احفظ الله يحفظك
1- إبدأ المبادرة
2- فالله خير حافظا
3- ضيعوا الله فضيعهم الله
الديباجة
إلى من جمعوا زادت أموالهم من الحرام خوفا بحجة تأمين مستقبل الأولاد، إلى من تعامل بالفوائد الربوية بحجة الأزمات ، إلى من أمنوا على حياتهم خوفا من النوازل العارضات .................... الحافظ هو الله ............... لكن كيف يحفظك الحافظ
1- قال تعالى : [وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ][النساء : 9]
2- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْماً فَقَالَ « يَا غُلاَمُ إِنِّى أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ » . رواه الترمذي وأحمد قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . صححه الألباني
3- وفي روايه غير الترمذي «احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، فَقَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، اعْمَلْ لِلَّهِ بِالشُّكْرِ وَالْيقِينِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» القدر للفريابي مخرجا (ص: 132) وصححه الألباني
4- هذا الحديث يتضمن من الوصايا العظيمة والفوائد الكثيرة ما يملأ سفرا كاملا حتى قال بعض العلماء : تدبرت هذا الحديث فأدهشني وكدت أطيش
5- قال سليمان ابن داود : تعلمنا مما تعلم الناس ومما لم يتعلم الناس ، فما وجدنا كحفظ الله في الغيب والشهادة
6- قال بعض الصالحين : إذا أردت أن توصي حبيبك أو صاحبك أو ابنك فقل له: احفظ الله يحفظك.
ومن أعجب ما يذكر ما يذكر في هذا الموضوع
1- وما أعجب هذه القصة"عن زيد بن أسلم عن أبيه قال بينما عمر بن الخطاب يعرض الناس إذ مر به رجل معه ابن له على عاتقه فقال عمر ما رأيت غرابا أشبه بغراب من هذا بهذا فقال أما والله يا أمير المؤمنين لقد ولدته أمه وهي ميتة فقال ويحك وكيف ذلك قال خرجت في بعث كذا وكذا وتركتها حاملا به فقلت أستودع الله ما في بطنك فلما قدمت من سفري أخبرت أنها قد ماتت فبينا أنا ذات ليلة قاعد في البقيع مع ابن عم لي إذ نظرت إلى ضوء شبه السراج في المقابر فقلت لبني عمي ما هذا قالوا لا ندري غير أنا نرى هذا الضوء كل ليلة عند قبر فلانة قال فأخذت معي فأسا ثم انطلقت نحو القبر فإذا القبر منفرج وإذا هو في حجر أمه فناداني مناد أيها المستودع ربه خذ وديعتك أما لو استودعت أمه لوجدتها قال فأخذت الصبي وانضم القبر" (1) مناقب أمير المؤمنين عمر، لابن الجوزي
2- عن يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: كنت مع ذي النون المصري على شاطىء غدير فنظرت إلى عقرب أعظم ما يكون على شط الغدير واقفة فإذا بضفدع قد خرجت من الغدير فركبتها العقرب فجعلت الضفدع تسبح حتى عبرت.
فقال ذو النون: إن لهذه العقرب لشأنا فامض بنا فجعلنا نقفوا أثرها فإذا رجل نائم سكران وإذا حية قد جاءت فصعدت من ناحية سرته إلى صدره وهي تطلب أذنه فاستحكمت العقرب من الحية فضربتها فانقلبت وانفسخت.
ورجعت العقرب إلى الغدير فجاءت الضفدع فركبتها فعبرت.
فحرك ذو النون الرجل النائم ففتح عينيه فقال: يا فتى! انظر مما نجاك الله: هذه العقرب جاءت فقتلت هذه الحية التي أرادتك.
ثم أنشأ ذو النون يقول:
يا غافلا والجليل يحرسه ... من كل سوء يدب في الظلم
كيف تنام العيون عن ملك ... تأتيه منه فوائد النعم
فنهض الشاب وقال: إلهي! هذا فعلك بمن عصاك فكيف رفقك بمن يطيعك؟ ثم ولى فقلت: إلى أين؟ قال: إلى البادية والله لا عدت إلى المدن أبدا!
التوابين لابن قدامة (ص: 136)
3- قال ابن الجوزي في صفة الصفوة: رأى رجل عصفوراً يطير من شجرة إلى شجرة وبفمه لحم، فصعد هذا الرجل إلى النخلة فوجد فيها حية عمياء، فكان إذا اقترب منها العصفور وشوش لها بصوته فتفتح فمها فيضع قطعة اللحم.
[وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ] [هود:6].
ولكن إذا أردت حماية فحفظالملك ، فلبد أن تطيع الملك في كل أوامره ونواهيه ، فإذا أطعته أدخلك في حصنه وحفظك من كيد الأعداء ........ فيا ابدأ المبادرة
1- إبدأ المبادرة لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ
قال تعالى :[ إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ][التوبة : 111] ، قال تعالى [وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ] [التوبة : 112]، قال تعالى :[ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ] [قـ : 32]
والأواب: الرجاع إلى الله، كثير التوبة والندم والاستغفار، كثير العبادة والإنابة، والحفيظ: الذي يحفظ حدود الله.والحافظ لذنوبه ليتوب منها
وأنا بفضل الله سأذكر لك أمورًا إذا حفظتها حفظك اللهه
1- المحافظة على الصلاة
* قال تعالى :[ حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ][البقرة : 238] ،
* قال تعالى :[وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ] [المعارج:34]
* عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول خمس صلوات افترضهن الله على عباده فمن أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له عهد على الله ان يغفر له ومن لم يفعل فليس له على الله عهد ان شاء عذبه وان شاء غفر له رواه النسائي وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني
* كان عمر وهو مطعون في سكرات الموت يقول وعيناه تهراق بالدموع: [[الله الله في الصلاة، لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، من حفظ الصلاة حفظه الله، ومن ضيع الصلاة ضيعه الله]] فمن حفظ الصلاة حفظه الواحد الأحد.
وكان رضي الله عنه يكتب لرؤساء الأقاليم والأمراء: عليكم بالصلاة؛ فإنها أول الإسلام وآخر ما تفقدون من دينكم.
واعلم أنك لا تحافظ على الصلاة إلا بثلاثة أسباب:
الأول: أن تؤديها في وقتها، فلو أخرتها إلى أن يخرج الوقت ما قبلها الله إلا بعذر، ويرمى بها وجه صاحبها، وتقول: ضيعك الله كما ضيعتني.
وأول ما يحاسب عليه العبد في القبر الصلاة، فمن حفظها حفظه الله يوم تضيع الأفهام وتضل العقول، وتندهش الأفكار.
الثاني: أن تكون في جماعة، فلا صلاة إلا في جماعة إلا من عذر، يوم ينادى بها في المساجد، يوم يقول لك المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح؛ فتقوم من فراشك، وتزحف إلى المسجد ليحفظك علام الغيوب.
ويقول عليه الصلاة والسلام في الفقرة الأولى في الوقت، لما قال له ابن مسعود: ما أفضل العمل؟قال: {الصلاة في وقتها} وعند الترمذي والحاكم {الصلاة في أول وقتها} وهذا هو الحفظ.
الثالث: أن تؤديها بخشوع وخضوع، وأن تعيش مع الإمام وهو يقرأ عليك، وتستمع هذا القرآن العجيب والنبأ العظيم الذي طرق الدنيا، واعلم -كما قال ابن القيم - أن مواقف الناس في الآخرة وفي العرصات كمواقفهم في الصلاة.
2- المحافظة على الوضوء
* فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن} فتكون دائماً متوضئاً متطهراً ليحفظك الله من شياطين الإنس والجن، تذهب إلى العمل وأنت متوضئ، وتجلس على مكتبك وأنت متوضئ، في الفصل وفي السيارة وفي الطيارة، ويعجب ربك للعبد يتوضأ لا يعلم بطهارته إلا هو.
3- حفظ اللسان عن الحرام
* احفظ لسانك عن الغيبة والوقوع في أعراض الآخرين ، احفظ لسانك عن كثرة الشكوى والإعتراض على قضاء رب العالمين ، وعن الكلام فيما لا يعنيك
* قال تعالى :[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً] [الأحزاب:70 - 71]
* قال تعالى :[ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ][المؤمنون : 3]
* وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من يضمن لي ما بين لحييه وفخذيه وأضمن له الجنة} ضمان من محمد عليه الصلاة والسلام؛ أن من حفظ فرجه ولسانه عن الحرام ضمن له الجنة عند الواحد الأحد
4- حفظ الأذن عن الحرام
* احفظ أذنك فلا تسمع بها إلا الطيبات ومن حفظ العبد لربه تبارك وتعالى: أن يحفظه في السمع، وألا يستمع إلاَّ قولاً غالياً كريماً طيباً، لأن الطيب من المؤمنين لا يسمع إلا طيباً: [إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً] [الإسراء:36] وسامع الغناء كقائل الغناء، والراضي بالغناء كفاعل الغناء، وشاهد مجالس الزور كقائل الزور، ومطعم المأكول كالآكل.
فالمسلم كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان:72] قال بعض المفسرين: لا يسمعون الكلام الباطل الزور.
وقيل: لا يؤدون شهادة الزور المعروفة.
5- احفظ عينيك من الحرام
* قال تعالى :[قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ] [النور:30]
* احفظ عينيك من النظر للمتبرجات والأفلام والمسلسلات ن والصور الخليعة وكل المحرمات
وأنت متى أرسلت طرفك رائداً *** إلى كل عين أتعبتك المناظر
أصبت الذي لا كله أنت قادر عليه *** ولا عن بعضه أنت صابر
6- احفظ بطنك عن الحرام
- اتقن عملك حتى لا تأكل حرام ، ولا تقبل الرشوة فإنها حرام ، وإحذر الربا فإنه هلاك ودمار وى تغش في بيتك فتأكل حراما ، ولا تأكل حق أحد فتأكل حراما
- ففي صحيح مسلم من حديث أنس قال الرسول عليه الصلاة والسلام: {إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} [المؤمنون:51] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:172] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟!} وقال سعد رضي الله عنه: {يا رسول الله! ادع الله أن أكون مستجاب الدعوة.
- قال: يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة} ثم قال: {اللهم سدد رميته وأجب دعوته} فما كان يدعو إلا ودعاؤه مستجاب، وما كان يرمي رمية إلا ويصيب بإذن الله؛ لأنه أطاب مطعمه، وعرف من أين يأكل ومن أين يشرب.
7- حفظ القلب عن الشهوات والشبهات والإصرار على المحرامات
* فالله لا يقبل يوم القيامة إلا القلب السليم {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:89] قالوا: القلب السليم الذي لم تداخله شهوة ولا شبهة، وقالوا: القلب السليم الذي ليس فيه إلا الله، وقالوا: القلب السليم هو القلب الذي امتلأ بلا إله إلا الله محمد رسول الله.
وقال سبحانه: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11] من يؤمن بالله يهد قلبه، من يسجد لله يهد قلبه، من يأت إلى المسجد يهد قلبه، ومن يرفع يديه إليه يهد قلبه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].
* وفي الحديث الصحيح: {ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب} القلب إذا أصلحته بالذكر وبطاعة الله؛ صلحت اليد والعين والسمع والرجل والبطن والفرج، فأصلح قلبك
أيها الأخوة والأخوات
إن من حفظ الله في قوته حفظ الله في ضعفه ، ومن حفظه في شبابه حفظه في كهولته ، ومن حفظه في رخائه حفظه في شدته ، ومن حفظه في حياته حفظه في ذريته بعد مماته
ومع العنصر الثاني : فالله خير حافظا
- يحفظك في بدنك
* أتى أبو الطيب الطبري -أحد علماء الإسلام- إلى سفينة فركبها، فلما اقترب من الشاطئ -وهو في السبعين من عمره- أراد أن يدلف إلى الشاطئ فقفز، وكان معه شباب فأرادوا أن يقفزوا فما استطاعوا؛ فقالوا له: كيف استطعت وما استطعنا وأنت شيخ كبير؟ قال: هذه أعضاء حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر.
* حسان بن ثابت مائة وعشرين سنة لم يتغير له عقل
* وكان سويد بن غفلة يؤم الناس في رمضان وقد أتى عليه مائة وعشرين سنة ثم عاش حتى تم له مائة وثلاثون سنة
* بلغ أبو رجاء العطاردي رحمه الله مائة وسبعة وعشرون عاما وهو من الثقات الأثبات ، وبلغ أبو عمرو سعد بن اياس الشيباني مائة وعشرون سنة وبلع المعرور بن سويد مائة وعشرون عاما وبلغ زرين حبيس 127 عاما ، وبلغ أبو عثمان النهدي 130 وقيل 140 عاما وهؤلاء كلهم أثبات قات محتج بروايتهم في البخاري ومسلم ولم يطعن في أحد منهم بأنه تغير بآخره
- يحفظك في أولادك
* عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله يصلح بصلاح الرجل الصالح ولده وولد ولده وأهل دويرته وأهل دويرات حولهفما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم ... رواه ابن مردويه
* وقال سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى لابنه: لأزيدن في صلاتي من أجلك، رجاء أن أحفظ فيك، ثم تلى هذه الآية: [وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً] [الكهف:82].
* لما حضرت عمر بن عبد العزيز الوفاة وأطفاله ليس عندهم من المال شيء، خليفة أنفق المال في سبيل الله، فجمع أبناءه، قيل: كانوا سبعة أو ثمانية، وبالبنات كانوا أربعة عشر، فدمعت عيناه وقال: يا أبنائي ما خلفت لكم مالاً، خلفت لكم الواحد الأحد: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف:196] ما تركت لكم مالاً، إن كنتم طائعين فسوف يحفظكم الله، وإن كنتم عصاة فما تركت لكم ما تستعينون به على المعصية. ثم مات، فحفظ الله أبناءه بعده، حتى قال العلماء: كان أبناؤه من أغنى الأغنياء في الناس.
- يحفظك في مالك
. قَالَ ^ « إِنَّ امْرَأَةً كَانَتْ فِيهِ فَخَرَجَتْ فِى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَتَرَكَتْ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ عَنْزاً لَهَا وَصِيصِيَتَهَا كَانَتْ تَنْسِجُ بِهَا - قَالَ - فَفَقَدَتْ عَنْزاً مِنْ غَنَمِهَا وَصِيصِيَتَهَا – الصنارة التي يغزل لبها وينسج- فَقَالَتْ يَا رَبِّ إِنَّكَ قَدْ ضَمِنْتَ لِمَنْ خَرَجَ فِى سَبِيلِكَ أَنْ تَحْفَظَ عَلَيْهِ وَإِنِّى قَدْ فَقَدْتُ عَنْزاً مِنْ غَنَمِى وَصِيصِيَتِى وَإِنِّى أَنْشُدُكَ عَنْزِى وَصِيصِيَتِى » . قَالَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ شِدَّةَ مِنْاشَدَتِهَا لِرَبِّهَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « فَأَصْبَحَتْ عَنْزُهَا وَمِثْلُهَا وَصِيصِيَتُهَا وَمِثْلُهَا وَهَاتِيكَ فَائْتِهَا فَاسْأَلْهَا إِنْ شِئْتَ » . قَالَ قُلْتُ بَلْ أُصَدِّقُكَ .
- يحفظك من الوحوش
* صلة بن أشيم يحفظه الله من الأسد
وقال ابن كثير وأبو نعيم بسندين جيدين: كان صلة بن أشيم يغزو في خراسان مع قتيبة بن مسلم، وكان صلة بن أشيم من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر وهو في صلاة وفي عبادة وفي بكاء، فقل لأهل الغناء وأهل البلوت، قل لأهل الطرب والفواحش صلة بن أشيم من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر وهو في دعاء وفي مناجاة.
قلت لليل هل بجوفك سر عامر بالحديث والأسرار
قال لم ألق في حياتي حديثاً كحديث الأحباب في الأسمار
وكان قتيبة بن مسلم يقول: الحمد لله الذي جعل في جيشي مثلك يا صلة وكان إذا قام يصلي الليل يأخذ بردة بألف دينار ويطيبها ويقول: اللهم إنك جميل تحب الجمال ما لبستها إلا لك.
فيلبسها في الليل وإذا أتى النهار خلعها، لا يتجمل للناس، ولو أن التجمل للناس مطلوب، لكن الله هو الجميل الذي يحب الجمال، كما في صحيح مسلم.
فخرج من الجيش بعد أن ناموا، ودخل الغابة وقام يصلي ويتنفل ويبكي، وهو في الجبهة في سبيل الله، قريباً من كابل التي ضيعناها يوم ضيعنا لا إله إلا الله.
بنفسي تلك الأرض ما أحسن الربى وما أحسن المصطاف والمتربعا
قام يصلي فأتى الأسد عليه، وأنتم تعرفون الأسد، حيدرة، الهزبر، الليث، الذي سمته العرب ملك الحيوانات، كان إذا زأر في واد يرتحل العرب من الوادي، لا يصارعه أحد.
فأتى الأسد وهو في الصلاة، فدار عليه قالوا: فما تحول وما تحرك وما اضطرب، فلما سلم من الركعتين قال: يا حيدرة، ياليث، إن كنت أمرت بأكلي فكلني فإنه ليس معي سلاح إلا حماية الله، وإن كنت ما أمرت بقتلي فلن تسلط علي فاذهب واتركني أصلي، فقام الأسد فلوى ذنبه، وخفض صوته، وذهب كأنه جرو الكلب حتى دخل جحره: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف:64].
قال أحد العلماء: لما أطعنا الله سخر لنا الوحوش، ولما عصينا الله سلط علينا الفئران.
* خرج عقبة بن نافع قائداً للمسلمين ليفتح شمال أفريقيا، فلما وصل إلى شمال أفريقيا ودخل غابة أفريقيا الموحشة، وإذا بالأسود في طريقه والحيات والعقارب، فقام فصلى ركعتين، وخرج مترجلاً حتى صعد على صخرة وسط الغابة وقال: أيتها الأسود -ينادي الأسود في الغابة - أيتها السباع! أيتها الحيات! أيتها العقارب! نحن أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام جئنا نفتح الدنيا بلا إله إلا الله محمد رسول الله، ادخلي في بيوتك.قالوا: فدخلت في جحورها وخرج.
- يحفظك من كيد شياطين الإنس والجن
* عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُ بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِى ، وَبِكَ أَرْفَعُهُ ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِى فَارْحَمْهَا ، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ الصَّالِحِينَ » رواه البخاري
* عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ كَانَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا اسْتُودِعَ شَيْئاً حَفِظَهُ » . أحمد واسناده صحيح
* عن أبي الأشيم العبدي ولقيته بالموصل قال: «خرج رجل في جوف الليل إلى ظهر الكوفة فإذا هو بشيء كهيئة العرش وإذا حوله جمع قد أحدقوا به قال: فكمن الرجل ينظر إليهم إذ جاء شيء حتى جلس على ذلك العرش ثم قال والرجل يسمع: كيف لي بعروة بن المغيرة؟ فقام شخص من ذلك الجمع فقال: أنا لك به فقال: علي به الساعة قال: فتوجه نحو المدينة فمكث مليا (1) ثم جاء حتى وقف بين يديه فقال: ليس لي بعروة بن المغيرة سبيل فقال الذي على العرش: ولم؟ قال: لأنه يقول كلاما حين يصبح وحين يمسي فليس لي إليه سبيل قال: فتفرق ذلك الجمع وانصرف الرجل إلى منزله فلما أصبح غدا إلى الكناسة فاشترى جملا ثم مضى حتى أتى المدينة ولقي عروة بن المغيرة، فسأله عن الكلام الذي يقوله حين يصبح وحين يمسي وقص عليه الرجل القصة قال: فإني أقول حين أصبح وحين أمسي: آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت (2) واستمسكت بالعروة الوثقى (3) لا انفصام لها والله سميع عليم، ثلاث مرات» ابن ابي الدنيا في الهواتف
- يحفظك من شر البشر
* ابن أبي ذئب مع المهدي العباسي
دخل المهدي الخليفة العباسي مسجد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وفي المسجد أكثر من خمسمائة من طلبة الحديث، أهل العمائم والمحابر والأقلام فقام الناس جميعاً إلا ابن أبي ذئب وهو أحد العلماء من رواة البخاري ومسلم، فقال الخليفة المهدي العباسي: يا ابن أبي ذئب قام الناس لي جميعاً إلا أنت لم تقم. قال: والله الذي لا إله إلا هو لقد أردت أن أقوم لك، فلما تهيأت للقيام تذكرت قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6] فتركت هذا القيام لذاك اليوم.قال: اجلس والله ما بقيت في رأسي شعرة إلا قامت.
* الإمام الزهري وصوت الحق
ذكر الشوكاني وغيره في فتح القدير: أن الزهري -المحدث الكبير- دخل على الخليفة هشام بن عبد الملك فقال هشام للعلماء -وكانوا جلوساً عنده-: من الذي تولى كبره؟
الذي تولى كبره في سورة النور هو عبد الله بن أبي بن سلول، في حادثة رمي عائشة بالفاحشة طهرها الله وزكاها، فخاف العلماء؛ لأن هشاماً كان ناصبياً يبغض علي ويدعي ويزعم أن الذي تولى كبره هو علياً رضي الله عنه وأرضاه.
قال لـ مسلم بن يسار: من الذي تولى كبره يا مسلم؟ قال: الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي.
قال: كذبت، الذي تولى كبره هو علي بن أبي طالب.
قال: أمير المؤمنين أعلم بما يقول.
ثم قال للآخر: من الذي تولى كبره؟ فأخبره فكذبه.
ثم قال لـ محمد بن مسلم بن شهاب الزهري: من الذي تولى كبره؟ قال: الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي بن سلول.
قال: كذبت.
قال: بل كذبت أنت وأبوك وجدك، والله لو نادى مناد من السماء أن الكذب حلال ما كذبت، ووالله الذي لا إله إلا هو لقد حدثني علقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وحدثني عروة بن الزبير عن عائشة أن الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي بن سلول.
فارتعد الخليفة وقال: هيجناك، سامحنا! {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف:64].
من يتق الله يحمد في عواقبه ... ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
من استعان بغير الله في طلب ... فإن ناصره عجز وخذلان
واشدد يديك بحبل الله معتصما ... فإنه الركن إن خانتك أركان
- يحفظك في دينك
- يحجب عنك المعاصي
* قال تعالى :[ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ][الأنفال : 24]
* قال ابن عباس يحول بين المرء وبين المعصية التي تجره غلى النار
* أتاني جبريل فقال يا محمد ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالغنى ولو أفقرته لكفر وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالفقر ولو أغنيته لكفر وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالسقم ولو أصححته لكفر وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالصحة ولو أسقمته لكفر . [حكم الألباني] (ضعيف)
- يصرف – ينجيك من الفتن
* يوسف عليه السلام
قال تعالى : [كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يوسف : 24]
8. يحفظك أمام أعدائه
* عن عمرو السرايا، قال: كنت أغير في بلاد الروم وحدي، فبينا أنا ذات يوم نائم، إذ ورد علي علج، فحركني برجله، فانتبهت.
فقال لي: يا عربي، اختر، إن شئت مسايفةً، وإن شئت مطاعنةً، وإن شئت مصارعةً.
فقلت: أما المسايفة والمطاعنة، فلا بقيا لهما، ولكن مصارعة، فنل، فلم ينهنهني أن صرعني، وجلس على صدري، وقال: أي قتلة تريد أن أقتلك ؟ فذكرت الدعاء، فرفعت رأسي إلى السماء، فقلت: أشهد أن كل معبود ما دون عرشك، إلى قرار الأرضين، باطل غير وجهك الكريم، فقد ترى ما أنا فيه، ففرج عني، وأغمي علي، فأفقت، فرأيت الرومي قتيلاً إلى جانبي. رواه ابن أبي الدنيا * الفرج بعد الشدة للتنوخي (ص: 43، بترقيم الشاملة آليا)
* خالد بن الوليد وسحقه للروم
في قتاله مع الروم ، كان جيش خالد اثنين وثلاثين ألفاً، وجيش الروم كان عدده مائتين وثمانين ألفاً، وفي الصباح مع طلوع الشمس أقبلت كتائب الروم تتهدر، والسيوف تلمع مع الشمس، تنزل الكتيبة حتى امتلأت الأودية والجبال والسهول، إلى أين يلتجئ خالد؟ التجأ إلى الله الواحد الأحد.
وأتى القادة حول خالد، وصدق خالد مع الله في ذلك اليوم، فقد باع نفسه، حتى يقول عليه الصلاة والسلام: {إنكم تظلمون خالداً، لقد ابتاع أعتده وأدرعه في سبيل الله} فبعث خالد إلى شيخ بـ وادي السماوة، وهو عربي مسلم اسمه عياض بن غنم.ولذلك تقول العرب: أقصر كتاب في التاريخ كتاب خالد إلى عياض بن غنم.
فالأمر أعجل من ذلك؛ لأن خالداً ليس لديه وقت يملي ولا يكتب؛ فأخذ الرسالة وكتب إلى شيخ قبائل العرب: بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد بن الوليد إلى عياض بن غنم، إياك أريد والسلام.
وتمهل خالد لئلا يشتبك في الحرب مع الروم، ووصلت الرسالة إلى عياض بن غنم فبكى يوم قرأها، وقام في قبائل العرب وحشد الحشود، وما أتى في الليلة الثانية إلا وقد اجتمعوا مع خالد بن الوليد، لكن هيهات، قبائل الروم مائتان وثمانون ألفاً كالجبال، جيش عرمرم متدربون وقادة، فلما خرجوا، قال أحد المسلمين لـ خالد: يا خالد ما أكثر الروم وما أقلنا! اليوم نفر إلى جبل سلمى وآجا.
فدمعت عينا خالد، وقال: بل إلى الله الملتجأ.ثم جرد السيوف، ولم تأت ثلاثة أيام إلا وقد أوقعهم في كربة وفي سحق ومحق لا يعلمه إلا الله: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:45].
ولكن من تغافل عن أوامر الله ونواهيه وضيع حدوده ضيعه الله
وأخيرا ضيعوا الله فضيعهم الله
أقصد ضيعوا حدود الله سبحانه
1- عن بعض السلف الجنيد أنه رأي شيخاً يسأل النَّاس فَقَالَ: إن هَذَا ضيع الله فِي صغره فضيعه الله فِي كبره.
2- ابن هانيء الأندلسي
دخل على الخليفة فقال
ما شئت لا ما شاءت الأقدار *** فاحكم فأنت الواحد القهار
وكأنما أنت النبي محمد *** وكأنما أنصارك الأنصار
خرج من القصر فأصيب بمرض، قالوا: كان يعوي كالكلب على فراشه ويقول: أنت الواحد القهار، وأخذ يبكي ويقول:
أبعين مفتقر إليك نظرتني فأهنتني وقذفتني من حالق
لست الملوم أنا الملوم لأنني علقت آمالي بغير الخالق
3- القروي
القروي أحد الشعراء اللبنانيين المنحرفين الفجرة، نزل في دمشق، فاستقبلوه على الأكتاف، وصفقوا له في صالة فقال:
هبوا لي ديناً يجعل العرب أمة *** وسيروا بجثماني على دين برهم
يقول: أعطوني الأمة العربية أمة واحدة ولو كنا على مذهب البرهمي الهندوكي المجرم، ثم يقول:
فيا حبذا كفر يؤلف بيننا *** وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
انظر إلى المجرم الكافر!! فأخذه الله، يقولون: مات في الحمام، وما علم به إلا بعد أيام، وأصبح جيفة كالكلب؛ ليعلمه الواحد الأحد أنه الواحد الأحد.
4- إيليا أبو ماضي
يقول:
جئت لا أعلم من أين! ولكني أتيت!!
ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت!!
وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت!!
كيف جئت كيف أبصرت طريقي لست أدري!!
ولماذا لست أدري؟!! لست أدري!!
فما درى، لا دريت ولا تليت، بل توليت وعصيت، وأذنبت وأخطيت، فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر، فمات في سوء حال.
5- القاهر الخليفة العباسي
وأتى القاهر -خليفة عباسي- فقال: أكتنز للدهر، أحتفظ بالمال لليالي وللأيام السود، فحفر بركاً في الأرض وملأها من الذهب والفضة، لكن ما اعتمد على الله، وقال لأبنائه: يا أبنائي لا تخشوا الفقر، فقد ملأت لكم في هذه الخزانات والبرك ما لو وزع على أهل بغداد لكان كل بغدادي تاجراً.فماذا فُعِل به لما خالف أمر الله؟ خلع من خلافته خلعاً، وسلب سلباً، ثم وسلمت عيناه بالحديد الحار حتى أصبح أعمى، ثم أُخذت أملاكه وصودرت إلى الخليفة من بعده وأُخذت قصوره؛ وأصبح يقف في المسجد في بغداد ويقول: من مال الله يا عباد الله!
6- البرامكة
كان البرامكة وزراء لبني العباس، فأعطاهم الله المال من الذهب والفضة، وطلوا قصورهم بكل شيء من الألوان، حتى قال بعض المؤرخين: كانوا يطلون قصورهم بماء الذهب! لكنهم ضيعوا أوامر الله، فالمعصية في داخل القصور؛ غناء وخمر ومجون وضياع وتضييع للصلاة، وزنا وفحش، فأخذهم علام الغيوب الذي يمهل ولا يهمل: فهؤلاء الوزراء أخذوا في غداة واحدة، سلط الله عليهم أحب الناس إليهم وهو هارون الرشيد، الذي كان صديقهم وأخاهم وهو الخليفة، فغضب عليهم ضحى (قبل الظهر) فأخذ شبابهم، فقتلهم بالسيف قبل الظهر، وأخذ أشياخهم فأودعهم في السجن، وأخذ أبناءهم فجعلهم في المستعمرات تحت الأرض، وأخذ النساء فأوصد عليهن في الغرف.بكاء هنا وبكاء هناك، ودمع هنا ودمع هناك.
قيل لـ يحيى بن خالد البرمكي: ماذا أنزلكم في هذا المنزل في الظلام بعد هذه النعم، بعد الذهب، والحرير، والديباج؟! قال وهو يبكي: دعوة مظلوم سرت في ظلام الليل غفلنا عنها وما غفل الله عنها!
قيل لـ علي أبي الحسن رضي الله عنه وأرضاه: كم بين العرش والتراب؟ قال: دعوة مستجابة.
أُخِذ البرامكة، فبقي الشيخ أبوهم في السجن سبع سنوات، طالت أظافره، وطال شاربه، ما وجد مقراضاً يقلم أظفاره ما وجد مقصاً يأخذ من شاربه، كان يتوضأ ويقضي حاجته في مكانه وفي زنزانته، وهو يبكي بعد النعيم، وبعد السرير والديباج.
باتوا على قمم الأجبال تحرسهم *** غلب الرجال فما أغنتهم القلل
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم *** إلى مقابرهم يا بئسما نزلوا!
{فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف:64].