل يرتجى لأطفال كمال *** إذا ارتضعوا ثدي الناقصات