tamer.page.tl
  هداية الحائر
 

هداية الحائر فيما أشكل من أحداث 25 يناير

إن مسنا الضر أو ضاقت بنا الحيل *** فلن يخيـب لنا في ربنـا أمـل
الله في كل خطب حسبنا وكفـــــى ***  إليـه نرفع شكوانـا ونبتهـل
من ذا نلوذ به في كشف كربتنـــا ***   ومن عليه سوى الرحمن نتكـل
فافزع إلى الله واقرع باب رحمتـه *** فهو الرجاء لمن أعيت به السبل

بدايةً أريد أن أقرر وأعترف أن ما حدث في مصرنا الحبيبة قد أجبر الكثيرين من أهل العلم منهم على إعادة الصياغة لفهمهم حول قضية الخروج على الحاكم وأن هذه المظاهرات أو الثورة يمكن أن تختلف عن الخروج المحظور شرعاً خصوصاً وأنها قد حققت أكثر مما خرجت له فقضت على الكثير من رموز الفساد والظلم وبددت ظلمهم الذي كنا نعايشه بل واكتشفنا عشرات  الأضعاف - بعد هذه الأحداث- من ظلم هؤلاء وغيرهم مما لم نكن نعرفه قبل ذلك والبقية تأتي ونسأل الله السلامة مستقبلاً وحسن الختام لهذا الواقع

ومع هذا الاعتراف أقول: إن كثيراً من الأسئلة المشكلة ما زالت تثار وكثيراً من الأقوال ما زالت تتردد وكثيراً من المسلمين ما زال شذر مذر تجاه ما حدث أو قبل أو أثناء.....,كما أن الكثير منهم حكم على جواز هذه الأحداث بناءاً على ما انتهت به بل وبعضهم رفع ما حدث الى درجة فوق مستواها لدرجة أن توفيق الله وعونه قد اضمحل الحديث عنه وسط هذا الزخم من التقديس لهذه الثورة والإعجاب بها, ولهذا أقرر أن أفعال المسلم لا يحكم على حلها وحرمتها بنتائجها فليس معنى أني أخذت مالاً من أحد الأشخاص - مثلاً- ونما هذا المال وكثر أنه حلال وإلا فمتى كان غنى الإنسان وراحته دليلاً على رضوان الله والعكس!!!!

ولا أقول ذلك حكماً على الأحداث أو مصادرة على المطلوب ولكني أردت أن أقرر شيئاً يفيدنا في عامة أحوالنا وأفعالنا,أما ما أردت الحديث عنه في هذا البحث الموجز فإنها أمور خمسة هي

1.    اتهام مردود

2.    بين التصور والواقع

3.    ما هو التصور الصحيح للتعامل مع الحكام من وجهة نظري

4.    هل قتلى هذه الثورة شهداء؟

5.    أسس الإصلاح المرتجى في المرحلة القادمة

أما عن الاتهام المردود فإنه الاتهام الذي يوجه كثيراً لكثير من الدعاة والعلماء- سواءً نطق به المسلم أو كتمه- بالسلبية والتخاذل بل والخوف من الحكومة أو الموالاة لها أحياناً حتى أنني رأيت في بعض المنتديات العجب العجاب الذي وصل إلى الشتم أو السباب بين شخص وآخر نظراً لاختلاف ما يعتنقون ومن يتبعون من الدعاة والعلماء

وهذا الأمر - أمر الريبة نحو رأي العلماء المعارضين للثورة أو القائلين باعتزالها- لم يخل منه حتى بعض المتدينين أنفسهم فبالرغم من ثقتهم في الدعاة والعلماء إلا أن مخالفة رأيهم لنتائج الواقع أو تراجع بعضهم عما كان يرى قبل الأحداث أو أثناءها قد أحدث هزة قلبية نحو هؤلاء العلماء, وأذكر أن صديقاً لي ذكر أن أحد الدعاة كان موقفه أن يرجع الثوار الى بيوتهم تجنباً للفتنة ثم رآه بعدما انتهت الأحداث يمجد ما صنع هؤلاء الشباب ويخطئ نفسه ورأيه الذي سبق !!! فقلت لصاحبي هذا ما كان شعورك حين سمعت منه هذا الأمر بعدما علمت من موقفه الأول أليس قد اهتزَّت مكانته عندك!! قال بلى.

بل إنني شخصياً - ولست من العلماء وإنما معدود عليهم فهذا شرف أتقاصر دونه- تحدثت عما ينبغي على المسلم فعله تجاه هذه الأحداث التي أغلقت علينا وذكرت أن الموقف الكامل للمسلم نحوها هو الاعتزال وكان أحد إخواننا غير قانع بهذا الموقف  رغم أني ناقل لبعض مواقف السلف الصالح وتحدثنا مراراً عن ذلك, كيف لا نشارك في إسقاط هذا النظام الفاسد ومرت الأيام وأسقط الجبار سبحانه وتعالى هذا النظام بسنته في خلقه والتي لا ترام فاتصل بي أخي هذا فرح بما حدث كفرحي تماما لكن كانت أول كلمة قالها لي إيه يا شيخ لسه عند رأيك؟!!! وليس ذلك بعيب عنده أو بعتاب له أو لغيره وإنما هو معذور كغيره فما حدث ينطق الحجر بالتأييد فما بال هؤلاء العلماء؟!!!

 ولأجل ذلك أردت أن أبين للمسلم الحقَ في ذلك وأن ساحة العلماء بريئة مما وجه إليهم ولكنه سوء فهم منا وذلك لما يلي:

·       من يباركون الثورة الآن

ليسوا بالضرورة ممن رجعوا عن آرائهم في عدم الخروج أو الاعتزال وأن ذلك يعني نفاقهم - حاشاهم من ذلك- وإنما الخطأ الذي حدث هو قصور تصورنا لفهم هذه الأمور من وجهة النظر الشرعية  بمعنى أن أكثرهم كان يبين الموقف الكامل من هذه الفتنة كما تصوره من نصوص الشريعة وهذا لا يعني إقرارهم بالظلم الواقع من الحاكم وأعوانه

بل إنهم أول المقرين به ولكن خشية وقوع الضرر الأكبر على مجموع الأمة إضافة إلى فهمهم لنصوص الشرع في التعامل مع الحاكم هو الذي دعاهم لما أفتوا به, هذا جانب

الجانب الآخر هو أنه لا بد وأن يعرف الجميع أن هناك فرق بين الحكم على الشيء منفرداً والحكم عليه إذا تلبس به شيء آخر - كمصافحة المرأة وكون هذه المصافحة ناقضة للوضوء- فرسول الله بين أن للمسلم موقفين تجاه الحكام الذين يأتون بمنكرات الأمور والموقف الثالث لا ينبغي له والحديث عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِىَ وَتَابَعَ »- وكأن بعض الصحابة فهموا من الإنكار عليهم جواز الخروج عليهم بالسيف فردهم رسول الله الى ما قررت سلفاً وأن هذا ليس بمقصود- قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نُقَاتِلُهُمْ قَالَ « لاَ مَا صَلَّوْا"أخرجه مسلم, وأمثلة ذلك في الشرع كثيرة

·       ليست كل فرحة تعني الحل والتأييد لما حدث

فهذا مبدأ مغلوط إذ لا يعني بالضرورة أن العلماء حين فرحوا بما حدث دل ذلك على خطأهم أول الأمر وإنما هو فرح بذهاب الظلم عن المسلمين أيا ما كان الذي تسبب في رفعه - ما لم يكن أظلم ممن غبر- وليس المضطرد أن يزول الظلم بالعدل أو الحق بالباطل دوما وهذا لا يتعلق بشأن شباب الثورة ولكنه تقعيد عام وإلا فإني أحسب أكثرهم على خير ومن الشباب الذين يحترمون ولكن قد يزول الباطل بالباطل والقرآن العظيم قد حكى عن فرح المسلمين بنصر الروم على الفرس فهل هذا كان يعني تأييد الروم وما يعتقدون قال الله[غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ] وفي تاريخنا الحديث ومنذ سنوات لما انتصر حزب الله الشيعي على اليهود في لبنان فرحنا كثيراً وليس بالضرورة التأييد للشيعة وإنما الفرح فيما حدث لليهود وهذا الفهم الخاطئ جعل كثيراً من المسلمين يفتنون بالشيعة لانتصارهم على اليهود, وشبابنا كما قلت آنفا لا ينطبق عليه أي هذين المثالين - فقد بذلوا أرواحهم نظير ما حدث وأسأل الله أن يغفر لميتهم ويخلص نية أحيائهم ويستخدمهم لما فيه إقامة شرعه ونصرة دينه - ولكني أبين لماذا فرح كل العلماء بغض النظر عن فتاويهم وتباين آرائهم في ذلك؟؟؟

·       ثم إن المشايخ والعلماء أكثر من أوذي من هذا النظام

وهذا ينفي تهمة السلبية عنهم فضلا عن النفاق, وإن إيذاءهم كان لا يخفى على كل ذي عينين فهم أكثر طوائف المجتمع امتهاناً من الحكومة الغاشمة الغابرة فكم استبيحت حرماتهم وانتهكت أعراضهم وخُوِّف نساؤهم وأطفالهم وحبسوا وضيق عليهم و......إلخ بل ومتى كان الطريق معبداً بينهم وبين الحكام!!!

فلو أن الأمر يؤخذ بالعقل المجرد أو العاطفة المجردة لكانوا أولى الناس بالخروج فلن يأتيهم أعظم مما مضى عليهم ولكن حاكمهم في ذلك هو الشرع أحسب ذلك والله حسيبهم- الذي دعا بعضهم إلى القول بعدم الخروج وبعضهم بالاعتزال ولا يقلون أجرا عمن قال بالخروج فكلهم مجتهد والله وحده هو الذي يعلم المصيب من المخطئ.

·       ثم أين كان هؤلاء الذين يتهمون العلماء قبل ذلك؟

وهل خرجوا إلا بعد اليقين بأنهم لن يحاسبوا؟ إذا كانوا ممن يلومون على العلماء الآن فأنا أسأل ما العمل لو كانت النتائج لهذه المظاهرات على غير ما حدث؟؟ أظن أن الإجابة ستكون الندم على هذا الخروج ولماذا لم نستمع إلى نصائح العلماء؟!!!

وإني أتعجب من البشر!!! الآن أصبح العلماء والمشايخ مدينون جبناء متى كان أتباع العلماء ينصرون دعوة؟ ومن ذا الذي تصدى إلى شيخ أو ادعى معرفته إذا أخذته أمن الدولة أو اعتقل؟!!! إن الناس يعشقون العلماء والمشايخ ويلتفون حولهم ما لم تأت عصا السلطان فإذا جاءت عصا السلطان فر أكثر الناس عن العلماء فرار الشيطان يوم رأى في بدر ملائكة الرحمن فقال لعبدة الأوثان [إني أرى ما لا ترون ...]ولعل هذه من الإشكاليات الخطيرة الآن ومن الأشياء التي تدمي القلب ألا وهي مدى مكانة العلماء عند الناس ومدى الاستجابة لوعظهم ونصحهم, أنا أعتقد أنه لو خرج شيخ يدعو الناس إلى الخروج والمظاهرة لما أطاعه أحد وذلك لأن أكثر الناس لا يستهوون من الدين إلا ما يتناسب مع أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية والفكرية وأما ما خلا ذلك فلا إجابة له وصدق من قال" المتغطي بالعوام عريان"

·       ثم الدور الخطير الذي قام به العلماء تجاه هذه الأحداث

وهو دور عظيم جداً ولعله السبب الرئيس فيما وصلت إليه هذه الأحداث وإن كان كثيرٌ من الناس لا يعلمونه فإن الله يعلمه هذا الدور هو الدعاء الدائم لإنهاء هذه الأحداث على خير وأن يحقن الله دماء المسلمين إلى غير ذلك من الدعوات , وللمناسبة أذكر قصة قتيبة بن مسلم حين أراد غزو الترك قال لجنوده" أين محمد بن واسع"ت119هـ" فقيل : هو ذاك في الميمنة جامح على قوسه, يبصبص بإصبعه نحو السماء, يدعو الله بنزول النصر فقال قتيبة: تلك الإصبع أحب إليّ من مئة ألف سيف شهير وشاب طرير" السير

أما عن تصوري الشخصي للمظاهرات فقبل ذكره أود أن أقرر حقيقة شرعية مهمة ألا وهي أن هناك فارق بين التصور والواقع, وذلك بمعنى أن الشخص يمكن أن تذكر له مسألة فيحكم عليها بتصورها فإذا عايشها اختلف الحكم ولا يعد ذلك مطعناً في الحكم الأول للشخص أو دليلاً على قصور نظره فضلاً عن اتهامه بالإمعية,ودليل ذلك من الشرع الحنيف:

1- عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَقَالَ رَجُلٌ لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلْتُ مَعَهُ وَأَبْلَيْتُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ وَأَخَذَتْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ وَقُرٌّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ فَقَالَ قُمْ يَا حُذَيْفَةُ فَأْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ قَالَ اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ فَرَأَيْتُ أَبَا سُفْيَانَ يَصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ فَوَضَعْتُ سَهْمًا فِي كَبِدِ الْقَوْسِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ وَلَوْ رَمَيْتُهُ لَأَصَبْتُهُ فَرَجَعْتُ وَأَنَا أَمْشِي فِي مِثْلِ الْحَمَّامِ فَلَمَّا أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَفَرَغْتُ قُرِرْتُ فَأَلْبَسَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحْتُ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قَالَ قُمْ يَا نَوْمَانُ" أخرجه مسلم

2- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَلَسْنَا إِلَى الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ يَوْمًا فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ طُوبَى لِهَاتَيْنِ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ رَأَتَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ لَوَدِدْنَا أَنَّا رَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ وَشَهِدْنَا مَا شَهِدْتَ فَاسْتُغْضِبَ فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مَا قَالَ إِلَّا خَيْرًا ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ مَا يَحْمِلُ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَتَمَنَّى مَحْضَرًا غَيَّبَهُ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَدْرِي لَوْ شَهِدَهُ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ فِيهِ وَاللَّهِ لَقَدْ حَضَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَامٌ أَكَبَّهُمْ اللَّهُ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ لَمْ يُجِيبُوهُ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ أَوَلَا تَحْمَدُونَ اللَّهَ إِذْ أَخْرَجَكُمْ لَا تَعْرِفُونَ إِلَّا رَبَّكُمْ مُصَدِّقِينَ لِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّكُمْ قَدْ كُفِيتُمْ الْبَلَاءَ بِغَيْرِكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَشَدِّ حَالٍ بُعِثَ عَلَيْهَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فِي فَتْرَةٍ وَجَاهِلِيَّةٍ مَا يَرَوْنَ أَنَّ دِينًا أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ فَرَقَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَرَى وَالِدَهُ وَوَلَدَهُ أَوْ أَخَاهُ كَافِرًا وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ قُفْلَ قَلْبِهِ لِلْإِيمَانِ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ هَلَكَ دَخَلَ النَّارَ فَلَا تَقَرُّ عَيْنُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ حَبِيبَهُ فِي النَّارِ وَأَنَّهَا لَلَّتِي قَالَ عَزَّ وَجَلَّ "الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ"أخرجه أحمد وصححه الألباني

3- قال أبو عبيد القاسم بن سلام في قصة طريفة حكاها عنه ابن عبد البر في " شرح الموطأ "قال : " كنت أفتي أن من نام جالسا لا وضوء عليه حتى قعد إلى جنبي رجل يوم الجمعة فنام فخرجت منه ريح فقلت : قم فتوضأ ,فقال : لم أنم ,فقلت : بلى وقد خرجت منك ريح تنقض الوضوء فجعل يحلف بالله ما كان ذلك منه وقال لي : بل منك خرجت فزايلت ما كنت أعتقد في نوم الجالس وراعيت غلبة النوم ومخالطته القلب"

4- أحد علماء المعتزلة ومشاهيرهم ماتت امرأته فتزوج أخرى صغيرة في السن وكان قد كبر سنُّه فلما دخل بها وجامعها مرة أرادت أن يجامعها مرة أخرى ففعل بعناء فلما كانت الثالثة عجز عن ذلك فقالت له ألست ممن يقول بأن العبد يخلق أفعاله الاختيارية بنفسه فقال لها قد رجعت عن مذهب الاعتزال وتبت من الانتساب إليه من اليوم.

تصوري الشخصي للتعامل مع الحكام

قلت قبل ذلك إن العلماء اختلفوا في هذا الأمر تبعاً لاختلاف تصوراتهم في الخروج على الحاكم وكنت إلى أن انتهت هذه الأحداث لا أملك التصور الشخصي - كمسلم- الذي أرضى عنه شرعا وعقلاً الى أن قرأت كثيراً من فتاوى العلماء في هذا الشأن وأدلتهم مؤيدين ومعارضين وخلصت الى طريقتين يمكن التعامل بهما مع الحكام الجائرين بلا مانع شرعي - بإذن الله تعالى- وهما

أولاً : المظاهرات أو المناصحات الجماعية المشروطة

وذلك ما لم يكن هناك سبيل الى مناصحة الحاكم أو ضربه بمطالب الأمة عرض الحائط وليست هذه المظاهرات بغير قيد أو شرط ولكن لها شروط هي:

1.    أن تكون النية في الخروج مناصحة الحاكم والوصول إلى حق شرعي مسلوب مع قدرته - الحاكم- على أدائه

2.    أن تكون مطالب هذه المظاهرة أو المناصحة مشروعة بمعنى أنها لا تناقض شرعاً صحيحاً ولا عقلاً صريحاً

3.  أن تكون هذه المطالب لعامةً الأمة أو غالبيتهاً بحيث تجتمع الأمة على الفساد المطلوب تغييره أو تكون غالبتها على هذا الرأي فلا يخرج مثلاً مجموعة من المظلومين في مجال ما هذه الخروجات العامة لأغراض شخصية محدودة وإلا عمت الفوضى

4.  أن تكون المصلحة متيقنة والمفسدة مظنونة أو معدومة , أو ترجح المصلحة على المفسدة فيكون الخروج تبعاً لقاعدة المصلحة الراجحة والذي يحدد ذلك هو أهل الشرع والخبرة في هذا المجال.

5.  أن تلتزم هذه التظاهرات الأدب مع المخالف حتى وإن ظلمنا فمن عصى الله فيك فأطع الله فيه وعليه فلا سباب ولا لعن ولا تكفير ولا تخريب ولا عدوان ....إلخ

لكن يأتي السؤال كيف يمكن أن نقرر أن هذه المطالب عامة ويرجوها عامة الشعب مع ضمان توافر بقية الشروط؟!!

ولعل هذه هي إشكالية التطبيق التي صادفتني لأن الحكم على كثير من هذه الأمور نسبي, فوجدت أن الحل في ذلك هو تقسيم المجتمع الى مجموعات ووجود عرفاء عن كل مجموعة - أيا ما كان تقسيمها على حسب المؤسسات أو الأحزاب أو غيرها - وهذا لأن استيعاب آراء جميع الشعب في أمر كهذا صعب تحقيقه خاصة إذا ابتليت الأمة بمن يصادر على آرائها, وأمر العرفاء هذا مأخوذ من سنة النبي صلى الله عليه وسلم فعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَىَّ أَصْدَقُهُ . فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا السَّبْىَ ، وَإِمَّا الْمَالَ ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ » . وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ، حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمُسْلِمِينَ ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ « أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ ، وَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يفيء اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ » . فَقَالَ النَّاسُ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِى ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُوا إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ »فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا"البخاري, قال في الفتح "والعرفاء يعني الرؤساء، فكل رئيس ينفرد بالجماعة الذين يرأسهم ثم يأخذ رأيهم في ذلك ويعرف من سمح ومن لم يسمح ومن وافق ومن لم يوافق.

ثانياً : العصيان المدني

وهذا هو المصطلح السياسي للامتناع عن العمل وتعطيل المصالح المدنية ويسمى بالاعتصام أو الإضراب وذلك بأن يتم الاتفاق على عدم الذهاب الى الأعمال وتعطيلها في كل مؤسسات الدولة إذا لم تتم الموافقة على مطالب الشعب المشروعة، وهو عصيان في غاية السلمية، ولكنه مدمر لجبروت المتغطرسين، وقد ساهم بدور كبير في استقلال الهند عندما استخدمه غاندي بذكاء كبير في القضاء على الاحتلال الإنجليزي, وهذه الفكرة حدث ما هو قريب منها على يد سلطان العلماء العز بن عبد السلام- ت.660هـ بعد موقعة عين جالوت بسنتين- حين كان في مصر وكان المماليك وهم في الأصل عبيد ولم يتحرروا بعد، قد تولوا الحكم وأصبح لهم شوكة كبيرة ويخاف منهم كل أحد، فكان موقف العز بن عبد السلام منهم أنه لا يرى جواز أن يتولوا حكم المسلمين وهم عبيد ولم يتحرروا فلابد من بيعهم ورد مال المسلمين للدولة، فعلم المماليك أن العز بن عبد السلام يدعو إلى بيعهم و يعتبر أن حكمهم للمسلمين باطل؛ لأنهم عبيد وليسوا أحرارا وصعد العز في خطبة الجمعة في جامع عمرو بن العاص وأعلن موقفه من هؤلاء الحكام أنهم عبيد ولابد من بيعهم أولا وبعد ذلك يتولون الحكم إن شاء الناس لهم ذلك، و صدع بقول الحق لا يخاف في الله لومة لائم,فغضب المماليك بشدة وفكروا بقتله ولكنهم خشوا من غضب الشعب، فحاولوا أن يتفاهموا معه فذهبوا لبيته وتحاوروا معه ليثنوه عن فتواه، وأمروه بعد تهديده أن يغير فتواه ويعلنها بالجامع أمام الناس فلما وصل الأمر لهذا الحال،أخذ العز زوجته وابنه وركب دابته وقرر أن يغادر مصر فتحدث الناس بخروج العز، وقرروا أن يخرجوا معه وفعلا إذا بجماهير الناس والعلماء  تخرج مع العز فهرع أتباع المماليك يخبرونهم بما حدث فقالوا دعوه يخرج فقالو لهم إن خرج فمن نحكم؟!!!فاضطر المماليك أن يعتذروا له، ويمضوا فتواه فرجع، وباع السلطان وباع نائب السلطان والأمراء أمام الناس فاشتراهم الأغنياء بأغلى الأثمان، ورد هذه الأموال لبيت مال المسلمين ليعود المال للأمة ولذلك لقب العز ابن عبد السلام  بسلطان العلماء وبائع الأمراء.

ولعل هذه الطريقة أنسب وآمن من سابقتها إذا توافرت لها العوامل التي تضمن تنفيذها على الوجه الأكمل وقد جربت في مصر مراراً على يد الصيادلة مثلاً أو عمال الغزل أو السائقين وأتت بنتائجها فما بالنا لو كان هذا عاماً!!!

ولعل مما يساعد على إتمامها على الوجه الأكمل فكرة العرفاء التي ذكرت آنفاً

هل قتلى التحرير شهداء؟

سؤال ما زال يتردد وقبل الإجابة عليه أسأل لماذا يلح الناس على معرفة الإجابة لهذا السؤال؟ أنا أعتقد أن ذلك لبيان مشروعية العمل فإذا قلنا شهداء فالعمل جليل والعكس!! رغم أنني قررت في بداية الحديث أن النهايات لا يحكم بها على البدايات فلنحفظ هذا, ثم للإجابة على السؤال المطروح أقول : الشهادة عمل قلبي لا يستطيع أن يعرفه ملك

مقرب ولا نبي مرسل إلا بوحي وذلك لا يطعن في أحد ممن قتل ولكنه تفويض علم ذلك الى الله وهذا ما دلت عليه كثير من نصوص الشرع ومنها:

1.  عن سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِهِ - كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ »متفق عليه

2.  عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ فَقَالَ لَهُ نَاتِلُ أَهْلِ الشَّامِ أَيُّهَا الشَّيْخُ حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِىءٌ. فَقَدْ قِيلَ,ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِى النَّارِ......الحديث" أخرجه مسلم

3.  عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا ، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَسْكَرِهِ ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ ، وَفِى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ ، فَقَالَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ » . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ . قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا ، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ . قَالَ « وَمَا ذَاكَ » . قَالَ الرَّجُلُ الَّذِى ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ . فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ . فَخَرَجْتُ فِى طَلَبِهِ ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا ، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِى الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ « إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ,وَهْوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ »أخرجه البخاري

4.  عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ دُعِىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى جِنَازَةِ غُلاَمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ. قَالَ « أَوَ غَيْرُ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلاً خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ في أَصْلاَبِ آبَائِهِمْ وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلاً خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِى أَصْلاَبِ آبَائِهِمْ »أخرجه مسلم

5.  بوب البخاري بابا بعنوان : لا يقول فلان شهيد وعلق عن أبى هريرة : الله اعلم بمن يجاهد في سبيله والله أعلم بمن يكلم في سبيله وهو حديث وصله في أوائل كتاب الجهاد قال الحافظ : وكأنه أشار أي بهذا التبويب الى حديث عمر أنه خطب فقال تقولون في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيداً ولعله قد يكون قد أوقر راحلته - يعني قد حملها من الغلول- ألا لا تقولوا ذالكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد وهو حديث حسن أخرجه احمد وغيره

الإصلاح المرتجى في المرحلة القادمة

الشعار الرئيسي الآن لكل المصريين نريد الإصلاح , والإصلاح كغيره مصطلح نسبي يطلقه كل واحد حسب رؤيته ولهذا رأينا في كتاب ربنا عجائب لدعاة الإصلاح ومنهم

فرعون فقد ادعى أنه مصلح ولذا يريد أن يقضي على فساد موسى عليه السلام قال الله" وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ"غافر 26,لكن الذي يعلم الحق بين كذب دعواه ونقيضها ولذا قال" نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" وصدق رسول الله"لو يُعطى الناس بدعواهم لادّعى رجالٌ أموال قوم  ودماءَهم ، ولكن البَيِّنَة على المُدَّعِي ، واليمين على من أنكر" البيهقي واللفظ له وأصله في الصحيحين بغير هذا اللفظ

المنافقون وقد قال الله تعالى عنهم" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ"

شياطين الإنس وهؤلاء قال الله عنهم" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ"

وهذا ينبه المسلم في هذه الفترة بالذات الى كثير من الدعوات الإصلاحية التي تدعو في حقيقتها الى قمة الفساد, لكن كيف أطبق المنهج الإصلاحي القويم وأبتعد عن الدعوات الإصلاحية الزائفة؟ هذا في أربعة أسس بإيجاز شديد جدا

الانطلاق من قاعدة الكتاب والسنة" تركت فيكم ما إن تمسكتم به.... الحديث" ولا يغرنك الألفاظ البراقة الخداعة " نريد الدولة المدنية, الحريات, المواطنة" وغيرها لأن هذه المصطلحات مطاطة فينبغي الحذر عند التعامل معها

الاستعانة بأهل الصلاح والخبرة في المرحلة القادمة إذا كنا نبغي صلاحا حقيقياً فأهم أسس الإصلاح إتباع مبدأ" الرجل المناسب في المكان المناسب" وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مليئة بتطبيق هذا المبدأ

1.    مراعاة قاعدة التدرج الشرعية في الوصول الى الإصلاح

2.  البدء بالتغيير الداخلي, ولعل هذا أهم أسس الإصلاح حيث ربط الله عز وجل تغيير الواقع بتغيير الأنفس فقال" إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" ولعل من أشد الآيات التي سنلقى الله بها خاصة بعدما حدث هي قول الله في قصة موسى عليه السلام" قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ"

فالآن لا بد وأن نري الله من أنفسنا خيراً وإلا........... أسأل الله التوفيق والسداد لمن يتولى أمر المسلمين عامة وأن يول أمورنا خيارنا وأن يصلحنا ظاهراً وباطنا اللهم آمين.

 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free