tamer.page.tl
  الإحسان
 

الإحسان

الإحسان لغة : هو ضدّ الإساءة، وحسّنت الشّيء أي زيّنته

اصطلاحا  يختلف معنى الإحسان اصطلاحا باختلاف السّياق الّذي يرد فيه، فإذا اقترن بالإيمان والإسلام كان المراد به: الإشارة إلى المراقبة وحسن الطّاعة، وقد فسّره النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك عند ما سأله جبريل: ما الإحسان؟ فقال: «الإحسان أن تعبد اللّه كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ..» أمّا إذا ورد «الإحسان» مطلقا فإنّ المراد به فعل ما هو حسن

الفرق بين الإحسان والإنعام

قال ابن القيّم- رحمه اللّه-: الإحسان من منازل إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، وهذه المنزلة هي لبّ الإيمان وروحه وكماله، وهي جامعة لما عداها من المنازل، فجميعها منطوية فيها، وممّا يشهد لهذه المنزلة قوله تعالى:[هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ](الرحمن/ 60)، إذ الإحسان جامع لجميع أبواب الحقائق، وهو أن تعبد اللّه كأنّك تراه، والإحسان الأوّل في الآية الكريمة هو- كما قال ابن عبّاس والمفسرون- هو قول لا إله إلّا اللّه، والإحسان الثّاني هو الجنّة، والمعنى: هل جزاء من قال لا إله إلّا اللّه وعمل بما جاء به محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم إلّا الجنّة

فوائد الإحسان

1-   الفوز بمحبة الله
* قال تعالى :[ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ][المائدة : 93]

2-   الفوز برحمة الله
* قال تعالى :[ إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ][الأعراف : 56]

3-   الفوز بمعية الله
* قال تعالى :[ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ][العنكبوت : 69]

4-   الفوز بالأجر العظيم
* قال تعالى :[ الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ][آل عمران : 172]

5-  أهل الإحسان لا يخافون ولا يحزنون
* قال تعالى :[ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ][البقرة : 112]

6-  الفوز بالجنة
* قال تعالى : [لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ][آل عمران : 172]

7-  هم أهل المزيد
قال تعالى :
[ َسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ][البقرة : 58]

صور الإحسان
لقد قلنا إن الإحسان هو أن « أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » . وقلنا أن معناه تجميل الشيء وتحسينه
وفعل ما هو حسن & وكذلك مراقبة الله في كل شيء

وإليكم الأدلة

1- الإحسان في العبادة
إن الله عز وجل أبدع كل شيء وجمله وأحسن خلقه فقال [الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ ][السجدة : 7]وقد خلقنا في أحسن صورة فقال [وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ][التغابن : 3] ورتب خلقتنا وقومنا كأحسن فقال [وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ    ثم زيل الآية بقوله    فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ][المؤمنون : 12-14]

فهو بدأ بنفسه وفسوي وأبدع أحسن ما يكون ثم أمرك أن تحسن بل  بل أنه تحداك على أن توجد عيبا فيما صنع [الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)][الملك : 2-4]

2- فالإحسان في الصلاة
بأن نؤديها بالإتقان وخشوع قال الله [وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ ][البقرة : 43]
* فالذي لا يخشع قلبه فهو لا يحسن الصلاة ؟
* والذي يسبق الإمام فهو لا يحسن في الصلاة
*

3- فالإحسان في الإنفاق
فالإحسان في الإنفاق بأن تخرج زكاة مالك  قال تعالى : [ وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ] [البقرة : 195] ولكن ما العلاقة بين الإنفاق ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة  قال العلماء بأنك إذا لم تؤدي زكاة مالك قد يحسدك الفقير ويقتلك

4- فالإحسان إلى الوالدين
بالبر إليهما عند كبرهما  
* قال تعالى :[ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ][النساء : 36]
* قال تعالى :[
وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ][الإسراء : 23
]
* عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِىِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ
أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِى الأَجْرَ مِنَ اللَّهِ . قَالَ « فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَىٌّ » . قَالَ نَعَمْ بَلْ كِلاَهُمَا . قَالَ « فَتَبْتَغِى الأَجْرَ مِنَ اللَّهِ » . قَالَ نَعَمْ . قَالَ « فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا » . رواه مسلم

5- الإحسان إلى الأقارب
بصلة الأرحام ولو قطعوها
* قال تعالى :[ واتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ][النساء : 1]
* قال تعالى :[
وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ ][الرعد : 21
]
* عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - وَقَالَ سُفْيَانُ لَمْ يَرْفَعْهُ الأَعْمَشُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَرَفَعَهُ حَسَنٌ وَفِطْرٌ - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «
لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِى إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا » . رواه البخاري
  
*  عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
إِنَّ لِى قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِى وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَىَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَىَّ . فَقَالَ « لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ » . رواه مسلم

6- الإحسان إلى الجيران
بعدم إيذائهم
* قال تعالى :[ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ][النساء : 36]
*
عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا زَالَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ - أَوْ قَالَ: خَشِيتُ (1) أَنْ يُوَرِّثَهُ - "
رواه البخاري
*  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ » .
رواه الترمذي وحسنه  
*
ِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعاً تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَكُنْ قَنِعاً تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِناً وَأَحَسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِماً وَأَقِلَّ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ » رواه ابن ماجه وحسنه الألباني

* عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِى حَصِينٍ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ « فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ » . رواه مسلم
*  عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْخُزَاعِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ » رواه مسلم

7- الإحسان إلى البنات
بتربيتهم تربية إيمانية سليمة
* عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ » . رواه مسلم
* عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِى شَيْئاً غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا ، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا ، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ ، فَدَخَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «
مَنِ ابْتُلِىَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَىْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْراً مِنَ النَّارِ » . رواه البخاري

8- الإحسان في التحية
بردها بأحسن منها
* قال الله تعالى :[ وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً ][النساء : 86]

9- الإحسان إلى الجدال مع أهل الكناب
بأن يكون بالتي هو أحسن
* قال تعالى :[
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ][النحل : 125
]
* قصة عتبة بن ربيعة مع النبي  أرادت قريش أن تجرب أسلوب الترغيب، فأرسلت عتبة بن ربيعة، الذي قال للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم: «يابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من المكان في النسب، وقد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا لعلك تقبل بعضها: إن كنت إنما تريد بهذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا. وإن كنت تريد شرفا سوّدناك علينا فلا نقطع أمرا دونك. وإن كنت تريد ملكا ملّكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى تبرأ». فلما فرغ من قوله تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صدر سورة «فصلت» إلى قوله تعالى فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ «1» وعندها وضع عتبة يده على جنبه وقام كأن الصواعق ستلاحقه، وعاد إلى قريش مخبرا إياهم بأن ما سمع ليس بشعر ولا سحر ولا كهانة، واقترح على قريش أن تدع محمدا وشأنه «2». وفي رواية البيهقي وابن أبي شيبة وابن حميد

10-        الإحسان في الكلام
بأن يكون بأحسنه وأن يخلو من السخط والفحش والبزاءة وأن يكون طيبا
* قال تعالى :[وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً ][الإسراء : 53]
*
فضل زَاهِر بن حرَام

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يُقَالُ لَهُ زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ كَانَ يُهْدِي للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدِيَّة ويجهزه إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زَاهِر باديتنا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ" قَالَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَالرَّجُلُ لَا يُبْصِرُهُ فَقَالَ أَرْسِلْنِي مَنْ هَذَا فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ" فَقَالَ زَاهِرٌ تجدني يَا رَسُول الله كاسدا فَقَالَ: "لكنك عِنْد الله فلست بِكَاسِدٍ" أَوْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بل أَنْت عِنْد الله غال".الترمذي

11-        الإحسان إلى اليتيم
بتربيته الإنفاق عليه نأكل منه بالمعروف إذا كنا فقراء و لنستعف إذا كنا أغنياء وحسن رعايته
 
* عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ كَالَّذِي يَقُومُ اللَّيْلَ، وَيَصُومُ النَّهَارَ رواه أحمد صحيح
* قال تعالى :[ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ][النساء : 36
]
* قال تعالى :[ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ][الأنعام : 152]

* قال تعالى :[ وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً ][النساء : 6]

12-        الإحسان في الطلاق
بإطاعة أوامر الله في الطلاق و بالنفقة على الزوجة بعد الطلاق
* قال تعالى : [الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] [البقرة : 229
]
* قال تعالى : [لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ ][البقرة : 236]

13-        الإحسان في الغضب
بأن تملك نفسك عند الغضب وأن تعفو عمن ظلمك
* قال تعالى :[ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ][آل عمران : 134]

14-        الإحسان عند الذبح
 بأن نحد الشفرة ونرح الذبيحة
* عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ». رواه مسلم والترمذي والنسائي وابوداوود وأحمد والبيهقي والدارمي وقال الترمذي حسن صحيح وقال الألباني صحيح

15-        الإحسان في الإستماع
* قال تعالى :[ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ][الزمر : 18]
*     وما أجمل هذا الموقف لأحد التابعين إنه إنه حاتم الأصم الذي سمي بهذا الاسم لقصة متعلقة بالإحساس مفادها أن امرأة جاءته تسأل عن حكم شرعي وبينما هي كذلك إذا بالحدث يغلبها فضرطت فاستحت وكفت عن السؤال فقال لها ارفعي صوتك لأني لا أسمع سؤالك وأعاد هذا مرارا فاطمأنت وظنت أن سمعه ضعيف فسألت سؤالها وانطلقت ومن يومها لقب بهذا اللقب

16-        الإحسان إلى الناس جميعا
* قال تعالى :[ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ][المائدة : 13]
* ورد في وفيات الأعيان أن الإمام أبا حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله كان له جار إسكافي يعمل نهاره، فإذا رجع إلى منزله ليلاً تعشى ثم شرب، فإذا دب الشراب فيه أنشد يغني، ويقول متمثلاً بقول العرجي:

      أضاعوني وأيَّ فتى أضاعوا                 ليوم كريهـة وسداد ثغر

ولا يزال يشرب ويردد هذا البيت حتى يأخذه النوم، وأبو حنيفة يسمع جلبته في كل يوم ويصبر.

وفي يوم كان أبو حنيفة يصلي بالليل كله، ففقد أبو حنيفة صوته، فسأل عنه، فقيل: أخذه العسعس منذ ليالٍ، فصلى أبو حنيفة الفجر من غده، ثم ركب بغلته وأتى دار الأمير، فاستأذن عليه، فقال: ائذنوا له، وأقبلوا به راكباً، ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط؛ ففعل به ذلك، فوسع له الأمير من مجلسه، وقال له: ما حاجتك؟ فشفع في جاره، فقال الأمير: أطلقوه وكل من أخذ في تلك الليلة إلى يومناً هذا؛ فأطلقوهم أيضاً، فذهبوا وركب أبو حنيفة بغلته، وخرج الإسكافي معه يمشي وراءه، فقال له أبو حنيفة: يا فتى هل أضعناك؟ فقال: بل حفظت ورعيت، فجزاك الله خيراً عن حرمة الجوار.

17-        الإحسان إلى الجمادات
* قال تعالى :[ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ][الأعراف : 56]

   فالإحسان يكون أذن في كل شئ بإتقانه وأن يكون  أحسن ما يكون

جزاء المحسن

قال تعالى : [لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ][يونس : 26]
لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى أي الجنة وَزِيَادَةٌ قال مالك رؤية الله عز وجل

قال مالك رضي الله عنه: لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعيّر الله الكفار بالحجاب، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة"(يونس، 26)، وفسره بالنظر إلى وجه الله عز وجل
تفسير البغوي (3/ 174)

 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free