جسر
الأهوال
اليوم سوف نحط رحالنا مع آخر محطة في هذه الدار ومنهى شدائدها
وكروباتها ، هذا اللقاء الذي يتحدث عن الدور النهائي الذي يصير فيه العبد إما إلى
جنة وإما إلى نار ، ونسال الله أن يرزقنا
الجنة ومرافقة النبي فيها ، هذا الحديث الذي يأتي لحضراتكم عن الصراط
جسر الأهوال هذا الصراط الذي هو المرحلة الأخيرة قبل دخول الجنة أو
النار كما قلت لحضراتكم ، هذه المرحلة التي من نجا فيها فقد سعد سعادة الأبد ، ومن
هلك فيها شقي شقاءً لا يعلمه إلا الله هذه المرحلة التي هي من أعظم المراحل عند كل مؤمن وأعظمها كربة ، لذلك قال معاذ بن جبل ورحمه الله إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا
يَسْكُنُ رَوْعُهُ حَتَّى يَتْرُكَ جِسْرَ جهنم وراءه
إحياء علوم الدين (4/ 188)
هذا الجسر هو الصراط الذي عنونت له بعنوان
جسر
الأهوال
وجعلته مع حضراتكم في ثلاث
نقاط
أولها من يمر على جسر الأهوال ومن لا
يمر
ثانيها خوف العظماء من هذا الجسر
ثالثها كربات هذا الحسر وشدائده
ولأن أحوج ما يكون إلى هذا الحديث للسلامة في الدنيا والآخرة فإني
أرجو من حضراتكم جميعا أن تعيروني قلوبكم وأسماعكم هذه اللحظات وأن تتدبروا معي
هذا الحديث ونسأل الله العظيم أن يوفقنا له علما وعملا وأن يجعلنا ممن يستمعون
القول فيتبعون أحسنه ، إنه لا قادر على ذلك إلا الله
أما عن العنصر الأول أولها من يمر على جسر الأهوال
ومن لا يمر
سؤال هل
كل البشر يمرون على جسر جهنم ، أم أن بعضهم يمر وبعضهم لا يمر ، أكثر العلماء على
أن البشر لا يمورون كلهم على الصراط ، إنما يمر من كان يعبد الله عز وجل من بر
وفاجر سواء كان مؤمن منافق فاجر ظالم طائع عاصي هؤلاء يمرون على الصراط من لدن آدم
إلى أن تقوم الساعة ، أما المشركون وكل من عبد ألهة من دون الله فإنه لا يمر على
الصراط ، ليس ذلك تكرمة لهم وتعظيما وإنما يقضى أمرهم قبل أن يردوا على جسر جهنم
كيف يقضى أمرهم يمثل لهم ما كانوا يعبدون من دون الله في الدنيا فيجتمعون فيلقى في
النار فيلقون معه نسأل الله السلامة والدليل على ذلك الحديث المتفق على صحته حديث
أبي سعيد الخضري والذي أخبر فيه عن رسولنا ^ أنه قال وتدبر هذا الحديث ونسال الله
العظيم ألا أكون أنا وأنت من أهله قال
..................إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ تَتْبَعُ كُلُّ
أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ . فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ
مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلاَّ يَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ ، حَتَّى
إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ ، بَرٌّ أَوْ فَاجِرٌ
وَغُبَّرَاتُ أَهْلِ الْكِتَابِ – مؤمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى - فَيُدْعَى الْيَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ مَا كُنْتُمْ
تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ . فَيُقَالُ
كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ فَمَاذَا تَبْغُونَ
قَالُوا عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا . فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلاَ
تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا
بَعْضاً فَيَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ . ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى فَيُقَالُ
لَهُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ
اللَّهِ . فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ . مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ
وَلاَ وَلَدٍ . فَيُقَالُ لَهُمْ مَاذَا تَبْغُونَ فَيَقُولُونَ عَطِشْنَا يَا
رَبَّنَا فَاسْقِنَا . - قَالَ - فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلاَ تَرِدُونَ
فَيُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضاً
فَيَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ
يَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِى أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا . قَالَ
فَمَا تَنْتَظِرُونَ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ . قَالُوا يَا رَبَّنَا
فَارَقْنَا النَّاسَ فِى الدُّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ
نُصَاحِبْهُمْ . فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ . فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ
مِنْكَ لاَ نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً - حَتَّى
إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ . فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ
وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ . فَيُكْشَفُ عَنْ
سَاقٍ فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلاَّ
أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالسُّجُودِ – وليسمع ذلك الذين يتركون الصلاة ولا يصلون إلا الجمعات وإلى الذين
يصلون رياءا وسمعة خشية أن يقول الناس لا يصلون - وَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ
يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً
كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ- وما أعظم ما قال الله [يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ
إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً
أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ
وَهُمْ سَالِمُونَ (43)] [القلم: 42-43] هؤلاء تاركوا الصلاة ما
أفظعهم وما أنكلهم وما أفضحهم على ربهم جل وعلا ، بل أن هذا ليس أشد وأفظع إنما ما
بعده وبعد أن ينتهي هذا الموقف يسجد من كان ساجدا في الدنيا ولا يستطيع أن يسجد من
كان يسجد رياءا وسمعة
- . ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ وَقَدْ تَحَوَّلَ فِى صُورَتِهِ
الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ . فَيَقُولُونَ
أَنْتَ رَبُّنَا . ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ ......................» رواه
البخاري
ومسلم وأحمد هذا هو الدليل على أن كل من
كفر بالله عز وجل يلقى في النار ولا يرد هذا الصراط ، لأنه لن يمشي عليه إلا من
كان يعبد الله عز وجل ، وبعد ذلك وبعد أن يضرب هذا الجسر على متن جهنم بعد ذلك
يعاني كل الناس كرباته وشدائده ،
ثانيها خوف
العظماء من هذا الجسر
وقبل أن أذكر لحضراتكم هذه الكربات وهذه الشدائد لابد أن نطلع أولا
على خوف أصحاب القلوب السليمة – خوف العظماء – من الملائكة والأنبياء بعد أن يضرب الجسر على متن جهنم تقشعر القلوب
والأبدان ، وتشخص الأبصار ، ويخاف الكبار والصغار ، وفي خوفهم دليل على عظم هذا
الموقف وشدته حتى الملائكة المعصمون يخافون من هذا الموقف الرهيب
1- الملائكة الكرام ففي الحديث الذي أخرجه
الإمام الحاكم وغيره وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ : { يُوضَعُ الْمِيزَانُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَلَوْ وُزِنَتْ أَوْ وُضِعَتْ فِيهِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ لَوُضِعَتْ
فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبِّ لِمَنْ يَزِنُ هَذَا ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى
لِمَنْ شِئْت مِنْ خَلْقِي فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ سُبْحَانَك مَا عَبَدْنَاك حَقَّ
عِبَادَتِك ،- مع أنه منذ خلقهم ما بين راكع وساجد - وَيُوضَعُ الصِّرَاطُ مِثْلُ
حَدِّ الْمُوسَى فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ مَنْ يَجُوزُ عَلَى هَذَا ؟- من يمشي على هذا - فَيَقُولُ مَنْ شِئْت مِنْ
خَلْقِي- فترتعد الملائكة - فَيَقُولُونَ سُبْحَانَك مَا عَبَدْنَاك حَقَّ عِبَادَتِك } مع أنهم منذ خلقهم الله ما
بين راكع وساجد وذاكر لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، يخافون خوفًا
رهيبا من منظر الصراط وكرباته فيقولون سبحانك أي سامحنا يا رب اعف عنا يا رب
سبحانك سُبْحَانَك
مَا عَبَدْنَاك حَقَّ عِبَادَتِك
2- الأنبياء والمرسلون
يصور ذلك النبي صلى الله عليه وسلم منظرهم حول الصراط فيقول فيالحديث
الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه .............. فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ
ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ،
وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا الرُّسُلُ، وَكَلاَمُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ:
اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ،...... من أجل هذا المكان وشدته
رأينا هذا المكان يمكنك أن تقابل فيه رسول الله ^ خوفا على أمته ، حبا لأمته ، يا
من ضيع سنة رسول الله ، ويا من ادعى حبه وخالف فعله كلامه ،هذا رسول الله يخاف
علينا ، هذا رسول الله يشفق علينا ، فاول مكان يكون فيه يوم القيامة الصراط ، لأنه
يعتبر أعظم كربات القيامة على الإطلاق ، الدليل على ذلك ، الحديث الذي أخرجه أحمد
والترمذي و بسند صحيح عن أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ
سَأَلْتُ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَشْفَعَ لِى يَوْمَ
الْقِيَامَةِ قَالَ قَالَ « أَنَا فَاعِلٌ » . قَالَ فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ يَا نَبِىَّ اللَّهِ قَالَ « اطْلُبْنِى أَوَّلَ مَا
تَطْلُبُنِى عَلَى الصِّرَاطِ » . قَالَ قُلْتُ فَإِذَا لَمْ أَلْقَكَ عَلَى
الصِّرَاطِ . قَالَ « فَأَنَا عِنْدَ الْمِيزَانِ » . قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ
أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ . قَالَ « فَأَنَا عِنْدَ الْحَوْضِ لاَ أُخْطِئُ
هَذِهِ الثَّلاَثَ الْمَوَاطِنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » . أليس هذا المكان الذي
يفارق كل حبيب حبيبه ، خوف عظيم ورعب بالغ
لا يشعر به إلا من كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد ، لا يحس به إلا من
خاف يوم الوعيد ، رعب غاية في العظم ، وغاية في الشدة ، حديث أبي داود بسند
حسن عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّهَا ذَكَرَتِ النَّارَ
فَبَكَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « مَا يُبْكِيكِ » .
قَالَتْ : ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ ، فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « أَمَّا فِى ثَلاَثَةِ
مَوَاطِنَ فَلاَ يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَداً : عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ
أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ ، وَعِنْدَ الْكِتَابِ حِينَ يُقَالُ (
هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ أَفِى
يَمِينِهِ أَمْ فِى شِمَالِهِ أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ ، وَعِنْدَ الصِّرَاطِ
إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَىْ جَهَنَّمَ » رواه ابو داود بسند حسن ، يفارقك أبناءك ، يفارقك
أبوك وأمك ، يفارقك أحبابك ، كل من عصيت الله لأجله ، ، كل من ضيعت من أجله في
الدنيا ، كل من أحببته في الدنيا يفارقك
أحوج ما تكون لماذا ؟ لأن الكل ينتظر مرحلة فارقة في مصيرة ، يوم ينسى كل شخص كل
شيء إلا رسول الله ^ أما كل البشر حتى الأنبياء يطلبون النجاة في هذا اليوم
لأنفسهم وحدهم لماذا ؟ لأن الأمر صعب ، الإمتحان رهيب ، الموقف عظيم ، قال الله عز
وجل [وَإِنْ
مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ
نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) ][مريم: 71 -72] ما من أحد إلا سيرد على الصراط ، كان على ربك حتما
مقضيا ، هذه الآية أثرت في العظماء ، وجعلتهم ينسون الدموع ويبكون الدم ، خوفا من
هذه الآية ،
3- عبد الله بن رواحة
صحابي ينام في حضن امرأته فيبكي فيزداد بكائه فيبكي كل من حوله فيقول لها ما الذي يبكيك فتقول بكيت لبكائك فقال لها أبكي
لأنني تذكر قول الله تعالى [وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ] ولأني
بلغني أني سأمر على النار ولم يبلغني أن سأنجو منها ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ
اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) وأنا لا أعلم هل أنا من
المتقين أم لا ،لا حول ولا قوة إلا بالله
4- أبو ميسرة العابد أبو
ميسرة العابد حين ما كان يبكي كل ليلة ويقول ويلك
أبا ميسرة ليت أمك لم تلدك فتقول له زوجته لماذا
تقول هذا وقد أنعم الله عليك بالإسلام يا أبا ميسرة؟
فقال لها : لأن الله أخبرنا واردين النار ولم يخبرنا إن
كنا سننجو أم لا
5- الحسن البصري يرى شابا لا هم له إلا الضحك كشبابنا مر الحسن البصري على أقوام يضحكون وقد لاحظ فيهم
الغفلة والضحك والقهقهة فقال لأحد الشباب
: يا بني هل ضمنت النجاة من سؤال الملكين في القبر ؟قال : لا قال : هل ضمنت النجاة
من أهوال يوم القيامة ؟ قال : لا قال :هل ضمنت المرور
على الصراط . قال : لا قال : هل ضمنت دخول الجنة
والنجاة من النار قال : لا . قال : فعلام الضحك لا إلى الصراط
مررت ولا إلى الجنة تأخذ بك ولا من النار تنجو قال فما رؤي هذا الشاب بعدها ضاحكًا ،
6- الإمام القرطبي في التذكرة يحكي قصة شاب فيقول وعن يحيى بن اليمان: رأيت رجلاً نام وهو أسود
الرأس واللحية شاب يملأ العين، فرأى في منامه كأن الناس قد حشروا، وإذا بنهر من
نار، وجسر يمر الناس عليه، فدعى فدخل الجسر، فإذا هو كحد السيف يمر يميناً
وشمالاً، فأصبح أبيض الرأس واللحية. التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة
(ص: 759)
ولكن لماذا كل هذا الرعب؟ لماذا كل هذا البكاء ، لأنهم وصلوا غلى مولاهم وبقينا
وصلوا إِلَى مَوْلَاهُم وَبَقينَا ... وتنعموا بوصاله وشقينا)
(ذهبت شبيبتنا وَضاع زَمَاننَا ... وَدنت منيتنا فَمن ينجينا)
(فتجمعوا أهل القطيعة والجفا ... نبكي شهورا قد مَضَت وسنينا)
المدهش (ص: 395)
لقد علموا أهوال الصراط لقد عايشوها لقد أحسوها كأنها تقع رأي العين
والأن أنقلك من هنا إلى هناك ، إلى سنة رسول الله ^ ، وإلى مدينه الغراء لكي لكي
تلتف حوله وتسمع منه رسول الله صفة الصراط وكأنك تراه ، وبعدها تسال نفسك ، هل حرك
فيك ساكنا ،
الصراط كأنك تراه (هذه بعض كرباته )
1-
أنه
مضروبٌ على متن جهنم
طريق مثل الكوبري ولكن ليس على الأرض وليس على الماء ، ولكن الذي تحته
النار ، بعضنا إذا مر من على الكباري العالية فنظرت إلى الأسفل يمكن أن ياخذك
الدوار ، فما بالك وأنت ترى تحتك النار ، تحتك أرض أو ماء يمكن أن تسقط ولا يحدث
لك شيء ، فما بالك إذا نظرت تحتك فرأيت جهنم ، تراها تتغيظ تريد أن تأكل من يقترب
منها [إِذَا
رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (12)
وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ
ثُبُوراً (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً
كَثِيراً (14) الفرقان : 12-14]
2-
أحد من السيف وأدق من الشعرة
تنظر إلى هذا الطريق فتراه ضيقًا جدًا فتمشي عليه فتجده أحد من السيف
، وفي رواية آخرى كحدي الموسى أي كحدي الموس يقطع الجسد كله فهو في ضيقه أدق من
الشعرة وفي حدته أحد من السيف
3-
« دَحْضٌ مَزِلَّةٌ
أي طريق تزل فيه القدام تخيل في الحمام أو المطبخ ألقي الصابون على
السيراميك هل يستطيع أحد أن يمشي فهذا الطريق تزل في الأقدام
4- يضطرب يمينا وشمالا
5- على جانبيه خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ من النار
إنها ليست كلاليب من حديد وإنما كلاليب من نار وبعدها قال
6- وَحَسَكٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ
وحسك هو شوك مفلطح مستدير من جميع جوانبه صلب من حديد وهذا الحديد قد
أحمي عليه في النار ، إذا أخذت جبل حجارٍ قطعته إربا إربا
7-
ظلمة
هذا الطريق
يعني بعد كل هذا الطريق مظلم ، يعني لو كان هذا الطريق منير لكان
المرور عليه صعب بهذه الصورة فكيف وهو
مظلم ، البعض يقول كيف والنار من تحته أقول لك النار سوداء مظلمه ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُوقِدَ عَلَى النَّارِ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى
احْمَرَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ ثُمَّ
أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ رواه الترمذي
8-
وهو
طريق طويل
َجَاءَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ
الصِّرَاطَ مَسِيرَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ خَمْسةُ آلَافٍ صُعُودٌ
وَخَمْسَةُ آلَافٍ هُبُوطٌ وَخَمْسَةُ آلَافٍ مُسْتَوَى أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ
وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ إِلَّا
ضامر مهزول من خشيَة الله أخرجه بن عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَتِهِ فتح الباري لابن حجر (11/
454) تظل تمشي فيه ، الإنسان
الطبيعي يمشي من 5 إلى 6 كيلومترات ، لو ضربنا هذا الرقم × 24 × 15000 سنة رقم لا
يعلم إحصاءه إلى الله عز وجل
عرفت الأن لماذا خاف
الأنبياء والمرسلون ، عرفت لماذا بكى الصالحون ، عرفت لماذا أشفق الأنبياء والمرسلون
، عرفت لماذا فزعت الملائكة المقربون ، من أجل هذه الشدائد وهذه الأهوال ، إذا كان
هذا بهم كيف بمن هو مثلي ومثلك ، ل هذه الشدائد تراها على الصراط ، كل هذه الشدائد
يصفه لنا الإمام القرطبي في حديث غاية في الدقة ، يذكره الإمام القرطبي في تذكرته
، وأسألك بالله أن تتدبر هذه الحديث فإذا صار الناس على طرف الصراط نادى ملك من تحت
العرش: يا فطرة الملك الجبار جوزوا على الصراط، وليقف كل عاص منكم وظالم.
فيا لها من ساعة ما أعظم
خوفها وما أشد حرها، يتقدم فيها من كان في الدينا ضعيفاً مهيناً، ويتأخر عنها من
كان في الدنيا عظيماً مكيناً، ثم يؤذن لجميعهم بعد ذلك بالجواز على الصراط على قدر
أعمالهم في ظلمتهم وأنوارهم، فإذا عصف الصراط بأمتي نادوا: وامحمداه فأبادر من شدة
إشفاقي عليهم وجبريل آخد بحجزتي، فأنادي رافعاً صوتي رب أمتي أمتي لا أسألك اليوم نفسي،
ولا فاطمة ابنتي والملائكة قيام عن يمين الصراط ويساره ينادون: رب سلم سلم. رسول الله يبادر إليك وأنت تعصاه ، رسول الله
يبادرك إليك وقد ضيعت سنته وقد عظمت الأهوال واشتدت الأوجال، والعصاة يتساقطون عن اليمين والشمال
والزبانية يتلقونهم بالسلاسل والأغلال وينادونهم: أما نهيتم عن كسب الأوزار؟ أما خوفتم
عذاب النار؟ أما أنذرتم كل الإنذار، أما جاءكم النبي المختار؟اللهم صل على محمد » ذكره أبو الفرج بن الجوزي أيضاً
في كتاب روضة المشتاق والطريق إلى الملك الخلاق.التذكرة بأحوال الموتى وأمور
الآخرة (ص: 756)
يقول القرطبي بعدها فتفكر الآن فيما يحل بك من
الفزع بفؤادك إذا رأيت الصراط ودقته، ثم وقع بصرك على سواد جهنم من تحته، ثم قرع
سمعك شهيق النار وتغيظها، وقد كلفت أن تمشي على الصراط مع ضعف حالك، واضطراب قلبك،
وتزلزل قدمك وثقل ظهرك بالأوزار، المنعة لك من المشي على بساط الأرض، فضلاً عن حدة
الصراط.
فكيف بك إذا وضعت عليه إحدى
رجليك فأحسست بحدته، واضطررت إلى أن ترفع القدم الثاني، والخلائق بين يديك يزلون
ويعثرون، وتتناولهم زبانية النار بالخطاطيف والكلاليب، وأنت إليهم كيف ينكسون
فتسفل إلى جهة النار رؤوسهم، وتعلو أرجلهم فيا له من منظر ما أفظعه، ومرتقى ما أصبعه،
ومجاز ما أضيقه.
التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 757)
والناس من يمينك ومن شمالك
ومن أمامك ومن خلفك أصناف ، بينهم النبي صلى الله عليه وسلم 4 أصناف :
1- إما ناج مسلم هذا يسلمه
الله جل وعلا ونسال الله جل وعلا بأسماءه الحسنى وصفاته العلا أن يجعلنا من
الناجين ، اللهم نجينا من كربات الصراط وأهواله
2- وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ أي تقطع الكلاليب جسده وتقطع
لحمه وتلفحه النار يمنة ويسرة وهو يمشي ثم بعد ذلك يسلم
3- محتبس أي يحبسه ربه على الصراط
4- وَمَكْدُوسٌ أي ملقى من على الصراط على رأسه وهي من صور الإلقاء
من على الصراط وهناك صورة آخرى أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم منكوس أي من يلقى على رأسه
والمكدوس هو من يدفع فيها دفعا خفيفا والمكردس فيها أي يربك يديه وقدميه
من وراء ظهره ثم يلقى في النار ، ولعل أشدهم هو قول النبي وآخرون يسحبون على
وجوههم سحبا
كل هذا الكربات وكل هذه الشدائد يلقاها الناس على الصراط ، فمن أي الناس نحن ؟ ولكن
ما هي الأعمال التي يمكن أن تنجينا من أهوال
الصراط وكرباته ، وما هي المعاصي والذنوب التي تحبسنا على الصراط أوتهلكنا عيه ،
هذا ولنه يحتاج إلى مزيد من التفصيل فإني
سأرجأه مع حضراتكم إلى اللقاء القادم
معضل مُعْضَل وهو ما سقط من إسناده اثنان فأكثر، ويسمى منقطعاً، ويسمى مرسلاً عند الفقهاء
وغيرهم كما تقدم، وقيل: إن قول الراوي: بلغني كقول مالك بلغني عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: " للملوك طعامه وكسوته " يسمى معضلاً عند أصحاب
الحديث، وإذا روى تابع التابعي عن التابعي حديثاً وقفه عليه وهو عند ذلك التابعي مرفوع
متصل فهو معضل.