الجمرة الخبيثه
الغضب
وسيكون الحديث مكثفا في هذه العناصر
1-الأسباب 2- هنا فلتغضب 3-لا تغضب 4-هيا فلنطبق
5-ماذا لو كنت مكانه
تعريفه
قال القرطبي رحمه الله : والغضب في اللغة الشدة ، ورجل غضوب أي شديد الخلق ، والغضوب الحية الخبيثة ،والغضبة أي الدرقة من جلد البعير يطوى بعضها على بعض وسميت بذلك لشدتها
اصطلاحا تغير يحصل عند فوران دم القلب ، ليحصل عنه التشفي في الصدور
قال الغزالي : هو غليان دم القلب بطلب الإنتقام
أسبابه
1-المزاح
قال عمر بن عبد العزيز :إياك والمزاح فإنه يجر القبيح ويرث الضغينة ،
وقال ميمون بن مهران : إذا كان المزاح أمام الكلام ، كان آخره لطم وشتم
وذكر خالد بن صفوان المزاح فقال : يصك أحدكم صاحبه بأشد من الجندل ، ويُنشقه أحرق من الخردل ، ويفرغ عليه أحر من الجمر ثم يقول إنما كنت أمازحك
إن المزاح بدؤه حلاوة --- لكنما آخره عداوة
يحتد به الرجل الشريف --- ويجتري بسحقه السخيف
قال أبو هقان
مازح صديقك ما أحب مزاحك --- وتوق منه في المزاح مزاحا
فلربما مزح الصديق بمزحة --- كانت لباب عداوة مفتاحًا
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهُ فَفَزِعَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِماً » . تحفة 15625 رواه أبو داود وأحمد صحيح
قال محمود الوراق
تلقى الفتى أخاه وخدنه --- في لحن منطقة بما لا يغتفر
ويقول كنت ممازحا وملاعبا --- هيهات نارك في الحشا تتسعر
ألهبتها وطفقت تضحك لاهيا --- مما به وفؤاده يتفطر
أو ما علمت ومثل جهلك يتقي --- أن المزاح هو السباب الأكبر
2-بذاءة اللسان وفحشه
الذي لسانه ممتلئ بالعفن ، لا يخرج إلا سبا أو شتما أو تعبيرا إنما ببذائته هذه يوغر صدور الآخرين ويثير غضبهم عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ أَثْقَلَ شَىْءٍ فِى الْمِيزَانِ خُلُقٌ حَسَنٌ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْغَضُ الْفَاحِشَ الْبَذِىءَ » . تحفة 11002 رواه الطبراني والبيهقي والحميدي ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَنْ يَضْمَنْ لِى مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ » . طرفه 6807 - تحفة 4736 رواه البخاري والترمذي وأحمد
3-الظلم
من الأسباب التي تولد الغضب لدى الإنسان هو إحساسه بالظلم أو وقوع الظلم عليه حقيقة مما يجعل نفسه تدفعه للإنتقام من غير تفكير في النتائج المترتبة على سلوكه .
مثل والد يظلم بعض الأولاد ، ولا يعدل بينهم ، ربما يدفع بعضهم لأن يرفع صوته على ولده ، بل ويعقه ، بل ربما يقتل والده في نهاية المطاف
ظلم العامل لعماله
عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ « يَا عِبَادِى إِنِّى حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فَلاَ تَظَالَمُوا رواه مسلم وأحمد وابن حبان والبيهقي والبزار ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » . تحفة 7209 رواه البخاري وسلم والترمذي وأحمد والدارمي
4-المراء وكثرة الجدل
إن من الناس ناسا طبيعتهم الجدل ، يحبونه ليظهر شأنهم ويكبر كيانهم غير مبالين بأراء الآخرين ، مما يكون سببا في إيعار صدور الآخرين ،واحجتزاز غضبهم ولذا اسمع ما قاله النبي عن المرائ والذي يكثر الجدال ففي الذي يرويه أَبِى أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِى رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِى وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحاً وَبِبَيْتٍ فِى أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ » . تحفة 4876 رواه ابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وحسنه الألباني
وروى ابن جرير بإسناده عن ابن مسعود وابن عباس : " الجدال المراء تماري صاحبك حتى تغضبه فينتهي إلى السباب " .
5-الفقر
لأن الفقر يصيب صاحبه بنوع من الهم والتفكير في حاله وحال من يعول ، مما يكون سببا في سرعة الغضب ، فقد يطلق الرجل زوجته أو يؤذي أصحابه بسبب هذا الغضب الذي كان باعثه الفقر
وقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الدعوات , ( اللهم! فإني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، وفتنة القبر، وعذاب القبر، ومن شر فتنة الغنى، ومن شر فتنة الفقر) رواه مسلم
و عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعوذوا بالله من الفقر والقلة، والذلة، وأن تظلم أو تظلم)رواه النسائي
6-الحسد
الغضب ينشأ من الحسد ، فالحاسد قد امتلأ قلبه ىحقدًا على صاحب النعمة ، مما يدفعه إلى الغضب والإنفعال بسبب وسوسة الشيطان وربما أساء الكلام والتعدي وعن أنس بن مالك أن ــ رسول الله صلى الله عليه وسلم ــ قال (لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا. وكونوا، عباد الله إخوانا. ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) رواه البخاري ومسلم
هنا فتغضب
الغضب طبيعة فطرية تدخل النفس البشرية ، والإسلام يحب من المسلم أن يسمو بأخلاقه إلا أن يغضب لنفسه ، حول الإسلام ذلك فبد من الغضب لنفسك يكون غضبك لله وهذا هو الغضب المحمود
ولكن متى أغضب لله ؟
1-إذا انتهكت محارم الله
قال تعالى عن موسى عليه السلام بعد علمه بإتخاذ قومه العجل [ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ][الأعراف : 150]
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - شيئا قط بيده ، ولا امرأة ، ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله -عز وجلرواه مسلم
روى عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على أصحابه وهم يختصمون في القَدَر فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب فقال : ( بهذا أمرتم ؟ أو لهذا خلقتم ؟ تضربون القرآن بعضه ببعض بهذا هلكت الأمم قبلكم) فقال عبد الله بن عمرو : ما غبطت نفسي بمجلس تخلفت فيه عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ما غبطت نفسي بذلك المجلس وتخلفي عنه .رواه أحمد وابن ماجه وقال البصيري إسناده صحيح ورجاله ثقات
2-الفجور الذي زاد عن حده في الشوارع ووسائل الإعلام والمواصلات مما سببه ، لأنه لم يعد أحد يغضبه لله إلا من رحم الله ، وهذا من أعظم أسباب الهلاك
قال أبو مسعود: كنت أضرب غلاما لي بالسوط. فسمعت صوتا من خلفي (اعلم، أبا مسعود!) فلم أفهم الصوت من الغضب. قال: فلما دنا مني، إذ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا هو يقول (اعلم، أبا مسعود! اعلم، أبا مسعود!) قال: فألقيت السوط من يدي. فقال (اعلم، أبا مسعود! أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام) قال فقلت: لا أضرب مملوكا بعده أبدا
3- الغضب لما يحدث للمسلمين من سفك للدماء ، وانتهاك للأعراض ، واستباحة للأموال ، وتدمير للبلدان بلا حق عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا : من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالوا : ومن يجراىء عليه إلا أسامة حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكلمه أسامة : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أتشفع في حد من حدود الله ؟ ثم قام فخطب فقال: أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد , و أيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)
* سئل ابن النحاس بم يفرق بين الغضب لله والإنتصار للنفس؟ : فأجاب بأحد أمرين : 1- أن ينظر إلى نفسه لو حصل له سب واستهزاء مع زوال المنكر ، هل سترضى نفسه بذلك وتسكن إليه ، لأن المقصود هو وجه الله وزال المنكر قد زال 2-أن ينظر لو رجع في أثناء الكلام الغليظ من ذلك المنكر ، هل سكن غضبه ويمسك عن الكلام ، فإن وجد نفسه راضية لما أصابها سكنت نفسه ، وعلمنا أنه مخلص تنبيه الغافلين صــــ 40
فجاء الوعيد الشديد لمن لم يغضب عندما تنتهك حرمات الله قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا ثُمَّ لَا يُغَيِّرُوا إِلَّا يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ رواه أبو داود صحيح
لا تغضب
وهذا الغضب هو الذي يكون انتقاما للنفس ، وهو الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أوصني . قال ( لا تغضب ) فردد مرارا قال (لا تغضب )رواه البخاري
وهذا الغضب قد يؤدي إلى :
1-الكفر : يغضب ويسب الدين
كما جرى لجبلة بن الأيهم
2-القتل
نسمع أن والدا قتل ولده ، أو ولدا قتل والده فضلا عن غيرهم بسبب الغضب ، وكم ضاع من خير وأجر وفضل بسبب الغضب ، وكم حلت من مصيبة ودمار وهلاك بسبب الغضب ، وبسبب ساعة غضب قطعت الأرحام ، ووقع الطلاق ، وتهاجر الجيران ، وتعادى الإخوان ، وقامت بين الدول الحروب ... عن وائل -رضي الله عنه- قال : إني لقاعد مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم - إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة فقال : يا رسول الله هذا قتل أخي . فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ( أقتلته ) ؟ فقال : إنه لو لم يعترف أقمت عليه البينة . قال : نعم قتلته . قال : ( كيف قتلته ) ؟ قال : كنت أنا وهو نحتطب من شجرة فسبني فأغضبنيفضربته بالفأس على قرنه فقتلتهرواه مسلم
3-هدم الأسرة وخراب البيوت
رجع من عمله جوعان ، فوجد زوجته لم تنته من أعداد الطعام بعد ، وهنا ثار غضبه ، وهاج وماج ، وتوالت الشتائم من لسانه كطلقات الرصاص سبها تارة وسب أهلها تارة آخرى وفي النهاية أطلق الطلاق مرة ومرة ومرة إن لم يكن مائة مرة .
هدم أسرته ، وشتت أولاده بسبب وجبة طعام عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « ليْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ َ » .رواه أحمد والبخاري ومسلم ومالك وأبو داود
4-فساد ذات البين
كانا جالسين يتحدثان في قضية ما ، هذا يعرض رأيه وهذا يعرض رأيه ، واحتدم النقاش بينهما ، ةتوترت الأعصاب ، كل منهما متعصب لرأيه ، وانتهى الأمر بالمخاصمة والمنافرة أبد الدهر
5-أمراض بدنية
الإنسان سريع الغضب شديد الإنفعال يصبح فريسة سهلة للأمراض النفسية والجسمية فتجد عنده ارتفاع في الأدرينالين في الدم مما يسبب قرحة في المعدة ، وتقلص في القولون ، وذبحة صدرية ، وأمراض الغدة الدرقية ، وارتفاع ضغط الدم.
6-تلجأ صاحبه إلى الأعتذار
قال بعضهم إياك والغضب فإنه يصيرك إلى ذلة الإعتذار
قال جعفر بن محمد : الغضب مفتاح كل شر
رابعا العلاج
أولا العلاج العملي العاجل :
1- الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم
قال تعالى : [وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ] [الأعراف : 200] عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ كُنْتُ جَالِساً مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَرَجُلاَنِ يَسْتَبَّانِ ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « إِنِّى لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ، لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ . ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ » . فَقَالُوا لَهُ إِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ » . فَقَالَ وَهَلْ بِى جُنُونٌ رواه البخاري
2-تغيير الحال
ِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنَا « إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلاَّ فَلْيَضْطَجِعْ » . أحمد وأبو داود وححه ابن حبان
3- السكوت
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ « عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ » . رواه أحمد والطاليسي والبخاري في الأدب
قال الشافعي
يخاطبني السفيه بكل قبح---فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما ---كعود زاده الإحراق طيبا
وقال الصفدي :
واستشعر الحلم في كل الأمور ولا : تسرع ببادرة يوما إلى رجل
وإن بليت بشخص لا خلاق له : فكنكأنك لم تسمع ولم يقل
وقيل :
ولقد أمر على السفيه يسبني : فمررت ثـمَّتَ قلتُ لا يعنيني
4- الوضوء
عن عَطِيَّةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ » . رواه أبو داود وأحمد
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ مرفوعا أَلاَ وَإِنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ فِى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ أَمَا رَأَيْتُمْ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ فَمَنْ أَحَسَّ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَلْصَقْ بِالأَرْضِ »وفي روايهفليلصق وضوء رواه الترمذي وأحمد والحاكم قال الترمذي حسن صحيح
5-ذكر الله
قال تعالى :[ َاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ][الكهف : 24] قال عكرمةيعني إذا غضبت
قال تعالى :[ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ] [الأعراف : 200]معنى ينزغنك أي يغضبنك
ثانيا العلاج النظري
1-تذكر أجر كظم الغيظ والعفو والحلم
فعن سهل بن معاذ، عن أبيه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال(منكظمغيظاوهوقادرعلىأنينفذهملأجوفهأمناوإيمانارواه الطبراني
عن أبي الدرداء -رضي الله عنه – قال : قلت : يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة . قال : ( لا تغضب ولك الجنة ) رواه النسائي
وعن سهل بن معاذ، عن أبيه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (من كظم غيظاً وهو قادرٌ على أن ينفذه دعاه اللّه عزَّ وجلَّ على رءُوس الخلائق يوم القيامة حتى يُخَيَّره اللّه من أيِّ الحور العين شاء) رواه أبو داود
2-أن تعلم أن القوة في كظم الغيظ
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال ( ليس الشديد بالصُّرَعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )رواه البخاري ومسلم
وعن أنس -رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- مر بقوم يصطرعون فقال ( ما هذا ) ؟ فقالوا : يا رسول الله فلان ما يصارع أحدا إلا صرعه . فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم – ( أفلا أدلكم على مَن هو أشد منه رجل ظلمه رجل فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبهرواه البزار قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- " البزار بإسناد جيد
3-إقبل النصيحة واعمل بها
على من شاهد غاضبا أن ينصحه ، ويذكره بفضل كظم الغيظ رواه ابن عباس رضي الله عنهما، أن رجلاً استأذن على عمر رضي الله عنه، فآذن له، فقالله: يا ابن الخطاب، والله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر رضي اللهعنه، حتى هم أن يوقعبه فقال الحر بن قيس: يا أمير المؤمنين إنالله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم :)خذ العفو وأمر بالمعروفوأعرض عن الجاهلين((2), وإن هذا من الجاهلين، فواللهما جاوزها عمر رضي الله عنه حين تلاها عليه، وكان وقافاً عند كتاب الله عز وجل. أخرجه البخاري
4-أخذ دروس من الدرس السابق
قال ابن حبان رحمه الله :سرعة الغضب من شيم الحمقى ، كما أن مجانينه زي العقلاء ، الغضب بذر الندم فالمرء على تركه قبل أن يغضب أقدر على اصلاح ما أفسد به بعد الغضب
لا تغضبن على قوم تحبهم --- فليس ينجيك من أحبابك الغضب
وقال ابن حبان أيضا : لو لم يكن في الغضب خصلة تذم إلا الحكماء قاطبة على أن الغضبان لا رأى له ، لكان الواجب عليه الإحتيال لمفارقته بكل سبب
و كتب أبو بكرة إلى ابنه، بأن لا تقضي بين اثنين وأنت غضبان,فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يقضينَّ حكم بين اثنين وهو غضبان)
وأخيرا تعلم ( ماذا لو كنت مكانه )
أولا من رسولك
1-ماذا لو كنت مصليا
عن معاوية بن الحكم السلمي قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فعطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت : واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فعرفت أنهم يصمتوني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بأبي هو وأمي ما ضربني وما كهرني ولا سبني ثم قال : ( إن هذه الصلاة لا يحل فيها شيء من كلام الناس هذا إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن )
رواه الطبراني
عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - وَهُوَ عَمُّ إِسْحَاقَ - قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ فِى الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَهْ مَهْ . قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لاَ تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ » . فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ . ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ « إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لِشَىْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلاَ الْقَذَرِ إِنَّمَا هِىَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلاَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ » . أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . قَالَ فَأَمَرَ رَجُلاً مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ. رواه مسلم
2-ماذا لو وجدت مخطئا
في قصة حاطب بن أبي بلتعه ؛ أنحاطب بن أبي بلتعةرضي الله عنه بعث كتاباً لكفارقريشيخبرهم فيه بعزم النبيِّ صلى الله عليه وسلم على المسير إليهم لفتحمكةلما نقض أهلُها العهد ... فأطلع اللّه تعالى نبيَّه على ذلك ، فبعث من أخذ الكتاب ، وقال لحاطب : "يا حاطب ماهذا ؟ فقال حاطب : لا تعجلْ عليَّ ! إني كنت امرءاً ملصقاً في قريش ، ولم أكن من أَنْفُسهم ، وكان مَنْ معك مِن المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة ، فأحببتُ إذا فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتَّخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي ، وما فعلتُ ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ، ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه صدقكم ، فقالعمر بن الخطابرضي الله عنه : دعني أضربْ عُنُقَ هذا المنافق! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنه قد شهد بدراً ، وما يدريك لعل الله اطَّلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم رواه البخاري ومسلم
3-لو كنت صاحب المال
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً - قَالَ أَنَسٌ فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ - ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِى مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ . فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ . رواه البخاري ومسلم
4-لو كانت لك زوجتان
عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ ، فَضَرَبَتِ الَّتِى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِى بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ ، فَجَمَعَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصَّحْفَةِ ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِى كَانَ فِى الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ « غَارَتْ أُمُّكُمْ » ، ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِىَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا ، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِى كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا ، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِى بَيْتِ الَّتِى كَسَرَتْ . رواه البخاري
5-ماذا لو كانت هذه خادمتك أو زوجتك
أن جارية لعلي بن الحسين جعلت تسكب عليه الماء , فتهيأ للصلاة , فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجه , فرفع علي بن الحسين رأسه إليها ، فقالت الجارية : إن الله -عز وجل - يقول
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) فقال لها : قد كظمت غيظي . قالت (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) فقال لها : قد عفا الله عنك . قالت : (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) قال : اذهبي فأنت حرةالبيهقي في الشعب
6-لو كان خادمك
قال أبو ذر –رضي الله عنه- لغلامه : لِمَ أرسلت الشاة على علف الفرس ؟ قال : أردت أن أغيظك . قال : لأجمعن مع الغيظ أجرا أنت حر لوجه الله تعالىالمستطرف في كل فن مستظرف
7-لو كنت المشتوم
سب رجل ابن عباس رضي الله عنهما فلما فرغ قال : يا عكرمة هل للرجل حاجة فنقضيها ؟ فنكس الرجل رأسه واستحى. المستطرف في كل فن مستظرف
وأسمع رجل أبا الدرداء – رضي الله عنه- كلاما , فقال : يا هذا لا تغرقن في سبنا ودع للصلح موضعا فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه .
شتم رجل سلمان فقال : إن خفت موازيني فأنا شر مما تقول وإن ثقلت موازيني لم يضرني ما تقول
شتم رجل الربيع بن الخيثم فقال يا هذا قد سمع الله كلامك وإن دون الجنة عقبة إن قطعتها لم يضرني ما تقول وإن لم أقطعها فانا شر مما تقول
سب رجلا الشعبي فقال إن كنت صادقا فغفر الله لي ، وإن كنت كاذبا فغفر الله لك
قال إمرأة لمالك بن دينار : يا مرائي فقال ما عرفتي غيري
8-لو كنت أنت المعلم
قال نوح بن حبيب : كنت عند ابن المبارك فألحوا عليه . فقال : هاتوا كتبكم حتى أقرأ . فجعلوا يرمون إليه الكتب من قريب ومن بعيد ، وكان رجل من أهل الري يسمع كتاب الاستئذان فرمى بكتابه فأصاب صلعة ابن المبارك حرفُ كتابه فانشق ، وسال الدم , فجعل ابن المبارك يعالج الدم حتى سكن ثم قال : سبحان الله كاد أن يكون قتال ثم بدأ بكتاب الرجل فقرأهرواه البيهقي في الشعب
9-لو كنت حاكما
أغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز القول فأطرق عمر زمانا طويلا ثم قال أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غدا