المحكمة الإلهية
لا يخفى على بصير أو قارىء ما يحدث في بلادنا من أحداث هامة ، ألا وهي محاكمة جميع الطغاة والمجرمين أو أكثرهم ، على اقل تقدير ، والجميع كما نتابع الصحف يحاول من هنا وهاهنا يلقي يالتبعة على هذا ويلقي بالتبعة على ذاك ، والكل يلقي بالتبعة على بعض ، والكل يحاول أن يخرج من جباهت السجن بريئا كأنه من الصالحين الأتقياء ، وإذا كان الجميع يحاول أن يضحك على الشعوب أو على الجماهير أو على القضاة والمحاكم ن فإن هناك محكمة لن يستطيع أحد مهما بلغ ذكائه ومهما بلغت درجة نباهته أن يماير عليها إنها محكمة الله
هذه المحكمة التي سيتولى القضاء والحكم فيها ملك الملوك فتعالوا بنا نخرج من قضاء الدنيا ومحاكم الدنيا إلى محكمة سيكون قاضيها وحاكمها وملكها هو الله
ولكن ما هي مواصفات هذه المحكمة ؟
· من الحاكم ومن القاضي؟
· ما هو السجن الذي سيقضي فيه المجرمون العقوبة ؟
· من هم الشهود الذين سيشهدون في جلسات المحكمة ؟ ومن حجّاب المحكمة ؟
· أين ستكون أرض المحكمة ؟
· ما هي القواعد التي ستقوم عليها المحاكمة في هذا اليوم
· تعالوا نبدأ المحاكمة
· صفة الأسئلة (عن أي شيء سيسأل العبد )
تعالوا نعرف أولا من هو القاضي الذي سيحاكم الطغاة والمذنبون ، من هذا القاضي الذي سيحاكم جميع الخلائق من لدن آدم إلى قيام الساعة ؟ ملك قهر جميع الخلائق ، ملك قهر الطواغيت والأكاسرة والأباطرة فأنزلهم إلى التراب قال الله عز وجل :[ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) ][غافر : 15]قال تعالى :[ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ][غافر : 15]قال تعالى :[كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) ][الرحمن : 26-27 ] في هذا اليوم بعد أن تنزل الملائكة من السماء ، ينزل الملك نزولا يليق بجماله وكماله ، فكل ما خطر في ذهنك فالله بخلاف ذلك ، قال الله عز وجل بعد أن دمر الكون كله بمن فيه وبما فيه : تساقطت النجوم ، وتناثرت الكواكب ، وسقطت الشموس والأقمار وسجرت البحار ، حينئذن ينزل الملك فيقول [وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا][الزمر : 69] أين ضوء الشمس؟ ذهب ، أين ضوء القمر ؟ ذهب ، لن يبقى حين إذن إلا نور الملك [وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ] [الزمر : 69] قال الله تعالى :[ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا][الفجر :21-22] قال الله تعالى :[ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210) ][البقرة : 210] هذا الملك الذي قهر الجميع ، ملك في محكمة لا يقع ظلمٌ أبدًا – لا رشوة ولا تدليس ولا قرابة ولا تفضيل لفلان على فلان – قال الله عز وجل [الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ][غافر : 17] فلقد مضى عهد الظلم ، هذا الملك وهذا القاضي لا تخفى عليه خافية ، تستطيع أن تلوي أعناق النصوص في الدنيا ، تستطيع أن تستغل ثغرات القانون كما يفعل كبار المحامين ، تستطيع أن تضحك بتعبيرات وجهك أمام القاضي لكن الملك يعلم ما تكنه القلوب وتخفيه الصدور ، قال الله عز وجل [وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ][البقرة : 235] قال الله عز وجل [وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ][يونس : 61] قال الله [أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ] [التوبة : 78] فالقاضي في هذا اليوم ليس كشأن قضاة أهل الدنيا ، أنه قاضي جبار ، إنه قاض قد أحاط علمه بكل الغيوب ، قال تعالى : [وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ][يونس : 61] قال تعالى :[وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ][البقرة : 235] قال تعالى :[ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ][التوبة : 78] ملك ليس بعد حكمه حكم ، وليس بعد قضائه قضاء فلا راد لحكمه ولا معقب لقضائه وأمره
حجّاب المحكمة :
إنهم الملائكة :
وهم مخلوقات عظيمة ، مطيعون لأمر خالقهم ، َلا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ][التحريم : 6] قال تعالى :[ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17)][الحاقة : 13-17] وقد روى الإمام البخاري حديثا في وصف ملك منهم وهو جبريل عليه السلام فقال ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ النبي صلى الله عليه و سلم رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ .
والأن فهي بنا نتعرف على شهود المحكمة :
شهود المحكمة :
أول من سيشهد عليك في هذه المحكمة
1- الله
قال الله تعالى :[ َمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ][المجادلة : 7] اسمع إلى كلام ربك وهو الشهيد على كل شيء قال الله تعالى [وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28) فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29) هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30)][يونس : 28-30] قال تعالى :[ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ][الحج : 17] قال تعالى :[ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ] [يونس : 61] فأول شهيد شاهدٍ عليك هو الله
ثانيا من الشهود الذين سيشهدون عليك في جلسات المحكمة هو
2- رسول الله
أتعلم أن كل نبي يشهد على أمته فتخيل صورة النبياء وقد جيء بهم ليشهدوا على أمتهم ، كيف سيكون حالك حينما تقف أمام الله لتعرض على الله لتعرض على الله فضيحاتك وجناياتك ثم يأمر برسول أن يأتي فيقف أمامك ، كيف يكون حالك وأنت تقف أمام رسول الله وقد ضيعت سنته ، كيف سيكون حال عينيك حينما تقعان على عين رسول الله ، فينظر فيك رسول الله ويدقق فيك النظر ويقول الله أنت من أمتي ؟ فتقول من أمتك يا رسول الله فيقول رسول الله إن لأهل أمتي سيمه – لهم علامة – فأين علامتك؟ أين أثر الوضوء في وجهك ، أين أثر الصلاة في جسدك ، أين أثر السنة في وجهك ، لماذا ضيعت سنتي ، ولماذا كنت عبأ على أمتي – حينئذٍ سيسقط لحم وجهك حياءًا من رسول الله عبد الله بن مسعود في الصحيح لقيه رسول الله فقال له النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « اقْرَأْ عَلَىَّ » . قُلْتُ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ « فَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى » . فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيداً ) قَالَ « أَمْسِكْ » . فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ . رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد لماذا رسول الله يبكي لأنه سيشهد على أحب الناس إلى قلبه ألا وهم أمته ، رسول الله سيكون شهيدا عليك ، قال الله [وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ][النحل : 89]
ومن الذين سيشهدون عليك يومئذٍ
3- الأرض التي كنت تمشي عليها
هذه الأرض التي كنت تتحرك بقدميك عليها وتضرب وتبغي عليها ، إن من جلس في المسجد يستمع خطبة أو درس علم ، أو جلس في المسجد ليصلي لله عز وجل ستشهد له هذه الأرض بخير ، ومن جلس على المقهى ليشاهد مبارة ً أو ليشاهد فيلما أو يتكلم في الحرام ستشهد هذه الأرض عليه أيضا ولكن بشرط قال الله تعالى [إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)] [الزلزلة : 1-4] الأرض ستتكلم ، نعم ستكون هذه الأرض بمثابة شريط فيديو يسجل الصوت والصورة وتنقل للعرض أمام الملك لترى نفسك بشحمك ولحمك وأنت تعصي ، يوم كنت جالسا على المقهى سيعرض على الله جلوسك على المقهى ، يوم كنت جالسا تلعب الضومانا ، أو وأنت ترتكب الحرام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا » . قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ « فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا أَنْ تَقُولَ عَمِلَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا - قَالَ - فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا » . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رواه الترمذي وأحمد حسنه الترمذي وضعفه الألباني وشعيب الأرنؤوط إذن هذه الأرض ستكون شهيدة عليك بما عملت من خير أو شر
كذلك من الشهداء في ساحة القضاء يوم القيامة
4- مالك الذي جمعته
جمعته من الحلال وأنفقته في الحلال ، أم جمعته من الحرام وأنفقته في الحرام ، سيأتي المال يوم القيامة فيقول له العبد بئس ما فعلت فقد أضللتني فيقول لك المال وما ذنبي أنت الذي جمعتني وأنت الذي أنفقتني قال رسول الله ...........................وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ ، فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ - أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ ، وَيَكُونُ شَهِيداً عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وأحمد الذين جمعوا الأرصدة وهربوها في بنوك أوروبا وسويسرا وحاولوا بشتى الطرق ألا يتوصل إليها وقاموا بما يسمى بغسيل أموال اهربوا بهم ، هذا المال الذي جمعته من الحرام سيكون أول من يشهد عليك أمام الملك
كذلك ممن يشهدون عليك يوم القيامة
5- المَلَكْ الذي يقابلك أو ما تخرج من قبرك
أول ما تنفض التراب عن جسدك وتستجيب لنداء الملك الذي يناديك للذهاب إلى أرض المحشر سيقابلك ملكان ، ملك يجرك وملك يشهد عليك أمام الله يوم القيامة قال الله تعالى :[ وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ][ق : 21] يصحب كل إنسان يوم القيامة ملكان: سائق يسوقه إلى المحشر، وشاهد يشهد له وعليه بأعماله تفسير المنير لـ وهبه الزحيلي ،وكذلك تفسير ابن كثير أي: ملك يسوقه إلى المحشر، وملك يشهد عليه بأعماله. هذا هو الظاهر من الآية الكريمة. وهو اختيار ابن جرير
وقال مُطَرِّف، عن أبي جعفر -مولى أشجع-عن أبي هريرة: السائق: الملك والشهيد: العمل. وكذا قال الضحاك والسدي.
وقال العَوْفي عن ابن عباس: السائق من الملائكة، والشهيد: الإنسان نفسه، يشهد على نفسه. وبه قال الضحاك بن مُزاحِم أيضا.
قال ابن عباس سائقٌ يسوقها إلى الله وشهيدٌ يشهد عليها أمام الله ، وقال بعض أهل التفسير كـ الضحاك بن مزاحم وغيره قالوا أن الشهيد في هذا اليوم إنما هو عمل العبد وقال بعضهم أن الشهيد في هذا اليوم إنما هو العبد نفسه سيشهد العبد يومئذ بنفسه على نفسه
ومن الشهداء في هذا اليوم
6- أعضاءك ( يدك ، رجلاك ، عيناك ، لسانك ، كل جوارحك )
فكل جارحة قد ارتكبت بها الحرام ستشهد عليك أمام الله يوم القيامة قال الله تعالى : [وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24)][فصلت : 19- 24]
فهل تستطيع أن ترشي أحد من هؤلاء الشهود ليدفع عنك العذاب ، أو ليشهد شهادة غير شهادة الحق أمام الملك الوهاب ، هل ستعطي رسول الله مالا ليشهد لك ، هل ستعطي الأرض التي عصيت الله عليها مالا لتشهد معك ، هل ستعطي لجوارحك مالا لتقف معك ، كلا لأن الذي سيحكم حينئذٍ إنما هو الله ( )
أين ستكون جلسات المحاكمة ؟
الأرض التي سيحاكم عليها كل هؤلاء الناس من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة قال رسول فيما يرويه عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَهْزِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «هَا هُنَا تُحْشَرُونَ هَا هُنَا تُحْشَرُونَ هَا هُنَا تُحْشَرُونَ - ثَلاَثاً - رُكْبَاناً وَمُشَاةً وَعَلَى وُجُوهِهِمْ تُوفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُونَ أُمَّةً أَنْتُمْ آخِرُ الأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى أَفْوَاهِكُمُ الْفِدَامُ أَوَّلُ مَا يُعْرِبُ عَنْ أَحَدِكُمْ فَخِذُهُ» . قَالَ ابْنُ أَبِى بُكَيْرٍ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ فَقَالَ «إِلَى هَا هُنَا تُحْشَرُونَ» . أحمد صحيح لغيره وفي رواية الترمذي قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ تَأْمُرُنِى قَالَ « هَا هُنَا » . وَنَحَا بِيَدِهِ نَحْوَ الشَّامِ . رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حجر للروايتين ، فهذه الأرض هي بلاد الشام ، فيخرج الناس من قبورهم يجتمعون لنداء الملك الذي يأمرهم أن يذهبوا جميعا إلى أرض الشام حيث موطن الحساب ، هذه الأرض أرض بيضاء عفراء لم يسفك عليها دم حرام ولم ترتكب عليها فضيحة قال الله عز وجل [يوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ] [إبراهيم: 48] قال ابن مسعود ستكون أرض المحشر أرض بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم حرام ولم يعمل عليها فضيحة قط ، وعن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ نَقِىٍّ» . قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَدٍ. متفق عليه
ولكن حينما تكون الأرض غير الأرض أين سيكون الناس حينئذٍ ؟ في صحيح مسلم جَاءَ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ . أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « هُمْ فِى الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ » رواه مسلم والبيهقي وأبو عوانة أي في ظلمة أرض القيامة مقاربين للمرور على الصراط وفي صحيح مسلم أيضا من حديث عائشة قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ ) فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ « عَلَى الصِّرَاطِ »رواه مسلم والترمذي وابن ماجه . أي يوم يكون الناس مقاربين للصراط حينئذٍ ستتغير الأرض وتتبدل الأرض غير الأرض ليس فيها معلم لأحد لا عمارات ولا جبال ولا مرتفعات – أرض مستوية لاأحد يستطيع أن يهرب الجميع مجتمعون خاضعون للوقوف أمام محكمة الملك
أين سيكون السجن الذي ستنفذ فيه العقوبات
إنه جهنم ليس في الآخرة سجنٌ إلا جهنم ، في سجون الدنيا ومعتقلاتها تستطيع أن تأكل ، تستطيع أن تشرب ، تستطيع أن تنام ، لكن في جهنم ستأكل ولكن ستأكل الزقوم ، الضريع وستشرب ولكن ستشرب عصارة أهل النار من الغسلين ، ستشرب ماء كعكر الزيت يسمى بالحميم قال الله تعالى وهو يصف حال بعض العصاة والمذنبين :[ مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) ][ابراهيم : 16-17] قال الله تعالى :[ هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44)][الرحمن : 43-44]
ولكن ما هي القواعد التي ستقوم عليها المحاكمة في هذا اليوم
هل ستكون المسالة هكذا كما يحدث في الدنيا من رشاوى ومحسوبيات أم ستكون هناك قواعد آخرى جعلها الله عز وجل ضابطة لهذا اليوم
أول قاعدة في هذا اليوم ستكون
1- العدل التام الذي لا يشوبه ظلم
في هذا اليوم ما فعلته ستجازى به إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر ، في هذا اليوم لن يقع على كائن من كان أي ظلم ، من قدم خيرا سيجد خيرا ، ومن قدم سوءا سيعاقب بما فعل قال الله عز وجل عن هذا اليوم [وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ][فصلت : 46] من عمل مثقال ذرة أو أقل سيجدوها قال الله تعالى :[ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ][الأنبياء : 47]قال تعالى: [وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ][الأنبياء : 47]قال الله [ إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً ][النساء : 40] قال الله تعالى :[ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ][لقمان : 16] فلا يخاف أحد لأن الحكم العدل هو الذي سيقضي وسيحكم [فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)][الزلزلة : 7-8]
2- لن يعاقب أحدٌ بذنوب أحد
إن أحسنت فلنفسك وإن أساءت فعليها قال الله تعالى : [مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ][النساء : 123] قال الله تعالى :[ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى* ][النجم : 38-39] لو أبوك على الفساد لن يضرك ذلك ، أمك على الفساد لا تضرك المهم أنت نجوت بنفسك سينفعك عملك قال الله تعالى : [مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ][فصلت : 46] قال تعالى :[ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ][يونس : 108] قال تعالى :[ وََلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ][الأنعام : 164]
3- إطلاع العباد على ما قدموه من أعمال
من إعذار الله لخلقه أن يطلعهم على ما قدموه من صالح أعمالهم وطالحها ، حتى يحكموا على أنفسهم اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا أي حاسِبْ نفسك، كفى بها حسيبًا عليك ، فلا يكون لهم بعد ذلك عذر ، قال تعالى :[ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ ][آل عمران : 30] قال تعالى :[ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ][الإنفطار : 5] [وََوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ][الكهف : 49] ، ويكون ذلك بإعطائهم صحائف أعمالهم ، وقراءتهم لنا ، فقد أخبر الله أنه وكل بكل واحد منا ملكين يسجلان عليه صالح أعماله وطالحها ، فإذا مات ختم عليه كتابه ، فإذا كان يوم القيامة أعطي العبد كتابة وقيل له إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ، قال الله تعالى :[وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ][الإسراء : 13-15] قال الله :[وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا][الكهف : 49]
4- مضاعفة الحسنات دون السيئات
الحسنة في هذه المحكمة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف غلى أضعاف كثيرة & والسيئة بمثلها قال الله عز وجل [مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ][الأنعام : 160] بل إن هناك من الناس من يكال لهم من الحسناتإلى سبعمائة ضعف قال الله تعالى :[ مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ][البقرة : 261] وهناك من يأخذون أجرهم بغير حساب قال الله تعالى عن هؤلاء [إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ][الزمر : 10] فالحسنة في هذا اليوم بعشر أمثالها إلى حسنات كثيرة والسيئة بمثلها وهذا من كمال عدله ، بل من كمال فضله وجوده
5- تبديل السيئات حسنات
بل الأعظم من ذلك أن هناك من الناس من ستبدل سيئاتهم حسنات قال تعالى :[ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ][الفرقان : 70] وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إِنِّى لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجاً مِنْهَا رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا . فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ فَيُقَالُ عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا . فَيَقُولُ نَعَمْ . لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ . فَيُقَالُ لَهُ فَإِنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً . فَيَقُولُ رَبِّ قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لاَ أَرَاهَا هَا هُنَا » . فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ . ثم قرأ قول الله تعالى :[ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ][الفرقان : 70] رواه مسلم
حال الخلائق قبل المحكمة :
كيف ستكون المحاكمة وكيف ستكون المحاكمة ، أصناف الناس في هذا الحساب
كيف سيكون حال الخلائق قبل أن تبدأ جلسات المحاكمة ؟
1- حال أهل الكفر وأهل الطغيان وأهل العصيان
حينما يخرجون من قبورهم قضى الله عز وجل إلا أن يصابوا في ذلك اليوم بالذل والهوان فاول ما يخرجون من قبورهم الكل لا يسمع إلا نداءا واحدا أن يذهب إلى مكان واحد ولكن الموقف مختلف كانوا في الدنيا فرحين وهم ذاهبون في الصباح إلى أصنامهم
2- إنهم ذاهبون إجابة الداعي في صمت وهلع شديد حتى تكاد القلوب أن تنخلع من أماكنها[فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ ][القمر : 6] قال تعالى واصفا حالهم : [خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ] [القمر : 7] الجراد بطبيعته همجي إذا خرج وقع الكبير على الصغير وارتطم العليل بالصحيح وارتطم الجميع هكذا يكون حال الخلائق حين يخرجون من قبورهم القوي والضعيف والكبير والصغير العظيم والحقير الجميع يرتطم بعضه في بعض .
حينئذٍ يعلم الكافرون أن هذا اليوم يوم صعب [ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) ]
3- بل إنهم حين يخرجون من قبورهم يدعون على أنفسهم بالويل والثبور والهلاك مع أنهم في قبورهم كانوا يعينون بعضا من هذا العذاب ، كأنهم حين يخرجون يوقنون أنهم سيخرجون إلى عذاب أشد من هذا العذاب الذي كانوا فيه قال الله تعالى :[ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)][يسين : 51-52] وقال الله تعالى :[ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ *][المعارج : 43-44] نصب أي أصنامهم
4- يصور القرآن الفزع الذي يصيبهم في هذا الموقف العظيم بقوله [وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ][غافر : 18] والأزفة القريبة العاجلة هي القيامة واللفظ يصورها كأنها زاحفة والأنفاس من ثم مكروبة لاهثة ، كأن القلوب المكروبة تضغط على الحناجر وهم كاظمون لأنفسهم ولألامهم ولمخاوفهم ، والكظم يكر بهم ، ويقل على صدورهم ، وهم لا يجدون صاحبا حميما يعطف عليهم ، ولا شفيعا ذا كلمة تطاع في هذا الموقف العصيب المكروب
5- أما كبار المجرمين وقادة المتمردين فإنه يؤتى بهم إلى ربهم وخالقهم مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران قال تعالى :[ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50)][ابراهيم : 49-50] والأصفاد جمع صفد وهي جمع الوثاق من غل وسلسلة ، والسرابيل هي القمص التي يلبسونها ، والقطران هي المادة التي تطلى بها الإبل إذا أصابها الجرب وقيل القطران هو النحاس
6- تدنو الشمس من رؤوس العباد في ذلك اليوم حتى لا يكون بينها وبينهم مقدار ميل واحد ويذهب عرقهم على الأرض حتى يروى بها ، ثم يرتفع فوق الأرض وياخذهم على قدر اعمالهم .
في صحيح مسلم عن الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ أَمَسَافَةَ الْأَرْضِ أَمْ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ قَالَ فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا قَالَ وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ رواه مسلم
7- عندما يرى الكفار والعذاب والهوان يصيبهم الحسرة والندم قال تعالى :[ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ][مريم : 39]ولشدة التحسر يعض على يديه قال الله :[ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ][الفرقان : 27]
8- يودون حينئذ أن يهلكهم الله قال تعالى :[ يََوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً ][النساء : 42] قال تعالى :[ يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً ][النبأ : 40]
وما ذكرناه من الهوال والأمور العظام ، مما لا يحيط به المقال ، ولا تحويه العبارات ولا تعبر عنه الكلمات قليل من كثير ، فيض من غيض – نسأل الله السلامة
ولكن هيا بنا نبدأ جلسات المحكمة
كأني بك يا أخي قد قربت من العرض والحساب ووقفت بين يدي الملك الوهاب ، فيامر بك إلى الجنة وحسن المأب أو إلى النار وعذب النار وأليم العذاب
تخيل معي يا أخي كل مخلوق جاث على ركبتيه وأمامه جهنم فهم يحيطون بالنار من كل جهة [فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)][مريم : 68-72] وبينما أنت ايها المسكين على حالك من العرق أو الظل والعطش أو الري والنور أو الظلام ، إذا بك ترى الصحف تطاير على رأسك
عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّهَا ذَكَرَتِ النَّارَ فَبَكَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « مَا يُبْكِيكِ » . قَالَتْ : ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ ، فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « أَمَّا فِى ثَلاَثَةِ مَوَاطِنَ فَلاَ يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَداً : عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ ، وَعِنْدَ الْكِتَابِ حِينَ يُقَالُ ( هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ أَفِى يَمِينِهِ أَمْ فِى شِمَالِهِ أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ ، وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَىْ جَهَنَّمَ » . رواه أبو داود وأحمد بإسناد حسن
وبدأ الحساب
* أولا القصاص بين الدواب
حتى يرتاح العباد سيقضى أولا بين الحيوانات والدواب
حتى أن الله سيأخذ للشاة التي ليس لها قرن من الشاة التي لها قرن ، فهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد بسند صحيح عَنْ أَبِى ذَرٍّ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى شَاتَيْنِ- أنثي الخروف- تَنْتَطِحَانِ فَقَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِى فِيمَ تَنْتَطِحَانِ » . قَالَ لاَ . قَالَ « لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِى وَسَيَقْضِى بَيْنَهُمَا » . رواه أحمد
وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ » . رواه مسلم والترمذي وأحمد ثم بعد أن يقضى بين الحيوانات يقول الله لها كوني ترابا يقول الكافر لحظتها يا ليتني كنت خروف أو حمار أو يا ليتني كنت ترابا [وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً ][النبأ : 40]
* عن عبد الله بن عمرو قال: " إذا كان يوم القيامة مد الأديم، وحشر الدواب والبهائم والوحش، ثم يحصل القصاص بين الدواب، يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء نطحتها، فإذا فرغ من القصاص بين الدواب، قال لها: كوني تراباً، قال فعند ذلك يقول الكافر: (يا ليتني كنت تراباً) [النبأ: 40] ". تفسير الطبري – القيامة الكبرى
* ثانيا ينادى على الرسل والأنبياء :
قال تعالى :[ يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ][المائدة : 109] قال تعالى :[ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ][الأعراف : 6]
* ثالثا سؤال الأمم
عَن حَكِيم بن مُعَاوِيَة عَن ابيه ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَنْتُم موفون سبعين امهِ أَنْتُم خَيرهَا وَأَكْرمهَا على الله
* أول أمة ستحاسب هي أمة النبي صلى الله عليه وسلم
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّكُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ » . رواه الترمذي وأحمد وقال الألباني هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أُمَّتِى هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِى الآخِرَةِ عَذَابُهَا فِى الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالزَّلاَزِلُ وَالْقَتْلُ » . رواه أبو داود والطبراني في الكبير وصحيح الجامع
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ نَحْنُ آخِرُ الأُمَمِ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ يُقَالُ أَيْنَ الأُمَّةُ الأُمِّيَّةُ وَنَبِيُّهَا فَنَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ » رواه ابن ماجه وصححه الألباني
قال رََسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « نَحْنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كَوْمٍ فَوْقَ النَّاسِ» رواه مسلم
الناس في هذا اليوم سينقسمون إلى طوائف ثلاثة
1- كفار وهؤلاء سيحاسبون حسابا عسيرا
2- أناس من أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم سيدخلون الجنة من غير حساب
3- صنف ثالث سيحاسب وسيكون حسابه حسابا يسيرا تعرض عليهم أعمالهم فقط ، يعرف بنعم الله عليه فقط ، ولكن لا يضيق عليهم في السؤال ولا في الحساب
فالكفار وما فعلوه من أعمال طغيان وإفساد أو أضلت به الخلق ضرب الله لنا مثلا فقال[أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)][النور : 40] إذن هذه الأعمال حابطة أما ما فعلوه من صدقة أو بر أو صلة رحم فإنه يقاس مع الكفر وكل شيء مع الكفر لا يرجح فكل حسنة عملها في الدنيا سيأخذ جزائها في الدنيا ولكن يوم القيامة لا يقف ومعه شيء وضرب الله لذلك مثلا بالرماد الذي جاءت عليه الريح فحملته وشتته إلى مكان بعيد من يستطيع أن يجمعه [مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18) ][ابراهيم : 18] قال تعالى :[وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ][النور : 39]
* فالكافر كل أعماله حابطة حتى إن بعض العلماء قالوا هل سيوضع في كفة الميزان حسناته وفي الكفة الآخرى الكفر أم ماذا سيفعل ؟ رجح المحققون من العلماء أنه سيوضع الكفر في كفة الشمال وفي الكفة الآخرى لن يوضع شيء قال الله تعالى :[ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)][الكهف : 103-106]
* في هذا اليوم سيختصم القادة مع الضعفاء ، وسيتنصل القادة من الضعفاء ، إذا كانوا في الدنيا أول ما تغير الحال تنكروا منك والقوا التبعة عليك ، فكيف يكون الحال في الآخرة عندما يقف الجميع أما محكمة الله ، الجميع يلقي باللائمة على بعضه البعض ، الجميع سيتخاصم ، الجميع سيتنكر ، الجميع سيتبرأ ، قال الله عز وجل [وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103)][الشعراء : 91-103] قال تعالى :[ وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (87) ][النحل : 86-87]
* تخاصم الأتباع مع قادة الضلال
قال الله عز وجل [فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (19) وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)][الصافات : 19-23]
* مخاصمة الضعفاء للسادة من الملوك والمراء:
قال تعالى :[ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّارِ ][غافر : 47] قال تعالى :[ وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ][إبراهيم : 21]
فالكل ستبرأ والكل ستنكر
الصنف الثاني فهؤلاء هم قادة الهدى والتقى والإيمان ، هؤلاء لا يحاسبون أصلا ، إنما سيأخذون مباشرة من قبورهم من أرض المحشر إلى الجنة ، لا ينتظرون في موقف الحساب
وهؤلاء الذين أخبر عنهم النبي في قوله عن ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي فَقِيلَ لِي هَذَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمُهُ وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقِيلَ لِي انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ الْآخَرِ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقِيلَ لِي هَذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ
رواه البخاري مسلم وفي الحديث الآخر قَالَ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « وَعَدَنِى رَبِّى أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى سَبْعِينَ أَلْفاً لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلاَ عَذَابَ مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفاً وَثَلاَثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِهِ » رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني
وقال ايضا عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أُعْطِيتُ سَبْعِينَ أَلْفاً يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَقُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَاسْتَزَدْتُ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ فَزَادَنِى مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعِينَ أَلْفاً » رواه أحمد إسناده ضعيف هؤلاء هم أهل التقى
الصنف الثالث وهناك من الناس صنف سيحاسب سيسأل ولكن عن أي شيء سيسأل العبد فهذا هو الإمتحان الحقيقي
صفة الأسئلة
سيسأل العبد عن شيئين :
1- حقوق العباد
2- حق الله
وستسأل أولا عن حقوق العباد لأن الكريم أجرى كرمه على أنه قد يعفو عن حقه ولكن حقوق العباد لا إلا أن يعفو عنك – اللهم رضي عنا خصومنا يوم اللقاء
أولا حقوق العباد
أهم الأشياء التي ستسال فيها
1- الدماء
2- الظلم
3- الدين
أولا: الدماء
يعني قتل النفس المؤمنة يمكن أن يكون حسابك سهل لو لم تقتل إنما القتل هذا أمر عسير ، أو تعلم ماذا سيفعل المقتول يوم القيامة سيأتي يوم القيامة ويمسك برأسك والدم يسيل منه ويأخذ بيدك ويوقفك أمام الله ويقول يا رب سل هذا فيما قتلني يقول النبي صلى الله عليه وسلم « أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِى الدِّمَاءِ » رواه مسلم
* عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَىِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَبِّهِمْ ) قَالَ هُمُ الَّذِينَ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةُ وَعَلِىٌّ وَعُبَيْدَةُ أَوْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْحَارِثِ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةُ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ رواه البخاري ومسلم وابن ماجه وصححه الألباني
عند الله من قتل سيعاقب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « يَجِىءُ الْمَقْتُولُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخُبُ دَماً يَقُولُ يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِى حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنَ الْعَرْشِ » . قَالَ فَذَكَرُوا لاِبْنِ عَبَّاسٍ التَّوْبَةَ فَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ) قَالَ وَمَا نُسِخَتْ هَذِهِ الآيَةُ وَلاَ بُدِّلَتْ وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ » رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني ألم تقرا أبدا الآية التي في سورة النساء ، أكيد قرأتها ، الأن قتل النفس أسهل من قتل الذباب قال الله تعالى [وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ][النساء : 93] خمس عقوبات فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ ، خَالِداً فِيهَا ، وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ ، لَعَنَهُ ، وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً لمن هذه الخمس لمن قتل شخصا واحدا ، فما بالك من يقتل بالألوف ، فما بالك بمن يقتلون الموحدون الذين يقولون ربنا الله ويعذبونهم في المعتقلات ويغتصبون زوجاتهم أمام أعينهم ماذا سيقولون لله ؟
ثانيا الظلم
إن الظالم يأتي يوم القيامة كالرجل الذي جمع أموالا وفي الحقيقة هو مديون أكثر مما جمع عشر مرات ، تخيل واحد رصيده في البنك 10 مليون وهو عليه 20 مليون فهذا هو الظالم أول شيء
عن عمار بن ياسر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ضرب مملوكه ظالما أقيد منه يوم القيامة " رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني من ظلم زوجته فجعلها كالمعلقة ستتعلق بك يوم القيامة وتقول لك أنت حقي من هذا الذي ظلمني ، أو المدرس الذي كان يقضي ثلاث ارباع الحصة نايم أو لا يعمل أو يجبر التلاميذ على الدخول في الدروس الخصوصية سيتعلقون بك يوم القيامة ويقولون يا رب خذ حقنا ممن ظلمنا ، الرجل الذي طلق زوجتة طلقة بائنة وما زال يعاشرها في الحرام هذه يوم القيامة ستمسك بثيابك وتقول يا رب أعطني حقي ممن ظلمني ، المهندس الذي يبني شققا ثم بعد أن سكنت الناس سقطت عليهم يوم القيامة ، الرئيس الذي أعطاه الله قيادة بلد من البلاد فشق على رعيته وسامهم سوء العذاب سيتعلقون به يوم القيامة النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا، فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ رواه مسلم وأحمد وفي حديث آخر قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ – أي جعل حجاب أمن دولة ومخابرات وحرس - دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ يوم القيامة دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ » . قَالَ فَجَعَلَ رَجُلاً عَلَى حَوَائِجِ النَّاسِ . وقال أيضا عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي : إمام ظلوم ، وكل غال مارق " الطبراني في الكبير وحسنه الألباني ، كم من تاجر غش في تجارته ودلس في السلع وأدخل سلع مسرطنة ، كل شخص ضحكت عليه يوم القيامة سيتعلق بك يوم القيامة ويقول يا رب أعطني حقي ممن ظلمني ، وكم من محامي عرف الحق وتلاعب بنصوص القانون من أجل أن يخرج متهما ظالما ويدخل شخصا بريئا – طيب ضحكت على القضاء طيب ماذا ستقول لله – كل هؤلاء سيتعلقون برقبتك يا رب أعطني حقي ممن ظلمني ، وتلك الفتاة التي خرجت متبرجة سافرة يوم القيامة تمسك بثياب أبيها وأخيها وعمها يا رب ما علمني الحجاب وما أمرني به ، اسمع إلى كلام النبي في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « هَلْ تَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ » تخيل قيام ليل تعبت فيه ثم يذهب عملك . قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ . قَالَ « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى مَنْ يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَيَامٍ وَصَلاَةٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِىَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ » . رواه مسلم والترمذي وأحمد فما فعلته ذهب وما لم تفعله كتب لك ، فاحذر الظلم ، الناس التي تظلم تذكر في يوم قيامة قال ابن مسعود يؤتي بالعبد يوم القيامة فيطرح – أي يوضع على مكان عالي مثل جبل – فينادى على رؤوس الأشهاد من كان له على فلان ابن فلان حق فليأتي فليأخذ حقه منه يقول فتتمنى المرأة لو أن لها على أبيها أو أخيها أو زوجها حق ثم قرأ [فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ] [المؤمنون : 101] حتى الظلم مع غير المسلمين لو نصراني مثلا أو يهودي لو ظلمته حقه الذي سيكون خصيمك يوم القيامة ويحاج عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، النبي قال هذا ً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « أَلاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً أَوِ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » . رواه أبو داود والبيهقى باسناد صحيح
ثالثا الدين
اليوم أصبح أتداين من أجل أحضر تليفزيون 17 بوصة فاذهب أتداين أصبحنا الآن نتداين من أجل الكماليات ، ليس من أجل الضروريات يتداين لكي يرضي عياله ، يتداين كي يرضى زوجته وفي النهاية ذنوب زوجته وعياله مستمتعون وهو يأخذ ذنوب فلا تشتري غلا ما تحتاجه أو الذي تستطيع أن تشتريه بمالك قال النبي صلى الله عليه وسلم « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ رَجُلاً قُتِلَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِىَ ثُمَّ قُتِلَ ثُمَّ أُحْيِىَ ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ » . رواه النسائي وأحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وفي حديث آخر صحيح عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين » . رواه الترمذي والطبراني وفي رواية لأحمد يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ ومن كان عنده نية السداد سد الله عنه
ثانيا حقوق الله
1- الصلاة
فإن كنت ممن يضيعون في الصلاة تجبر عنك النوافل فإذا لم تكن هناك نوافل ولا فرائض عن أبي هريرة قال قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَىْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِى مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ » . رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه في صحيح الجامع
2- باقي الفرائض
صيام حج وهكذا .....................
3- نعم الله عليك
اليوم عندنا في بحيرة ناصر مليون و100 ألف تمساح يأكلون في اليوم الواحد 100 ألف طن سمك والناس لا يجدون كيلو سمك فلم تتركوهم والتمساح الواحد يبيض في المرة الواحدة 38 بيضة لأنهم يعجبون السياح ن يعني تمتع السياح والناس جائعون ، ليس هذا وفقط بل إنه كان هناك مخطط لتدمير البلد هذه فعلا لدرجة أن واحد أجنبي أحضر عدة تماسيح ووضعهم في علب وجلس على قهوة ثم قال لمجموعة من الشباب إحملوا هذه العلب إلى المركب ثم أعطى كل شاب 10 دولار ثم بعد أن ذهبوا فتح علب التماسيح ورماهم في النيل لماذا ؟ حتى لا نجد سمك في النيل طيب يا جماعة ابعثوا أحد من الجيش يخلص على التماسيح ، نحن لا نريد تماسيح والسياحة في بلدنا الأن خربت فنريد أن نأكل سمك لله أحد ، واحد في إحدى الفضائيات من الإقتصاديين عمل كتاب باسم خارطة الأمل وعن الثروات الموجودة في بلدنا وغير مستغلة فوجد أن عدد كبير جدا من ثروتنا غير مستغلة ، ولدنا أصبحت منهوبة للمستثم الخارجي وهذه نعم والقادة ومن يعرفون هذا ولا يقولون كلمة الحق سيسؤلون يوم القيامة [ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ][التكاثر : 8] وقال رسول الله في الحديث الصحيح « إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - يَعْنِى الْعَبْدَ - مِنَ النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ وَنُرْوِيكَ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ » . رواه الترمذي وصححه الألباني
4- المجلس الذي تجلسه
ماذا تقول في المجالس التي أنت تجلس فيها
5- الجوارح
وجوارحك التي معك ، يدك ورجليك عينيك كل هذا ستسأل عنه يوم القيامة قال الله [إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ][الإسراء : 36]
6- العهد الذي أخذته على نفسك
قال تعالى :[ َأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ][الإسراء : 34] فكل عهد قطعته على نفسك ستسأل عنه
7- عن خمسة أشياء
ٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ » . رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الجامع
والوقوف على الله صعب جدا يا إخواني ، وكل إنسان يقف مع نفسه وقفه ويسأل نفسه ويحاسبها يا ترى لما سأقف أمام الله سيضع على ستره ويقول اذهب فقد غفرت لك ، أما سأكون ممن ياخذون كتابهم بالشمال من وراء ظهورهم ، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر يوم لا تخفى منكم خافية، فإنما يخف الحساب يوم القيامة عمن حاسب نفسه في الدنيا ومن أجمل ما أختم به هذه الأبيات التيتدل الصورة التي تحدثنا عنها
تذكر وقوفك يوم العرض عريانا *****مستوحشا قلق الاحشاء حيرانا
والنار تلهب من غيظ ومن حنق****على العصاه ورب العرش غضبانا
اقرا كتابك يا عبد على مهل******فهل ترى فيه حرفا غير ما كان
فلما قرات ولم تنكر قر اءته******واقررت اقرار من عرف الاشياء عرفانا
نادى الجليل خذوه يا ملائكتى***وامضوا بعبد عصى للنار عطشانا
المشركون غدا فى النار يلتهبوا***والموحدون لدار الخلد سكانا
قد يسال سائل أليست أمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشهود ؟ قال الله [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً][البقرة : 143] روي: «أن الأمم يوم القيامة يجحدون تبليغ الأنبياء، فيطالب الله الأنبياء بالبينة، على أنهم قد بلّغوا، وهو أعلم، فيؤتى بأمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم، فيشهدون، فتقول الأمم: من أين عرفتم، فيقولون: علمنا ذلك بإخبار الله في كتابه الناطق على لسان نبيّه الصادق، فيؤتى بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، فيسأل عن حال أمته، فيزكيهم ويشهد بعدالتهم
، وذلك قوله تعالى: [فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ، وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ][النساء 4/ 41] .تفسير المنير ، والجواب نعم ولكننا نتحدث هنا عن الشهود على الشخص نفسه