tamer.page.tl
  دروس وعبر من هجرة سيد البشر
 

دروس وعبر من هجرة خير البشر

1- الهجرة بين الأخذ بالأسباب والتأييد الإلهي

إن المتامل في سيرة النبي ^  عامة ، وفي هجرته خاصة ، يدرك أن التخطيط المسدد بالوحي كان قائما ، بل إنه جزء من السنة النبوية ، وغن الذين يميلون إلى العفوية ، بحجة أن التخطيط ليس من السنة أمثال هؤلاء مخطئون ، ويجنون على أنفسهم وعلى المسلمين .

بعدما حان وقت الهجرة للنبي ^ انظر ماذا صنع

1-  طلب قبلها من أبي بكر ان يجهز راحلتين للسفر

2-  ذهب إلى بيت أبي بكر في وقت شديد الحر. في الوقت الذي لا يخرج فيه أحد بل من عادته أنه لم يكن يأتي فيه ، كل هذا حتى لا يراه أحد

3-  ذهب غلى بيت الصديق ملثما

4-  أمر ابا بكر أن يخرج من عنده

5-  خرجا ليلا من باب خلفى في بيت أبي بكر

6-  الإستعانة بخبير يعرف مسالك البادية ، ومسارب الصحراء ، ولو كان مشركا ما دام على خلق وأمانة

7-  أسماء بنت الب بكر تحمل لاتموين من مكة إلى الغار

8-  عبد الله بن أبي بكر صاحب المخابرات الصادق ، وكاشف تحركات العدو

9-  عامر بن فهيرة يقوم بدور الإمداد والتموين ومسح أقدام عبد الله

تأمل ما فعله النبي في الهجرة وما يفعله كثير من المسلمين الآن من الإعتماد على الدجل والشعوذة ، وتفسير الإحلام ، تجد الفضائيات عجائب ، كل من رأى رؤيا أو حلما يريد تعبيره وبشيء حياته على هذا التعبير ، كأنه ما بقيت إلا الأحلام

انظر الآن إلى كثير من المسلمين ممن هم غارقون في أوحال امعاصي ، ومن هم بعيدون عن الله وعن هدي رسول الله ، وتسال الواحد منهم لماذا لا تصلى ، ويجيبك أنه من أتباع النبي ^ وأن النبي سيشفع له يوم القيامة ، كأن الله يلغي قوانين الجزاء من أجل هؤلاء ، أوما قرأ هؤلاء قوله تعالى :[ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)] الزلزلة : 7-8] ، وقال تعالى :[ وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ][البقرة : 48]

فإذا كان الناس من يقترف الموبقات فليذكر قول الله [مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ (50)][المدثر : 42-50] 

والأنبياء مهما بلغوا من مكانة ، فلت يتجاوز  واحد منهم ، ولن يستطيعوا أن يفرضوا على الله رأيا أو حكما

قال الله :[ وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ][سبأ : 23] ، قال الله :[يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا] [النَّبأ:38]

  • والشاهد أن بعض المسلمين تركوا قانون السببية في أمور الآخرة بحجة الشفاعة ، وهذا من تمام الجهل بكتاب الله وسنته فيه
  • الأمة تحتاج بقانون السببية في مجالات الحياة الدنيا ، انظر إلى حال المسلمين ، وغيرهم ينتج ويبدع ، وهم يأكلون ويشربون ، وبشهواتهم يهيمون ، ولما ينتجه الأخرون سيتوردون
  • إن الأمة لن تقوم لها قائمة بالخطب الرنانة والمواعظ المؤثرة ، ولا بقراءة القرآن ليل نهار ن وهذا مطلوب ولكن المة حتى تخرج من جحر الضب لابد من تعب وجهد وتقدم علمي وتكنولوجي على كافة المستويات هذا غذا أردنا لدينتنا ولأمتنا أن تقود القافلة
  • إن لله قوانين ربانية ، وسنن كونية لا تحابي أحدا بحال مهما ادعى لنفسه من مقومات المحاباة
  • وليس معنى ذلك أننا سنترك ديننا بل سنأخذ بالأسباب وقلوبنا متعلقة بمسبب الأسباب ، سنبذل وسعنا ونستقرع طاقتنا ونحن نفعل كل هذا إرضاء لله تعالى
  • تأمل حال النبي ^ في الهجرة حينما وصل المشركون إلى الغار ، فقال الصديق للنبي  ^  يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرأنا  فقال النبي ^ يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما لا تحزن إن الله معنا
  • قال تعالى :[إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] [التوبة:40]
  • وقبلها خروجه من داره [وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ] [الأنفال:30] 
    وعندما ذهب سراقة للمجيء بالنبي وصاحبه
     
    ..................حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ لاَ يَلْتَفِتُ ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الاِلْتِفَاتَ سَاخَتْ يَدَا فَرَسِى فِى الأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا ، ..................... رواه البخاري
  • فأبوبكر يلتفت والنبي مستغرق في تلاوته غير عابيء بهذا الفارس الذي جاء للقضاء عليه وعلى صاحبه ، لأنه استنفد السبا وهو على يقين تام من نصر الله وحفظه [وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا] [الإسراء:80]
  • وما احوج الأمة الأن أن نفقه هذا الدرس  وتستيقظ من وقادها وكفافا إستيراد اللعفن الفكري الذي يصدره لنا الغرب ، ولنسر في ركب التقدم ولـنأخذ بأسباب التقدم كما أخذ الغرب

2- الهجرة والأمل : الثقة في نصر الله

النبي يخرج  من مكة أحب البلاد إلى قلبه مطاردا ، قد يقتل أو ينال مكروه في أي لحظة ، ومع ذلك كان يملأ قلبه وكيانة الثقة في الله وفي نصره

قال ابن عبد البر عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسراقة بن مالك: «كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟» قال: فلما أُتى عمر بسواري كسرى ومنطقته وتاجه، دعا سراقة بن مالك فألبسه إياها، وكان سراقة رجلاً أزب (4) كثير شعر الساعدين، وقال له: ارفع يديك فقال: الله أكبر، الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز الذي كان يقول: أنا رب الناس، وألبسهما سراقة بن مالك بن جعشم أعرابياًّ من بني مدلج، ورفع بها عمر صوته (5)، ثم أركب سراقة، وطيف به المدينة، والناس حوله، وهو يرفع عقيرته مردداً قول الفاروق: الله أكبر، الحمد الله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابياًّ من بني مدلج (6).  السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث (ص: 276)

* فالنبي في أحلك اللحظات واثق في موعود الله ونصره ، وواثق في أن كل محنة بداخلها منحة

* وهذا درس تحتاج الأمة الأن ونحن في مرحلة الغاثية أن نجدد الأمل في نفوس المسلمين ، فالأمة قد مرتر بهجمات شرية ، وضبات قاصمة ، وجاءت الحملات الصليبية ودخلوا المسجد القصى بخيولهم وقتلوا سبعين ألفا من المسلمين ، وظل المسجد الألقصى في أيديهم قرابة  تسعين عاما ورده الله على ايدي صلاح الدين في معركة حطين

لقد هجم التتار على بغداد فظلوا يذبحون ويقتلون في المسلمين أربعين يوما ، حتى جرت الدماء في شوارع بغداد ، ومع كل هذا رد الله المسلمين لدينة وهزم الله والتلتار  شر هزيمة

·    لقد هجم القرامطة على المسلمين في بيت الله ، وذبحوا الطائفين حول بيت الله ، واقتلع أبو طاهر القرمطي الخبيث الحجر الأسود من الكعبة وظل ينادي في صحن الكعبة وهو يقول أين الطير الأبابيل أين الحجارة من سجيل ، وظل الحجر بعيدا عن بيت الله ما يزيد على عشرين سنة ، ومع كل هذا  رد الله والحجر وانتصر المسلمون على القرامطة

·    الرسول في أحلك اللحظات يقول لخباب والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون

·    عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ وَذُلاًّ يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ » . وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِىُّ يَقُولُ قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِى أَهْلِ بَيْتِى لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِراً الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ رواه أحمد وأبو داود والحاكم على شرط الشيخين وأقره الذهبي

·    قال تعالى :[ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ][التوبة : 32]  

·    قال تعالى :[ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ][الأنفال : 36]

·    قال تعالى :[ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ][آل عمران : 139] 

·    عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ » . وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ قُتَيْبَةَ « وَهُمْ كَذَلِكَ » . رواه مسلم

3- الهجرة ومحبة النبي ^

* إن محبة الرسول ^ ليست مجرد الإتباع له ، بل المحبة القلبية هي أساس الإتباع ، فلولا المحبة العاطفية لما وجد وازع يحمل على الإتباع في العمل ، ولذا جعل الرسول مقياس افيمان به ابتلاء القلب بمحبته ، بحيث تغدو متغلبة على محبة الوالد والوالد والناس أجمعين
عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «
لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » رواه البخاري

* هذا الحب هو الذي أبكى أبا بكر فرحا بصحبة النبي ^

* هذا الحب هو الذي أرخص عند ابي بكر كل ما له ، ليؤثر به الحبيب ^ على أهله ونفسه

* هذا الحب الذي جعل أبا بكر يمشي مرة أمام النبي ^ ومرة خلفه فيسأله النبي ^  عن ذلك فيقول اذكر الرصد فامشى أمامك واذكر الطلب فامشي خلفك

إن الحب هو الذي جعل عليا ينام في فراش النبي ^  يفديه بحياته

·    هذا الحب الذي جعل الأنصار
*
فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلاً فَتَنَازَعُوا أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « أَنْزِلُ عَلَى بَنِى النَّجَّارِ أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ » . فَصَعِدَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَوْقَ الْبُيُوتِ وَتَفَرَّقَ الْغِلْمَانُ وَالْخَدَمُ فِى الطُّرُقِ يُنَادُونَ يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . رواه مسلم

·    فَقِيلَ فِي المَدِينَةِ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صحيح البخاري (5/ 62)

·    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ أَبِي أَيُّوبَ، حَتَّى بُنِيَ لَهُ مَسْجِدُهُ وَمَسَاكِنُهُ [2] ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَسَاكِنِهِ مِنْ بَيْتِ أَبِي أَيُّوبَ [3] ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ.

·    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اليَزَنيِّ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، نَزَلَ فِي السُّفْلِ، وَأَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ فِي الْعُلْوِ، فَقُلْتُ لَهُ:يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إنِّي لَأَكْرَهُ وَأُعْظِمُ أَنْ أَكُونَ فَوْقَكَ، وَتَكُونَ تَحْتِي، فَاظْهَرْ أَنْتَ فَكُنْ فِي الْعُلْوِ، وَنَنْزِلَ نَحْنُ فَنَكُونَ فِي السُّفْلِ، فَقَالَ: يَا أَبَا أَيُّوبَ، إنَّ أَرْفَقَ بِنَا وَبِمَنْ يَغْشَانَا، أَنْ نَكُونَ فِي سُفْلِ الْبَيْتِ. قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُفْلِهِ، وَكُنَّا فَوْقَهُ فِي الْمَسْكَنِ، فَلَقَدْ انْكَسَرَ حُبٌّ [1] لَنَا فِيهِ مَاءٌ فَقُمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ بِقَطِيفَةٍ لَنَا، مَا لَنَا لِحَافٌ غَيْرَهَا، نُنَشِّفُ بِهَا الْمَاءَ، تَخَوُّفًا أَنْ يَقْطُرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ شَيْءٌ فَيُؤْذِيَهُ.سيرة ابن هشام ت السقا (1/ 499)

4- الهجرة لا تنقطع        هجرة هذا  الزمان

إن الهجررة هي أن ينتقل الإنسان من دار الكفر إلى دار الإسلام

  • عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ » . رواه البخاري ومسلم
  • وللهجرة أقسام  ثلاثة

1-   هجرة المكان : وهي بأن ينتقل من مكان تكثر في المعاصي والفسوق إلى مكان آخر لا يوجد فيه ذلك وأعظم هذه الهجرة هي الهجرة من بلد الكفر ، وتجب هذه الهجرة إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يظهر دينه ، أما إذا كان يستطيع فإنها تستحب ولا تجب ، بالقياس الولوي لا يجوز له أن يسافر إلى بلاد الكفر لما في ذلك من الحظر على دينه وأخلاقه وإضاعة ماله وتقوية اقتصاد الكفار
وعليه لا يجوز السفر إلا بشروط ثلاثة

a.     أن يكون عنده علم يدفع هذه الشبهات

b.    أن يكون عنده دين قوي يحميه من الشهوات

c.     أن يكون محتاجا للسفر كأن يكون مريضا أو محتاجا إلى علم لا يوجد في بلاد الإسلام تخصص فيه ، أو محتاجا غلى تجارة يذهب ويتجر ثم يرجع

وَقَالَ رسول ^ « أَنَا بَرِىءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ قَالَ « لاَ تَرَاءَى نَارَاهُمَا » . قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ هُشَيْمٌ وَمُعْتَمِرٌ وَخَالِدٌ الْوَاسِطِىُّ وَجَمَاعَةٌ لَمْ يَذْكُرُوا جَرِيراً . رواه أبو داود وصححه الألباني

2-   هجرة العامل  مثل الذي يجاهر بالمعصية الذي لا يبالي بها بشرط أن يكون الهجرة مفيدا ، أما إذا كان الهجر سيزيد بعا فإنه لا يحل هجره
 * عَنْ أَبِى أَيُّوبَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ ، يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا ، وَيَصُدُّ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ » . وَذَكَرَ سُفْيَانُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ . رواه البخاري
قصة الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك
* عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ - قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ قَالَ كَعْبٌ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلاَّ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ ، غَيْرَ أَنِّى كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِى غَزْوَةِ بَدْرٍ ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَداً تَخَلَّفَ ، عَنْهَا إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِى النَّاسِ مِنْهَا ، كَانَ مِنْ خَبَرِى أَنِّى لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِى تِلْكَ الْغَزْوَةِ ، وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِى قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِى تِلْكَ الْغَزْوَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا ، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ ، غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى حَرٍّ شَدِيدٍ ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَراً بَعِيداً وَمَفَازاً وَعَدُوًّا كَثِيراً ، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِى يُرِيدُ ، وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرٌ ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ - يُرِيدُ الدِّيوَانَ - قَالَ كَعْبٌ فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلاَّ ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْىُ اللَّهِ ، وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلاَلُ ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَىْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئاً ، فَأَقُولُ فِى نَفْسِى أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ . فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِى حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِى شَيْئاً ، فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لأَتَجَهَّزَ ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئاً ، ثُمَّ غَدَوْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئاً ، فَلَمَ يَزَلْ بِى حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ ، وَلَيْتَنِى فَعَلْتُ ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِى ذَلِكَ ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِى النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَطُفْتُ فِيهِمْ ، أَحْزَنَنِى أَنِّى لاَ أَرَى إِلاَّ رَجُلاً مَغْمُوصاً عَلَيْهِ النِّفَاقُ أَوْ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ ، وَلَمْ يَذْكُرْنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ ، فَقَالَ وَهْوَ جَالِسٌ فِى الْقَوْمِ بِتَبُوكَ « مَا فَعَلَ كَعْبٌ » . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَنَظَرُهُ فِى عِطْفِهِ . فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِئْسَ مَا قُلْتَ ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْراً . فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فَلَمَّا بَلَغَنِى أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلاً حَضَرَنِى هَمِّى ، وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَداً وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِى رَأْىٍ مِنْ أَهْلِى ، فَلَمَّا قِيلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَظَلَّ قَادِماً زَاحَ عَنِّى الْبَاطِلُ ، وَعَرَفْتُ أَنِّى لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَداً بِشَىْءٍ فِيهِ كَذِبٌ ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَادِماً ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ ، وَيَحْلِفُونَ لَهُ ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلاَنِيَتَهُمْ ، وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ ، فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ، ثُمَّ قَالَ « تَعَالَ » . فَجِئْتُ أَمْشِى حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ لِى « مَا خَلَّفَكَ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ » . فَقُلْتُ بَلَى ، إِنِّى وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ، لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً ، وَلَكِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّى لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَىَّ ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَىَّ فِيهِ إِنِّى لأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ ، لاَ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِى مِنْ عُذْرٍ ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِيكَ » . فَقُمْتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِى ، فَقَالُوا لِى وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْباً قَبْلَ هَذَا ، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُتَخَلِّفُونَ ، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَكَ ، فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِى حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبُ نَفْسِى ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ هَلْ لَقِىَ هَذَا مَعِى أَحَدٌ قَالُوا نَعَمْ ، رَجُلاَنِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ . فَقُلْتُ مَنْ هُمَا قَالُوا مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِىُّ وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِىُّ . فَذَكَرُوا لِى رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْراً فِيهِمَا إِسْوَةٌ ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِى ، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِى نَفْسِى الأَرْضُ ، فَمَا هِىَ الَّتِى أَعْرِفُ ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً ، فَأَمَّا صَاحِبَاىَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِى بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِى الأَسْوَاقِ ، وَلاَ يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ ، وَآتِى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهْوَ فِى مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ ، فَأَقُولُ فِى نَفْسِى هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ عَلَىَّ أَمْ لاَ ثُمَّ أُصَلِّى قَرِيباً مِنْهُ فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِى أَقْبَلَ إِلَىَّ ، وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّى ، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَىَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِى قَتَادَةَ وَهْوَ ابْنُ عَمِّى وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَىَّ السَّلاَمَ ، فَقُلْتُ يَا أَبَا قَتَادَةَ ، أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُنِى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَسَكَتَ ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ . فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . فَفَاضَتْ عَيْنَاىَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ ، قَالَ فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى بِسُوقِ الْمَدِينَةِ إِذَا نَبَطِىٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ ، حَتَّى إِذَا جَاءَنِى دَفَعَ إِلَىَّ كِتَاباً مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ ، فَإِذَا فِيهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِى أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ . فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا وَهَذَا أَيْضاً مِنَ الْبَلاَءِ . فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهَا ، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الْخَمْسِينَ إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينِى فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ فَقُلْتُ أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ قَالَ لاَ بَلِ اعْتَزِلْهَا وَلاَ تَقْرَبْهَا . وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَىَّ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِى الْحَقِى بِأَهْلِكِ فَتَكُونِى عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِى هَذَا الأَمْرِ . قَالَ كَعْبٌ فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ قَالَ « لاَ وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبْكِ » . قَالَتْ إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَىْءٍ ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِى مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا . فَقَالَ لِى بَعْضُ أَهْلِى لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لاِمْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا يُدْرِينِى مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلاَمِنَا ، فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً ، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِى ذَكَرَ اللَّهُ ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَىَّ نَفْسِى ، وَضَاقَتْ عَلَىَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ ، أَبْشِرْ . قَالَ فَخَرَرْتُ سَاجِداً ، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ ، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الْفَجْرِ ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا ، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَىَّ مُبَشِّرُونَ ، وَرَكَضَ إِلَىَّ رَجُلٌ فَرَساً ، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ وَكَان الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ ، فَلَمَّا جَاءَنِى الَّذِى سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِى نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَىَّ ، فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ ، وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا ، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَتَلَقَّانِى النَّاسُ فَوْجاً فَوْجاً يُهَنُّونِى بِالتَّوْبَةِ ، يَقُولُونَ لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ . قَالَ كَعْبٌ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ فَقَامَ إِلَىَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِى وَهَنَّانِى ، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَىَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ ، قَالَ كَعْبٌ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ « أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ » . قَالَ قُلْتُ أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ « لاَ ، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ » . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ » . قُلْتُ فَإِنِّى أُمْسِكُ سَهْمِى الَّذِى بِخَيْبَرَ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِى بِالصِّدْقِ ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقاً مَا بَقِيتُ ، فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللَّهُ فِى صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِى ، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِى هَذَا كَذِباً ، وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِى اللَّهُ فِيمَا بَقِيتُ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِىِّ وَالْمُهَاجِرِينَ ) إِلَى قَوْلِهِ ( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِى لِلإِسْلاَمِ أَعْظَمَ فِى نَفْسِى مِنْ صِدْقِى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ ، فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْىَ شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ( سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ ) إِلَى قَوْلِهِ ( فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) . قَالَ كَعْبٌ وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَلَفُوا لَهُ ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ ( وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ) وَلَيْسَ الَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَنِ الْغَزْوِ إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ ، فَقَبِلَ مِنْهُ

هجرة العمل وهي أن يهجر الإنيان ما نهاه الله عنه من المعاصي
*  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
« الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ »
رواه البخاري 
* أما أهجر قطيعة الرحم إيذاء الجيران أكل الحرام
السب والشتم -............. 
* عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «
لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا » . رواه
أحمد ، وأبو داود ، والطبرانى ، والبيهقى عن معاوية)  قال شعيب الأرناؤوط حسن لغيره وصححه الألباني

5- من ترك شيئا لله عوضه الله  

* لقد ترك النبي ^ وطنه وموطن صباه ، وحل وترك أهله وماله وكذلك فعل الصحابة وقد عبر النبي عن ذلك بقوله « وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلاَ أَنِّى أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ » .رواه الترمذي قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ وصححه الألباني. لما تركوا ذلك كله عوضهم الله بالغنائم وبعد عودتهم لمكة فاتحين قال تعالى :[ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ][النساء : 100]

وذكر صاحب كتاب ألف قصة وقصة

أنه كان هناك شيخ كريم ، فقير  في حاله لكنه لا يرد سائلا قط ولطالما لبس الجبة أو الفروة ، فلقي بردان برتجفان ، فترعها فدفعهما إليه وغار إلى البيت بالإزار ، وطالما أخذ السفرة من بين أولاده فيعطيها للسائل ، وفي يوم من أيام رمضان ، وقد وضعت المائدة انتظار للأذان فجاءه السائل يقسم أنه وعياله بلا طعام ، فابتغي الشيخ غفلة من امرأته ، وفتح له وأعطاه الطعام ، فلما رأت ذلك امرأته صرخت وأقسمت أنها لا تبقى عنده بينما هو ساكن ، ولم تمر نصف ساعة حتى قرع الباب وجاء من يحمل أطباق فيها ألوان الطعام والحلوى والفاكهة ، فسألوا ما الخبر وإذا هو أحد الأغنياء ، كان قد دعا بعض الكبار فاعتذروا ، فغضب  وحلف ألا يأكل أحد من الطعام ، وأمر بحمله كله إلى دار الشيخ الكريم

فاترك الغش وسيوفقك الله في المذاكرة والإمتحان ، اترك الربا وسيوفقك الله بالمال الحلال واترك المشي مع البنات وسيعوضك الله بالعفاف والزواج ............

6- دور المراة في الهجرة
انظر وتأمل وفكر بعقلك واستشعر بقلبك

1- دور أسماء الرائع في الهجرة وهي الزوجة الحمل في شهرها السابع ، وهي التي قامت بدور في تموين الرسول وصاحبه في الغار بالماء والغذاء

2- وتأمل كيف وقفت كالجبل الشامخ أمام قوى البغي والظلم ، وكيف كتمت سر النبي ^ وايها ، بل  أين من يقولون هذا ممن يقولون إن المراة لا تأتمن على سر

* فقد حدثتنا عن ذلك فقالت: «لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر - رضي الله عنه - أتانا نفر من قريش، فيهم أبو جهل بن هشام، فوقفوا على باب أبي بكر، فخرجت إليهم فقالوا: أين أبوك يا بنت أبي بكر؟ قالت: قلت: لا أدري والله أين أبي؟ قالت: فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشاً خبيثاً فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي قالت: ثم انصرفوا ... » (3). السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث (ص: 282)

* قالت أسماء : فدخل علينا جَدي أبو قحافة، وقد ذهب بصره، فقال: والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه. قالت: قلت: كلا يا أبت! إنه قد ترك لنا خيرًا كثيرًا. قالت: فأخذت أحجارًا فوضعتها في كُوَّةٍ في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبًا، ثم أخذت بيده، فقلت: يا أبت، ضع يدك على هذا المال. قالت: فوضع يده عليه، فقال لا بأس، إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم. لا والله ما ترك لنا شيئًا ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك. السيرة النبوية لابن هشام - 1 (ص: 95)

هذا درس من أحوج بيوت المسلمين أن تتعلمه ، وأبو بكر ما ترك لأولاده مالا ، ولكنه ترك لهم إيمانا بالله وثقة فيه ، وغرس فيهم همة تتعلق بعظائم الأمور ، ولا تلتفت غلى سفاسفها

أين هذا من البنات التي لا يشغلهن غلا سماع الأغاني ومشاهدة الأفلام والمسلسلات ، والتعرف على أحدث الموضات ، والتسكع في الطرقات

7- الهجرة ودور الشباب

 انظر إلى هذا الدور الذي كان يبذله عبد الله بن ابي بكر ، ينحسس الأخبار وينقله غلى رسول الله ^ وصاحبه أتعرف من الذي نام في مكان النبي ^ إنه شاب في الثالة والعشرين من عمره

أتدري من هي التي تذهب بالطعام إلى النبي ^ وصاحبه ، إنها شابة متزوجه منذ عهد قريب

إن هذا درس لشبابنا اليوم ، شباب عاشوا لشهواتهم وتفاهاتهم وشباب اهتموا بآخر الفيديو كليبات ، وشباب اهتموا بآخر القصات ، وشباب عاشوا ليس لهم هم سوى الجري  خلف البنات

إن المتأمل في تاريخ الإسلام يرى أن الذين نصروا الدين هم الشباب

1-  أبو بكر الخليفة الأول أسلم وعمره 37 عاما

2-  عمر أسلم وعمره 26 عاما

3-  الزبير أسلم وعمره 15 عاما

4-  سعد أسلم وعمره 17 عاما

5-  الأرقم أسلم وعمره 11 عاما

6-  معاذا أسلم وعمره 16عاما

7-  أسامة يقود جيش المسلمين وعمره 20 عاما

8-   قتيبة بن مسلم الذي فتح بلاد  الصين كان شابا

9-  محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية كان شابا

10-   الذي أدب الصلبيين في موقعة حطين كان شاب

8- الهجرة والترابط الأسري

·       كم يحزنني  ما أراه من غياب الحب والرحمة فمن كثير من بيوت المسلمين ، ويؤلمني كثيرا أن أرى تفككا دخل البيوت ، كل فرد يعيش في عالمه الخاص ، الأب مشغول بعمله وبسد الأفواه الجائعة والأم منشغلة بإعدادا الطعام وتنظيف المنزل ...... والأولاد وكل في عالمه الخاص

·       إذا سالت الآباء عن الأولاد  يقول لك عيال آخر زمن ، وإذا سالت الأبناء عن الآباء يقولون أصل أبوي دقة قديمة ، ونحن الآن في زمن الإنترنت والسمواوات لامفتوحة

لكن انظر إلى اسرة الصديق ومدى الترابط والتفاهم : الأب يرافق النبي في الرحلة ، والولد يتتبع الإخبار والبنت تنقل الطعام ، وعائشة الصغيرة تتابع الأحداث وتنقلها لنا بالتفصيل

  • انتقل إلى المدينة انظر إلى مدى التفاهم بين أبي أيوب وزوجته ، بمجرد أن سقطت القلة  قاما ونشغبا الماء سويا من غير تردد حتى لا يسقط على رأس المصطفى ^
  • كم  من أزواج أرادوا أن يفعلوا خيرا كثيرا وكانت زوجاتهم سيافي تراجعهم ، وكم من نساء أرادت الحجاب والعمل الخيري فعاقهن أزواجهم عن ذلك

9- درسين للدعاة

a.    العفة       

b.    الدعوة قضية حياه

1-  إن الرسول ^ لم يفتل أن يركب الراحلة حتى أخذها بثمنها من أبي بكر رضي الله عنه ، وصار الثمن دينا في ذمته
وهذا درس للدعاة أنهم ما ينبغي أن يكونوا عالة على أحد في وقت من الأوقات ، فهم مصدر العطاء في كل شيء
إن الصوت الذي ينبعث من حنجرة وراءها الخوف من الله والأمل في رضاه، غير الصوت الذي ينبعث ليتلقى دراهم معدودة، فإذا توقفت توقف الصوت، وقديما قالوا: ليست النائحة كالثكلى السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث (ص: 284)

2-  إن المسلم الذي ملء الإسلام حياته لا يفتر عن الدعوة إليه لحظة واحدة
* ذكر ابن حجر أن النبي لقي في طريق هجرته إلى المدينة بريدة بن الحصيب الأسلمي فدعاه إلى افسلام وقد غزا مع النبي
^ ست عشرا غزوة وأصبح بريدة بعد ذلك من الدعاة إلى الإسلام
* عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «
أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا، أَمَا إِنِّي لَمْ أَقُلْهَا وَلَكِنْ قَالَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ» رواه مسلم

وهذا ما فعله نبي الله يوسف فهو في محنة السجن ومع ذلك دعى إلى الله فقال لصاحبي السجن [
وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (40) ][يوسف : 36-40]

10- الهجرة والتخطيط                                           تابع الدرس الأول

وهذا درسا يحتاجه كل فرد مسلم ، وكل بيت مسلم ،  بل إن المة كلها في حاجة إلى هذا الدرس 

إن صناعة النجاح في الحياة الدنيا وفي الاخرة تقوم على عوامل رئيسية تبدأ بالألم وعدم الشكوى والتذمر والمبادرة للتغيير والأحلام وتنتهي بالتخطيط وقوة الإرادة النابعة من داخل النفس قال تعالى : [إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ][الرعد : 11]

اجلس مع نفسك ساعو وخطط لحياتك على مدار شهر  على مدار سنة

واسأل نفسك

1-  هل أنت راض عن وظيفتك

2-  هل أنت راض عن وضعك المالي

3-  هل أنت راض عن علاقتك مع الأقرباء

4-  هل الكلية التي أنت فيها تناسب قدرتك 

وهل ..........وهل ...............وهل .........................؟!

إياك ان تضيع ما عندك من مواهب ك ، ثم توبخ الآخرين لأنهم ما شكروك على هذه المواهب ، فهم لي الأن لم يروها بعد

لَعَمْرُكَ مَا الرَّزِيَّةُ فَقْدُ مَالٍ ... يَكُونُ بِفَقْدِهِ مَنْ مُعْدِمِينَا

وَلَكِنَّ الرَّزِيَّةَ فَقْدُ دِينٍ ... يَكُونُ بِفَقْدِهِ مِنْ كَافِرِينَا
موارد الظمآن لدروس الزمان (1/ 203)

11- الهجرة وإنكار الذات

إن أعظم معجزة صنعها رسول الله هي صناعة رجال وأجيال صالحة في مجتمع فاسد

ترى أين حظ النفس عند أبي بكر في حب المال

* أنفق أريعين ألف درهم على الإسلام     - ما يقارب 16 مليون جنيه

* أنفق يوم تبوك ما يقارب أربعة الآف درهم     - ما يقارب مليون ونصف

ترى أين حظ النفس عند أبي بكر في الراحة

* في يالهجرة ينام  الرسول تحت الصخرة ويستيقظ هو ، وياتي النببي باللبن ، أليس هو متعب كرسول الله ، ويدخل لاغار حتى لا يصاب بالأذى ، ويظل النبي ببردته حتى ىلا تصيبه الشمس  

ترى أين حظ النفس عند أبي بكر في الكلام
* يضع في فمه حجرا حتى لا يتكلم ويقول هذا الذي أوردني الموارد
* أين هذا من أناس لا يحسنون إلا الكلام ، ويشتهون الكلام شهوة الجائع للطاعم
* إن لاصديق كان خطيبا مفوها ، ولكنه يعلم أن كل كلمة تخرج من هذا اللسان يسأل عنها صاحبها يوم القيامة أمام الله
قال تعالى :[
وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً ] [النبأ : 29]

ترى أين حظ النفس عند أبي بكر في الأمارة
* فلما بعثه النبي
^ قائدا على سرية  

* أمر عليه عمرو بن العاص في ذات السلاسل عام 8 هـ

* أمر عليه أسامة بن زيد في الجيش الذي بعثه للشام
أين حظ نفسه في الإمارة والسيادة؟ فمع كونه الوزير الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه قلما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم أميراً على سرية، كان صلى الله عليه وسلم يبعثه تحت إمرة غيره، فما كان يعترض ولا تتحرك نفسه لقياده أو لسلطة، وأحياناً يكون الأمير عليه حديث الإسلام، والصديق رجل له باع طويل في الإسلام، لم يكن ينظر لذلك، أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وعمر ووجوه الصحابة تحت إمرة عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه في سرية ذات السلاسل سنة 8 هـ، وكان إسلام عمرو بن العاص حديثاً جداً، يعني: أسلم منذ خمسة شهور، والصديق أسلم قبل ذلك بأكثر من عشرين سنة ومع ذلك فإنه تقبل الأمر بصدر رحب تماماً واستمع وأطاع لأميره عمرو بن العاص.

روى الحاكم بإسناد صحيح عن عبد الله بن بريدة رضي الله عنه قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما انتهوا إلى مكان الحرب، أمرهم عمرو ألا ينوروا ناراً)، والليلة كانت ليلة باردة، والمسلمون في حاجة إلى الدفء، لكن عمرو بن العاص رضي الله عنه خاف من أن يكتشف العدو مكان المسلمين إذا أشعلوا النار، فغضب عمر بن الخطاب وهم أن يأتيه؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يلاحظ ما فكر فيه عمرو بن العاص، لكن انظروا إلى تجرد الصديق وفقهه وإنكاره لذاته، يقول عبد الله بن بريدة رضي الله عنه: فنهاه أبو بكر وأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستعمله عليك إلا لعلمه بالحرب، فهدأ عنه عمر رضي الله عنه وأرضاه.
الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق (4/ 8، بترقيم الشاملة آليا)

ترى أين حظ النفس عند أبي بكر في الإنتصار من الظلم
*  حادثة الإفك ....................... مع مسطح بن أثاثة

ثم أين حظ النفس عند الصديق في الانتصار لنفسه بعد الظلم؟ فهذا موقف من أروع مواقف الصديق رضي الله عنه وأرضاه، وكل مواقفه رضي الله عنه رائعة: لما وقع حادث الإفك وتكلم الناس في حق السيدة عائشة أم المؤمنين وزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابنة الصديق رضي الله عنهما، كان ممن تكلم في حقها مسطح بن أثاث رضي الله عنه، والحقيقة أن الذين تكلموا كلهم في حقها في كفة، ومسطح رضي الله عنه وأرضاه في كفة لوحده؛ لأنه: أولاً: هو من المهاجرين، ليس منافقاً أو حديث إسلام.

ثانياً: هو ابن خالة الصديق ومن أعلم الناس بـ عائشة رضي الله عنها، الطاهرة المطهرة، البريئة العفيفة الشريفة.

ثالثاً: كان الصديق يعوله وينفق عليه، فـ مسطح كان فقيراً وجعل الصديق على نفسه أن يعطي له عطاءً ثابتاً يكفله به، وبعد كل هذا طعن في السيدة عائشة ولم يطعن فيها بخطأ بسيط أو هفوة عابرة، لا، بل طعن في شرفها، واتهمها أنها فعلت جريمة الزنا وهي متزوجة، ومتزوجة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأي جريمة تلك التي فعلها مسطح رضي الله عنه؟ لكن الصديق فعل أقل رد فعل طبيعي متوقع من رجل طعن في شرف ابنته، ويشعر بالظلم الشديد، فحلف الصديق ألا ينفع مسطحاً بنافعة أبداً، وننتبه أن الصديق لا يمنع حقاً كان يعطيه لـ مسطح، ولكنه يمنع فضلاً كان يتفضل به عليه.

ثم مر شهر كامل عصيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الصديق رضي الله عنه، وعلى عائشة رضي الله عنها، وعلى سائر المؤمنين، ثم نزلت آية البراءة وأقيم على المتكلمين في عرض السيدة عائشة حد القذف ثمانين جلدة، وبعد هذه الآيات نزلت آية خاصة لـ أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه فيها خطاب رقيق من رب العالمين للصديق.

ونحن مهما عملنا لن نقدر قدر الصديق رضي الله عنه، يقول الله عز وجل: {وَلا يَأْتَلِ} [النور:22]، يعني: ولا يحلف، {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ} [النور:22]، انظر يصف الصديق بأنه {أُوْلُوا الْفَضْلِ} [النور:22]، والعلماء لهم تعليقات كثيرة على هذه الشهادة من رب العالمين للصديق بأنه من أولي الفضل، والفضل هكذا على إطلاقه يعني كل أنواع الفضل.

حتى إن الرازي رحمه الله استخرج منها أربعة عشر فضلاً للصديق.

قال عز وجل: {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} [النور:22]، وانظر رحمة ربنا حتى بالذين وقعوا في عرض زوجة حبيبة محمد صلى الله عليه وسلم: {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} [النور:22].

ثم جاء نداء رقيق ودود: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22]، وانظر إلى ردة فعل الصديق رضي الله عنه وأرضاه قال: بلى والله! إنا نحب أن تغفر لنا يا ربنا! وندم على قطعه للنفقة، وأقلع فوراً عن إمساكها، فأرجعها إلى مسطح وعزم على ألا يعود إلى قطعها أبداً، فقال: والله! لا أنزعها أبداً، كل هذا وليس بذنب بل قطع فضلاً، ولم يقطع حقاً لـ مسطح، ونحن يا ترى كم مرة نسمع نداء المغفرة من الله عز وجل وعندنا ذنوب كبيرة، كم مرة نسمع: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ} [النور:22]، فنقول: إن شاء الله ربنا يتوب علينا، وما زلنا مصرين على الذنب.

وكم مرة نسمع: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31]، فنقول: إن شاء الله، لكن لما أحج، أو لما أتزوج، أو لما أكبر قليلاً، أو لما ربنا يريد.

وكم مرة نسمع: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ *

الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق (4/ 10، بترقيم الشاملة آليا)

 

 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free