tamer.page.tl
  حوض النبي صلى الله عليه وسلم
 

حوض النبي صلى الله عليه وسلم

إننا اليوم بصدد الحديث عن حلقة من حلقات الدار الآخرة حلقة لطيفة وماتعة حلقة نحن أحوج ما يكون  إلي خبرها وخيرها حلقة يخبر هن طرف منها خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنس بمن مالك والحديث عند الإمام مسلم في صحيحة عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً أخذته سنة من النوم - ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ» - منذ لحظات أنزلت علي سورة من سور القرآن ما هي هذه السورة التي جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يبتسم- فَقَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ] [سورة الكوثر]- أصغر سورة في القرآن لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتفي بذلك وإنما ذكر ما فيها من المنح والعطية بعد أن قرأها على أصحابه قال لهم  ثُمَّ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟» فَقُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ،- فيضطرب العبد منهم ويبعد عن هذا الحوض فَأَقُولُ: رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ "رواه مسلم أ نه الحديث عن هذه العطية العظمى وعن هذا الرجاء الذي يبث قلب كل مؤمن صالح أنه الحديث عن

حوض النبي صلى الله عليه وسلم

هذا الحديث الذي يأتي لحضراتكم في ثلاث نقاط
أولها
هذا هو الحوض

ثانيها أول من يرد الحوض على النبي صلى الله عليه وسلم
ثالثها وأخيرها المطرودون عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم

ولأنا أحوج ما يكون إلى هذا الحديث خاصة الذين يشتاقون إلى لقيا النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أن يشربوا من يديه شربة لا يظمئوا بعدها أبدًا ، ولأنا أحوج ما يكون إلى هذا الحديث فإني أرجو من حضراتكم أن تعيروني قلوبكم وأسماعكم هذه اللحظات وأسأل الله تبارك وتعالى أن يتجلى علينا باسمه الفتاح العليم وأن يفتح علينا من فيوضات رحمته ورضوانه وأن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علمنا ، وأن يجعل علمنا وعملنا خالصًا لوجه الكريم ونسأله بأسماءه الحسنى وصفاته العليا أن يكتبنا الآن ممن يردون على حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم القيامة

أما عن الأول هذا هو الحوض  فأنه حقيقة عن هذا الحوض ووصفه وقبل أن نتعرف على بعض صفات هذا الحوض لابد وأن نقدم لكم وللأسف الشديد جدًا نعاني تقصيرًا شديدًا تجاه دينا ونعاني غفلة كبرى تجاه هذه الأديرة وما فيها على الرغم من أن هذه هي الحياة الحقيقية حتى أن ربنا جل وعلى يقول في سورة الفجر [يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي] [الفجر:24] فعندما يموت يدرك أن هذه الحياة هي الحياة الحقيقية قد يندن على ما فات يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي  يعيش كلنا أو أغلبنا هذه الغفلة وصدق الله حين قال [وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)][الروم: 7-8] فترى مهندسون وأطباء ومدرسون يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ  إن الكثير من المسلمين والمسلمات لا يعرفون تفصيلات حوض النبي صلى الله عليه وسلم بل إن البعض منهم يسمع لأول مرة عن حوض النبي إن هذا الحوض كان من المسلمات عند سلفنا الصالح ، دخل أنس بن مالك على ابن زياد وهو يذكر الحوض فقال أنس رضي الله عنه لقد تركت عجائز المدينة  وما منهن واحدة إلا وتسأل الله في صلاتها أن يوردها حوض النبي صلى الله عليه وسلم ويسقيها منه   فتح الباري  أما بالنسبة لنا فالغفلة عظيمة ونسأل الله عز وجل أن يشفينا ، فإذا علمت ذلك فلا بد أن نتعرف على الحوض وذلك من فم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي يطلعنا فيه على حقيقة حوضه صلى الله عليه وسلم فبقد تواترت الأحاديث التي ذكرت هذا الحوض وتواتر عليه إجماع الصحابة بما لا يدع مجال للشك  أو الريب أو حتى السؤال عن بعض وإليك بعض تفصيلات حوض النبي صلى الله عليه وسلم

1-  بداية المكان أين يقع حوض النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ؟ أجمع علمائنا على أنه سيكون في أرض القيامة ليس في الأرض التي نعيش عليها الأن وإنما الأرض المبدلة فقد قال ربنا تبارك وتعالى [يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ] [إبراهيم:48] أرض بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم ولم يظلم عليها أحد تطهر الأرض تماما وتصير كالفضة لنزول الجبار جل وعلا للفصل والقضاء عندها  يقام حوض النبي صلى الله عليه وسلم

2-  متى سنرد عليه  - ونسأل الله العظيم أن نكون من الواردين عليه اختلف العلماء في ذلك والإمام القرطبي ذكر في تذكرته  بعد  كل تفصيلات العلماء قال والصحيح أن للنبي صلى الله عليه وسلم حوضين: أحدهما في الموقف قبل الصراط،- ولذلك قصدته في حديثي في يومنا هذا فالمفترض أن نذكر الصراط بعد أن ذكرنا تطاير الصحف ولكن حوض النبي صلى الله عليه وسلم يأتي فاصلا بين الصراط والميزان  -  والثاني في الجنة وكلاهما يسمى كوثرا على ما يأتي، والكوثر في كلام العرب الخير الكثير، التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 702)

3-  هل حوض النبي صلى الله عليه وسلم  خاص به؟  النبي أخبرنا في الحديث عَنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوْضاً وَإِنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً وَإِنِّى أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدَةً » . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ . رواه الترمذي والطبراني والترمذي وصحيح الجامع وصححه الألباني  - أنتم لا تتخيلون عظم العطش ، عظم الحرارة ،الإنسان يتمنى لو دفع النيا وما فيها من أجل شربة ماء ، عندها يقيض الله جل وعلا لكل أمة نبيها ومعه حوضه يشرب منه كل من أمن به واتبعه ، والنبي صلى الله عليه وسلم يرجو أن يكون أكثرهم واردا يوم القيامة لأنهم يتباهون بذلك إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوْضاً وَإِنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً وَإِنِّى أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدَةً  النبي صلى الله عليه وسلم يرجو الله فيك فلا تخيب رجائه أمام إخوانه من الأنبياء

4-  ما صفة هذا الحوض ؟ يصف لنا النبي ^ حوضه بدقة فائقة ، وبأوصاف يشتاق إليها كل مؤمن صادق ، ولا يبالي بها إلا من مات قلبة ونسأل الله أن يحيي  قلوبنا ، فقد ذكر لنا النبي^ سعته وطوله وآنيته وحافتاه ومنبعه ولونه ورائحته وطعمه كل ذلك فصله النبي ، الروايات أكثر من أن تحصى ، أكثرها في البخاري ومسلم مفادها أن حَوْضِى مَسِيرَةُ شَهْرٍ ، حَافَّتَاهُ مستويتان يصب فيه  ميزابان من الجنة يمد منبعان من الجنة-  آنيته أي أكوابه كعدد نجوم السماء في الليل المظلمة المجرية الصافية  أي لا حصر لعدد هذه الأكواب ريحه أطيب من المسك مائه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل الساقي فيه هو رسول الله ^   بيده الشريفة من شرب منه شربة لم يظمأ بعده أبدًا .
تخيل حوض طوله شهر وعرضه شهر حفتاه متساويتان كأنه ملزوقة آنيته كعدد نجوم السماء ريحة أطيب من المسك مائه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل الساقي فيه هو رسول الله ^   بيده الشريفة من شرب منه شربة لم يظمأ بعده أبدًا .
يمكن أن يمر هذا الأمر ولا يحرك الأسماع والقلوب إلا أن قلوب المشتاقين تشعر بلذة الأمر ، وتشعر بشدة وحرارة هذا الأمر وصدق القائل لا يدرك الشوق إلا من يكابده . تخيل على حوض النبي صلى الله عليه وسلم يقوم المصطفى طول عمرك كنت تنتظر هذا اللقاء  ، كنت تنتظر أن تلقى رسول الله ، أن تنظر إليه وينظر إليك أن تحتضنه ويحتضنك ، أن تقبله ويقبلك ، حانت اللحظة ، جاء الوقت ليس لذلك وحسب إنما ليمد يده إلي فمك ويسقيك بيده من حوضه
^  -فاللهم لا تحرمنا من ذلك ومع جمال الحوض وكل ذلك وفوق كل ذلك لقاء النبي المصطفى ^ ، ترى هل يمكن أن أكون أنا وأنت من أول من يرد على النبي ^،

أول من يرد على الحوض

إذا أردت أن تعرف موقعنا يومها فتعال إلى هذا الحديث فقد جاء ذكر أول من يرد على الحوض في حديث ماتع هذا الحديث عند ابن ماجه والترمذي عَنْ أَبِي سَلَّامٍ الْحَبَشِيِّ، قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَتَيْتُهُ عَلَى بَرِيدٍ ،- وهو مجموعة من الدواب على كل مسافة تجد دابةحتى يصل المرء بسرعة إلى المكان الذي يريده -فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: لَقَدْ شَقَقْنَا عَلَيْكَ، يَا أَبَا سَلَّامٍ فِي مَرْكَبِكَ، قَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَاللَّهِ، مَا أَرَدْتُ الْمَشَقَّةَ عَلَيْكَ، وَلَكِنْ حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْحَوْضِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ تُشَافِهَنِي بِهِ،  انظر إلى حرص عمر بن عبد العزيز لا يحرص على الدنيا ، لا يحرص على منصب ولا جاه إنما يحرص على أن يكون من أول من يرد على حوض النبي الأمين-  ، عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ قَالَ: فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي ثَوْبَانُ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنَّ حَوْضِي مَا بَيْنَ عَدَنَ إِلَى أَيْلَةَ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، أَكَاوِيبُهُ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَأَوَّلُ مَنْ يَرِدُهُ عَلَيَّ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ،- وكل من يتفق معهم في صفتهم التالية - الدُّنْسُ ثِيَابًا[1] ، وَالشُّعْثُ رُءُوسًا، الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُنَعَّمَاتِ- لا ينكحون نساء الأغنياء أي يرمون بأنظارهم إلى مطمع دنياوي أي يعيشون عيش المتواضعين عيش الفقراء، وَلَا يُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ"أي لا يدخلون على السلطان ولا تفتح لهم الأبواب أي ليس لهم قدر عند أنفسهم ولا عند الناس فإن نكح لا ينكح ، وإن شفع لا يشفع ، وإن قال لا يسمع ، هذا الذي صبر على الفقر ، وصبر على فراق الأوطان ، هذا الذي ذاق ضنك الدنيا وعذبها ، هذا الذي ضاقت عليه الدنيا بأرجائه ، هذا إن صبر على هذا ورضي به يكون أول الواردين على النبي ^ يوم القيامة ، تخيل أول ما سمع ذلك عمر بن عبد العزيز    قَالَ: "فَبَكَى عُمَرُ حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ"، ثُمَّ قَالَ: "لَكِنِّي قَدْ نَكَحْتُ الْمُنَعَّمَاتِ، وَفُتِحَتْ لِي السُّدَدُ، لَا جَرَمَ أَنِّي لَا أَغْسِلُ ثَوْبِي الَّذِي عَلَى جَسَدِي حَتَّى يَتَّسِخَ، وَلَا أَدْهُنُ رَأْسِي حَتَّى يَشْعَثَ" , (جة) صحيح سنن الترمذي 4303 [قال الألباني]: صحيح» بسند ت شاكر (4/ 629)
* وهناك صنف آخر يذكره أنس بن مالك خادم النبي ويبينه القرطبي في تذكرته وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: [
أول من يرد الحوض على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذابلون الناحلون السائحون الذي إذا جنهم الليل استقبلوه بالحزن] . التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 709) أي الذين يقيمون الليل يصلون ركعتين بالليل تنزل فيها دمعة حزن شوقا إلى لقاء الله ورسول الله أو خوفا من عقاب الله وغضبة أو الصراط هاتان الدمعتان وسيلة إلى رسول الله ^ يوم القيامة إلى الحوض ، نظرت إذّا لم تكن من  فقراء المدينة ماذا أصنع أصلي ركعتين بالليل وأنزل فيهما دمعتين شوقا إلى الله ورسوله ^ وسل الله أن تكون من أول الواردين على الحوض ستكون منهم بإذن الله جل وعلا ولكن لماذا ذلك لأن الورد على حوض النبي ^ عظيم ولا يدركه إلا لمن في قلبه محبة لرسول الله ^ وليس هذا بعجيب أيها الأخوة ، فإن العجائز عندنا لعلكم تلاحظون ذلك إذا اراد الله بهم خير في حج أو عمرة ترى هذا الحاج يبيع ما يملك ويدخر كل شيء وعندما تساله لما تصنع كل ذلك يقول لك ؟ كله يهون في زيارة الحبيب ^، إنه حب فطري ، مع أن زيارة النبي ^ ليست بواجبة في حج أو في عمرة ن ومناسك الحج شيء وزيارة النبي ^ شيء آخر ، ولكنه حب فطري ولعلهم هم الذين أخبر النبي ^ عنهم فقال: «مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا، نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ»رواه مسلم وأحمد وابن حبان لو رأني ويذهب كل مالهم وأهلهم

فإذا من ليسوا من الفقراء ولا من الذين يقومون الليل وينزلون دمعتين شوقا إلى رسول الله  فماذا أصنع ؟

أقول لك إذن فاحذر أن تكون من المطردين من الحوض ؟

فالنبي ^ من سعة رحمته بنا لم يبين الواردين على حوضه إنما بين تفصيلا أصناف المطلادين على الحوض لماذا حتى يكون في الآمر سعة فعلماء الأصول يقولون أن الأمر كلما ضاق اتسع ، هم أربع أصناف إن لم تكن منهم فسترد الحوض إن شاء الله عز وجل ، من هم المطرودين عن حوض النبي ^ واحذر أن تكون منهم

1-  من كذب بالحوض ولا يؤمن به  قديما فرق من المعتزلة والخوارج انكروا الحوض ، وحديثا كثيرا من العقلانين ومن يهتمون بأمر العقل انكروا الحوض كما انكروا عذاب القبر وشفاعة النبي ^ وكثير من الغيبيات التي أخبر بها الصادق المصدوق  والجزاء يوم القيامة أن يحرمهم الله عز وجل منه للحديث الذي رواه القرطبي في تذكرته ورواه أنس قال بعد أن وصف الحوض  عن أنس بن مالك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: حوضي ما بين أيلة إلى مكة، أباريقه كنجوم السماء أو كعدد نجوم نجوم السماء، له ميزابان من الجنة كلما نضب أمداه، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، وسيأتيه قوم ذابلة شفاههم، لا يطمعون منه قطرة واحدة، من كذب به اليوم لم يصب منه الشرب يومئذ» . اللهم إنا نصدق به الأن ونسألك أن توردنا إياه
الحمد لله أننا لسنا من هؤلاء أما الصنف الثاني فهو مصيبة وأيها مصيبة

2-  المبتدعون والمحدثون في شرع الله ما ليس منه
كل من خالف النبي ^  وكل من ارتضى هواه شرعًا ، ورفض التحكم إلى كتاب وسنة النبي ^ شرعًا ، وكل من استبدل بالقوانين الإلهي قوانين وضعية وكل من أحب ذلك وعمل فيه ودعى إليه رغبًا فيه وراصيًا إياه موقنً أنه أفضل من كتاب الله ومن سنة رسول الله ، بل من ارتكب كبيرة وكل من ظلم وكل من فجر ، وكل من تجرأ على الله بمعاصيه للأسف يدخل في هؤلاء حديث يحزنك غاية الحزن على ذلك ذكره البخاري ومسلم في حديثهما واللفظ الذي سأذكر لحضراتكم عند مسلم
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ «
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا » . قَالُوا أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « أَنْتُمْ أَصْحَابِى وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ » . فَقَالُوا كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ « أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَىْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلاَ يَعْرِفُ خَيْلَهُ » .- في أيديها وأرجلها ورؤوسها علامات بيضاء - قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَلاَ لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِى كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ- أناس في أيديهم عصي يضربون البعير الشارد على أيديهم ووجوههم هكذا يهان كل من ذكرهم رسول الله ، قمة المهان وقمة المذلة ليته يقول لك لا ترد الحوض ، ليته يمنعك الحوض قبل أن تراه ، بل إنك رأيت رسول الله ورأيت الحوض ورأيت الميذاب وشممت ريحه ونظرت إلى مائه واشتقت إليه فتذهب إلى هناك فيخرج لك الملائكة أو يخرج لك رسول الله بنفسه  فيطردك ويزودك عن هذا الحوض -   أُنَادِيهِمْ أَلاَ هَلُمَّ . فَيُقَالُ إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ .- لقد بدلوا وغيروا وابتدعوا في دين الله لقد توسلوا بالأموات ، لقد اتبعوا أهوائهم ، لقد ساروا خلقف شهواتهم وملذاتهم ولقد زجرتهم لقد أكلوا أموال الناس بالباطل والرشوة وداوموا على الزنا واللواط والفجور والخنا وكأنه ليس من الذنوب والآثام لقد ظلموا وفجروا واستبدوا وظلموا اليوم يريدون أن يردوا حوضك وعزة زجلال الله عز وجل لن يرد هؤلاء الظالمون المفسدون الحوض على النبي المصطفى ^ وهذا الذي أقسم به ربنا عز وجل   فَأَقُولُ سُحْقاً سُحْقاً » رواه مسلم
يقول القرطبي
قال علماؤنا رحمة الله عليهم أجمعين: فكل من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله ولم يأذن به الله، فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم كالخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها فهؤلاء كلهم مبدلون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق، وقتل أهله وإذلالهم، والمعلنون بالكبائر المستحفون بالمعاصي.وجماعة أهل الزيغ والأهواء والبدع. وكل من خالف شرعة النبي ^ اعتقادا أو قولا أو عملا ومات على ذلك فهو من المحرمين على حوض النبي ^ أما الجنة والنار فأمرهم إلى الله عز وجل إن شاء غفر وإن شاء عذب --- التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 710)
ترى أنا وأنت من هؤلاء ؟! نسال الله ألا نكون منهم وأن يرزقنا إتباع سنة النبي ^

3-  هم تاركو الصلاة  
إلى كل مسلم يترك الصلاة أو يؤخرها عن أوقاتها اتق الله ، إلى كل مسلم لا يحسن الوضوء اتق الله ، إن مفتاح السر وكلمة المرور على حوض النبي ^ هو الوضوء لقد ذكر لحضراتكم منذ لحظات الحديث ، والله يا أخوة هناك الكثير من المسلمين لا يعرفون شيئا عن الوضوء إلى وقتنا هذا ، بعض المسلمين يجاهرون بتركهم الصلاة والله الذي لا إله غيره ستحجب عن رسول الله يوم القيامة ، الصحابة في حديث آخر    .............وَإِنِّى لأَصُدُّ النَّاسَ عَنْهُ كَمَا يَصُدُّ الرَّجُلُ إِبِلَ النَّاسِ عَنْ حَوْضِهِ » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْرِفُنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ « نَعَمْ لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لأَحَدٍ مِنَ الأُمَمِ تَرِدُونَ عَلَىَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ » رواه مسلم ، فمن لم يتوضأ ولم يصلي يفقد هذه العلامة يفقد كلمة المرور يبحث عن حوض آخر يشرب منه ، فإياك إياك أن تترك الصلاة  أو تتكاسل عنها حتى تمر على حوض النبي ^

4-  إعَانَةُ السُّلْطَانِ الْجَائِرِ ومن صدقه في كذبه ومن دخل عليه أبوابه خاصة الحكام الظالمون
والحديث أصلا في الحكام الظالمون ذكره الإمام الترمذي والطبراني وأحمد
عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «
أُعِيذُكَ بِاللَّهِ يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ مِنْ أُمَرَاءَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِى فَمَنْ غَشِىَ أَبْوَابَهُمْ فَصَدَّقَهُمْ فِى كَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ وَلاَ يَرِدُ عَلَىَّ الْحَوْضَ وَمَنْ غَشِىَ أَبْوَابَهُمْ أَوْ لَمْ يَغْشَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ فِى كَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلَىَّ الْحَوْضَ يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ الصَّلاَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ . يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ إِنَّهُ لاَ يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلاَّ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ » . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى . وصححه الألباني ، ستقول لي أنا كنت مستضعفا ، أنا كنت مظلوم ، وفر على نفسك هذه الإدعاءات لأن الكل يتبرأ من الكل يتبرأ المستكبرون من الضعفاء يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا والصغار من الكبار والكل مصيرهم إلى النار ، إلا من رحمة العزيز الغفار ، فإذا كنت تريد أن ترد حوض النبي ^ فاحذر أن تكون من المطرودين عن حوض النبي ^



[1] الدُّنْسُ: الْوَسَخُ.

 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free