tamer.page.tl
  رسالة إلى كل مرتشي
 

  رسالة إلى كل مرتشي

في هذا الزمان الذي كثرت فيه الماديات , وطغت فيه الشهوات ، وابتعد كثير من المسلمين عن منهج رب الأرض والسموات ، رأينا مرضا خطيرا وداءا عضالا يتفشى في أوصال الأمة الا وهو داء الرِشوة وكما عودتكم سيكون الحديث مكثفا في هذه العناصر

1- مساكين أهل الحرام

2- تأملات في القرآن

3- أسباب الرشوة

4- وما مضار الرشوة على الفرد والمجتمع

5- الطريق إلى العلاج

أيها الإخوة الأفاضل إن الله عز وجل خلق الإنسان في هذه الحياة للخلافة فجعله خليفة عن الله عز وجل الأرض وأمره بإعمار هذا الكون قال تعالى :[ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ] [هود : 61] وما رأينا وسمعنا عن دين من الأديان يدعو إلى العمل كما دعا الإسلام [وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ] [التوبة : 105] غير أنه من أكثر الأمور أن توجد عصبة في هذا المجتمع المسلم لا هم لهم في الحياة إلا جمع المال من حله أو حرامه ، نعم الإنسان جبل على حب المال قال تعالى [ َوَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً] [الفجر : 20] ولكنه يجب أن يكون جمع المال من حلال وأن ينفق في حلال ، يظن أهل الحرام بأكلهم المال الحرام أنهم سيعيشون حياة هانئة ولكني أبشرهم ببشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيا أهل الحرام مساكين أنتم تدعون الله فلا يستجيب لكم ، تسألونه فلا يجود عليكم ، تتضرعون إليه فلا يقبل منكم عملا ، قال صلى الله عليه وسلم وهو يوضح ويبين أن أكل الحرام مهما دعا وتذلل إلى الله ، في أي حالة كانت فإن الله عز وجل سيرد هاتين اليدين صفرًا ، ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث أنس بن مالك قال   عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّباً وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) وَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) » . ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ وتأمل معي أنه على هيئته هذه كانت ستقبل دعائه ولكن هناك سببا واحد أخذ عليه كل حاله- يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ » . تحفة 13413 - 1015/65 رواه مسلم والترمذي وأحمد والدارمي قال ابن عباس في ذلك لا يقبل الله عز وجل من عبد لقمة في جوفه من حرام حتى عمله فإن أكل الحرام مردود عليه ،  قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلاَ صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ » . وَكُنْتَ عَلَى الْبَصْرَةِ . تحفة 7457 - 224/1 م رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه فالرجل الذي سرق من الغنيمة قبل أن تقسم ثم ذهب وتصرف بهذا المال أو جمع ماله من الرشاوى ومن الحرام ثم جاء في رمضان وتصدق بنصف ماله هل هو مقبول ؟ لا - لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلاَ صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ جاء رجل يوما إلى ابن عباس أنه كان يعمل مع حكام ظلمة فجمع من هذا العمل مالا وأراد أن يتصدق من هذا المال هل يقبله الله منه؟ أيغني عنه ؟ فقال ابن عباس إن الخبيث لا يكفر إلا الخبيث فالطيب لا يطهر الخبيث فلا بد أن يجمع الملال من حلال وينفقه في حلال فإذا جمعته من حرام فأنفقته في حلال رد عليك وإذا جمعته من حلال وأنفقته في حرام رد عليك ، بل غن أكل الحرام لا يشعرأبدًا بلذة الطاعة أو عبادة أبدا وتصديق ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه  النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ « إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِى الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِى الْحَرَامِ كَالرَّاعِى يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلاَ وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ » . تحفة 11624 - 1599/107  رواه مسلم والنسائي وأبوداود وأحمد فما العلاقة بين إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وبين وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً لأن العلاقة بين الحلال والحرام مجرده فإذا أكلت حلالا رزقك الله القلب السليم وإذا أكلت حراما مهما صليت ومهما قرأت القرآن الكريم لا تستشعر أبدا بحلاوة القرآن أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلاَ وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ ، أكل الحرام حتى أولاده يكونون على غير النهج السليم ، فيذكرون في ترجمة إمام الحرمين أبي المعالي الجهيني أنه كان إذا جلس في مجلس الدرس تأخذه في بعض الأوقات إغفاءة أو إغماءه فقالوا له أنت عالم في الكلام فلماذا تصاب في بعض اللحظات في العلم فلا تستطيع أن تتكلم فقال إن أبي وفقه الله لبعض المال فاشترى جارة ونكحها وقال لها إن رزقنا الله بالولد لن نطعمه إلا حلالا ولا تطعميه إلا من كسب يدي قال فرزقه الله بي فبينما وأنا طفل صغير يدخل علي فوجد جارية تطعمني من ثديها فما كان من أبي إلا أن استشاط غضبا وأخذني من يد هذه الجارية وقلبني وأخذ يضربني على ظهري حتى أخرجت كل ما في أمعائي من الطعام وأما هذه الإغماءة فلم تزل  في بطني لحسة من ذاك الطعام ، فكيف بمن يطعمون أولادهم بالحرام ، وإذا كان هذا خطر أكل الحرام ، فما بالنا بهذه الظاهرة التي أصبحت في وطننا ومجتمعنا كله هذه الظاهرة ألا وهي الرشوة فقلما تدخل إلى مؤسسة إجتماعية إلا وتجد مصلحتك قد قضيت بدون أن تدفع رشوة فهيا بنا نتأمل بعض الأيات التي وردت فيها الرشوة صريحة أو تعريضا

أولا ما هي الرشوة ؟ الرشوة كما قال الجرذاني رحمه الله تعالى وذكره التهانمي رحمه الله تعالى وهم من أهل العلم قال هو ما يعطيه الشخص لحاكم أو لغيره من أجل أن يفعل له ما يريد وبفعله هذا يسقط الحق ويحق الباطل واسمع الرشوة مأخوذة من الرشاء وهو الطائر الفرخ الصغير الذي فتح فمه لأمه لكي تدفع له الطعام هذا الطعام الذي تخرجه الأم من حوصلتها هذا الطعام هو قيء ورجيع فالمرتشي يضع نفسه في موضع الذل واللهان وينزل من علياء الأمانة والصبر إلى ذل الخيانة والكذب فهو ضعيف مهين إن لم يكن امام الناس فهو ضعيف ذليل أمام الراشي وقالوا من معاني الرشوة السحت وسمي السحت سحتًا قالوا لأنه جاء من طائر أو كلب يسمى كلب الجوع هذا الكلب لا يشبع من الطعام أبدًا كلما أعطيته يأكل فسمي المرتشي أو من يقوم بالرشوة بالسحت لأنه لا يشبع من المال أبدًا كلما اعطيته أخذ ، لا يمل أبدًا من أخذ الحرام سواء كان هذا الذي اخذ منه سفيها أو ضعيفا ، المشكلة أن ليس عنده مال فهمه جمع المال من أي مكان كان ، وإذا تأملت في القرآن وجدت أن الله عز وجل تكلم عن الرشوة في ثلاث آيات : آية في سورة البقرة وآياتان في سورة المائدة أما الآية الأولى التي جائت في سورة البقرة فهي قول الحق تبارك وتعالى : [وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ][البقرة : 188] وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ هي لفظة عادية تحتمل كل أنواع الحرام من غش ورشوة وغيرها ...........من أن بعض المفسرين قال المقصود به هنا هو مال الرشوة ولكني أريدك أن تتأمل معي بعض التأملات أولا هذه الآية جأئت بعد بعض حديث القرآن عن آيات الصيام [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ][البقرة : 183]ثم في آخر الربع [وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ][البقرة : 188] فما العلاقة بين الصيام واكل أموال الناس بالباطل قال العلماء لأن الصائم يصوم في رمضان بكامل إرادته فهو لا يأكل ولا يشرب ولا يجامع زوجته بكامل إرادته فلما تحدث القرآن عن الصيام واحوال الصائمين وأعذارهم فأنبع القرآن في الحديث ولا تأكلوا أموالكم بالباطل لكي يقول لك يا من صمت عن الحرام يا من صمت عن المباحات بكامل إرادتك أبعد أن ينتهي رمضان بلحظات ستأتي لتأكل الحرام وقد امتنعت عن الحلال ابتغاء مرضات الله ، لذلك هناك لفتة ٌ آخرى إنك بعد أن ينتهي شهر رمضان قبل أن تذهب لصلاة العيد لابد ان تعطي صدقة ، هذه الصدقة هي زكاة الفطر تدفع لآن هذا تعبير عملي لله أنك قد امتنعت عن الحرام فكيف لإنسان يتصدق لله عز وجل ثم يفتح يده ليقبل الحرام كأنك تقول لله يا رب أنا تصدقت من مالي ابتغاء مرضاتك فكيف بي افتح يدي الآخرى لأقبل الحرام ثالثا تأمل الآيات [وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ الخطاب هنا لجماعة المؤمنين فيا أمة المسلمين أنتم أمة واحدة وصوت واحد ثم انظر إلى الخطاب بعدها مباشرة وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ثم تغير الخطاب لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ][البقرة : 188] فكأن الآية تريد أن تقول لنا إن الصيام هو الذي جمع المسلمين وإن الروة وأكل الناس بالباطل هو الذي يفرق الناس ويجعلهم يتفرقون ، واللفتة الأخيرة في الآية  لماذا عبر الله عز وجل بالحكام مع أن الذي يأخذ الرشوة قد يكون موظفا فقيرا أو عاملا عاديا فلماذا قال الحكام لأن الحاكم هو لفظ الميزان ولسانه فإذا فسد لسان الميزان فسد الإتزان وعم الفساد فالرأس هو الحاكم فإذا امتنع الحاكم عن اكل الرشوة امتنعت الرعية وإذا فسد الحاكم فسدت الرعية لذلك قال وتدلوا بها إلى الحكام ، أما الآية الثانية في سورة المائدة تكلم الله عز وجل عن حد السرقة ثم تحدث في الآيات التي بعدها عن آية فيها تسرية لرسول الله يا محمد يا رسولنا يجب ألا تطع الكافرين والمنافقين فافعل ثم تحدث الله بعد ذلك عن بعض صفات أهل الكتاب وخاصة اليهود فقال [وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] [المائدة : 38] ثم قال [يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ ] ثم قال [سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ] [المائدة : 42] فتحدث هنا عن صفة مهمة من صفات اليهود أنهم يأكلون أموال الناس بالباطل أكلون للسحت ويأخذ من هذه الآيات أولا أن المرتشي سارق ثانيا إن المرتشي فيه صفة من صفات الكافرين والمنافقين كما أن المرتشي بطبيعته كذاب ويستمع إلى الكذابين وأن المرتشي لا يستمع إلى كلام الله إلا إذا وافقت مزاجه وهواه ، وأن المرتشى يُخشى عليه أن يموت على الكفر وليس هذا وفقط بل إن له من الله يوم القيامة عذاب عظيم ،أما الآية الثالثة فهي موازنة بين أهل الإيمان ونقيض ذلك من أهل الكتاب فيقول الله عز وجل [ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ][المائدة : 59] ثم ذكرت بعد ذلك عشر صفات لليهود ثم ذكرت في النهاية [وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (62) لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ][المائدة : 62-63] الربانيون هم ولاة الأمور العاملون بكتاب الله والأحبار هم العلماء المعلمين للناس فمن الواجب على الولاة أن يضربوا على يدي المرتشون بأيدٍ من حديد وواجب العلماء أن يوعوا الناس ويبينوا لهم أمر دينهم

أسباب الرشوة : 
 السؤال لماذا تفشت الرشوة في مجتمعاتنا إلى هذا الحد الخطير؟ فما دخلت مؤسسة إلا ووجدت فيها عشرات المرتشين فد نظموا حياتهم على أكل الرشوة فما السبب؟ أول سبب هو ذهاب الوازع الذيني عند الناس لذلك ربط الله عز وجل بين أكل أموال الناس بالباطل والصيام فالوازع الديني أي الضمير هو الذي يجعلك لا تأكل الحرام ، رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ اسْتَعْمَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأَسْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ - قَالَ عَمْرٌو وَابْنُ أَبِى عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ - فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِى أُهْدِىَ لِى قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ « مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِىَ لِى . أَفَلاَ قَعَدَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِى بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لاَ. تحفة 11895 - 1832/26  » . أطرافه 925 ، 1500 ، 6636 ، 6979 ، 7174 ، 7197 - تحفة 11895  رواه البخاري ومسلم وأبي داود وأحمد ومر يوما عمر بن عبد العزيز مع بعض أصحابه برجل فأعطى له تفاحا وكان عمر قد اشتهى التفاح وكان عاملا على المدينة فلما شم التفاحة ردها فقالوا له لماذا رددت الهدية؟ إن رسول الله كان يقبل الهدية وكان بعده أبو بكر وعمر يقبلان الهدية فلماذا رددتها فقال : إن الهدية لرسول الله هدية والهدية للعمال رشوة

ثانيا وجود الظلم في المجتمع في المادة 103 إلى المادة 110 وهي تتحدث عن عقوبات المرتشي بل إن المادة 104 من القانون تقول إن المرتشي إذا ثبت عليه تصل العقوبة إلى السجن مدى الحياة أي بالأشغال الشاقة المؤبدة فذه القوانين لا تطبق وإذا طبقت طبقت على من ؟ على صغار الموظفين الذين ليس بهم بطون تحميهم أما الكبار أصحاب الملايين إن ثبتت لا تفعل قضاياهم أليس هذا هذا داعيا إلى الظلم يجعل الناس يشتكون وللأسف في بلاد الغرب نظروا إلى جريمة الرشوة على أنها ظاهرة اجتماعية قامت كل الوسائل و المؤسسات للقضاء على الرشوة ، أما نحن في مجتمعاتنا العربية ننظر لها على أنها حالة فردية وهذا ما يطلق عليه إذا كان من علية القوم عم الأمر فلا يذكر فليس عندهم مسئول كبير أو صغير فليس عندهم كما يقولون ليس هناك أفضل مما كان حتى أصبح في مجتمعاتنا ظاهرة تسمى ثقافة الفساد  أي دخلت وجدت الناس يرتشون لابد أن تكيف نفسك مع الوضع الحالي فترتشي مثلهم  وهذا ما لا يرضاه عقل ولا منطق ثالثا عدم وجود مراقبة فعلية وخاصة في المؤسسات المهمة كان عمر بن الخطاب يرسل الوالي ثم يرسل خلفه من يتابعونه ويعرفون إن كان أقام شروط عمر أو تخلف عنها فبعث يوما أبو هريرة واليا على اليمن فلما عاد أبو هريرة عاد ومعه 10 آلاف درهم فقال له عمر يا أبا هريرة من اين جمعت هذا المال أحجبت حقوق المسلمين فقال أبو هريرة خيل نفذت أي كان عندي خيل أنجبت وأعطيات كثرت وخراج رقيق كثره الله فقال له عمر بعد أن تتبع الأمر وبعث جهاز الإستخبارات الخاص به ليتأكد من الخبر فلما علم صدقه كلامه : أريد أن أوليك معي مرة آخرى فقال له أبو هريرة  لا فقال له عمر :إن يوسف قد قبل القضاء فقال أبو هريرة إن يوسف هو نبي الله أما أنا فأنا أبو هريرة ابن أميمة ووالله ما أخشى إلا من ثلاث أن أقول بغير علم وأن أقضي بغير حق وأن يذهب مالي ويشتم عرضي ويجلد ظهري الشاهد أن عمر رضي الله عنه أقام مراقبة للموظفين عنده في الدولة فأين الرقابة على الموظفين لا تسمع بذلك إلا بعد أن يجمع المال ويخرج على المعاش كذلك من أسباب الرشوة وجود الفقر والحاجة أنا لست مع المرتشين حين يرتشون ولكن من باب الواقعية في الطرح وإحقاق الحق إنه ما يتقاضه الموظفين من راتبات لا تساعدهم  في الحياة فتجد أن موظفا يتقاضى 500 جنيه وهذا الموظف يذهب ليشتري كيلو اللحم الذي وصل إلى 60 او 70 جنيه ماذا يصنع مع ما يحيط به من ضغوط من كل جانب ، فاعطي هذها الموظف ما يعيش به حياة كريمة ثم إذا فسد غلظت عليه العقوبة وشددت عليه النكال أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُودِ خَيْبَرَ ويخرص معناها يقدر ما على النخل من الرطب تمر - قَالَ - فَجَمَعُوا لَهُ حَلْياً مِنْ حَلْىِ نِسَائِهِمْ فَقَالُوا لَهُ هَذَا لَكَ وَخَفِّفْ عَنَّا وَتَجَاوَزْ فِى الْقَسْمِ أي في الجزية. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَمِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَىَّ وَمَا ذَاكَ بِحَامِلِى عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ فَأَمَّا مَا عَرَضْتُمْ مِنَ الرُّشْوَةِ فَإِنَّهَا سُحْتٌ وَإِنَّا لاَ نَأْكُلُهَا . فَقَالُوا أي اليهود بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ . رواه مالك

مضار الرشوة وخطرها على الفرد والمجتمع :

 إن الرشوة أكل حرام غير إنها درجات كما أن الأمراض أنواع ودرجات فالمرض الذي يصيب القلب يسبب الموت غالبا أما إذا كانت الإصابة في اليد أو في الرجل فإنها تكون بسيطة سهلة كذلك الرشوة إذا أصابت قلب المجتمع وقيادات الأمة فإن هذا هو نذير دمار على الفرد وعلى المجتمع على حد سواء ، فإذا فسد القادة رأينا أحكام الله تعطل ، إذا فسد القادة رأينا نصوص الشرع الشريف تلوى من أجل فلان أو علان ، إذا فسد القادة رأينا عدم ثقة بين الشعب والقادة ومن ثم يعم اليأس الإحباط في المجتمع ، إن من أعظم مفاسد الرشوة تدمير الكفاءات وتوكيل الأمر إلى غير أهله لا أنسى أبدا أن صحفية يوما مرت على أحد ألأرصفة فوجدت شابا يبيع الأشرطة والإسطوات الإسلامية فقالت له في نهاية الأمر وقد نشر هذا في بعض الجرائد ما هي مؤهلاتك التي حصلت عليها فقال حصلت على كلية الحقوق بتقدير امتياز فقالت فأين انت من وكالة النيابة أو من المحامة فلم أنت تعمل في بيع الشرائط فقال لأن من كانوا بعدي في التقدير أبناء دكاتره فكان من الواجب أن يكون أمثالي على الرصيف وأمثال هؤلاء هم معيدين في الجامعة فإذا عمت الرشوة وجدنا طبيبا لا يعلم عن الطب شيئا ووجدنا مدرسا  لا يفقه شيئا عن التدريس وجدنا إماما يصعد المنبر ولا يحفظ آية من القرآن وفي هذا قال رسول الله في الحديث الذي رواه أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِى مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ ، فَكَرِهَ مَا قَالَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ « أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ » . قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » . قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ « إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » . طرفه 6496 - تحفة 14233 - 23/1  رواه البخاري وأحمد فإذا وكل الأمر إلى غير أهله وجدنا أناسا لا يفقهون شيئا في أعمالهم ثانيا ضياع الموارد المالية للبلاد هذا الرجل الذي قدم مشروعا لا يفيد رالبلد في شيء ثم تفتح له الطرقات وفي النهاية ماذا يستفاد الشعب من هذا المشروع لاشيء أليست هذه الأموال المهدرة حق لهذا الشعب كم من الأموال ضاعت في أمور لا قيمة لها بل الأخطر أن الرشوة تؤدي إلى ضياع العمر كيف ذلك ؟ قرأت منذ فترة ليست ببعيدة عن تجارة الدم الفاسد سيقدم لمن سيقدم للمرضى المساكين ويصابون بالسرطانات من أجل إرضاء بعض الناس والأكثر من هذا ضياع الأخلاق عن المجتمع في سنة 1948 م تم شراء أسلحة فاسدة وذهبت الجيوش العربية لقتال اليهود في فلسطين يمسك الجندي السلاح فبدل ان يصيب اليهودي يصيبه هو فكيف حدث هذا من الرشوة بل الأغرب واسمع هذا جيدا سمعت أنه ومنذ اسبوع أو أسبوعين أناس يبيعون أراضي من سيناء بالكليلومترات بماذا بالرشوة ، الذين يعطون اليهود اسرار بلادنا مقابل مالا ما الذي دفعهم إلى هذا أنه الرشوة . نحن من الدول المشهورة في صناعة السكر أين يذهب هذا السكر الذي يباع في مصر بـ 4 جنيهات أنه الرشوة ، الذين يشربون المخدرات والخمور كيف وصلت إلى شبابنا إنها الرشوة وفي النهاية سيصاب المجتمع بالدمار الشامل كما أصاب بني اسرائيل لقد قضت الرشوة على أمال الكثيرين إذا كنت في مؤسسة لماذا تتعب فغيرك سيدفع وسيحصل على أعلى منك ، وأنت مسكين لا تستطيع أن تدفع ولكن حتى لا يصيبنا اليأس والأحباط هل هناك علاج لهذا المرض الخطير ألا وهو الرشوة

علاج الرشوة :

أولا لابد ان تكون هناك توعية دينية في المجتمع ،كفانا كلاما في الأمور التافة والأمور المذهبية الخلافية دعونا نتكلم في أمور نصلح بها أمر مجتمعنا فلا بد ان أن يتكلم الدعاة وتتكلم الفضائيات ولا يكفون عن الكلام أن المرتشي ملعون أي مطرود من رحمة الله لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي  الراوي: ابن حديدة الجهني المحدث: البخاري - المصدر: العلل الكبير - الصفحة أو الرقم: 200 خلاصة حكم المحدث: مرسل  وفي حديث آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي والرائش

الراوي: ثوبان مولى رسول الله المحدث: البزار - المصدر: البحر الزخار - الصفحة أو الرقم: 10/96 خلاصة حكم المحدث: [فيه] أبو الخطاب ليس بالمعروف، وإنما يكتب حديثه إذا لم يحفظ ما يروى إلا عنه

وفي حديث آخر لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم

الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن عدي - المصدر: الكامل في الضعفاء - الصفحة أو الرقم: 6/79 خلاصة حكم المحدث: لا بأس به

أن الله سيلقاه وهو عليه غضبان  عن عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الْحَضْرَمِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِى عَلَى أَرْضٍ لِى كَانَتْ لأَبِى . فَقَالَ الْكِنْدِىُّ هِىَ أَرْضِى فِى يَدِى أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْحَضْرَمِىِّ « أَلَكَ بَيِّنَةٌ » . قَالَ لاَ . قَالَ « فَلَكَ يَمِينُهُ » . قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لاَ يُبَالِى عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَىْءٍ . فَقَالَ « لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلاَّ ذَلِكَ » فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَدْبَرَ « أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْماً لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ » . تحفة 11768 - 139/223  رواه مسلم  عرفوا الناس بهذه الأمور ثانيا لابد ان يكون هناك رقابة فعلية على الموظفين فإنة من لا يردعه صوت الشرع الشريف يردعه صوت الحق فلا يرده عن باطله إلا صوت السلطان ثالثا التعزيرات الشرعية  إن الله عز وجل لم يحدد عقوبة للمرتشي غير أنه ترك للمشرع أن يضع فيه حسب ماتقتضيه المصلحة فإذا اقتضت المصلحة أن يصادر مال صادر ماله وإذا اقتضت المصلحة أن يسجن هذا سجن وهكذا

ولكن كيف أعرف أن هذا المال رشوة أم هدية ؟

قال ابن القيم رحمة الله : إن الهدية والرشوة يجتمعان في الوصف إلا أنه وقف بينهما القصد والنية فإن الهدية تعطيها لأظهار المحبة أما الرشوة فإظهار باطل وإخفاء حق والله عز وجل أعلم بالمقاصد والنوايا .

ولكن السؤال هل يجوز أن أدفع رشوة إلى الموظف إذا كان سيعطيك حقك الذي لن تأخذه إلا إذا دفعت الرشوة ؟ قال كثير من السلف إنه إذا أعطيت الرشوة لإحقاق حق أو دفع باطل أو دفع ظلم فإنها يجوز بشرط ان أن يصل بهذا إلى حقه الذي لن يصل إلا من خلال الرشوة وهذا ثبت عن كثير من السلف على رأسهم عبد الله بن مسعود فإنه لم حبس في بلاد الحبشة لأمر ما أعطى دينارين وخلى سبيله وقد قال كذلك كثير من التابعين إذا كانت الرشوة لإحقاق حق أو دفع باطل وبهذا لا يكون الإثم على المعطي إنما يكون الإثم على الأخذ

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

 

 

 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free